رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أسرار هروب شركات التنقيب عن الذهب من مصر

ذهب - أرشيفية
ذهب - أرشيفية


لا تزال أزمة رحيل شركات التنقيب عن الذهب عن مصر، تثير جدلًا في الأوساط العالمية، خاصة بعد نشر هذه الشركات تقارير في الصحافة العالمية، تشير إلى أن شروط العمل في مصر «مجحفة».

الأزمة بدأت في شهر فبراير، بعد إعلان هيئة الثروة المعدنية "مناقصة" عالمية لاستخراج الذهب، ولم يتقدم إليها أحد.


وذكرت شركات التنقيب رفضها اشتراطات الهيئة، بل حتى شركة "سنتامين" الحاصلة على حقوق التنقيب في منجم السكري، رفضت الدخول في المناقصة معتبرةً إياها "غير مجدية تجاريًا".


وحذرت بعض الشركات العالمية مثل "آتون ريسورسيز" وشركة "ثاني ستراتيكس" من تعنت هيئة الثروة المعدنية، مشددين على ضرورة إلغاء المناقصة، وإلا سوف تقتنص بعض الشركات الصغيرة الفرصة للدخول دون ضخ استثمارات كافية مثلما هو الحال الآن مع جميع المناطق بالصحراء الشرقية التي تم عرضها في مناقصات 2006 و2008. والتي انتهت إلى سحب تراخيص استكشاف التنقيب عن 5 سنوات من شركات أجنبية، لعدم الجدية.


وحتى الآن لم يتبق سوى 4 شركات فقط تعمل في مجال التنقيب عن الذهب هي "ماتز هولدنج- سنتامين- ثاني ستراتكس- آتون ريسورسيز" والتي تواجه بعضها عقبات حتى الآن بسبب نية هيئة الثروة المعدنية في تنفيذ الاشتراطات الجديدة عليها.


وأبرز الشركات التي تم سحب تراخيص التنقيب منها هي:" SMW - زد جولد- فيرتكس- ميكاستار - جبس لاند".


وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور وائل النحاس، إن هذه الأزمة سببها غياب الرؤى وإصدار تشريعات تتعارض مع "الاتفاقيات والعقود" التي عقدتها مصر، مثل قانون الثروة المعدنية، الذي يتعارض مع اتفاقيات التنقيب في منجم السكري، وفي المناجم الأخرى، بل أحيانًا تناطح التشريعات المصرية "المواثيق والأعراف الدولية" الصادرة والثابتة منذ عقود.


وأوضح، أن انعدام الكفاءات داخل القطاع التشريعي سواء بغياب شيوخ القانون، أو لضعف مجلس النواب وانعدام الخبرات بين أعضائه، سبب آخر في هروب الاستثمارات من مصر، وضعضعت صورة مصر خارجيًا.


وأشار إلى أن هروب شركات التنقيب عن الذهب هي "صفعة جديدة" للاقتصاد المصري والمسئولين عنه، لافتًا إلى أنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد رحلت أغلب شركات الاستثمار من مصر بسبب «الأصوات الحنجورية» من المسئولين.


من جانبه، كشف الدكتور عاطف هلال، أستاذ الموارد الطبيعية، والخبير التعديني في ورقة بحثية حول مستقبل التنقيب عن الذهب 2020، أن طرق التنقيب عن الذهب ليست كثيرة في الوقت الحالي، حيث يتم تحديد المنطقة جغرافيًا من خلال الإحداثيات، ثم تطويقها من خلال حفر آبار شوائية بأعماق مختلفة، ومن خلال هذه الآبار يتم اكتشاف على أي عمق يقع مخزون الذهب، إذا ما كان في المناطق العليا من طبقة الأرض أو في الأخرى الأعمق.


وأعلنت الشركات، أن خوفها من اشتراطات مصر، تدور حول نموذج مشاركة الإنتاج الذي تصر هيئة الثروة المعدنية على تنفيذه، لأنه بذلك يعطي الحكومة حصة من الإنتاج ويجعل الشركة تتحمل كافة نفقات الاستكشاف.


وأكد رفيق عباسي، رئيس شعبة الذهب، أنه لا توجد شركة مصرية تمتلك الخبرة والقدرة على التنقيب على الذهب على الإطلاق، لافتًا إلى احتجاج بعض الشركات والمستثمرين المصريين ورغبتهم في إتاحة الفرصة لهم في التنقيب، ولكن الدولة ترفض ذلك بسبب عدم خبرتهم.


وأضاف، أنه مهما بلغت احتياطات الذهب أو معدل استخراجه اليومي في مصر، فإن ذلك لن يؤثر على السوق المحلي ولن يكون سببًا في انخفاض أسعاره، لأن الذهب المصري المستخرج لا يذهب إلى الخزينة المصرية مباشرة، ولكن يتم إرساله إلى معامل دولية "للتنقية والختم" غالبًا في كندا والولايات المتحدة وفرنسا. وبحسب العقود المبرمة فإن مصر تحصل على نسبة 50% من قيمة الذهب "نقدًا".


وأوضح «عباسي»، أن مصر لا تستطيع الرفض أو عدم إرسال الذهب، وإلا ستقع تحت طائلة العقوبات الدولية والتي تضع بعض الدول الإفريقية تحتها وتصنفهم باسم "دول الذهب الأسود" لاستغلاله في شراء السلاح، وانتشار القلاقل والاضطرابات في دول إفريقية.


وقال رئيس شعبة الذهب، إن شركات التنقيب على الذهب قليلة وبالتالي يحتكرون مهنة التنقيب، وهم بذلك يرغمون الدول على الموافقة على شروطهم، إلا أن إصرار هيئة الثروة المعدنية على موقفها يعدّ "إيجابيًا" وفي صالح المواطن والدولة.


بينما رفض الدكتور جمال القليوبي، الخبير الجيولوجي، ما وصفه بـ«ادعاءات» الشركات الأجنبية، مشيرًا إلى طرح 8 مناقصات في قطاعات مختلفة، وأن شركتي "دبي"، و"أليكس"، يعملان في الصحراء الغربية، وينقبان عن الذهب.


وقال «القليوبي»، إن قانون هيئة الثروة المعدنية الجديد يتماشى مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وأن القانون تم إدراجه من خلال التجربة الروسية والأمريكية، مشيرًا إلى أنه يهدف إلى الحفاظ على حقوق مصر، بدلًا من طابع السلب والنهب الذي كانت تتعامل به الشركات الغربية مع معادن مصر النفيسة.


ولفت الخبير الجيولوجي، إلى ضرورة عدم تكرار تجربة شركة "سنتامين" الإيطالية التي تنص اتفاقياتها الحالية على حصولها على 70% من الإنتاج، وأن إصرار مصر على تقاسم الإنتاج ليس مبتدعًا، ورغم ذلك، إلا أن الاشتراطات وقانون الثروة المعدنية الجديد لم يضعا الشركة الإيطالية تحت طائلة بنوده.


وأوضح «القليوبي»، أن نسبة «الإتاوة» التي ستحَصّلها هيئة الثروة المعدنية تتراوح بين 3-13% وهذا يتماشى مع القوانين الدولية، لافتًا إلى أن كل هذه ضغوطات تمارسها الشركات الأجنبية على مصر.