رئيس التحرير
خالد مهران

الدكتور محمد حمزة يكتب: "وا تاريخاه.. ولا للعبث بالتاريخ"

محمد حمزة
محمد حمزة

وا تاريخاه،لا للعبث بالتاريخ،ولا للعبث بالدين،ولا لطمس الهوية،ولا لغير المتخصصين،ولا لأصحاب ركوب التريند وعشاقه والمتشدقين به، ونناشد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية ورأس السلطة وولي الأمر

وواضع أساس الجمهورية الجديدة،وكذلك السلطة التنفيذية بالحكومة المصرية ومؤسساتها وعلي رأسها دولة رئيس الوزراء ثم وزير التعليم العالي ووزير الثقافة وأخيرا السيد رئيس الهيئة الوطنية للإعلام؟ بضرورة التدخل العاجل والفوري والتوجيه،باتخاذ مايلزم نحو هذه القضايا العلمية الملحة والضرورية المتعلقة بالدين والتاريخ والآثار والهوية قبل أن تستشري هذه الظاهرة وتنفجر في أوصال المجتمع المصري الأصيل صاحب الحضارة والتاريخ والآثار والعلم والثقافة والتراث العريض الذي لا يختلف عليه اثنان في أرجاء المعمورة قاطبة،

وأقول لهم بكل صراحة وبمنتهي الوضوح وحرصا علي مكتسبات الدولة المصرية خلال العقد الأخير رغم الظروف الاقتصادية الصعبة وفي ظل المتغيرات الإقليمية والدولية وممارسة الضغوط التي لم ولن ترضخ لها الدولة المصرية وقيادتها السياسية، فلا بد من التدخل واتخاذ الإجراءات اللازمة الكفيلة للقضاء علي تلك الظاهرة التي تم فطامها وباتت تسير علي أربع، ونحن لانريد لها أن تستوي علي عودها وتبلغ مرحلة الشباب والنضج ويستفحل خطرها وتشتد أوزار نارها في المجتمع ؟؟؟وبالتالي يصعب إجتثاثها وإقتلاعها.

ولدينا تجربة مريرة سابقة فعندما ترك الأمر لجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست عام 1928م بتمويل إنجليزي وبمرور الوقت تعاظم دورهم وتوغلوا داخل المجتمع حتي استشري خطرهم واصبحوا وبالا علي المجتمع

ولم ينقذنا منهم ومن مخططاتهم وسوءاتهم سوي ثورة 30يونيو (وبفضلها رجعت مصر كاملة للمصريين) اللي كلنا عاصرناها وعايشناها وما زلنا نجني ثمارها وتتائجها حتي الأن بل وإلي مايشاء الله، وبالتالي يجب عدم تكرار التجربة بأن نقضي علي هذه الظاهرة قبل أن تستفحل ؟؟؟ ونقول بعدها ياريت اللي جري ما كان ولله در القائل،فمن كان ذا عبرة فليكن،فطينا ففي مضي معتبر،ودي هي الاستفادة الحقيقية من التجربة التاريخية واحداثها

والمهم،لقد ترددت كثيرا في كتابة هذا المنشور فقد سبق كتابة العشرات والعشرات من قبل ولم يلق لها بالا

ولكن لقد طفح الكيل وزاد الطين بله حول تاريخنا وديننا ومعتقداتنا في الأونة الأخيرة عبر وسائل الإعلام المختلفة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب والريلز والتيك توك والبود كاست وغيرها 

بل ايضا وصل الأمر إلى تأليف كتب ونشرها علي نطاق واسع،( انظر أغلفة الكتب المنشورة في نهاية هذا المقال وهي علي سبيل المثال وليس الحصر )

ولذلك فإنه من منطلق هويتي ووطنيتي المصرية الأصيلة وتخصصي كمؤرخ في التاريخ والآثار والتراث وبالتالي الأمانة العلمية أن أعود للكتابة من جديد حول هذا الموضوع لأنه صار ناقوس خطر وجرس إنذار يهدد المجتمع كله،

وفحوي هذا وذاك هو صناعة تاريخ بديل للتاريخ المعروف والمدون والمنشور لمنطقة الشرق الادني القديم(مصر والعراق والشام وايران والأناضول)عامة ومصر خاصة

