خبير مصرفي يستعرض السيناريو المتوقع لأسعار الفائدة
أكد الدكتور هاني ابو الفتوح، الخبير الاقتصادي والمحلل المالي، أن قرار الاجتماع السابق للجنة السياسة النقدية بخفض الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، ليستقر سعر الإيداع عند 21% وسعر الإقراض عند 22% وسعر العملية الرئيسية عند 21.5%، كان بمثابة إشارة واضحة إلى انتقال البنك المركزي المصري نحو مسار تيسيري محسوب، مع مراعاة الضغوط السعرية القائمة.
وأضاف أنه مع تحديد موعد الاجتماع التالي للجنة السياسات النقدية، يوم الخميس المقبل 20 نوفمبر 2025، تبدو الأسواق في حالة ترقّب دقيقة لمسار الفائدة في ظل ارتفاع التضخم مجددًا.
وقال هاني أبو الفتوح، إن الأخطر في بيانات التضخم هو الارتفاع الشهري الواضح بنسبة 1.8% وفق أحدث بيان رسمي صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء، إضافة إلى صعود التضخم السنوي إلى 12.5% مقارنة بـ11.7% في سبتمبر.
وأشار أنه لا يمكن تجاهل أن الارتفاع جاء مدفوعًا بعوامل غير مؤقتة، وعلى رأسها ضغط أسعار الغذاء والخدمات، ما يجعل أي رهان على تباطؤ تلقائي للتضخم يبدو لي مبالغًا في التفاؤل، مؤكدا أن هذه الوتيرة الشهرية تمثل تحديًا فعليًا أمام أي خفض سريع للفائدة.
وأكد أبو الفتوح، أنه رغم النمو المقبول، فإن فجوة الإنتاج السلبية لا تبرر المجازفة بتيسير مفرط، خصوصًا أن الاقتصاد يواجه عناصر تضخم مستورد لا ترتبط بدورة النشاط المحلي فقط. أرى أن الأرجح أن يتعامل البنك المركزي بحذر مضاعف، نظرًا لكون الضغوط السعرية المرتبطة بسلاسل الإمداد والعملة ما زالت قائمة، وأحذّر من أن الإفراط في الخفض قد يعمّق الاختلالات في الأشهر المقبلة.
وأوضح أن السيناريو الأرجح هو التثبيت أو خفض محدود في حدود 50 نقطة أساس، لأن صعود التضخم السنوي يفرض حدًا أعلى من الحذر. وهنا يكون السيناريو البديل هو خفض أوسع بنحو 75–100 نقطة أساس، لكنه مستبعد حاليًا بسبب تسارع القراءة الشهرية.
وقال أبو الفتوح، اتفق تمامًا مع تصريحات وكالة فيتش للتصنيف الائتماني التي تتوقع تراجع سعر الفائدة إلى 21% بنهاية 2025، وأن تصل إلى 11.25% خلال العام المقبل، مع توقع نمو الاقتصاد المصري بين 4.3% و5% سنويًا من 2027 إلى 2034.
وقال الخبير الاقتصادي، أتوقع انحسار تدريجي للتضخم على المدى المتوسط، وتحسن نسبي في مؤشرات النمو، وقدرة السياسة النقدية على الحفاظ على مسار تيسيري بطيء دون الإضرار بالاستقرار السعري.
وأوضح أن الخطر الأكبر في تقديري يكمن في احتمال حدوث موجة ارتفاعات جديدة في أسعار الطاقة أو تراجع إضافي في قيمة العملة، ما قد يرفع التضخم إلى مستويات تتجاوز قدرة السياسة النقدية على المناورة. كما أن الضغوط على الإيجارات والخدمات الصحية تمثل مخاطر هيكلية ينبغي عدم التقليل منها.
وفي النهاية، أرى أن مسار السياسة النقدية يجب أن يبقى منضبطًا، وأن أي خفض للفائدة يجب ألا يتجاوز ما يسمح بالحفاظ على استقرار عن الأسعار، ولا يمكن القفز فوق حقيقة أن السيطرة على التضخم تظل الشرط الأساسي لسلامة التعافي الاقتصادي.

