رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

كنوز مصر الضائعة في المحميات الطبيعية.. «تقرير»

محمية نبق_ أرشيفية
محمية نبق_ أرشيفية


على الرغم من امتلاك مصر مجموعة متنوعة من المحميات الطبيعية ذات الحياة البرية النادرة في كثير من الأحيان، إضافة إلى تراثها الجيولوجي من صخور يرجع تاريخها لآلاف السنين؛ فضلًا عن إجماع خبراء البيئة والسياحة على أهمية هذه المحميات في عملية التنمية السياحية، إلا أن مصر لم تستغلها حتى الآن.


وتكشف وزارة البيئة، في أحدث إحصائياتها، امتلاك مصر 22 محمية طبيعية، تمتد من الشرق إلى الغرب، ومن امتداد سواحل المتوسط وحتى كثبان الصحراء الغربية، بمساحة تتجاوز الـ 200 ألف كم2.


وأجّمع خبراء ومسئولون على ضرورة تنمية السياحة البيئية والتي قد تعوض مصر فقدان السياحة الشاطئية، إضافة لكونها تكمل السياحة الثقافية. وبحسب على غنيم، عضو غرفة الفنادق، قد تستطيع تعويض الـ 13 مليار دولار التي خسرتهم مصر، عقب ثورة 25 يناير.


البداية من سيناء والتي يوجد بها أكبر تجّمع للمحميات في مصر، حيث يوجد بها 8 محميات، ويوجد بالجنوب محميتا "رأس محمد" و"جزيرتي تيران وصنافير"، وتبلغ مساحة الأولى 480 كم2، وتحتوي على شواطئ مرجانية وأسماك ملونة، وسلاحف بحرية، ويوجد بها حفريات تزيد أعمارها عن 70 ألف سنة، ويوجد بها مزيج من الحيوانات مثل "الصقور، البلشونات، اللقالق، الثعالب، الضباع، الأرانب الجبلية، الغزلان، الماعز الجبلي".


ومحمية نبق في جنوب سيناء، وهي محصورة بين شرم الشيخ وطابا، وتتميز بالشعاب المرجانية والكائنات البحرية والبرية وغابات المانجروف الموجود بكثافة كبيرة كآخر منطقة جغرافية لنبات الشورى. كما توجد بها أنظمة بيئية صحراوية وجبلية ووديان بها حيوانات مثل "الغزال والوعل والضبع والزواحف، وكثير من الطيور المهاجرة والمقيمة بالإضافة إلى اللافقاريات".


فضلًا على محمية أبو جالوم بجنوب سيناء، والتي تقع على الطريق بين شرم الشيخ وطابا بمنطقة تسمى وادي الرساسة، وتتميز هذه المحمية بوجود طبوغرافية خاصة، حيث تقترب الجبال من الشاطئ، وأنها تحتوى على أنظمة بيئية متنوعة من الشعاب المرجانية والكائنات البحرية وحشائش البحر والصحارى والجبال.


وبالقرب منها توجد محمية سانت كاترين، والتي تقع على هضبة مرتفعة تحيطها الجبال، وتحوي دير سانت كاترين وكنيسته ومكتبته الشهيرة، ومسجدا داخل الدير يرجع إلى العصر الفاطمي. وتحتوي المحمية على النباتات الطبيعة مثل "الشيح، الزعتر، البعيثران، السكران، القيصوم، العجرم، الطرفة".


كما توجد محمية طابا الطبيعية بجنوب سيناء على مساحة 3،5 آلاف كم2، وتضم تراكيب جيولوجية وكهوفا وممرات جبلية متعددة وشبكة من الوديان أبرزها "وديان وتير، الزلجة، الصوانة نخيل". وتتكون المحمية أساسًا من الحجر الرملي الذي ينتمي إلى العصر الوسيط، وتضم نحو 25 نوعًا من الثدييات مثل "الغزال والوعل النوبي والوبر". ونحو 50 نوعًا من الطيور المقيمة مثل النسور والصقور والحدأة، بالإضافة إلى 24 نوعًا من الزواحف.


