رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

قرارات الحكومة تهدد بتدمير محصول الأرز لصالح «مافيا» الاستيراد

شريف إسماعيل
شريف إسماعيل

قبل أسبوع واحد، اتخذ مجلس الوزراء، قرارًا بالتوسع في زراعة مساحات الذرة، بشكل عام والذرة الصفراء على وجه الخصوص، لتصل إلى مليوني فدان، بما يمثل نحو 25% من المساحة الإجمالية للأراضي المنزرعة في مصر، خلال الموسم الصيفي. 


قرار مجلس الوزراء، أربك حسابات الكثيرين، إذ إنه خرج مبهمًا دون وضع ضوابط أو استراتيجية واضحة المعالم لطرق تطبيقه، خاصة أن التوسع في زراعة الذرة، سيكون على حساب محصول الأرز، وهو أكبر محصول استراتيجي، ونقدي بالنسبة للفلاح، مع عدم تحديد سعر لمحصول الذرة. 


ويرى الدكتور عماد عبدالوهاب أستاذ التغذية والأعلاف بكلية الزراعة بجامعة القاهرة، أن التوسع في زراعة الذرة، سيكون على حساب محصول الأرز، لافتًا إلى أن عدم استطاعة مصر استصلاح أراضي جديدة في ضوء نقص المياه الذي تعاني منه. 


ويوضح عبد الوهاب أن هناك شركتين فقط تحتكران استيراد الحبوب في مصر سواء الذرة أو القمح، مشيرًا إلى ضرورة فرض تعريفة جمركية على استيراد الذرة ومكوناتها من الخارج، لتطوير استثمار الإنتاج الحيواني وحماية للإنتاج المحلي. 


ويقول عبد الوهاب إن مصر تستطيع زيادة إنتاجيتها من اللحوم من خلال إعادة استخدام المخلفات الخضراء، والتي تمتلك مصر منها نحو 30 مليون طن سنويًا، مشيرًا إلى ضرورة رفع القيمة الغذائية لهذه المخلفات الخضراء والتي تمثل قشور "الفاصوليا والفول السوداني والذرة". 


ويضيف أن أزمة مصر ليست في زيادة مساحات الذرة، ولكن في عدم وجود استراتيجية واضحة للإنتاج الحيواني، مشيرًا إلى استيراد مصر اللحوم من الخارج بأسعار تصل لـ 19.5 جنيه فقط، إضافة إلى عدم فرض تعريفة جمركية عليها. 


ويشير أستاذ التغذية والأعلاف إلى أن الحكومة تستورد اللحوم من الخارج بهدف تغطية احتياجات المواطنين، ولكن هذا لا يحدث، إذ توجد مافيا من رجال أعمال يستفيدون من وراء هذه التجارة، لافتًا إلى ضرورة فرض تعريفة جمركية على اللحوم المستوردة من الخارج، وتوجيهها إلى تطوير الاستثمار في الإنتاج الحيواني المصري. 


ويلفت عبد الوهاب إلى امتلاك مصر نحو 3.5 مليون رأس من الأبقار، ونحو 85% من معظم رؤوس الجاموس الموجودة بالوطن العربي، وفقا لإحصائيات وزارة الزراعة نفسها، إضافة إلى نحو 10 ملايين رأس من الأغنام. 


من جانبه يقول الدكتور عبد السلام دراز رئيس البرنامج القومي للأرز السابق، إن زيادة مساحات الذرة الصفراء أو الشامية سيؤثر على مساحة المنزرع بالأرز، مشيرًا إلى عدم قدرة الحكومة على تنفيذ استراتيجيتها بالوصول إلى نسبة مليوني فدان مزروعة بالذرة بسبب مافيا استيراد الذرة الصفراء. 


ويوضح دراز، أن مساحة الأرز خلال العام الحالي وصلت لنحو مليوني فدان أو أكثر، مشيرًا إلى اتجاه الفلاح المصري لزراعة محصول الأرز سببه قدرته الإنتاجية العالية، وثبات أسعاره والتي تقترب من 2500 جنيه للطن. 


