رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سيناريو «الخيار العسكري» لحسم قضية «حلايب وشلاتين»

البشير والسيسي
البشير والسيسي


أعلنت السودان أنها بدأت تحركات لوضع خارطة طريق تهدف إلى ما اسمته إنهاء الوجود المصري في مثلث حلايب الحدودي مع مصر، ونقل موقع «سودان تربيون» الإلكتروني، عن رئيس اللجنة الفنية لترسيم الحدود بالسودان، عبد الله الصادق، قوله "إن الخارجية دعت عدة أطراف في وزارات العدل والداخلية والخارجية ودار الثقافة القومية واللجنة الفنية لترسيم الحدود بغية تجميع أعمال اللجان السابقة حول حلايب وتحديث مخرجاتها"، مشيرا إلى أن الخارجية السودانية تسعى إلى تحريك وحسم ملف قضية مثلث حلايب، مؤكدا أن السودان لديه وثائق تثبت بجلاء سودانية حلايب التي تبلغ مساحتها 22 ألف كيلومتر.


المثير للدهشة أن هذا التصعيد السوداني يأتي في ظل وجود علاقات ودية بين الرئيس السوداني عمر البشير، والرئيس عبد الفتاح السيسي، لاسيما بعد زيارة البشير لمصر، وتصريحاته التي يشيد فيها دائما بعلاقة الصداقة التي تربطه بالرئيس السيسي.


كما أن الجديد في هذه التصريحات هي اللهجة الشديدة في التعامل مع هذا الملف، الذي تمت إثارته أكثر من مرة خلال الفترة الماضية، ففي أبريل 2016 قال وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور لـ«بي بي سي»، إن بلاده طالبت بالتفاوض المباشر مع مصر، أو اللجوء إلي التحكيم الدولي بهدف إيجاد حل لقضية منطقة حلايب وشلاتين، مؤكدا أن حلايب وشلاتين أرض سودانية وعلى القاهرة إثبات غير ذلك عن طريق التفاوض المباشر أو اللجوء إلى التحكيم الدولي.


كما طالب السودان مصر للتفاوض المباشر لحل قضية منطقتي حلايب وشلاتين أسوة بما تم مع السعودية حول جزيرتي تيران وصنافير، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي "امتثالا للقوانين والمواثيق الدولية" باعتباره الفيصل كما حدث في إعادة طابا للسيادة المصرية.


كما زعم الرئيس السوداني، عمر البشير في مقابلة مع قناة العربية السعودية، أن مثلث حلايب وشلاتين سوداني، مضيفا أن بلاده سوف تلجأ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لحسم الخلاف مع مصر حول المنطقة المصرية الحدودية، وقال البشير إن أول انتخابات جرت في السودان كانت حلايب وشلاتين دائرة انتخابية سودانية، قائلا: "الانتخابات هي عمل سيادي من الدرجة الأولى".


وفي يونيو 2016 قال أحمد هيكل، رئيس الكتلة البرلمانية لنواب البحر الأحمر بالبرلمان السوداني، لقناة CNN  العربية إن تبعية مناطق حلايب وشلاتين وأبورماد للسودان موضوع محسوم بالنسبة له، مؤكدا احترامه للشعب المصري، ورفضه في الوقت نفسه لأي مساومة حول المنطقة التي تقع عند مثلث حدودي محاذ للبحر الأحمر بين البلدين، وأضاف: "نؤكد للشعب السوداني والعالم أجمع أن حلايب سوداني، الآن سودانية حلايب لا يختلف عليها اثنان".


إلا أن وزارة الخارجية المصرية تؤكد في كل مرة على أن منطقة حلايب وشلاتين أراض مصرية وأنها لن تتفاوض أو تلجأ للتحكيم بشأنها كما تطالب الخرطوم.    

   

وفي بداية شهر مارس 2017 عقد المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعًا استعرض فيه الموقف الخاص بتطوير وتنمية منطقة حلايب وشلاتين، بحضور وزراء الإسكان والصحة والتربية والتعليم ومحافظ البحر الأحمر، وعدد من ممثلي الجهات المعنية، حيث أكد رئيس الوزراء على أهمية المتابعة المستمرة للمشروعات الخدمية التي يتم تنفيذها بمنطقة حلايب وشلاتين في مختلف القطاعات، مع الإسراع في معدلات التنفيذ لتلك المشروعات، بما يسهم فى تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، هذا فضلًا عن إقامة مشروعات تنموية كبرى تعمل على الاستفادة من كافة الإمكانيات المتوفرة بتلك المناطق تحقيقًا للتنمية المستدامة فى العديد من المجالات، لتوفير فرص عمل حقيقية لأهالي حلايب وشلاتين.


وطالب رئيس الوزراء فى ختام الاجتماع بسرعة الانتهاء من مشروعات محطات تحلية مياه البحر، وكذا تشغيل مستشفى شلاتين وتجهيزها، مع توفير سكن للأطباء، وتوفير التمويل اللازم لإنهاء مشكلة نزل الشباب بشلاتين الى جانب إنشاء نزل للشباب فى حلايب والتوسع في إنشاء مناطق لصيد الاسماك ومنح التسهيلات اللازمة لنشاط تصنيع الأسماك.


