رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

"رايتس ووتش": أحداث "رابعة" نقطة سوادء في تاريخ مصر.. وجهات سيادية لا تريد "مصالحة الإخوان"

واقعة رابعة العدوية
واقعة رابعة العدوية


قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الحقوقية، إن السلطات المصرية لم تحاسب أحدًا، ولم تتخذ الأمم المتحدة، أية تدابير أو إجراءات تذكر؛ لمحاسبة المتورطين في قتل المتظاهرين بميدان «رابعة العدوية».

ووصفت المنظمة ما جرى في ميدان «رابعة» من عمليات قتل للمتظاهرين، بأنه واحدة من أسوأ حوادث القتل الجماعي في التاريخ الحديث، وجريمة ضد الإنسانية، راح ضحيتها ما يزيد على ألف مواطن من مؤيدي الرئيس الأسبق "محمد مرسي".

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "إذا كانت حكومة عبد الفتاح السيسي تأمل في أن تحظى بأي مصداقية أمام آلاف المصريين الذين عانوا على مدار السنوات الثلاث الماضية، فعليها ضمان المحاسبة الجادة على هذه الجرائم الخطيرة"، مشيرة إلى أن واقعة القتل الجماعي في 14 أغسطس 2013، بقعة سوداء في سجل مصر لا يمكن لأي محاولات تبذلها الحكومة أو حلفاؤها أن تخلصها منها.

وانتخب المصريون أعضاء مجلس النواب، أول هيئة تشريعية تنعقد من بعد حلّ مجلس الشعب في 2012، وكانت الجلسة الافتتاحية في يناير2016، وتنص المادة 241 من الدستور على أن يقوم البرلمان قبل انتهاء دورته هذه "بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقاً للمعايير الدولية".

على المشرعين المصريين تنفيذ ولايتهم الدستورية وأن يتحملوا مسؤوليتهم كنواب منتخبين، بإصدار قانون يفتح الباب أمام ضحايا القتل الجماعي في 2013 للحصول على العدالة.

ظهرت عدة مسودات لقانون العدالة الانتقالية بين أيدي النواب في الشهور الأخيرة، وسط شائعات بأن بعض المسودات قد تضم مواد تخص المصالحة مع الإخوان المسلمين، جماعة مرسي، التي اعتُقل وقُتل الآلاف من أعضائها منذ عزله، واعترض العديد من النواب على أي ذكر للإخوان المسلمين في مشروع القانون.

وعارض مصطفى بكري النائب البرلماني بشدة الإخوان المسلمين، قائلا لموقع هافنغتن بوست العربي في مطلع يوليو، "نحن كنواب لن نقبل بأي حال من الأحوال المصالحة مع تلك الجماعة، وإذا تصالح الألمان مع النازيين، فلن نقبل بمصالحة مع الإخوان". رغم أن وزير العدالة الانتقالية مجدي العجاتي كان مُنتظر منه اقتراح مشروع قانون على البرلمان حينها، إلا أنه رفض ذلك، موضحا في تصريح له أن عدة نواب اعترضوا عليه.

وقالت مصادر في لجنة الأمن القومي في البرلمان إن النواب تلقوا تعليمات من "جهات سيادية" – مصطلح يُستخدم عادة للإشارة إلى الهيئات الاستخباراتية – بعدم مناقشة مسألة المصالحة وقتها، بحسب "هافنغتن بوست: العربية.

بين عزل مرسي في 3 يوليو 2013، و16 أغسطس 2013، وثقت هيومن رايتس ووتش 6 حالات لإطلاق قوات الأمن النار بشكل غير قانوني على متظاهرين، ما خلّف ما لا يقل عن 1185 قتيلا،، وأعرب مسؤولون حكوميون عن الاستعداد لتعويض المصابين وعائلات القتلى.

في ديسمبر 2014، قال الأمين العام "للمجلس القومي لرعاية أسر شهداء ومصابي الثورة" – المؤسس بعد انتفاضة 2011 – إنه اقترح إضافة ضحايا واقعة القتل الجماعي إلى مسؤوليات المجلس. 

