ما هي الفوائد الاجتماعية لاحمرار الوجه من الخجل؟
يشير علم التطور إلى أن احمرار الوجه عند الخجل قد يكون له فوائد اجتماعية، واحمرار الوجه هو رد فعل الجسم الظاهر عندما نشعر بمشاعر مثل الحرج أو الخجل أو عدم إدراك الذات، ويحدث نتيجة زيادة مفاجئة في تدفق الدم إلى جلد الأذنين أو الوجه أو الرقبة أو الصدر.
وعندما تُثير المشاعر احمرار الوجه، ينشط الجهاز العصبي الودي - المسؤول عن وظائف الجسم اللاإرادية - ويُفرز الأدرينالين الذي يؤدي ذلك إلى استرخاء العضلات الدقيقة في الأوعية الدموية.
وفي الجسم، يُضيّق الأدرينالين الأوعية الدموية، لكن في الوجه يحدث العكس – تتوسع، وهذا يعني تدفق المزيد من الدم إلى الجلد، مما يُسبب الشعور بالحرارة، ويُصبح الوجه أحمر اللون نتيجةً لهذا التدفق المفاجئ للدم بالقرب من سطح الجلد.
يظهر هذا الاحمرار بشكل أوضح لدى أصحاب البشرة الفاتحة، أما لدى أصحاب البشرة الداكنة، فقد يكون التغيير أقل وضوحًا أو غير مرئي على الإطلاق - لكن العملية الفسيولوجية نفسها تحدث.
الدور الاجتماعي لاحمرار الوجه
يحمر وجه الناس عندما يشعرون بخجل شديد، وهو ما ينتج عادةً عن لفت انتباه اجتماعي غير مرغوب فيه، وعلى الرغم من أن نظام "الكر والفر" يلعب دورًا في هذه الظاهرة، إلا أن احمرار الوجه لا يرتبط بالاستعداد للخطر، بل يعتقد العلماء أنه تطور كإشارة اجتماعية، كوسيلة لإظهار إدراكنا للخطأ أو شعورنا بالحرج.
قد يُسهم هذا في بناء الثقة؛ لأن الناس غالبًا ما يرون في احمرار الوجه علامة على الصدق والإخلاص، خاصةً أنه لا إرادي، يُمكن أن يُشير احمرار الوجه إلى اعتذار غير لفظي عن خطأ اجتماعي، مما يُساعد في الحفاظ على الروابط الاجتماعية بعد أي تجاوز.
وتختلف المشاعر التي تُسبب احمرار الوجه، لكن الآلية واحدة: زيادة تدفق الدم إلى الوجه والشعور بالحرارة.
ويكمن الفرق في أن احمرار الوجه عند الغضب، على سبيل المثال، ينجم عن الإثارة والإحباط، بينما ينجم احمرار الوجه عند الحرج عن الوعي الذاتي والانفعال الاجتماعي.
ويُصاب الناس باحمرار الوجه لأسباب مختلفة، فعلى سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أن الأطفال الذين يعانون من القلق الاجتماعي يحمرّ وجههم خجلًا عند تلقيهم مديحًا مبالغًا فيه، مقارنةً بالمديح المعتدل أو عدم تلقي أي مديح.
وفي دراسة لاحقة، وجد الباحثون أن الأطفال الذين حصلوا على درجات عالية في اختبار النرجسية - أي أن لديهم شعورًا مبالغًا فيه بأهمية الذات، ويرغبون في الإعجاب، ويفتقرون إلى التعاطف - يحمرّ وجههم فقط عند تلقيهم مديحًا معتدلًا، وأشار الباحثون إلى أن السبب في ذلك هو أن المديح المُقدّم لم يتناسب مع مدى اعتقاد الطفل بأنه قد حقق أداءً جيدًا.
من هم الأكثر عرضةً للاحمرار من الخجل؟
تحمرّ وجوه النساء والشباب أكثر من غيرهم. قد يفسر هذا سبب ارتباط الاحمرار غالبًا بالشباب والحيوية والخصوبة، كما أن الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي أكثر عرضةً للاحمرار.
لكن مع تقدمنا في العمر واكتسابنا المزيد من الخبرة الحياتية، يقلّ احمرار وجوهنا. قد يشير هذا إلى أننا أكثر درايةً بالمعايير الاجتماعية - أو أقل انزعاجًا إذا تجاوزناها.
متى تكون حالة احمرار الوجه مشكلة طبية؟
بما أن احمرار الوجه رد فعل لا إرادي، فلا يمكنك إيقافه بمجرد ظهوره، ومع ذلك، إذا استمر احمرار وجهك لأكثر من بضعة أيام، أو كان مصحوبًا بألم، أو يسبب لك ضيقًا بسبب مخاوف تجميلية، فتحدث إلى طبيبك أو أخصائي الرعاية الصحية.
قد يفيد العلاج السلوكي المعرفي الأشخاص الذين يعانون من احمرار الوجه، وقد يحمرّ وجه البعض بسبب القلق الاجتماعي، وفي حالات نادرة، عندما يكون السبب فرط نشاط الجهاز العصبي الودي، قد يُنصح بإجراء جراحة.