رئيس التحرير
خالد مهران

خدعة جبهة إسطنبول..

مخطط «الإخوان» الجديد للعودة إلى الحياة السياسية

الإخوان المسلمين
الإخوان المسلمين

«المصائب لا تأتي فُرادى».. مقولة تنطبق تماما مع ما يعاني منه التنظيم الدولي لجماعة الإخوان من تضييق وخناق بداية من الولايات الأمريكية المتحدة التي تدرس تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، وإعلان الأردن -على لسان وزير داخليتها- حظر كافة أنشطة الجماعة باعتبارها جمعية غير مشروعة، وصولا لإشارة موفق زيدان، مستشار الرئيس السوري أحمد الشرع، بضرورة إقصاء «جماعة الإخوان» وحلها، معتبرا أن أفكارها تجاوزها الزمن وعليها حل نفسها بنفسها.

ويبدو أن الجماعة وجدت الحل السحري للخروج من أزماتها بإعادة طرح المصالحة مع النظام المصري، معبرين عن رغبتهم في الحوار مع الدولة المصرية والجلوس على طاولة مفاوضات لإجراء مصالحة، وذلك على لسان القيادي الإخواني محمد عماد صابر، المقيم بركيا، والمعارض أيمن نور.

وأكد «نور» و«صابر» أن الظروف الحالية في مصر مواتية لإجراء مصالحة بين الحكومة والمعارضة في الخارج.

ويرى المراقبون والمتخصصون في شؤون الحركات الإسلامية، أن دعوة الإخوان للحوار والمصالحة مع النظام السياسي في مصر، ما هو إلا محاولة تكشف عن حجم الأزمة الداخلية التي يعاني منها تنظيم الإخوان واستعادة مبادرات عفى عليها الزمن في محاولة لغسل السمعة وتحريك المياه الراكدة في ملف التصالح والعودة لمصر.

علاقة السعودية بالتصالح

وربط البعض بين زيارة الرئيس السيسي، خلال الأسابيع القليلة الماضية، للمملكة العربية السعودية؛ لإجراء مباحثات مع الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي ورئيس مجلس الوزراء، في القضايا الإقليمية والدولية، وبين الدعوة للحوار مع جماعة الإخوان.

لم يأت الربط عن طريق المصادفة، بل لنشر صحيفة «الشرق الأوسط» السعودية تقريرا حول المصالحة بعد يوم واحد من زيارة الرئيس للمملكة.

وقال المعارض أيمن نور، للصحيفة السعودية، إن التطورات في المنطقة تشير إلى أن هناك إمكانية لاستيعاب شخصيات وتيارات انخرطت في الإرهاب، ويتم التسامح معها.

ودعا «نور» إلى القيام بانفتاح سياسي وحوار وطني في مصر، لافتا إلى أن تحسين الوضع السياسي سيكفل القضاء على المشكلة الاقتصادية.

وأوضح أيمن نور، أن المنطقة العربية تحتاج حاليا إلى تجمع كافة القوى السنية لمواجهة المشروع الإسرائيلي، معقبا: «لا يمكن تجاهل الإخوان المسلمين في أي مشروع سني».

أيمن نور

من جانبه، قال القيادي الإخواني محمد عماد صابر، -للصحيفة ذاتها- إن جماعة الإخوان مستعدة، بل تتمنى أن يكون هناك حوار مع الدولة، بشرط أن يكون حقيقيا.

ودعا «صابر»، النظام المصري للبدء بالإفراج عن المحبوسين، موضحا أن الانفتاح الذي يدعو له يتطلّب التخلي عن عدّ الإخوان جماعة محظورة ووضع شروط لتمثيلها بالبرلمان.

وأكد أن الإخوان وقعوا في أخطاء عديدة بداية من محاولة خلق دولة إخوانية موازية للدولة المصرية، وعدم تسجيل نفسها كتنظيم سياسي أو جماعة تعمل في إطار القانون، علاوة على انخراطها في فكرة الصدام المستمر مع المؤسسة العسكرية.

واختتم حديثه مشددا على أن الإخوان مشروع يمكن تطويره والاستفادة منه بالحوار الهادئ والتفاهم.

القيادي الإخواني محمد عماد صابر

تضييق الخناق على التنظيم

تتداخل الأمور عند إعادة الحديث عن المصالحة مع الإخوان، مع صورة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان وما يعانيه من تضييق للخناق على المستوى الدولي والإقليمي.

البداية كانت بإعلان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، سعي الولايات المتحدة في تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية.

لم يختلف الأمر كثيرا على المستوى الإقليمي، بداية من الأردن التي أعلنت عبر وزير الداخلية مازن الفراية، حظر كافة نشاطات جماعة الإخوان المسلمين واعتبارها جمعية غير مشروعة.

وتعتبر السلطات الأردنية الانتساب لجماعة الإخوان أمرا محظورا، علاوة على حظر أي محاولة للترويج لأفكارها.

وفي سوريا، شهدت العلاقة بين جماعة الإخوان، والرئيس السوري أحمد الشرع، تحولا دراماتيكيا، بعدما طالب موفق زيدان، مستشار الشرع، الجماعة بضرورة حل نفسها مثلما فعلت الفصائل المسلحة، مهددا الجماعة بالإقصاء من المشهد في حالة رفض حل نفسها.

أزمة البث الفضائي

المصائب التي تحيط بـ«الإخوان» لن تنتهي عند هذا الحد، بل وصلت إلى صدور قرار مفاجئ خلال الأيام القليلة الماضية بوقف البث عن فضائية الشعوب، التي يترأس تحريرها ويقدم برنامجها الرئيسي المذيع معتز مطر.

