رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

عودة سيطرة الدولة على الجامعات بـ3 حركات طلابية برعاية «أجهزة سيادية»

النبأ


في السنوات التي سبقت «ثورة 25 يناير»، سيطر طلاب الحزب الوطني «المحلول» على الحراك الطلابي داخل الجامعات الحكومية، مدعومين من نظام مبارك الذي ضرب بجذوره في جميع مجالات الحياة في تلك الفترة.



ودائمًا ما كان ينجح «طلاب الوطني»، في دخول الاتحادات الطلابية بـ«التزكية»، إلا في حالات نادرة، كما كان يتاح لهم العديد من المميزات الأخرى، لكن اندلاع الثورة في 2011، ساهم في خفوت نجم «طلاب نظام مبارك»، وأعطى قبلة الحياة لطلاب الحركات الثورية وجماعات الإسلام السياسي، بعد أن غُيبت لفترة طويلة.



في الأعوام التي تلت ثورة يناير، شهدت الجامعات الحكومية، قدرًا أكبر من الانفتاح، قبل تضائل مساحة الحرية المتاحة للحركات الطلابية؛ بسبب أعمال العنف التي حدثت داخل الجامعات عقب الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين.



لاحقا استقرت الأوضاع داخل الجامعات المصرية وقررت وزارة التعليم العالي إجراء انتخابات اتحاد الطلاب بعد تعطيلها لمدة عامين، لتظهر كيانات طلابية جديدة تتبنى وجهة النظر الرسمية مرة أخرى.



صوت طلاب مصر

قبل رحيل الدكتور سيد عبد الخالق، وزير التعليم العالي السابق عن الوزارة، ظهرت في الأفق حركة «صوت طلاب مصر» كإحدى الحركات التي حُسبت على الدولة في تلك الفترة، لاسيما مع ظهور استمارات العضوية الخاصة بالحركة الجديد عليها شعار وزارة التعليم العالي، وموقعة باسم الدكتور حسام الدين مصطفى، مستشار وزير التعليم العالي لـ«الأنشطة الطلابية»، كما تأكدت المعلومة في وقت لاحق بعد انسحاب الوزير السابق من حلقة وائل الابراشي، اعتراضًا على مداخلة المتحدث باسم نقابة أعضاء هيئة التدريس المستقلة محمد كمال، حيث أرسلت «صوت طلاب مصر» بيانًا يؤيد انسحاب الوزير السابق.



مع انطلاق قطار الانتخابات الطلابية، أعلنت الحركة الدفع بما يزيد عن 20 ألف و700 مرشح للانتخابات من أصل 22 ألف و600، معلنةً أن الانتخابات الطلابية ستُحسم لصالحها.



لكن تأتي الانتخابات بما لا تشتهيه الحركة الطلابية، ويكتسح الطلاب المستقلون الانتخابات و يتمكنوا من حسم مقعدي رئيس ونائب رئيس اتحاد طلاب مصر لصالحهم، فضلًا على معظم مقاعد اللجان العليا بينما حصلت حركة «صوت طلاب مصر» على مقعدين فقط، قبل أن تعلن وزارة التعليم العالي تجميد الاتحاد ليحال الأمر لاحقًا للقضاء الإداري.



بعد مارثون الانتخابات الطلابية، استمرت حركة «صوت طلاب مصر» في أنشطتها المعتادة من تنظيم الندوات والفعاليات بالاشتراك مع عدد من الوزارات والجهات الحكومية وسط سيل من الاتهامات التي وجهت لها بأنها «صوت الدولة داخل الجامعات».



في المقابل قال سعد النديم، المنسق العام لـ«صوت طلاب مصر»، إنه تم تدشين جمعية صوت طلاب مصر كجمعية أهلية مشهرة على مستوى مصر، مشيرًا إلى أن هذه العملية ستهتم بالعمل الخدمي، مضيفًا أن من بين القطاعات التي تهتم بها الجمعية هو قطاع الجامعات.



وأضاف «النديم»، في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن الجمعية شاركت في عدد كبير من الفعاليات والمؤتمرات من بينها المؤتمر الوطني للشباب الذي عُقد بشرم الشيخ، و مؤتمر تطوير التعليم قبل الجامعي الذي عقدته وزارة التربية والتعليم خلال شهر نوفمبر الجاري.



وأكد المنسق العام لـ«صوت طلاب مصر»، أن الجهات الحكومية لم تعترض على المشروعات التي قدمتها الحركة، وتعاونت معها في تنفيذها؛ لأنها أدركت أنها تسعى لتحقيق إنجاز على أرض الواقع بالفعل، وليس مجرد «شو إعلامي».



