رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حافظ أبو سعدة لـ «النبأ»: مصر ستدفع الثمن غاليًا فى قضية «ريجينى».. «حوار 1»

محرر النبأ أثناء
محرر النبأ أثناء حواره مع حافظ أبو سعدة

قال حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن الأحزاب السياسية التى شكلتها الدولة، ليست منابر سياسية حقيقية؛ ولكنها مجرد تجمعات للمصالح، مشيرا إلى أن جمهورية أمناء الشرطة عادت من جديد إلى أقسام الشرطة.

وأضاف «أبو سعدة» بأن جماعة الإخوان المسلمين، ترى نفسها فى معركة مع النظام الحالى، ولذلك تحاول استغلال كل علاقاتها الخارجية فى هذه المعركة، وإلى نص الحوار: 

قلت إنه تم إقصاء أغلب الأحزاب من البرلمان.. كيف يكون ذلك؟
البرلمان تم تشكيله بطريقة هندسية، عن طريق قانون الانتخابات الذى اعتمد على عدم تمكين الأحزاب من الحصول على أكثرية حقيقية داخل البرلمان، بينما تمكن المستقلون من حصد الأغلبية، وهذا مخالف لمفهوم الديمقراطية، ومفهوم الدولة الحديثة، فكل دول العالم، يكون فيها عدد المستقلين داخل البرلمان قليلا جدًا، إلا مصر.

هل النظام وجد أن الاحزاب ليس لها دور وأنها مجرد أحزاب كرتونية فلجأ إلى المستقلين؟
لا.. فالأحزاب «كرتونية» بفعل فاعل، فالحياة السياسية المستقيمة لابد أن يكون بها أحزاب، ولها دور فعال، ولكن هناك حملات هجوم على الأحزاب والحياة السياسية، وفى مصر لا يوجد بيئة حقيقية لعمل الأحزاب السياسية، فالاحزاب كلها «مقيدة»، وغير قادرة على العمل، كما أن الدولة لجأت إلى نظام انتخابى يقتل الحياة السياسية، رغم أن البناء الحقيقى للدولة لابد أن يعتمد على الأحزاب.

ولكن بعض الأحزاب صنعتها الدولة.. هل كان الهدف من ذلك القضاء على المنابر السياسية الأخرى؟
الأحزاب التى تصنعها الدولة لن تكون أحزابًا حقيقية، وأى نظام يريد تكوين أحزاب تصبح أحزاب سلطوية ولا يجمعها شيء غير «المصلحة»، ولكن الأحزاب الحقيقية هى التى تكون موجودة فى الشارع، كما أنه لا يوجد أفق لهذه الأحزاب، وفى إطار هندسة البرلمان، هناك بعض الأحزاب التى صنعها النظام، وتمكنت من الحصول على المركز الثانى داخل البرلمان.

بالنسبة لحقوق الإنسان.. كيف تراها الآن؟
وضع حقوق الإنسان فى مصر «صعب جدا»؛ نظرا لوجود العديد من الانتهاكات، كما أن القوانين الموجودة فى الدستور لم يتم العمل بها، ومازالنا نطالب بتعديل بعض القوانين مثل قانون التعذيب، قانون المجلس القومى لحقوق الإنسان، وقانون الحبس الاحتياطى، كما أن البنية التشريعية لابد من تعديلها من أجل أن تتوافق مع الدستور، كما أنه يوجد شباب داخل السجون والرئيس نفسه اعترف أن بعضهم مسجون بدون وجه حق، ومازالوا داخلها ولم يخرجوا، ويوجد أيضا شباب الثورة فى السجون سواء اتفقنا أو اختلفنا معهم، ومعظم الأحكام ضدهم «حرام»، فوضع حقوق الإنسان يحتاج اهتماما كبيرا، خاصة بعد بيان البرلمان الأوروبى الذى هاجم مصر بعد حادثة مقتل ريجينى، فضلا عن محاكمة بعض الصحفيين الشباب.

كم عدد حالات الموجودين داخل السجون دون وجه حق؟
تقدمت بكشف لرئيس الجمهورية يحتوى على 3 قوائم، كل قائمة تحتوى على 200اسم، فرصدنا حوالى 600 شخص محبوسين ظلما وبدون وجه حق، والرئيس أفرج عن جزء منهم وصل إلى 187 حالة من القوائم التى تقدمنا بها، ويتبقى 493 حالة سنسعى إلى المطالبة بالإفراج عنهم، واتمنى أن يفرج الرئيس السيسى عن كل من لم يثبت تورطه فى جرائم عنف ومن لم تتلوث يده بالدماء، حتى لو كان من الإخوان المسلمين.

