السيد خيرالله يكتب: رسائل السيسي في الدوحة رصاص في مقتل الصهاينة

دوما ما يعبر الرئيس عبد الفتاح السيسي بصدق ووضوح عما يجول في صدور المصريين من فكرٍ ويشغل وجدانهم؛ فجاءت كلمته في القمة العربية الإسلامية الاستثنائية في قطر انعكاسًا لهذا النهج، فقد أكّد الرئيس على عمق العلاقات الوطيدة بين الشعبين الشقيقين المصري والقطري، وعلى خصوصية الدبلوماسية المتميزة التي تجمع البلدين على المستويين السياسي والشعبي، وما تحمله من صور التعاون والشراكة في العديد من المجالات التنموية والاستراتيجية، ومن ثم عبرت الكلمة عن استنكار مصر الواضح لما قامت به إسرائيل من انتهاكات على أراضي الدولة القطرية صاحبة السيادة، مؤكدًا على التضافر التام مع الأشقّاء من أجل مواجهة العدوان الإسرائيلي الآثم، الذي طال الأجواء والأراضي القطرية، والذي يمثل انتهاكًا جسيمًا لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، كما حذّر الرئيس من خطورة هذا السلوك الذي يعد سابقةً تهدد الأمن القومي العربي والإسلامي وتفتح بابًا لتصعيد غير مسبوق في المنطقة.
وقد بعث السيد الرئيس من خلال كلمته، رسالة حاسمة إلى المجتمع الدولي، ورصاص في مقتل الصهاينه، مفادها أن إسرائيل قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وأضرت بعملية السلام في المنطقة بأسرها، وأن منطقها وسلوكها لا يتسق مع صحيح السياسة السوية، ولا مع منطق الأمن والاستقرار، بل يكشف عن تصرف عسكري أحمق في مجمله، لذا عبر سيادته بكل وضوح عن الإدانة بأشد وأقسى العبارات لهذا العدوان الإسرائيلي على سيادة وأمن دولة عربية تضطلع بدور محوري في جهود الوساطة مع مصر والولايات المتحدة، بهدف وقف إطلاق النار في غزة، وإنهاء الحرب، ووضع حد للمعاناة غير المسبوقة التي يمر بها الشعب الفلسطيني الشقيق.
ولم يكن هناك أي لبس في وضوح النوايا المصرية ولا في ثبات سياستها إزاء قضايا المنطقة، فهي دائمًا تحث على تعزيز أطر السلام، وتدعو إلى ترسيخ السبل التي تقود إلى الاستقرار والأمن المشترك، وفي هذا الإطار أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي بوضوح إلى الصورة الهمجية للسلوك الإسرائيلي، واصفًا إياه بـالمنفلت، مؤكدًا أنه يساهم في زعزعة استقرار الإقليم بأسره، ويدفع نحو توسيع رقعة الصراع، ويقود المنطقة إلى دوامة خطيرة من التصعيد، وهو أمر لا يمكن القبول به أو السكوت عنه تحت أي ذريعة.
وتتخذ الدولة المصرية في سياستها الخارجية نهجًا ثابتًا يقوم على التعاون الدولي والسعي الدائم في مسارات السلام، إيمانًا منها بأن النهضة الحقيقية ذات الأبعاد المتعددة لا تتحقق إلا في بيئة مستقرة يسودها التعاون والمسؤولية المشتركة، ومن ثم تحرص مصر على ترسيخ فلسفة المسؤولية الدولية، باعتبارها ركيزة أساسية لضمان أمن الشعوب وحقوقها، وقد جاء خطاب الرئيس ليؤكد هذا النهج، مشددًا على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي ضميره الأخلاقي والقانوني، وأن ينهض بمسؤولياته لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وإنهاء الحرب الغاشمة على الشعب الفلسطيني، وقد أوضح الرئيس أن ذلك يقتضي محاسبة حقيقية للمسؤولين عن هذه الانتهاكات الصارخة، ووضع حد لحالة الإفلات من العقاب التي أصبحت سمة مقلقة في التعامل مع الممارسات الإسرائيلية، مؤكّدًا أن صمت المجتمع الدولي يفاقم الأزمات ويشجع المعتدي على التمادي في انتهاكاته.
كما جاءت رسالة الرئيس واضحة وصريحة في توصيف السلوك الإسرائيلي، فقد أشار إلى أن هذا الكيان يضمر نوايا مبيتة تستهدف إفشال كل الجهود الرامية إلى تحقيق التهدئة، وتعطيل أي فرصة للتوصل إلى اتفاق يضمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار، ويكفل إطلاق سراح الرهائن والأسرى، وأوضح الرئيس أن هذا التوجه يعكس غيابًا كاملًا للإرادة السياسية لدى إسرائيل للتحرك الجاد نحو إحلال السلام في المنطقة، وهذا يكشف حقيقة الموقف الإسرائيلي القائم على المماطلة والتصعيد بدلًا من البحث عن حلول عادلة ومستدامة.
