رئيس التحرير
خالد مهران

ما علاقة الأرق المزمن ببكتريا الأمعاء؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

أظهرت دراسة حديثة شملت ما يقرب من 400 ألف شخص أن الأشخاص الذين يعانون من الأرق المزمن كانوا أكثر عرضة لوجود أنواع معينة من البكتيريا في أمعائهم.

ويقول الخبراء الآن إن هذه النتائج تعني أنه ينبغي تجربة إجراءات تُغير تركيبة الميكروبات الموجودة في الأمعاء، مثل تعديلات النظام الغذائي؛ وتناول البروبيوتيك (البكتيريا النافعة)؛ والبريبيوتيك، التي تُعد غذاءً للبكتيريا النافعة؛ أو حتى زرع براز من شخص لا يُعاني من مشاكل في النوم، كطرق غير دوائية لعلاج الأرق.

قد يُفسر هذا أيضًا سبب معاناة بعض الأشخاص من الأرق، إذ لا تنطبق المحفزات المعروفة - كالتوتر، ونمط الحياة، والتغيرات الهرمونية المصاحبة لانقطاع الطمث - في حوالي 50% من الحالات.

وأظهرت دراسات كهذه أن البكتيريا لا تُسبب الأرق فحسب، بل إن الأرق نفسه يُمكن أن يُغير البكتيريا الموجودة في الأمعاء، وحوالي 30% منا يُعانون من الأرق سنويًا، وأن 10% من البالغين يُعانون من الأرق المزمن.

ما هو الأرق المزمن؟

يُعرَّف الأرق المزمن بأنه عدم القدرة على النوم، أو الشعور بتدني جودة النوم، لأكثر من بضع ليالٍ في الأسبوع لمدة ثلاثة أشهر متتالية.

ويرتبط قلة النوم بمجموعة من المشاكل الصحية، بما في ذلك أمراض القلب، والسكري من النوع الثاني، والسمنة، واضطرابات الصحة النفسية، وضعف جهاز المناعة، وضعف الوظائف الإدراكية.

وفي أحدث دراسة، حلل باحثون من جامعة نانجينغ الطبية في الصين بيانات 387 ألف شخص يعانون من الأرق. وبالإضافة إلى اكتشاف 14 نوعًا من بكتيريا الأمعاء المرتبطة بزيادة احتمالية الإصابة بالأرق، بما في ذلك بكتيريا أودوريباكتر (التي تُعتبر مفيدة لصحة الأمعاء عمومًا).

كما تمكن الباحثون أيضًا من تحديد ثماني مجموعات من البكتيريا المرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بالأرق (والتي لم تكن موجودة بمستويات عالية في هذه المجموعة).

كما وجد تحليل الباحثين، الذي نُشر في مجلة الطب النفسي العام في أغسطس، أن الأشخاص الذين يعانون من الأرق لديهم مستويات منخفضة من سبع مجموعات من البكتيريا التي يُعتقد أنها مهمة للنوم.

وتعزز البكتيريا النافعة، ومنها سلالات من بكتيريا اللاكتوباسيلس، جودة النوم عن طريق إنتاج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة عند هضمها للألياف (الموجودة في الحبوب الكاملة والخضراوات والبقوليات والمكسرات) في الأمعاء.

وتحفز الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة إنتاج حمض التربتوفان الأميني، الذي يتحول إلى سيروتونين، وهو ناقل عصبي يساعد على النوم.

ولكن إذا تكرر اضطراب النوم، فإنه يؤدي إلى تنشيط جينات تسمح للبكتيريا الضارة المسببة للالتهابات، مثل الإشريكية القولونية (التي قد تسبب أعراضًا معوية كالإسهال).

ويقترح الباحثون حلًا أكثر جذرية، وهو زرع الميكروبات - المعروف شعبيًا باسم زرع البراز - حيث تُزرع عينة براز من متبرع سليم في مريض آخر عبر تنظير القولون، والذي يتضمن إدخال أنبوب رفيع ومرن في القولون.

ولا تقتصر العوامل المؤثرة على الأرق على صحة الجهاز الهضمي فحسب، بل إن تجنب التمارين الرياضية الشاقة في المساء قد يُساعد أيضًا، إذ تُؤثر سلبًا على النوم من خلال زيادة نشاط الجهاز العصبي الودي.