في أغسطس 2015 قال عضو بلجنة تقصي الحقائق الحكومية التي بررت استخدام الشرطة للقوة أثناء واقعة القتل الجماعي إنه يدعم تعويض الضحايا وفتح تقصي قضائي.

دارت بعض المناقشات حول مفهوم التعويض في الإسلام (الدية)، الذي يمكن أن يسدده الطرف المسؤول عن الجريمة، كجريمة القتل، بدلا من العقوبات الأخرى.

وقال سعد الكتاتني – رئيس البرلمان السابق وعضو حزب الحرية والعدالة الخاص بالإخوان المسلمين والذي يستأنف الآن في حكم بالإعدام، أثناء جلسة بالمحكمة في فبراير 2015، إن ممثلا عن الحكومة اقترح عليه وهو في السجن دفع دية لوقائع القتل الجماعي لتسوية الأزمة السياسية مع الإخوان المسلمين. 

ورد الكتاتني قائلا، أنه ليس لديه "اختصاص" قبول عرض كهذا وأنه "يرفض الانقلاب" على كل حال. 

كذلك اقترح ياسر برهامي – مؤسس أحد أكبر أحزاب السلفيين السياسية، ويدعم الحكومة – حلا يشتمل على دية.

إذا كانت حكومة عبد الفتاح السيسي تأمل في أن تحظى بأي مصداقية أمام آلاف المصريين الذين عانوا على مدار السنوات الثلاث الماضية، فعليها ضمان المحاسبة الجادة على هذه الجرائم الخطيرة. 

التعويض على القتل الجماعي في 2013 – وإن كان بعيدا عن أن يمثل حلا شاملا – هو جزء لا يتجزأ من أي انتصاف فعال على انتهاكات حقوق الإنسان في نظر القانون الدولي.

حق الضحايا في الانتصاف الفعال أمام هيئة مستقلة ومحايدة تكفله عدة معاهدات صادقت عليها مصر، ومنها "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية". 

يشمل هذا الحق تقديم التعويض العادل والمناسب، وفتح تحقيق يحدد الوقائع وملاحقة المسؤولين عن الجرائم، توصلت المحاكم الدولية إلى أن الإفلات من العقاب على الجرائم مثل القتل الجماعي في 2013 لا يؤدي إلا لزيادة معاناة الضحايا وأسرهم.

أصدرت لجنة تقصي الحقائق الحكومية – التي بحثت في واقعة القتل والأحداث التي سبقتها وتلتها – ملخصا تنفيذيا بنتائجها في 26 نوفمبر2014، لكنها لامت المتظاهرين على بدء العنف، قائلة إن أغلب مسؤولية الشرطة مُبررة، ولم تقدم توصيات بأي تغييرات. 

قالت هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى إن على الحكومة نشر التقرير للعلن، لكنها لم تفعل.

لم يعلن مكتب النائب العام عن أية تحقيقات، وفي المقابل هناك محاكمة جماعية لأكثر من 400 شخص اعتُقلوا في رابعة، وهم متهمون بقطع الطريق والإضرار بالوحدة الوطنية. 

واتُهم آلاف غيرهم بالانتماء إلى أو التعاطف مع تنظيم الإخوان، في محاكمة صورية، تضم صحفيين ونواب برلمانيين سابقين وآخرين تم القبض عليهم في مظاهرات.

رغم إخفاق السلطات المصرية في فتح ملاحقات قضائية جادة في القتل الجماعي، لم تشكل لجان تقصي حقائق دولية من قبل "مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة" أو "اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب"، رغم أنهما يعدان من المنابر الأخيرة المُتاحة لتحقيق العدالة للضحايا. تستمر هيومن رايتس ووتش في مطالبة المنظمتين بتشكيل لجان تقصي حقائق دولية.

وقالت ويتسن: "لا يعتقد المجتمع الدولي أن تحقيق العدالة لضحايا أغسطس 2013 سيحول دون احراز أي تقدم. إذا أراد المشرعون المصريون أن يكونوا ممثلين لكافة المصريين، فعليهم إثبات هذا بالسعي لتحقيق المحاسبة الأساسية على الجرائم التي ارتكبتها قوات الأمن المصرية".