وفوجئ الجميع بإعلان معتز مطر، الاعتذار عن بث برنامج «مع معتز» على فضائية «الشعوب» لظروف خارجة عن الإرادة -على حد وصفه-، مشيرا إلى أنه سيقوم ببث برنامجه بشكل يومي على قناة «العراف» عبر «يوتيوب».

وبحسب المعلومات المتاحة، قررت جماعة الإخوان وقف بث قناة «الشعوب» التي تبث من أوروبا إلى البرازيل أو أستراليا في خطوة تزامنت مع نقل مؤسسة «محمد مرسي للديمقراطية» المسؤولة عن تمويل أنشطة الجماعة وعلى رأسها تمويل الأذرع الإعلامية لـ«سيدني».

وتشير المصادر لـ«النبأ»، إلى أن نقل البث الفضائي لأستراليا لن يتوقف على «الشعوب» بل يمتد ليشمل قنوات «الشرق» و«مكملين» و«وطن» والحوار».

معتز مطر

أول رد من الجماعة

تلك المعطيات، جعلت جماعة الإخوان سرعان ما تتعاطى مع الدعوة للحوار، مؤكدة في بيان لها على لسان صهيب عبدالمقصود، المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان «جبهة اسطنبول»، أن الحوار الوطني الشامل بين القوى السياسية والنخب الفكرية والسلطة أمر غاية في الأهمية لمعالجة أزمات مصر -على حد وصفهم-.

وأكدت الجماعة -في بيانها- استعدادها للحوار ليس بهدف التوصل لصفقة ثنائية ضيقة مع أي طرف، وإنما لتدشين مرحلة جديدة من التوافق الوطني العام، تنهي معاناة السجناء وتفتح المجال السياسي لكافة الحريصين على مصلحة البلاد، وتوحد كافة الجهود الوطنية من أجل مواجهة التهديدات التي تعصف بالبلاد.

وأوضحت جماعة الإخوان، أنها سبق وأوضحت أنها تتجنب الصراع على السلطة وترى أن الأولوية حاليًا لتعزيز التوافق الوطني وتمتين التماسك الاجتماعي.

وفي خطوة تكشف عن انفصام جماعة الإخوان تمامًا عن الواقع، وضعت الجماعة 7 شروط للجلوس على طاولة المفاوضات مع الدولة المصرية؛ في مشهد خيالي يُفترض فيه قبول الدعوة للحوار من جانب الدولة، معتبرة نفسها الطرف الأقوى في المعادلة -على خلاف الحقيقة.

وتتمثل شروط الإخوان في إرساء العدل والحرية والعدالة الاجتماعية لمصلحة كافة أبناء الوطن دون تمييز أو إقصاء، وحماية الاستقلال الوطني، وإعادة النظر في أولويات الإنفاق الحكومي، ووضع الأولوية للإنفاق على التعليم والصحة، وتطوير الريف، والمناطق والأحياء المهمشة، ورفع القيود التنظيمية عن القطاع الخاص، ودعم المشروعات الصغيرة، وتوجيه الأولوية القومية للاستثمار في تطوير البنية التحتية الصناعية والتكنولوجية المتقدمة كركيزة ضرورية للنهضة والتنمية.

وشملت شروط الإخوان، دعم الاستقلال الحقيقي والكامل لكافة أشكال النظم المدنية، بما يشمل النقابات المهنية والعمالية، والاتحادات الطلابية، ومنظمات المجتمع المدني المتنوعة، ورفع القيود الأمنية عن الأحزاب السياسية، وعن مجمل النشاط السياسي، ودعم حرية الصحافة والإعلام وحرية التعبير على شبكات التواصل الاجتماعي.

خدعة جديدة

وفي هذا الصدد، يرى منير أديب، الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، إن جماعة الإخوان التي تقوم عقيدتها على ممارسة العنف لتحقيق أهدافها، تعود الآن للدعوة للحوار في محاولة لـ«خلخلة» موقفها المعقد مع النظام السياسي في مصر.

وأضاف «أديب» أن جامعة الإخوان تطرح في شروطها الـ7 قضايا تهم المجتمع المصري في مراوغة سياسية اعتقادا منهم أن المجتمع قد يطاوعهم ويشاركهم في ذلك.

وأكد أن جماعة الإخوان لا تعرف الاعتراف بالأخطاء أو الاعتذار، مشيرا إلى أن الدعوة الأخيرة ما هي إلا خدعة وهدنة مؤقتة مع المصريين ليقومون مرة أخرى باستعادة القوة وتصدر المشهد السياسي المصري وصولا لمرحلة «القبضة على السلطة» ومن ثم العبث بمقدرات الدولة وضياع هويتها المدنية وإعادة مشروع أخونة الدولة.

ولفت إلى أنه رغم محاولة تصدير جبهة إسطنبول تبني فكرة الحوار وإقناع الدولة بالمصالحة، إلا أنهم مازالوا يمارسون التطرف والتصعيد ضد الدولة وتبني خطاب العنف وهو ما ظهر جليا في دعوات الإساءة للسفارات المصرية في الخارج.

منير أديب

وفي السياق ذاته، أكد النائب عصام هلال عفيفي، الأمين العام المساعد لحزب مستقبل وطن، وعضو مجلس الشيوخ، أن الحديث عن المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين مرفوض تماما.

وأوضح «هلال» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ» أن جماعة الإخوان يجب محاسبتهم أولا عما اقترفوه في حق الدولة المصرية قبل الحديث عن الحوار أو المصالحة؛ لتورطهم في قضايا عنف ضد الشعب المصري.

وأضاف: «الشعب لن ينسى محاولات الإخوان لإثارة الفوضى من خلال بث الأكاذيب ومحاولات التشكيك في مؤسسات الدولة، وصولا لاستخدام العنف المسلح في أعقاب ثورة 30 يونيو».