وفي الركن الشمالي الشرقي لسيناء، توجد محمية الأحراش الساحلية، وتصل مساحتها إلى 6 كم2، متضمنة الكثبان الرملية بارتفاعات أكثر من 60 مترًا تغطيها كثافة عالية من أشجار الأكاسيا والكافور والشجيرات الرعوية.


وتوجد في شمال سيناء محمية "الزرانيق وبحيرة البردويل، وهي المحطة الأولى للطيور المهاجرة من شرق أوروبا وشمال غرب آسيا وروسيا وتركيا إلى وسط وجنوب وشرق إفريقيا. وتم تسجيل 244 نوعًا من الطيور في المحمية أبرزها "البجع، البشاروش، السمان، الكروان، البط، القمري، الصقور"، بالإضافة إلى إمكانية استخدام المحمية محطة لتفريخ بيض السلاحف البحرية الخضراء.


وفي سواحل البحر الأحمر، توجد محمية جبل علبة، والتي تحتوي على 350 نوعًا من النباتات البرية، إضافة إلى الحيوانات البرية مثل "الماعز الجبلي، الغزال المصري، الحمار البرى، الكبش الأروى"، وطيور "النعام، والرخمة المصرية، والعقاب النسارية، والبلشون، والورل الجبلي والضب المصري، والحيات، والعفارب".


وبالقرب من سواحل البحر توجد محمية وادي الجمال، وتصل مساحتها إلى 6،8 ألف كم2، وتحمل المحمية تاريخًا إنسانيًا عريقًا، علاوة على تنوعها البيولوجى الجميل منذ أن سكنها البدو من آلاف السنين مرورًا بالرومان الذين عاشوا فيها وأسسوا مناجم للمعادن بها، وعلى امتداد السنوات والعصور كانت ندرة المطر فى وادي الجمال والتصارع للإنسان بين عناصر الطبيعة هو ما يميز هذا الوادى الجميل والذى يظهر بوضوح فى شكل وديان وحوائط صخرية شديدة الانحدار.


وإلى الجنوب من البحر الأحمر، حيث توجد محمية سالوجا وغزال بأسوان، ويوجد بها 94 نوعًا من النباتات الطبيعية، و60 نوعًا من الطيور النادرة مثل "العقاب النسارية، دجاجة الماء الأرجوانية، الواق واق، الهدهد، الإوز المصري، الوروار، عصفور الجنة، البلبل".


كما توجد محمية وادي العلاقي بأسوان، وتمتد بطول 275 كم وبمتوسط عرض واحد كم، وتتميز هذه المحمية بأنها تعد منطقة خصبة للبحوث العلمية الأساسية، وبخاصة تلك المتعلقة بدراسات الجيولوجيا والحيوان والنبات، وتم تسجيل 92 نوعًا من النبات دائمة الخضرة والحولية مثل "الكلخ، الحنظل، السيناميكى، السواك"، و15 نوعًا من الثدييات مثل "الجمال، الماعز، الحمار البرى، الغزلان، الضباع".


وعلى امتداد النيل، توجد محمية الوادي الأسيوطي، في المنطقة الجنوبية لدلتا الوادي، بمنطقة الغريب شرق جامعة أسيوط، وتعد المحمية محطة لتربية وإكثار الحيوانات والنباتات البرية المهددة بالانقراض الموجودة فى الصحراء الشرقية.


ومن أقصى الشرق إلى أبعد نقطة في الغرب، حيث توجد محمية "العميد" بمحافظة مطروح، والتي تتميز بوجود الكثبان الرملية والمستنقعات والمسطحات الملحية والسفوح الصخرية، والوديان والمنخفضات ذات الأراضي الخصبة؛ بالإضافة لوجود الغطاء النباتي من النباتات الطبية مثل "الزعتر والشيح واللال والمتان والعجرم، فضلًا على الحيوانات مثل الثعالب المصرية والأرانب البرية والغزلان والطيور والزواحف والقواقع.


