رئيس التحرير
خالد مهران

ما علاقة انتشار الشعر الرمادي بالسرطان؟

الشعر الرمادي
الشعر الرمادي

تكشف الأبحاث أن الشعر الرمادي هو مثالٌ بسيطٌ على اختيار خليةٍ ما الاختفاء بدلًا من المخاطرة بالتحول إلى خلايا خبيثة.

ويُعدّ الشعر الرمادي سمةً حتميةً للشيخوخة، ولكن الأبحاث العلمية الناشئة تُشكك في هذه الرواية البسيطة، كاشفةً أن تلك الشعيرات الفضية على رؤوسنا قد تكون علامةً خارجيةً على دفاعات أجسامنا المُعقّدة ضد السرطان.

وكشفت دراسةٌ جديدةٌ عن الطرق المذهلة التي تُدير بها أجسامنا تلف الخلايا، وهي عمليةٌ أساسيةٌ في كلٍّ من الشيخوخة والسرطان، ففي الشيخوخة، يُضعف تلف الخلايا تدريجيًا ويُعطّل وظائفها، أما في السرطان، فيمكن للخلايا غير المُصلّحة أو المُصابة بعيوبٍ أن تُحفّز نموًا غير طبيعيٍّ وتكوينَ الأورام.

أبرز هذا العمل وجود صلةٍ مُفاجئةٍ بين فقدان الصبغة في شعرنا والآليات التي يُمكنها إبعاد السرطانات القاتلة.

دور الخلايا الجذعية

وتُشكّل الخلايا الجذعية الصباغية جوهر هذا الاكتشاف، حيث تتواجد هذه الخلايا في أعماق بصيلات الشعر، وتعمل كمستودع للخلايا الصباغية، وهي الخلايا المنتجة للصبغة المسؤولة عن لون الشعر والبشرة.

في الظروف العادية، تُجدد خلايانا الجذعية الصباغية هذه الخلايا المنتجة للصبغة من خلال التجدد الدوري، وهي عملية تتميز بمراحل متكررة من النشاط والراحة والتجدد، بالتزامن مع الدورات الطبيعية لنمو الشعر وتساقطه، هذا يضمن إمدادًا ثابتًا بالصبغة، وبالتالي لون شعر نابض بالحياة طوال معظم حياتنا.

لكن خلايانا تتعرض يوميًا لهجمات على حمضها النووي (المادة الوراثية داخل خلايانا) من مصادر مثل الأشعة فوق البنفسجية، والتعرض للمواد الكيميائية، وحتى عملية الأيض الخلوية، ويساهم هذا التلف الخلوي في كل من الشيخوخة وزيادة خطر الإصابة بالسرطان - مثل الورم الميلانيني، وهو نوع من سرطان الجلد.

تُلقي هذه الدراسة الجديدة الضوء على ما يحدث عندما تتعرض الخلايا الجذعية الصباغية في أعماق بصيلات الشعر لتلف الحمض النووي - وخاصةً نوع من التلف يُسمى انكسارات السلسلة المزدوجة.

وعندما يحدث هذا، تخضع الخلايا الجذعية الصباغية لعملية تُسمى "التمايز السني"، ويعني هذا في جوهره أن الخلايا الجذعية تنضج بشكل لا رجعة فيه إلى خلايا صبغية، ثم تختفي من تجمع الخلايا الجذعية، مما يؤدي إلى ظهور الشعر الرمادي تدريجيًا في شعرنا.

تُنظم مسارات الإشارات الداخلية هذه العملية الوقائية بدقة، مما يسمح للخلايا بالتواصل مع بعضها البعض، وبإزالة هذه الخلايا الناضجة من تجمع الخلايا الجذعية، يمنع هذا تراكم الطفرات الجينية أو تغيرات الحمض النووي، وانتشارها المحتمل في المستقبل، والتي قد تُسبب السرطان.

بمعنى ما، تُمثل كل شعرة رمادية انتصارًا صغيرًا للتضحية بالنفس: خلية تختار الانسحاب بدلًا من المخاطرة بالتحول إلى سرطان.