رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

معصوم مرزوق: مصر خسرت سمعتها الدبلوماسية بعد سحب قرار «إدانة الاستيطان».. «حوار»

معصوم مرزوق - أرشيفية
معصوم مرزوق - أرشيفية


جب إغلاق جامعة الدول العربية أو القيام بتأجيرها «مفروشة»


استقلال القرار الوطني يتطلب تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة


أموال المعونة الأمريكية صُبت في «جيوب» مجموعة من الفسدة واللصوص



قال السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن مصر خسرت سمعتها الدولية بعد سحب القرار الخاص بـ«إدانة الاستيطان الإسرائيلي»، مطالبًا بتأجير جامعة الدول العربية كـ«شقة مفروشة»، مشيرًا إلى أنه لا يوجد سيادة حقيقية على الأراضي العربية.



وأضاف «مرزوق»، أن استقلال القرار الوطني المصري يتطلب تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وتوقف الأصوات المطالبة بتبعية القرار المصري لدول مثل أمريكا وإسرائيل، وإلى نص الحوار:



ما تعليقك على الجدل الدائر حول موقف مصر من قرار الاستيطان الإسرائيلي؟

مصر ربما تكون كسبت الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب، لكنها خسرت سمعتها الدبلوماسية على المستوى الدولي، لأن ما حدث من الناحية المهنية والحرفية البحتة كان عبارة عن سلسلة من الأخطاء، فلو كانت مصر لا تريد من الأساس تقديم هذا المشروع لأنها تدرك أنها سوف تواجه فيه مصاعب، فكان ينبغى أن يكون هناك موقف لا يجعلها تتصدى هي لتقديم هذا المشروع منذ البداية، ومع ذلك إذا كان كما قيل تخوف من الفشل، فالفشل في بعض الأحيان يكون علامة للنجاح، فحتى لو استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق الفيتو على قرار تقدمت به مصر من أجل القضية الفلسطينية فهذا شرف، بسبب تصديها للدفاع عن الحقوق العربية والفلسطينية، وبالتالي حتى لو كان هناك توقع للفشل فهذا في عرف الدبلوماسية أن الفشل يمثل أيضا انتصارا للدبلوماسية المصرية، لكن ما حدث هو عكس كل هذا، ما حدث هو أن مصر تقدمت بالمشروع ثم طلبت تأجيل التصويت عليه بعد أن كان بالحبر الأزرق، أي أنه أصبح جاهزا للتصويت، وكل المؤشرات كانت تقول إن المشروع سوف يمر وأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تمتنع عن التصويت، وكان ذلك سوف يقدم انتصارا دبلوماسيا يحسب لنا على مر التاريخ أنها انتزعت من مجلس الأمن ومن الأمم المتحدة قرارا يدين المستوطنات لصالح القضية الفلسطينية.



لكن مصر تداركت الموقف و صوتت لصالح القرار؟

الوفد المصري اضطر للتصويت بعد ذلك على القرار؛ لأن المشروع تم تقديمه بواسطة دول أخرى، لأنها لا تستطيع أن ترفض أو تمتنع، فلم يبقى أمامها إلا خيار واحد وهو التصويت لصالح القرار وهو نفس مشروع القرار الذي كان في «جيب» الدبلوماسية المصرية، ويمثل ذخيرة لمصر، كما أن رفض مصر للقرار أو امتناعها عن التصويت سيكون فضيحة لمصر.



لكن هناك مصالح بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية ويجب الحفاظ عليها؟

هذه الدول لا تدفع أثمان لمواقف سياسية تم تنفيذها فعلًا، لأن الدولة المنبطحة لا تستطيع رفع رأسها بعد ذلك، وبالتالي ما حدث لن يكون في صالح مصر في المستقبل مع الإدارة الأمريكية الجديدة، فإذا كان «ترامب» قد فعل ذلك مع مصر قبل أن يصبح رئيسا فعليا للولايات المتحدة، فماذا سيفعل عندما يصبح رئيسا حقيقيا لها بعد 20 يناير؟ وبالتالي من فكر في هذا القرار عليه أن يعيد التفكير مرة أخرى لأن ما حدث ليس صحيحا لا في السياسة ولا حتى في التجارة.