وعلى امتداد البحر المتوسط إلى الشرق، توجد محمية "أشتوم الجميل وجزيرة تنيس" ببورسعيد، والتى تبلغ مساحتها 35 كم2، وتحوي المحمية على "البط الحمراوي، البلبول، الضاري، الكروان" بالإضافة إلى أسماك من أنواع "البوري، الحنشان، الطوبار، الوقار، الدنيس، القوارض والبلطى"، وآثار من العصر الأيوبي.


وفي محافظة بني سويف، توجد محمية كهف وادى سنور، وتتميز بوجود تراكيب جيولوجية تعرف بالصواعد والهوابط من الألباستر "كربونات الكالسيوم" فى صورة مثالية تكونت عبر ملايين السنين، ويرجع عمرها إلى حوالي 60 مليون سنة، وترجع أهمية هذا الكهف إلى ندرة مثل هذه التكوينات الطبيعية فى العالم، كما أنها تمثل أهمية كبرى للباحثين لإجراء الدراسات التفصيلية المقارنة وإلقاء الضوء على علم المناخ القديم وطبيعة البيئة القديمة.


كما تحتوي محافظة الفيوم على محمية وادي الريان في الجزء الجنوبي الغربي، وتتكون من البحيرة العليا، البحيرة السفلى، منطقة الشلالات التي تصل بين البحيرتين، منطقة عيون الريان جنوب البحيرة السفلى، منطقة جبل الريان وهى المنطقة المحيطة بالعيون ومنطقة جبل المدورة وهى التى تقع بالقرب من البحيرة السفلى. ويوجد بالمحمية أنواع من الصقور أبرزها "صقر شاهين، الصقر الحر".


فضلًا على محمية بركة قارون بالفيوم، والتي تقع في الجزء الشمالي الغربي لوادي الريان، وتعد من أقدم البحيرات الطبيعية فى العالم، وهى البقية من بحيرة موريس القديمة، ويعيش بالبركة مجموعة من الأسماك مثل "البلطي الأخضر، الدنيس، القاروص، البورى، والجمبري الأبيض".


وفي كفر الشيخ، توجد محمية بحيرة البرلس، بمساحة 460 كم2، وبها نحو 135 نوعًا نباتيًا بريًا ومائيًا، إضافة إلى كونها مهيئة لاستقبال الطيور البرية المهاجرة.


وفي القاهرة توجد محمية وادى دجلة، شرق المعادي بالصحراء الشرقية، بطول حوالي 30 كم وبمساحة إجمالي 60 كم2 ويمر بصخور الحجر الجيري الذي ترسب في البيئة البحرية خلال عصر الايوسين بالصحراء الشرقية.


فضلًا عن محمية الغابة المتحجرة بالمعادي، وتتكون من طبقات رسوبية من الرمل والحصى والطفلة والخشب المتحجر سمكها 70- 100م، وهذه الرواسب غنية ببقايا جذوع وسيقان الأشجار الضخمة المتحجرة تجعدت مع عضها على شكل غابة متحجرة، يبلغ عمرها حوالي 85 مليون سنة.

وفي محافظة الجيزة، توجد محمية قبة الحسنة، بمساحة كيلو متر مربع، وتتميز هذه المحمية بتركيب جيولوجي معقد، وهو جزء من تركيب أكبر معروف باسم تركيب أبو رواش الذي يرجع إلى عملية تحدب حديث فى أواخر العصر الكريتاوى أدت إلى تكوين سلسلة معقدة من القباب والمقعرات، حولت المنطقة إلى جزيرة من الكريتاوى الأعلى ظلت مرتفعة، ويقع على الخط الذي يربط الطيات المحدبة بمناطق المغارة بسيناء مارا بأبي رواش إلى الواحات البحرية، ولذلك فهي تمثل ظاهرة جيولوجية نادرة.


وأخيرًا محميات جزر نهر النيل على طول مجرى النهر، ويبلغ عدد الجزر بها 144 جزيرة بمساحة 37،2 ألف فدان، يوجد منها بالدلتا 95 جزيرة بمساحة حوالي 32،5 ألف فدان، وفي فرع رشيد 30 جزيرة بمساحة 3،4 ألف فدان، وفي فرع دمياط 16 جزيرة بمساحة 1250 فدانا.