ونفى «النديم» الاتهامات التي توجه للحركة بتلقي تمويل من بعض الجهات، مطالبا كل الحركات الشبابية بمعرفة حقوقها داخل الدولة والتعاون مع الوزارات والهيئات كافة؛ لخدمة الصالح العام.



وتابع: عرضنا على وزارة الشباب تنظيم مؤتمر عن تطوير التعليم والبحث العلمي وبالفعل وافقت عليه ومنحتنا مسرح الوزارة مجانا لتنظيم المؤتمر، بينما تواصلنا مع عدد من الشركات لتوفير رعاية للمؤتمر مقابل وضع بنراتها الدعائية داخل المؤتمر، موضحًا أن الأمر مجرد تنسيق للجهود.



وأردف:«رفضت الجهات الحكومية دعمنا في الأنشطة التي ننفذها، ونلجأ للتمويل الذاتي حيث يطُلب من أعضاء صوت طلاب مصر التبرع بمبالغ معينة للفعاليات ويتم تنظيمها في نهاية المطاف».



وكشف «النديم»، أنه تواصل مع لجنة المبادرات الطلابية التابعة لوزارة التعليم العالي في عهد الدكتور سيد عبد الخالق؛ لتدشين مبادرة «صوت طلاب مصر»، ووافقت الوزارة على المبادرة وقتها، داعيا من ينتقدون الحركة إلى التقدم بمبادراتهم للوزارات المعنية لتنظيمها.



طلاب تحيا مصر

ربما تعد الحركة الأكثر إثارة للجدل داخل المجتمع الجامعي، خلال الفترة الماضية، هي حركة «طلاب تحيا مصر» التى ظهرت فجأة دون سابق تخطيط، خاصة بعد تنظيمها زيارتين لدولة روسيا الاتحادية وأعلنت عن عدد آخر من فعاليات.



تأسست الحركة قبيل إجراء الانتخابات الطلابية العام الماضي، بمبادرة من محمد بسيوني، الطالب بجامعة القاهرة، ومحمود نور الدين، الطالب بجامعة عين شمس؛ لتشكيل تحالف طلابي مشترك للمشاركة في الانتخابات تحت اسم «طلاب تحيا مصر»، إلا أن الكيان الوليد فشل في الفوز بأي مقعد في الانتخابات الطلابية.



بعد انتهاء الانتخابات الطلابية، نظم الكيان الطلابي زيارته الأولى لروسيا، دون أن يكون لها صدى كبير ومع عودتهم لمصر، قرر منسقو الحركة تقديم تقرير بنتائج الدراسة إلى رئاسة الجمهورية وهو ماتم في وقت لاحق.



بدأ الكيان الطلابي في استقطاب عدد من الطلاب بالجامعات المصرية؛ للانضمام إليه بعد عودته، ليعلن بعد أيام أنه استطاع تغطية معظم الجامعات المصرية.



في وقت لاحق، التقى عدد من قيادات «تحيا مصر» بوزراء التعليم العالي والشباب والرياضة والداخلية، وعدد آخر من الشخصيات الهامة بالدولة، من بينهم اللواء أحمد جمال الدين، مستشار رئيس الجمهورية لمكافحة الإرهاب، وغيرهم، كما التقوا بالمدير التنفيذي لشركة «فالكون» للأمن والحراسات شريف خالد، كما نظم الكيان الطلابي إفطارًا جماعيًا لأعضاء الحركة على إحدى المراكب النيلية الفاخرة في شهر رمضان الماضي.



وخلال تلك الفترة أعلن محمد بسيوني، رئيس طلاب تحيا مصر، إنطلاق موقع الحركة قبل أن يُغلق لاحقًا للتحديثات، بالإضافة لإعلانه أنهم توصلوا لاتفاق مع عدد من رجال الأعمال لإطلاق قناة تلفزيونية للكيان الطلابي.



مطلع سبتمبر المقبل، زار وفد طلابي من طلاب «تحيا مصر» العاصمة الروسية موسكو، وشارك في مؤتمر دولي عقدته جامعة موسكو حول مكافحة الإرهاب.



يؤكد القائمون على طلاب «تحيا مصر»، أنهم لا يتلقون دعمًا من أي جهة، وأنهم يعملون بالجهود الذاتية، إلا أن خلافات بعض أعضاء الكيان الطلابي مع الإدارة الحالية كشف عدد من ألغاز الدعم الذي يقدم للكيان الطلابي.