وفي خضم هذه الرسالة قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتشخيص والتحذير، وقدم ملامح حل عملي سريع، موجه إلى الدول المتعاونة من أجل صون السيادة الوطنية في صورتها التي نصت عليها المواثيق الدولية والقوانين الأممية، وأكد سيادته على أن المرحلة الراهنة تستدعي تضافر الجهود العربية والإسلامية لإرساء أسس ومبادئ تعبر عن الرؤى والمصالح المشتركة، وتؤسس لمرحلة جديدة من العمل الجماعي، كما أشار الرئيس إلى أن الرؤية المشتركة للأمن والتعاون في المنطقة، التي اعتمدها مجلس الجامعة العربية في دورته الوزارية الأخيرة تمثّل نواة حقيقية يمكن البناء عليها، وصولًا إلى توافق عربي وإسلامي شامل حول إطار حاكم للأمن والتعاون الإقليميين، وشدد على ضرورة وضع الآليات التنفيذية اللازمة للتعامل مع الظرف الدقيق الذي يمر به الإقليم، بما يحول دون هيمنة أي طرف أو فرض ترتيبات أمنية أحادية تنتقص من أمن الدول العربية والإسلامية واستقرارها، وبما يعيد التوازن إلى المنطقة ويحمي مصالح شعوبها.
وقد وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي رسالة واضحة وحازمة تحمل في طياتها العديد من المعاني لشعب إسرائيل نفسه، محذرًا من أن واحة الأمن والأمان، التي يظنونها حصنًا دائمًا ستتلاشى سياجاتها بفعل الممارسات العسكرية التي يقوم بها جيش الاحتلال، والتي تقوض في جوهرها مستقبل عملية السلام، وتضع الجميع أمام مصير مجهول، كما أوضح سيادته أن حصاد تلك الاعتداءات لن يقتصر ضررها على الشعب الفلسطيني ولكن سيمتد ليشمل المنطقة بأسرها، بما في ذلك المجتمع الإسرائيلي ذاته، وأن ما أُبرم من معاهدات واتفاقيات سلام سيتبدد أثره ما دامت السياسات الحمقاء مستمرة على هذا النحو، ولذلك أكد الرئيس على أن المرحلة الحالية تفرض وقفة جادة ومسؤولة في مواجهة الممارسات الحكومية التي تستهدف الإضرار بالشعوب وتقويض فرص الاستقرار، مؤكدًا أن أمن المنطقة لن يتحقق بالهيمنة ولا بالقوة العسكرية، وإنما بالعدل واحترام الحقوق المشروعة للشعوب، وأن السلام الحقيقي لا يمكن أن يقوم إلا على قواعد الحق والإنصاف والتعايش السلمي.
ويؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بصورة مستدامة ومتكررة في كل خطاباته ورسائله ذات البيان القوي، أن موقف مصر من القضية الفلسطينية راسخ لا يتزعزع، وأن دعمها للشعب الفلسطيني المثابر والصامد على أرضه هو التزام تاريخي وأخلاقي وقانوني، فمصر، قيادة وشعبًا، ترى في صمود الفلسطينيين وتمسكهم بهويتهم وحقوقهم المشروعة وفق أحكام القانون الدولي عنوانًا لإرادة شعب صلب، وأن مصر تتصدى بحزم لكل المحاولات الرامية إلى المساس بهذه الحقوق غير القابلة للتصرف، سواء عبر الأنشطة الاستيطانية، أو الضم التدريجي للأراضي، أو محاولات التهجير القسري تحت مسميات مختلفة، أو أي صور من الاقتلاع القسري للفلسطينيين من أرضهم تحت ذرائع ومبررات لا يمكن قبولها أو التسليم بها بأي حال.
وأوضح الرئيس أنه لا مفر من الحل العادل والشامل لهذه القضية المركزية للعالمين العربي والإسلامي، والذي يقوم على إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، فهذا الحل هو الطريق الوحيد لاستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها، وهو أيضًا حجر الزاوية في أي مسار سلام حقيقي ومستدام.
وبناءً على ما تقدم، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي بوضوح على أن مصر، ومعها الأمة العربية والإسلامية، لن تقبل بأي حال من الأحوال الاعتداء على سيادة دولها، أو المساس بحقوق شعوبها، أو إفشال جهود السلام التي بذلت وتبذل منذ عقود، وأن الموقف العربي والإسلامي اليوم يجب أن يكون صفًا واحدًا لا يتجزأ، دفاعًا عن الحقوق العادلة والمشروعة وفي مقدمتها الحق الثابت للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة الكاملة، والعيش بحرية وكرامة وأمن على أرضه دون تهديد أو تهجير.
وأشار الرئيس إلى أن الفضاء العربي يمتد من المحيط إلى الخليج، وأن هذه المساحة الجغرافية الواسعة هي مظلة تتسع لكل الدول الإسلامية، ولكل الشعوب والدول المحبة للسلام، بما يشكل جبهة حضارية وأخلاقية واحدة في مواجهة العدوان، وتحصينًا للمنطقة من محاولات الهيمنة وفرض الأمر الواقع بالقوة، وختم الرئيس كلمته بالدعاء بأن يحفظ الله مصر قيادةً وشعبًا، وأن يوفّق الأمة العربية والإسلامية في مساعيها لنصرة القضايا العادلة وتحقيق السلام العادل والشامل، مؤكدًا أن مصر ستبقى كما كانت دائمًا درعًا للأمة وحصنًا منيعًا لحقوقها، وقوة دافعة لصوت العدالة والكرامة الإنسانية في كل المحافل