ويشرح المهندس محمد عيسوي، مدير عام محميات المنطقة الشمالية، أسباب عدم استغلال المحميات، قائلًا: "إن أغلب المحميات المصرية تفتقر إلى الخدمات، ولا توجد إستراتيجيات واضحة لبناء تنمية فيها، لافتًا إلى ضرورة استغلال المساحات الشاسعة من المحميات المصرية".


ويقول عيسوي، إن المحميات الطبيعية تحتوي على كنوز نادرة، سواء من ناحية النباتات البرية أو الحيوانات العديدة، والتي لا توجد في أي دولة أخرى، ناهيك عن امتلاكها ثروة جيولوجية وصخرية من حقب مختلفة منذ أقدم العصور الجيولوجية.


وأكد ضرورة تنمية سياحة السفاري والسياحة الثقافية للمحميات، من خلال عمل معارض سياحية للمحميات بالتعاون مع الهيئات السياحية والأمنية، بالإضافة إلى تشجيع الزوار من المصريين على سياحة المحميات.


ويشير عيسوي، إلى وجود 3 مشروعات لتنمية محميات المنطقة الشمالية، أهمها مشروع إنقاذ السلاحف البحرية بالتعاون مع تونس ودول الاتحاد الأوروبي، فضلًا على مشروعين لخدمة البيئة في منطقة البحر المتوسط.


من جانبها، تقول سماح عبده، المتحدث باسم وزارة البيئة، إن وزارة البيئة، أعدت مشروعات لتنمية المحميات، سواء طويلة الأجل أو قصيرة الأجل، أبرزها إعادة تفعيل بعض المحميات الطبيعية.


وتكشف عبده، عن إنشاء استراحات في بعض المحميات وإقامة مدقات في محميات الصحراء الغربية، ومحميات سيناء، وترميم بعض الأجزاء التي تهدمت في بعض المحميات نتيجة للسيول والأمطار.


وحول إغلاق بعض محميات الصحراء الغربية، تكشف سماح عبده، أن الدواعي الأمنية يجب احترامها، خاصة وأن ظروف البلاد غير مستقرة بسبب الهجمات من قبّل الجماعات المتشددة.


من جانبه، يقول علي غنيم، عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف السياحية السابق، وعضو غرفة الفنادق، إن مصر تمتلك أنماطًا سياحية كثيرة، أغلبها مُستغل، مشيرًا إلى وجود "السياحة الثقافية المتمثلة في الآثار والمتاحف والسياحة البيئية والسياحة العلاجية والسياحة الشاطئية".


ويضيف، أن معظم برامج التنشيط السياحي التي تقوم بها وزارة السياحة غير مجدية، ولا يوجد أي دليل على نجاحها، لافتًا إلى تركيز كل هذه البرامج على السياحة الشاطئية التي تنافس مصر فيها دولا أخرى أكثر غنًا وأمنًا.


ويشير "غنيم" إلى ضرورة تنشيط السياحة البيئية والثقافية، لأنه لا تقدر بثمن، فلا توجد دولة بالعالم تمتلك آثار مصر، أو هذه المحميات بما فيها من متاحف جيولوجية مفتوحة.


وتابع غنيم، أن السياحة البيئية تعطي مردودًا أعلى بكثير من السياحة الشاطئية، حيث يبلغ متوسط إنفاق الفرد في السياحة الشاطئية 450 دولارا، ولكن في السياحة البيئية والسياحة الثقافية قد يصل متوسط إنفاق الفرد إلى 1800 دولار، بما يعادل 35 ألف جنيه مصري.


ويعيب غنيم على وزارة السياحة، عدم قيامها بشراكة القطاع الخاص المُتمثل في شركات السياحة وأصحاب القرى السياحية في اتخاذ القرارات، متابعًا: "أهل مكة أدرى بشعابها، ولازم يكون لنا دور".