كما أن محصول الأرز، يعد أحد أهم المحاصيل النقدية التي يعتمد عليها الفلاح، إضافة إلى قدرته على التخزين لفترات طويلة، مشيرًا إلى حجم إنتاجية فدان الأرز تبلغ تتراوح بين 7- 8 آلاف جنيه، مقارنة بإنتاجية فدان الذرة التي لا تتعدى الـ 4 آلاف جنيه. 


وشكك رئيس برنامج الأرز السابق في قدرة الحكومة على استكمال استراتيجيتها بالوصول إلى نسبة المنزرع من الذرة إلى 2 مليون فدان، في ضوء عدم تحديد سعر للذرة، يحقق صافي ربح للفلاح، لافتًا إلى أن الدولة المصرية تستورد سنويًّا نحو 4 أو 5 ملايين طن من الذرة الصفراء. 


وفقًا لدراسة لمعهد التعاون الزراعي، فإن مصر تشتهر بزراعة أصناف الذرة من أنواع "جيزة بلدي والسبعيني والسكرية، والأمريكاني بدري المحسن"، إضافة إلى أن مواسم زراعة الذرة في مصر تنقسم إلى نوعين " الذرة الصيفية والذرة النيلية" وإن كانت الأخيرة قد انقرضت بعد بناء السد العالي. 


وتوضح الدارسة، أن الذرة تنضج "بحسب نوعها" في فترة تتراوح بين 105- 120 يومًا"؛ فيما ينقسم مقدار المقنن المائي لمحصول الذرة الشامية إلى ثلاث أفرع "الأول 2500 م3 في دلتا وادي النيل، و3 آلاف و150 م3 في الوجه البحري، ونحو 4 آلاف و500 م3 في مصر الوسطى والعليا". 


في سياق آخر، يقول الدكتور حمدي سالم أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، إن الدولة لن تستطيع تنفيذ استراتيجية زيادة مساحات الذرة، إلا من خلال تشجيع الفلاح وإقناعه بالاتجاه لزراعة الذرة بديلا عن الأرز، مشيرًا إلى مساهمة قانون الزراعة التعاقدية في ذلك. 


ويضيف سالم، بأن قانون الزراعة التعاقدية "ينص على قيام المزارع ببيع محصوله قبل أن يبدأ في زراعته" 


قانون الزراعة التعاقدية، يقوم على تعاقد المزارع على بيع محصوله قبل أن يبدأ في زراعة محصوله، لافتًا إلى أن القانون سوف ينشئ مركزًا يسمى "مركز تسجيل وتحكيم العقود الزراعية" ومن ثم يقوم المركز بتسجيل العقود المبُرمة بين المزارعين وبين التجار الراغبين في الحصول على المحصول، ويتم ختم العقد، ثم يتم التأمين على العقد في أي شركة تأمين، وهذا على غرار نظام تسجيل الصادرات المعمول به في مصر، وهذا سوف يزيد من استثمارات شركات التأمين، ويضمن للمزارعين والجميع حقوقهم. 


ويلفت سالم إلى أنه حتى الآن لم يتم إصدار لائحة تنفيذية لقانون الزراعة التعاقدية، رغم إقامة احتفال وزارة الزراعة بإصداره قبل شهور. 


ويوضح سالم، أنه يجب زيادة مساحة الذرة من أجل توفير الأعلاف سواء للإنتاج الحيواني أو السمكي، وذلك لتقليل احتياجات السوق المصري من اللحوم الحمراء، والعمل على خفض الأسعار. 


ويقول سالم، إن وزارة الزراعة تستطيع توجيه الفلاح لزراعة الذرة، من خلال توفير دعم نقدي للفلاح، وتوفير تقاوي تزيد من إنتاجية الفدان من الذرة مقارنة بإنتاجية الأرز.