ما تقييمك لأداء الداخلية والممارسات التى حدثت منها فى الفترة الأخيرة؟
أرى أن الداخلية فى حاجة إلى تغيير فى وجهات نظرها السياسية، ولابد من أن تتغير سياسيات الوزارة لتكون أكثر احتراما لحقوق الإنسان، وهذا يتم أولا عن طريق عدم التستر على الضباط والقيادات التى تنتهك حقوق الإنسان، وثانيا تعليمات مشددة برفض التعذيب وإساءة المعاملة، وثالثا لابد من تعديل فكرة الاعتداءات من خلال معاقبة من يعتدى على أى مواطن، ويكون واضحا للرأى العام المصرى، فضلا عن ضرورة عودة التأهيل والتدريب للضباط وضباط الصف والجنود، وتعريفهم بحقوق الإنسان، وكيفية التعامل مع الجمهور، وأيضا الوضع داخل أقسام الشرطة التى عادت لها جمهورية أمناء الشرطة من جديد، من خلال إهانة المواطنين، وتقاضى الرشاوى، واخذ رشاوى، ومقابل تقديم خدمة للسجناء.

ما تأثير هذه الانتهاكات على صورة وزارة الداخلية؟
كل هذه الانتهاكات التى يرتكبها أمناء الشرطة، تشوه صورة وزارة الداخلية، فالوزارة من الأساس وزارة خدمية للمواطن، وهذا ليس معناه أن هناك مشكلة فى وزير الداخلية الحالى، ولكن سياسات الوزارة هى التى تحتاج إلى تغيير، فتغير الوزير لن يحل المشكلة، وهناك مشاكل حقيقية تواجه الشرطة، مثل توتر العلاقة بينها وبين الشعب، بدليل أن المواطنين أصبحوا لا يخافون من الشرطة، ومن أهم الأدلة على ذلك حادثة «الدرب الأحمر» التى أحاط فيها المواطنون مديرية الأمن، فلابد أن تأخذ الشرطة بالها بأن ردود فعل الشعب على انتهاكاتهم ستكون أكثر عنفا مما قبل.

كيف ترى رواية الداخلية الخاصة بقتل الشاب الإيطالى جوليو ريجيني؟
مصر ستدفع ثمنها غاليًا، وهذا غير مطلوب، وكان على وزارة الداخلية التمهل والقيام بتحقيقات جادة وعدم القيام بإعلان أى نتائج إلا بعد الوصول للحقائق، والتضارب فى التصريحات جاء نتيجة الضغط الدولى الكبير على مصر فيما يتعلق بهذه القضية، والوضع «ملتبس» سياسيا مع الإيطاليين وأرى أن النيابة العامة عليها دور كبير فى كشف الحقائق وأعتقد أنها تحقق فى هذا الأمر، كما أنه لا يوجد أى مبرر لتصفية مواطن، إلا فى حالة الاشتباك.

هل جماعة الإخوان هى التى تحرك البرلمان الأوروبى فى قضية ريجيني؟
لا.. ولكن الإخوان مصدر من مصادر المعلومات التى تسهل عمل البرلمان الأوروبى، والمشكلة فى مصر أن هناك بعض السياسيين والنواب يتركون الأشياء الرئيسية، ويركزون على الأشياء الفرعية، والقول الفصل لحل كل هذه النزاعات أن يكون هناك آلية للتعاون مع البرلمان الأوروبي؛ لتوثيق المعلومات، ولا يصح أن نقول للبرلمان: «أنت بتستقبل معلوماتك من الإخوان»، فالبرلمان الأوروبى يحصل على المعلومات مما هو متاح له، كما أن الإخوان من الممكن أن يسيطروا على حزب، وليس على البرلمان الأوروبى كله، ولابد أن ندرك أن الجماعة ترى نفسها فى معركة حقيقية مع النظام، ولذلك تحاول أن تستخدم كل علاقاتها القوية خارجيا فى هذه القضية.

كيف ترى الهجوم على منظمات المجتمع المدني؟
عندما تتزايد الانتقادات الخاصة بحقوق الإنسان فى مصر، فالحكومة لاتملك غير «شماعة» واحدة، وهى منظمات حقوق الإنسان، وهذا غير صحيح على الإطلاق، وهذا إجراء غير صحيح؛ لأن ما تردده هذه المنظمات، تردده العديد من الصحف، كما أن هذا الهجوم مجرد محاولة من قبل الدولة للتخلص من التزامات حقوق الإنسان من خلال اتهام المنظات بأنها ممولة من الخارج، كما أن الهجوم على المنظمات يشوه سمعة مصر.

