كيف يشجع الذكاء الاصطناعي على الإفراط في الاستهلاك؟
أصبح الذكاء الاصطناعي في كل شيء أمرًا عاديًا ويوميًا لدرجة أنه من السهل التغاضي عنه، ولكن هذا التطبيع له تأثير خطير على البيئة وكوكبنا واستجابتنا لتغير المناخ.
ولا يمكن إنكار التكاليف البيئية المباشرة للذكاء الاصطناعي، حيث تستهلك مراكز البيانات كميات هائلة من الكهرباء والماء، وتستهلك استعلامات الذكاء الاصطناعي طاقةً أكثر بكثير من البحث التقليدي على الإنترنت.
الشركات نفسها التي تُطوّر وتُروّج للذكاء الاصطناعي للمستهلكين - بما في ذلك مايكروسوفت وجوجل وأمازون - تستخدمه أيضًا لمساعدة الشركات في العثور على النفط والغاز واستخراجهما بأسرع وقت ممكن، ولكن عندما يتعلق الأمر بالآثار غير المباشرة للذكاء الاصطناعي، تبقى البيئة نقطة عمياء كبيرة بالنسبة لمعظم الناس.
وتكشف الأبحاث الجديدة عن تكاليف خفية، ويلفت الانتباه إلى كيفية تشجيع الذكاء الاصطناعي للاستهلاك المفرط وأنماط الحياة ذات البصمة الكربونية العالية، كما ندرس كيف تُؤكد القيم الثقافية المُدمجة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي واسعة الانتشار على الفردية والتسليع، متجاهلةً أو مُقللةً من شأن القضايا البيئية.
ويجب خفض الانبعاثات الناتجة عن الاستهلاك لتجنب التغير المناخي الجامح؛ لذا فإن كيفية التعبير عن القيم البيئية أمرٌ بالغ الأهمية، ويُظهر بحثنا أن العديد من شركات الذكاء الاصطناعي لا تُولي اهتمامًا يُذكر للأضرار البيئية الناجمة عن منتجاتها.
ويُدمج الذكاء الاصطناعي في الأدوات والمنصات الرقمية التي يستخدمها الناس في حياتهم اليومية، حيث أدرجت محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي والأسواق الإلكترونية ما يُطلقون عليه "ميزات الذكاء الاصطناعي" في تطبيقاتهم.
وغالبًا ما تكون هذه إعدادات افتراضية يصعب تعطيلها أو إلغاء تفعيلها، حيث يجهل الكثيرون تفعيل هذه الوظائف، فضلًا عن أن هدفها الأساسي هو تشجيع عمليات الشراء التي يجني منها مالكو المنصات أرباحًا.
ويُحقق هذا النموذج للعمل هدفين في آنٍ واحد، إذ يُولّد أرباحًا مالية وبيانات تُستخدم في ذكاء الأعمال، وهذا يعني أن الانبعاثات تُنتج مرتين: من خلال الاستخدام المباشر للتطبيقات المتاحة على نطاق واسع، ومن خلال الانبعاثات الإضافية الناتجة عن المحتوى المُقدّم للمستخدمين، وهذا يُشكّل ضربة مزدوجة للبيئة.
الاستهلاك والذكاء الاصطناعي
في إطار البحث حول شركات التكنولوجيا الكبرى، وجه الباحثون سؤالًا بسيطًا إلى برنامج الدردشة الآلي الشهير "كوبايلوت" التابع لشركة مايكروسوفت، وهو "ملابس أطفال"، وأظهر هذا السؤال قائمة بروابط لمتاجر إلكترونية ومتاجر متعددة الأقسام، رغم أنه لم يُذكر في السؤال نية شراء ملابس أطفال جديدة.
لفهم كيف حوّل برنامج الدردشة الآلي سؤالنا إلى بحث على الإنترنت، طلبنا منه شرح خياراته، حيث قدّم "كوبايلوت" ثلاث عبارات، جميعها تشير إلى الاستهلاك: متاجر ملابس الأطفال، أفضل أماكن شراء ملابس الأطفال، وماركات ملابس الأطفال الشهيرة.
كان من الممكن أن يكون رد "كوبايلوت" حول المواد والألوان الشائعة، أو الخياطة، أو تبادل وشراء ملابس الأطفال المستعملة، فيما يُركّز محرك البحث "إيكوسيا"، الذي يستخدم أرباحه لتمويل العمل المناخي، على شراء البدائل المستدامة، ويعرض خيارات التأجير والاستعارة وشراء الملابس المستعملة.