فالتاريخ اللي العالم كله واحنا عارفينه مزورومحرف وغير حقيقي وبالتالي يجب اعادة قراءته وتفسيره وتحليله وكتابته من جديد ولا يقتصر الأمر علي ذلك بل إمتد إلى مصادر التراث الديني عامة والقرأن الكريم خاصة

مطالبين بإعادة قرائته وتفسيره وتأويله بما. يتفق ويتسق مع هذا الاتجاه الجديد نحو صناعة التاريخ البديل،وإحلال هويات جديدة محل الهويات الحالية،والعجيب أنه يقف وراء هذا الاتجاه الجديد مؤسسات وأكاديميات وجامعات ومنظماتوإدارات ودول،ولا ننسي ايضا الدعم المادي الضخم لهذا الاتجاه ومن يساعد في ترسيخه من الغربيين والشرقيين علي السواء،وهناك تبريرات وشعارات معدة سلفا ومنها ان هذا يندرج في إطار الفكر الحر والعقلانية الجديدة وحرية التعبير والتنوير في زمن العولمة والكوكبة والشملنة والعصرنة 

ولذلك دخل في هذا الاتجاه وبمنتهي القوة أناس لاعلاقة لهم بعلم التاريخ والآثار أصلا ولا بالمنهج العلمي السليم وقواعده المرتبطة بالتاريخ والآثارمن قريب أو من بعيد، فنجد الأطباء والمهندسين والمحامين ورجال الدين مسلمين ويهود ومسيحيين ودارسي اللغة العربية في كليات الآداب ودار العلوم والحاصلين علي بكالوريوس كليات العلوم ورجال الأعمال والإعلاميين والأدباء والصحفيين وكتاب الدراما والأفلام فضلا عن العلمانيين والملحدين واللا دينيين وغيرهم،وكأن التاريخ اصبح مشاعا للجميع ومهنة وسبوبة لكل من يشاء، ولدينا قائمة طويلة عريضة بأسماء وبرامج ومنصات ممن ذكرنا،وانا شخصيا لست ضد هؤلاء ممن يتسيدون المشهد الإعلامي والكتابة التاريخية ولكني ضد احتكارهم المشهدوإدلائهم بأراء وفرضيات وطروحات ونظريات وتأويلات بل وفتاوي لاتمت للعلم بصلة ولاتوجد ادلة يقينية عليها ومن فهي تزلزل الثوابت وتهدم الأصول وتشكك في كل شئ وتطمس الهوية وتمهد لأفكار ومعتقدات ورؤي جديدة مغايرة وأجندات خارجية

والأغرب إنه تتم إستضافتهم في برامج معروفة ومشهورة ولها نسبة مشاهدة عالية، وبالتالي تلقي رؤيتهم الاحادية صدي كبير وتنتشر عبر الأثير في دقائق معدودة إلى الملايين من المشاهدين في مصر وخارجها،وكان يجب علي وسائل الإعلام إستضافة العلماء والمتخصصين مع هؤلاء في نفس البرنامج أو تلك البرامج حتي تظهر الحقيقة واضحة جلية من خلال الحوار والاسئلة بين كلا الطرفين، وزي ما إحنا عارفين العين بالعين والسن بالسن والبقاء والنصر دائما للأقوي علميا بحججه القوية وأدلته العلمية الموثقة واليقينية وفقا للمنهج العلمي السليم،فالمواجهات العلمية والمناظرات والردود العلمية الموثقة هي الحل الأمثل لإظهار الحقيقة وتبيانها أمام الملأ

أيها السادة

إن حروب الجيل الرابع والخامس لا تقتصر فقط علي الخارج بل هناك في الداخل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات المنتشرة علي مدار ال24ساعة يوميا من يروجون لهذه الأفكار وتلك الرؤي وبالتالي صناعة تاريخ بديل،ولنضرب لذلك عدة أمثلةمن الخارج والداخل ومن ذلك القول بأن مسرح احداث التوراة لم يكن ارض فلسطين ومصر وإنما جزيرة العرب عامة وتحديدا عسير في قول واليمن في قول آخر وان مصر وادي النيل المعروفة بإيجبت ليست مصر الواردة في القرأن وبالتالي فإن مصر القديمة لم تعرف موسي ولافرعون