«محمد.ع»، طالب بجامعة الأزهر، ومسئول عن العلاقات العامة في عدد من الأنشطة الطلابية، عُرض عليه العمل ضمن طلاب «تحيا مصر» داخل الجامعة، من قبل أحد أعضاء هيئة التدريس المسئولين عن الأنشطة الطلابية في كلية الدراسات الإسلامية والعربية، مقابل تقاضي 3 آلاف جنيه شهريًا لكنه رفض العرض، معتبرًا أن الطلاب المنتمين لهذا الكيان الطلابي «أمنجية».



وفي سياق آخر، كشف أحد المنسقين السابقين للكيان الطلابي بالمحافظات عن كواليس جديدة في الإفطار الجماعي الذي نظمه طلاب «تحيا مصر» خلال رمضان الماضي، مؤكدًا أن حركة 30 يونيو أوروبا دعمت الكيان الطلابي ماديًا لتنفيذ الإفطار.



وأضاف المنسق السابق الذي رفض ذكر اسمه، أنه تلقى تهديدات من قيادات طلاب تحيا مصر تقديم بلاغ ضده وإحالته للتحقيق من قبل قيادات طلاب تحيا مصر بتهمة تشهيره بالحركة الطلابية، وهو ما دفعه لعدم الخوض في تفاصيل أكثر بخصوص الكيان الطلابي.



في المقابل، قال محمد بسيوني، المنسق العام الحالي لطلاب «تحيا مصر»، إن الحركة الطلابية تنظم فعالياتها و رحلاتها للخارج بالمجهودات الذاتية، مضيفًا أن كل عضو في الوفدين الذين سافرا روسيا تحملا نفقات السفر على حسابهم الخاص.



وأقر «بسيوني» في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الحركة تلقت دعما ماليا قيمته 30 ألف جنيه من المدير التنفيذي لشركة «فالكون» للأمن والحراسات، شريف خالد، بحجز تذكرتين لروسيا خلال الوفد الطلابي الأخير، موضحًا أن صاحبا التذكرتين كانا قد عجزا عن سداد قيمتهما ما دفعهما لطلب المساعدة من شريف خالد.



طلاب المؤتمر الوطني

رغم عدم تسليط الضوء على الحركة الطلابية الوليدة، إلا أنها برزت خلال عدة مناسبات، جنبًا إلى جنب مع طلاب «تحيا مصر»، بل إن المنسق العام للحركة أسامة الفحام، كان له الفضل في تنسيق اللقاءات التي عُقدت بين طلاب تحيا مصر وطلاب المؤتمر الوطني وبين قيادات وزارة الداخلية، بالإضافة للقاء مع وزير الشباب والرياضة المهندس خالد عبد العزيز.



وخلال أغسطس الماضي، أعلن طلاب تحيا مصر وطلاب المؤتمر الوطني تحالفا جديدًا تحت اسم "مصر أولا"، إلا أنه لم يُسمع عن هذا التحالف منذ ذلك الوقت.



في المقابل، تسائل عمرو الزاهد، الأمين العام لطلاب «مصر القوية» عن سبب الدعم الذي يقدم للحركات الطلابية الموجودة حاليا؟، وهل هو لصالح الحياة الطلابية في مصر أم لصالح إدارات بعينها؟



وأضاف «الزاهد» في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الدعم الذي قدمه المدير التنفيذي لشركة فالكون لإحدى الكيانات الطلابية، ينبغي أن يوضع محل النظر، موضحًا أن هذا الدعم قد يكون تم تقديمه لخدمة التوجه الأمني الذي يراد فرضه على الطلاب داخل الجامعات المصرية وكتم صوت الطلاب الحقيقي الذي يسعى للحصول على مطالبه المشروعة، مشيرًا إلى أن هذا المسار يهدف لـ«تسطيح» فكر الطلاب، وتزييف وعيهم وسلب حقوقهم.



وأوضح «الزاهد» أن مصير الكيانات التي تنشأ بدعم من رجال أعمال، أو أجهزة سيادية، هو الفشل والزوال؛ لأنه بمجرد أن يتم إغلاق «حنفية الدعم» ستنهار تلك الكيانات الطلابية، لافتًا إلى أن هذا كان مصير طلاب الحزب الوطني؛ لأنها غير قائمة على فكر معين، وكل دورها هو التأييد التام لمن يدعمونها.



وأكد «الزاهد» أن تلك الكيانات تعيش حالة من الانتعاش حاليا نتيجة للدعم والتوجيه الموجود من خارج الوسط الطلابي ومساحة الحرية المتاحة لهم داخل الجامعات؛ فضلًا على التضييق على الحركات الطلابية الأخرى.