رئيس التحرير
خالد مهران

مدبولي: مصر مستهدفة ولا بد أن نكون على وعي بأن قوة الوطن تبدأ من الداخل

 الدكتور مصطفى مدبولي
الدكتور مصطفى مدبولي

عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رؤساء تحرير الصحف والمواقع الإلكترونية المصرية، بمقر الحكومة في العاصمة الإدارية الجديدة؛ لمناقشة مجموعة من القضايا والموضوعات المطروحة على الساحتين المحلية والإقليمية في الوقت الراهن، والاستماع إلى آرائهم وأفكارهم حيال تلك القضايا.

وحضر اللقاء كل من المهندس خالد عبدالعزيز، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والمهندس عبد الصادق الشوربجي، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، وأحمد المسلماني، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، وضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات.

وانقسم حديث رئيس مجلس الوزراء ــ في مستهل لقائه برؤساء تحرير الصحف المصرية ــ إلى تناول ملفين مهمين، هما: الملف السياسي، والملف الاقتصادي؛ حيث سرد ملخصا للوضع الراهن والموقف السياسي المصري حيال مختلف القضايا الآنية؛ كما تحدث عن كل ما يتعلق بالوضع الاقتصادي في مصر، ومختلف المؤشرات المتعلقة بذلك، بما تتضمنه من نمو اقتصادي، ومعدلات التضخم، وسعر الصرف، وغيرها من المؤشرات الأخرى.

ففيما يتعلق بالملف السياسي، دار حديث الدكتور مصطفى مدبولي عن الأوضاع الراهنة التي يشهدها العالم أجمع، وما تتضمنه من تغيرات جيوسياسية واضحة، وفي القلب منها منطقة الشرق الأوسط، وما تعيشه من أحداث جسام متلاحقة، ولا سيما ما شهدته خلال العامين الأخيرين وحتى الآن، كما تخلل الحديث الوضع السياسي في الدولة المصرية، والموقف الثابت لمصر حيال مختلف القضايا والملفات، وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية واجتياح قطاع غزة.

وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى حرص الحكومة على مناقشة مختلف القضايا والموضوعات والتواصل بشأنها مع جميع الجهات المعنية بخلق الوعي والرأي العام في مصر، مشيرا إلى أن لقاء اليوم يأتي في إطار سلسلة لقاءات تم عقدها مع عدد من المفكرين وقادة الرأي والسياسيين، وكان هناك لقاء مماثل للقاء اليوم منذ عام، معربًا عن ترحيبه بالسادة رؤساء المجالس والهيئات الإعلامية، مؤكدًا أنه سيحاول خلال اللقاء تبادل الرؤى والأفكار، لافتا إلى أن آلية التواصل خلقت نوعًا من تقارب الأفكار، وخاصة مع منتسبي القطاع الخاص، من خلال اللجان الاستشارية المتخصصة، حيث كان للقاءات التي يتم عقدها معهم مردود إيجابي كبير، حيث أتاحت لنا التعرف أيضا على المشكلات التي تواجههم مع طرح حلول لها.

وبدأ رئيس مجلس الوزراء حديثه بالشأن السياسي، مشيرًا إلى الوضع الحالي في غزة، وما حدث مؤخرًا من استهداف دولة شقيقة وهي قطر، وقال موجهًا حديثه للحضور: لعلكم تابعتم مخرجات القمة العربية والإسلامية التي عقدت أمس في العاصمة القطرية الدوحة، والكلمة التاريخية التي ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والرسائل القوية التي تضمنتها وأثارت الرأي العام المحلي والعالمي في بعض الرسائل الواضحة للغاية، ولا سيما توجيه الحديث للشعب الإسرائيلي نفسه من أن ما يحدث حاليا يهدد المكتسبات التي تحققت على مدار العقود الماضية في عملية السلام، ولذا فلا بد أن نكون جميعًا متحسبين كشعوب قبل القيادات لمستقبلنا، حيث نبتغي جميعنا السلم والأمن، ولكن ما يحدث لا ينبغي السكوت عليه، لأنه سيجرنا إلى أبعاد أخرى، وهو ما يؤكده دوما الرئيس منذ أول رسالة قالها من أن هذا الأمر لن يتوقف على غزة، بل من الممكن أن يجر إلى صراعات إقليمية كبيرة، وهو ما حدث بالفعل على مدار العامين الماضيين؛ حيث وصلت الأوضاع إلى أبعاد لم نكن جميعا نتخيلها، وهذا الوضع يتزامن معه حدوث تغيرات على المستوى العالمي، ولا يقتصر على المنطقة؛ حيث اتخذت الصراعات أبعادا أخرى غير الصراعات العسكرية والسياسية، فهناك حروب بكل ما تعنيه الكلمة (اقتصادية وتجارية) يشهدها العالم.

