رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«أم خديجة» طلعت «شبح»!

الدكتور محمود خليل
الدكتور محمود خليل - أرشيفية


أم خديجة طلعت «اختراع»، أو قل «شبح»، فبعد القبض على العصابة المعروفة بـ«عصابة أم خديجة المغربية»، اكتشف المحققون أن «أم خديجة» شخصية وهمية لا وجود لها فى الواقع، وأن العصابة التى «تسمّت باسمها» تتشكل من مجموعة من الرجال الذين استأجروا شقة بإحدى المناطق بالقاهرة الجديدة، واتخذوا منها وكراً لممارسة أعمال السحر والشعوذة. من المحتمل بنسبة كبيرة أن تكون «خبطت» فى واحد من إعلانات «أم خديجة المغربية والشيخ حسن الكتاتنى» على إحدى قنوات «بير السلم»، واستمعت إلى ما يحكيه الإعلان بصوت واثق عن الكرامات والقدرات الخارقة التى يتمتع بها الشيخ والشيخة فى «الجلب»: جلب الرزق، وجلب الحبيب، وجلب العريس، ورد المطلقة خلال 24 ساعة، وغير ذلك من ترهات. المضحك أن التحقيقات أثبتت أن المتهمين نجحوا فى إقناع الضحايا بعدم قدرة «أم خديجة» على الكلام، وطلبوا منهم سرد حكاويهم وقصصهم، لعرضها بمعرفتهم على الشيخة المزعومة كى تقوم بحلها.


«أم خديجة» ليست الوهم الوحيد الذى تتسكع إعلاناته على شاشات الفضائيات، بهدف النصب على بعض المشاهدين الذين يعتقدون فى الدجل أكثر مما يؤمنون بالعلم، فهناك إعلانات أخرى شبيهة تتبختر على فضائيات بير السلم، وهى تتجاوز إعلانات «أم خديجة بكثير». أحد هذه الإعلانات يسوق مشروباً يؤدى إلى التخلص من السمنة و«التخسيس»، من يتجرع كوباً منه، فسيشعر بأن معدته قد امتلأت، ويشارك فيه مجموعة من الممثلين، بعضهم كانوا نجوماً فى يوم ما، والجديد أن أحد الإعلاميين ظهر فى واحد من الإعلانات عن هذا المنتج!. أقدر ولا شك مسألة أكل العيش، وأفهم أنها قد تدفع الشخص فى لحظة ما إلى المشاركة فى أمور بهدف «جلب الرزق»!، لكن ذلك لا يمنعنا من القول إن من يشارك فى هذا الإعلان وغيره من الإعلانات التى يكون موضوعها «مستحضرات طبية» لم تصرح بها وزارة الصحة يرتكب جريمة فى حق المواطنين، لأنه من المؤكد أن «المستحضرات الشمال» يمكن أن تضر بصحة المواطن، وإن لم تضر فإنها لن تنفع. ويبدو أن العلاقة بين فكرة «الوهم»، وموضوع «النجومية» أساسية عند بيع الوهم للمواطنين.


حقيقة الأمر، فإن الجهات المسئولة عن حماية المستهلك، وحماية صحة المواطن، وكذا الجهات المنوط بها رفع مستوى وعى المواطن، مطالبة بالتحرك، ضد القنوات والجهات الأخرى التى تروج للدجل والخرافة وتعبئ الوهم فى زجاجات لتبيعه إلى المصريين. 

إعلان «أم خديجة» جعلنا أضحوكة أمام المجتمعات الأخرى، التى كانت تشاهد هذا اللغو، فتسخر من مستوى ثقافة هذا الشعب. ومن المهم أن نشير فى هذا السياق إلى أن المتهمين السبعة المتورطين فى عصابة «أم خديجة» اعترفوا باستقبال آلاف المكالمات يومياً من كافة المراحل العمرية، وأن النساء كن الأكثر اتصالاً بهم، خاصة من العوانس، ومن يحلمن بالإنجاب. التفاعل اليومى للآلاف مع هذا العته يعنى أننا أمام مشكلة حقيقية، ويفرض على هذا الأمر أن أنوه من جديد بغياب أدوار المؤسسات المسئولة عن توعية وتثقيف المواطنين، وأخشى أن أقول إن الصورة لدينا أصبحت مقلوبة، بعد أن أصبح بعض هذه المؤسسات ساحة لنشر الدجل، وتعميم الجهالات بأشكال مختلفة!.

نقلا عن «الوطن»