وخلال الاجتماع، عرض محافظ البحر الأحمر الموقف التنفيذي لخطة التنمية الشاملة لمنطقة حلايب وشلاتين والتي تتضمن تنفيذ العديد من المشروعات الخدمية والتنموية فى قطاعات "مياه الشرب - الكهرباء -  الإسكان – التعليم – الصحة -  الزراعة – التموين - الشباب والرياضة – الشئون الاجتماعية – الثقافة - الإعلام –الاتصالات"، مشيرًا إلى أن الاعتمادات طبقًا للمنفذ الفعلي لتلك المشروعات قد بلغت 1.5 مليار جنيه حتى الآن، وذلك منذ بداية تنفيذ الخطة في عام 2013.


يقول الدكتور السيد فليفل عضو مجلس النواب وأستاذ الشئون الإفريقية في مركز الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، إن الرد الوحيد على هذا الكلام هو خطة التنمية التي يتم تنفيذها الآن في مثلث حلايب وشلاتين، والتي أعلن عنها مجلس الوزراء، من مدارس ومستشفيات ومشروعات بنية تحتية، ومشروعات صناعية وزراعية، مشيرا الى أن ما تقوله "السودان" مهاترات، تعبر عن وجود أزمات داخلية يعاني منها النظام السوداني. وعن لجوء السودان الى الخيار العسكري، قال فليفل "جيش مين وهيروح فين"، مشيرا الى أن الكلام قيل أكثر من مرة، وتم النقاش فيه من مصريين وسودانيين.


من جانبه يقول الدكتور عبد الله الأشعل مسئول ملف حلايب وشلاتين بوزارة الخارجية السابق، وأستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية إن موضوع حلايب وشلاتين انتهى تماما بسيادة مصر الكاملة على الأقليم منذ عام 1991، مشيرا الى أن الجديد في الموضوع هو التوقيت واللهجة من جانب السودان.


وأضاف الأشعل أن السودان كانت تدير الإقليم من 1958 وحتى 1991، مشيرا الى أن إثارة السودان للموضوع في مجلس الأمن عام 1958 كان الهدف منه هو إحراج جمال عبد الناصر بعد الوحدة المصرية السورية، وتوريطه في مشاكل كثيرة، في إطار المؤامرة الأمريكية على مصر، لافتا إلى أن الرئيس جمال عبد الناصر أغلق الملف على أساس أن الحدود السياسية بين الدول العربية هي من صنع الاستعمار، بالإضافة إلى مشروع الوحدة العربية الذي كان يتبناه الرئيس جمال عبد الناصر، لكن السودان استغل هذه النظرية وبدأ يدير المنطقة ادارة مدنية من 1958 حتى 1991.


ونوه «الأشعل» إلى أنه في عام 1991 عندما احتل العراق الكويت، كان الرئيس السوداني عمر البشير يساند العراق، وعندما قام صدام حسين بضم الكويت للعراق واعتبارها المحافظة رقم 19، قام الرئيس السوداني بإصدار مرسوم يذكر فيه أن حلايب شلاتين محافظة سودانية، عند هذه النقطة كان لابد من التحرك المصري، حيث قامت مصر بتأكيد سيادتها على الإقليم وطرد السودان منها.


وتساءل أستاذ العلاقات الدولية عن سر إثارة السودان لهذا الموضوع في هذا التوقيت، ومساحة السودان أكثر من 3 ملايين كيلومتر مربع، والسودان تتعرض للتقسيم، ودارفور معرضة للانفصال عن السودان، متهما دولا خليجية وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بالوقوف وراء هذا الموضوع من أجل إثارة المشاكل لمصر.


لم يستبعد الأشعل لجوء السودان للخيار العسكر، مطالبا السلطات المصرية بتأمين المنطقة بقوات عسكرية، والتعامل بجدية وقوة مع تهديدات السودان، مؤكدا أنه ضد موافقة مصر على اللجوء للتحكيم الدولي إلا في حالة واحدة فقط، وهي استدعاؤها من جانب محكمة العدل الدولية، لافتا إلى أنه يفضل قيام مصر بتشكيل لجنة تقوم بالجلوس مع الجانب السوداني لإقناعه بالحجج المصرية القوية التي تؤكد سيادة مصر على الإقليم، كما استبعد الأشعل تكرار سيناريو جزيرتي تيران وصنافير بالنسبة لحلايب وشلاتين، مشيرا الى أنه على مصر القيام بتنمية الاقليم وعدم إهماله مثل سيناء. وعن عدم ظهور حلايب وشلاتين على خرائط شركة مصر للطيران، قال الأشعل، إن هذه الخرائط تم عملها قبل 1991، أي قبل أن تعلن مصر سيادتها على المنطقة بشكل كامل.