رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

فؤاد المهندس.. "صانع البهجة"

فؤاد المهندس
فؤاد المهندس

أسطورة الكوميديا بلا منازع، نهر لا يقف من الضحك، لُقب بـ "صانع البهجة"، وكان جديرًا باللقب، فهو الحاضر الغائب، التي ما زالت أعماله عالقة بأذهاننا، ورؤيته قادرة على رسم البسمة على وجوهنا، حتى وإن كان صامتًا.


كان فنانًا شعبيًا مثقفًا، صبورًا على الآلام التي أصابته في أواخر أيامه، طيب القلب، خفيف الظل، حاضر الذهن، قادرًا على إسعاد كل جماهيره ببساطة وعفوية.




هو "عمو فؤاد"، الذي عشقه الأطفال قبل الكبار، وهو "شنبو في المصيدة"، وهو "محمود"، الزوج المغلوب على أمره بسبب زوجته في "ساعة لقلبك"، وهو الأب الديكتاتور شديد الحب والخوف على أبنائه في مسرحية "سك على بناتك"، هو أيضًا "الأستاذ"، كما كان يُحب أن يُنادى.



أداؤه مميز، وموهبته مختلفة، وروحه خفيفة قريبة من المشاهدين، كان يرى أن للفن رسالة سامية، وهي خدمة المجتمع، وهو ما استطاع القيام به على أكمل وجه، من خلال مسرحياته وأفلامه، وحتى في أعماله الإذاعية، والتي جعلت من صوته، بصمة قوية بالإذاعة المصرية، هو الفنان فؤاد المهندس، والذي تحل اليوم الذكرى الـ 92 على ميلاده.




اسمه بالكامل فؤاد زكي المهندس، ولد في 6 سبتمبر عام 1924، في منطقة العباسية بالقاهرة، لأب كان يعمل مدرسًا لغويًا، وأم كانت ربة منزل، وبين أشقائه، الذي كان ترتيبه الثالث وسطهم.


كان يعشق الفن والتمثيل منذ صغره، درس بمدرسة العزب التركية، حتى التحق بفرقة التمثيل بكلية التجارة، وقدم على خشبة مسرح الجامعة العديد من المسرحيات، حتى شاهده الراحل نجيب الريحاني، أثناء مشاركته في مسرحية "الدنيا على كف عفريت"، فضمه إلى فرقته بعدما أُعجب بأدائه وموهبته، وبعد وفاة "الريحاني" انضم المهندس إلى فرقة "ساعة لقلبك"، والتي كانت بمكانة بداية مشواره الفني الحقيقي.



اتجه "المهندس"، بعد ذلك، إلى السينما؛ حيث كان فيلم "بنت الجيران" هو البطولة السينمائية الأولى له، والذي قدمه عام 1954، ليشارك بعده في العديد من الأفلام، التي ظهر فيها من خلال الأدوار الثانية، ومنها: "الشموع السوداء، ألمظ وعبده الحامولي، ونهر الحب، والأرض الطيبة، وبين الأطلال"، وغيرها.



أما فيلم "عائلة زيزي"، فكان هو البوابة التي انطلق منها الفنان فؤاد المهندس إلى طريق الشهرة والنجومية، ليقدم بعده أكثر من 70 فيلم، منهم: "أخطر رجل في العالم، ومطاردة غرامية، ومعبودة الجماهير، وخمسة باب، وسفاح النساء، والعريس يصل غدًا، وهارب من الزواج"، وغيرهم من الأعمال السينمائية الرائعة.


لم تقتصر موهبة "الأستاذ" على السينما فقط، لكنه وصلت إلى المسرح، خاصة في فترة الستينيات، والتي شهدت تألقًا ملحوظًا لـ "المهندس"، على خشبة المسرح، ومن أبرز أعماله: "هالة حبيبتي، وإنها حقًا عائلة محترمة، وسيدتي الجميلة، وحواء الساعة 12، وأنا وهو وهي، والسكرتير الفني"، فضلًا عن فوازير "عمو فؤاد"، والتي كانت من ملامح شهر رمضان الأساسية لدى الأطفال كل عام.



وعن الحياة الشخصية، فربما لا يعرف كثيرون أن الفنان فؤاد المهندس تزوج مرتين؛ وأن هناك قصة حب قوية جمعته بزوجته الأولى قبل زواجه من الفنانة شويكار.


كانت السيدة عفت سرور، جارة "المهندس"، وكانت تشبه أم كلثوم بدرجة كبيرة، والتي كان يعشقها الفنان الكوميدي، ليتحول إعجابه بـ سيدة الطرب الأولى في مصر إلى حب وعشق بـ "بنت الجيران"، فوقع في غرامها، ونشأت بينهما قصة حب كبيرة، توجت بالزواج، حتى أنجب منها ولدين، هما: "المهندس أحمد والمحاسب محمد"، لكن هذه الزيجة لم تستمر طويلًا، فسرعان ما أدرك فؤاد أن عفت أصبحت مجرد زوجة، ولم تعد تتحمل طبيعة شخصيته متقلبة المزاج.




وبعد الانفصال، تزوج أسطورة الكوميديا من الفنانة شويكار، بعدما عرض عليها الزواج على خشبة المسرح، حيث بادرها بقوله: "تتجوزيني يا بسكوتة"، لترد عليه بدهشة وحب "بحبك"، وتم الزواج بينهما، وعاشا سويًا أجمل قصة حب بالوسط الفني، استمرت لمدة 20 عامًا، حتى انفصل الثنائي بسبب غيرة الزوج الشديدة على حبيبته و"حب عمره" –كما كان يصفها-.





الطريف في الأمر أن "المهندس" عندما هوجم جراء ما فعله على المسرح أمام شويكار، من قبل إحدى المذيعات وقتها، أثناء إجرائه لقاءً تلفزيونيًا، متهماه بالخروج عن نص العرض المسرحي وقتها، رد عليها بتلقائية شديدة: "مخرجتش عن النص.. ده النص نفسه.. ده قلب النص".





وفي 16 سبتمبر عام 2006، رحل الفنان فؤاد المهندس عن عالمنا، عن عمر ناهز الـ82 عامًا، إثر تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة، بعد فزعه الشديد من مشاهدته سقوط جزئي لسقف غرفة النوم بمنزله بالزمالك، نتيجة نشوب حريق هائل بها نجا منه بأعجوبة، تاركًا خلفه تراثًا فنيًا قيمًا، لا يطويه الزمن مهما مر عليه.