كم عدد حالات التعذيب التى رصدها القومى لحقوق الإنسان؟
هناك حالات كثيرة تم رصدها من منظمات عدة، وتصل هذه الحالات إلى 200 حالة أو أكثر، فضلا عن المعاملة السيئة للمواطنين.

هل رصد المجلس الأوضاع داخل السجون مثل العقرب؟
زرت «سجن العقرب»، ورصدنا خمسة انتهاكات، وهي: أن الزيارة لم تتعد 10 دقائق على الرغم من أن اللائحة نصت على 30 دقيقة، وأيضا لا يوجد سرائر ولا مراتب، و«الكانتين» مغلق، وممنوع دخول الجرائد، والزيارات كانت تتم من خلال سلك أو زجاج، وأخذنا وعدا من الداخلية بإصلاح هذه الأشياء، وتم تنفيذ هذا الوعد، ولكن أهالى المسجونين أخبرونا أن الوضع عاد كما هو بل أصبح أخطر بكثير.

ما موقف المجلس القومى من قانون ازدراء الأديان؟
 المجلس لديه موقف واضح جدا من القانون، وطالب بإلغاء المادة الخاصة به، لأن الصياغة فيها فضاضة جدا تدخل أى شخص السجن.

ماذا عن الجدل الدائر حول قرار منع النقاب داخل الجامعات؟
اتفق تماما مع قرار منع أعضاء هيئة التدريس المنتقبات من دخول الجامعات، كما أنه لا يجوز لطبيبة أن ترتدى النقاب؛ فقرار منع النقاب هو الأنسب، بالنسبة للطيبة والممرضة وأعضاء هيئة التدريس.

هناك اتهامات توجه للمجلس القومى لحقوق الإنسان بأنه يجامل السلطة؟
لابد أن نعرف دور المجلس الذى تم إنشاؤه طبقا لمبادئ الأمم المتحدة، من خلال أعضاء مهتمين بحقوق الإنسان، على أن يتصفوا بالاستقلال، ويقدموا استشارة للحكومة حول حقوق الإنسان، فالمجلس ليس دوره كالمنظمات، ولكن دوره أن يدرس الظواهر ويقدم قوانين لتعديل هذه الظواهر، كما أنه ليس من مهامه «الإدانة»، ولكن تقديم نصائح للحكومة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان.

هل الوضع الآن مناسب لإتمام المصالحة مع الإخوان؟
أرى أن الوضع مناسب جدا للمصالحة، والأمر يعتمد على الإخوان، والموضوع بسيط جدا.. خاصة إذا اعترفت الجماعة بـ 30 يونيو، وبالرئيس السيسى، وتركوا العنف، والاحتكام للدستور والقانون، ثم يتم منعهم لمدة خمس سنوات من المشاركة فى الحياة السياسية، وبذلك سيكون مرحبًا بهم من جديد، وأتوقع أن تقوم الإخوان بذلك وتعترف بـ30 يونيو فى الأيام القادمة، وخاصة بعد خسارة كل الأشياء التى راهنوا عليها.

هل جماعة الإخوان انتهت فى مصر؟
لا.. جماعة الإخوان موجودة، فالأفكار لا تموت حتى لو تمت محاربتها لسنوات طويلة، وسيظل هناك كثير من المواطنين يؤمنون بأفكار الجماعة، ولقد كان الإخوان خطرًا حقيقيًا على الدولة المصرية عندما احتكروا السلطة فى يدهم، وهذا من ضمن الدروس المستفادة من التجربة الخاصة بوجودهم فى الحكم.

هل على عبد العال ينفذ تعليمات دعم مصر كما يردد البعض؟
نعم.. لأنه خاص الانتخابات عن قائمة «فى حب مصر»، وكان من الأفضل أن ينفصل عن الائتلاف الذى شكلته القائمة تحت قبة البرلمان، بعد انتخابه رئيسا لـ«النواب»، ورؤساء البرلمان السابقين مثل فتحى سرور، كانوا يعطون الفرصة للمعارضة أكثر من «على عبد العال».

هل تتوقع حل مجلس النواب؟
لن يحل؛ لأنه تم بطريقة هندسية والدولة راضية عنه، وبالتالى لن يحل نهائيًا.