وفي الإطار نفسه، قال الدكتور مصطفى مدبولي: الرئيس شرفني بالحضور نيابة عن سيادته في قمتين عالميتين في اليابان والصين، مؤخرًا، وبالفعل كان هناك فرصة جيدة للاستماع إلى رؤساء وقادة عدد كبير جدًا من الدول الكبيرة والمتوسطة والتي تتلاءم مع ظروفنا، لكن كان هناك دول كبيرة؛ كالصين وروسيا والهند وإيران وتركيا، والعديد من دول أوروبا، حيث أكد الجميع في كلمات رؤسائهم أن العالم يمر بمرحلة مخاض جديد، حيث نشهد تغيرا كاملا في شكل الخريطة والتركيبة السياسية، كما يتغير شكل العالم كله في هذه المرحلة، ولا توجد دولة تستطيع وحدها أن تتواكب مع حجم التحديات، فلا بد أن يكون هناك تعاون وتحالفات فيما بينها، وهو ما أكدته أكبر الدول وأكبر الاقتصادات، حيث يؤكد رؤساء تلك الدول هذا الأمر بوضوح من أن العالم يمر بمرحلة شديدة الضبابية، وليس هناك تصور واضح لما يمكن أن يحدث خلال الفترة القادمة.

وأضاف رئيس الوزراء: هذا الوضع يدعونا للتماسك والتعاون المشترك مع كل الدول لمواجهة تلك التحديات، لأنها مرحلة شديدة الدقة، منوها إلى العملية البرية التي شهدها قطاع غزة، قائلا: هذا يدعونا في الفترة القادمة إلى أن نكون متحسبين دائما لإعلاء الأمن القومي المصري والعربي، وهذا ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في كلمته أمس في القمة العربية الإسلامية بالعاصمة القطرية الدوحة، وفي كل اللقاءات والمحادثات التي يجريها سيادته مع جميع قيادات العالم؛ فموقف مصر ثابت وهناك احترام شديد من قادة العالم لموقفها في هذه القضية تحديدا، واحترام لموقفها الثابت والواضح ودعمها.

واستطرد رئيس الوزراء: في ظل ذلك، نعمل كدولة اليوم في خضم عالم ومنطقة شديدة الاضطراب، وهناك تداعيات لتلك الأوضاع بالتأكيد على الداخل المحلي، وهذا يدعونا دائما، وهي مهمة الاعلام بصورة كبيرة، أن نعمل على زيادة وعي المواطن المصري تجاه التحديات التي تواجهه وتواجه مصر، وليس الحكومة أو النظام السياسي للدولة وإنما تواجه مصر، ويجب أن نقوم بتحليل الوضع بشكل عام من حولنا.

مصر مستهدفة ضمن محاولات إعادة رسم خريطة المنطقة

وقال رئيس الوزراء: بوضوح شديد فمصر مستهدفة ضمن محاولات إعادة رسم خريطة المنطقة، ولذا فلا بد أن نكون جميعا على وعي بأن قوة مصر وعدم القدرة على المساس بها تبدأ من الداخل، مؤكدا ضرورة أن يكون هناك دائما استمرار في التماسك الداخلي بين كل مفاصل الدولة وعلى رأسها المواطن المصري، وأن يكون واعيا بحجم التحديات التي تواجه الدولة المصرية ومدركا أنه كلما كانت الدولة متماسكة وهناك تعاون بين جميع مؤسساتها رغم وجود تحديات وسلبيات نعمل جميعا على تحسينها، يظل الأمر الوحيد المحوري الذي يجعل الدولة بعيدة عن أي محاولات للنيل منها؛ هو الاستقرار والتماسك الداخلي.

وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الفترة الأخيرة شهدت تسارعا على ضخ استثمارات أجنبية في مصر، فالمستثمر ذاته يؤكد أن مصر تتمتع بالاستقرار، ويؤكدون أنهم مطمئون إلى أن الدولة مستقرة، ورغم تحسن كل المؤشرات، فلا بد أن يشعر المواطن أنه جزء من الحرب التي تدار على هذا البلد، وكذا حجم الشائعات الكبير الذي يتم تناقله على مدار الساعة؛ بهدف التشكيك في كل ما تقوم به الدولة، ومن أجل نزع الأمل من المواطن في أي يكون هناك مستقبل أفضل، وهي كلها محاولات للنيل من الاستقرار الداخلي، وهذا ما نواجهه اليوم كدولة، المتمثل في الحروب غير التقليدية التي نواجهها وهذه الشائعات تعتبر جزءا من تلك الحروب.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي: حاولت إيضاح موقف مصر السياسي الثابت والواضح؛ فمصر تحافظ على أمنها القومي وعلى أمنها العربي، ونسعى دوما لأن يكون هناك تنسيق كامل أيضا مع الدول الإسلامية وإحداث نوع من التكامل فيما بيننا مع جميع التحديات القائمة، ونحن نعمل على ذلك في ضوء الثوابت والسياسة المصرية الراسخة، مؤكدا: نحن نتيقن ــ خلال متابعتنا للأحداث اليومية في المنطقة ـ من الإدارة الحكيمة والرشيدة للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، حيال هذه الملفات على وجه التحديد، وأن النهج الذي تتبعه الدولة المصرية هو الذي أسهم في الاستقرار الذي نعيشه اليوم فمصر قادرة أن تقف بقوة وتضع أولوياتها وتصنع مواقفها رغم كل هذه التحديات التي نشهدها في المنطقة.