ماذا يعني تبني دول غير عربية وغير إسلامية للقرار؟

يعنى أنه يجب إغلاق جامعة الدول العربية أو القيام بتأجيرها «مفروشة»، لأنه لم يعد لهذا الكيان العربي أي فائدة، وجامعة الدول العربية كانت هي البساط الأحمر الذي دخل عليه الغزاة إلى العراق، فأمريكا لم تحصل على قرار من مجلس الأمن لغزو العراق، ولكنها حصلت على موافقة من الجامعة.



كيف ترى الموقف الأمريكي من القرار؟

لو أمريكا مع الحق لكانت صوتت بنعم لهذا القرار، لكن بدون شك هو تطور نوعي وإيجابي في الموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن لا أتوقع أن يستمر هذا كثيرا مع الإدارة الأمريكية الجديدة



توقعاتك للحديث الذي دار بين السيسي وترامب حول هذا القرار؟

لا أعلم، ولكن هل الرئيس عبد الفتاح السيسي انتزع منه وعدًا مثلا بعدم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس كما تعهد أثناء حملته الانتخابية.



هل هذا يعني أن السيسي أصبح يراهن على أمريكا أكثر من على العرب؟

المنظومة العربية لم يعد لها وجود، ولا يوجد سيادة حقيقية على أراضي الدول العربية، وأغلب الدول العربية في حالة يرثى لها، وهناك نيران مشتعلة في أغلب هذه الدول، في ظل هذه الحالة المتردية هناك الكثير من الدول تحاول إنقاذ جلدها فقط، وإذا كان الرئيس الراحل أنور السادات، قال إن 99% من أوراق اللعبة في يد أمريكا، فهناك داخل دائرة صنع القرار من يقتنع 100% بأن اللعبة الاقتصادية في يد «ترامب»، مقابل إغماض الإدارة الأمريكية أعينها عن انتهاك الحريات وأوضاع حقوق الإنسان في مصر، لذلك هم يرون أن الدخول في جيب النظام الأمريكي شئ جيد.



وماذا ورثت مصر من الولايات المتحدة الأمريكية؟

لكن أذكر أن مصر لم ترث من العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأربعين عاما الماضية سوى الفقر والوبال والفساد داخل مصر، و أموال المعونة الأمريكية صُبت في جيوب مجموعة من الفسدة واللصوص، الذين باعوا المصانع والأرض التي يملكها الشعب المصري بأبخس الأثمان، في الزمن الذي خضعنا فيها خضوعا تاما للسياسة الأمريكية، وبالتالي أؤكد على صحة مقولة، «اللي متغطي بأمريكا عريان» وبالتالي هذا التفكير هو خطأ استراتيجي، لأن شاه إيران كان متخيل أنه متغطي بأمريكا ولما ثار عليه الشعب الايراني لم يجد في أمريكا عيادة تستقبله، وتم طرده شر طردة من الأراضي الأمريكية.



هل مصر تخلت عن دورها التاريخي في مساندة القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية؟

لا.. الأمن القومي المصري يبدأ من شواطئ الخليج إلى شواطئ الأطلنطي وفي العمق بحيرة فكتوريا، هذه هي خطوط التماس للأمن القومي المصري الذي يتحقق عندما يكون لمصر وجود قوي ومؤثر في الإقليم، كما أن وجود اقتصاد قوي يتطلب من مصر تفاعلًا مع إقليمها.



أين استقلالية القرار المصري الذي كان أحد المطالب الرئيسية لثورتي 25 يناير و30 يونيو؟

استقلال القرار الوطني يتطلب تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وتوقف الأصوات المطالبة بتبعية القرار المصري لدول مثل أمريكا وإسرائيل.