والأهرامات لم يبنيها المصريين وأنها ترجع إلى ماقبل الطوفان وعمرها يقترب من 11ألف عام وقد بناها قوم ذو حضارة متقدمة دارسة إما حضارة اطلانتس المفقودة؟أو حضارة قوم عاد، أو حضارة الذين هبطوا من السماء، والجن والعفاريت. والسحر،وأنها لم تكن مقابر بل مصانع للخلود ومصدرا لتوليد الطاقة وغير ذلك

والأغرب والأعجب في كل ماقيل ويقال حول الهرم هوان له سوفت وير وعلشان كده عايزين يسرقوه لأنه مركبة فضائية يمكن من خلالها العبور إلى بعد زمني أخر وعوالم أخري 

ومنها ان ذو القرنين هو سيدنا سليمان عليه السلام وأنه هو النبي المصري الذي طاف العالم وأوزير هو سيدنا إدريس عليه السلام؟ والوزير المهندس إيمحوتب باني الهرم المدرج للملك زوسر هو سيدنا يوسف عليه السلام،والأعجب أنهم توصلوا إلى ان إدريس عليه السلام قد قتل في الجيزة وتحديدا في أهرام ابوصير

وتعالي نشوف العجب العجاب أهل الكهف والرقيم تعود قصتهم إلى ماقبل سيدنا ادم عليه السلام وان لهم علاقة بقصة ذو القرنين فهم نفس القوم المستضعفين الذين طلبوا من ذي القرنين أن يبني لهم سدا ليحميهم من يأجوج ومأجوج

تعالي بقي شوف الثقيلة اللي تستأهل جائزة نوبل وجائزة النيل سيدنا إسماعيل عليه السلام ليس ابنًا لسيدنا إبراهيم الخليل ابو الأنبياء وسيدنا موسي مصري وليس من بني اسرائيل

وبخصوص جبل الطور ونزول الألواح والتجلي والتين والزيتون والشجرة المباركة وتيه بني اسرائيل فلاعلاقة له بسيناء 

فالتيه لم يكن لبني اسرائيل وانما كان لأهل مدين؟؟؟ والشجرةالمباركة في القران الكريم تم إكتشافها داخل مقبرة توت عنخ آمون بالأقصر

والتين والزيتون يوجد في صعيد مصر وتحديدا بالأقصر وليس فلسطين أوسيناء

والتيه في وادي الملوك بالبر الغربي بالأقصر وهذا الوادي اي وادي الملوك هو جبل الطور وفيه نزلت الألواح علي موسي عليه السلام وبالتالي هو الوادي المقدس طوي وان جبل القرنة هو موقع محتمل لنزول الوحي حيث تتقاطع قصص الأنبياء مع جغرافية طيبة القديمةوصحف إبراهيم وموسي نزلت في هذا الموقع وبجوار جبل القرنة والعبقرية الفذة انتهت إلى أن الجانب الغربي الوارد في قصة موسي عليه السلام في القران الكريم يقصد به البر الغربي بالأقصر وأنه تم في هذا المكان اللقاء التاريخي بين سيدنا موسي وسيدنا محمد عليهما السلام وعلشان كده اصبح صعيد مصر بقدرة قادر هو موطن الوحي الحقيقي وليس سيناء

وكمان التين والزيتون هو صعيد مصر في الأقصروالأرض المقدسة التي كتبها الله لبني اسرائيل هي داخل

مصر وليس فلسطين

وعلي النقيض من ذلك هناك من يروج إلى ان جبل الطور والتجلي في منطقة تبوك بالسعودية الان حيث مشروع مدينة نيوم (نعوم ) المزمع انشأوه هناك،وهناك من يروج لليمن

وكمان هناك من يشكك في رسالة الرسول صلي الله عليه وسلم إلى المقوقس علي اعتبار ان المقوقس أرسله هرقل إلى مصر في خريف631م فكيف يعقل أن المقوقس قد ارسل السيدة مارية القبطية للرسول وأنجب منها ولده إبراهيم الذي مات وعمره17أو18شهرا وحضر الرسول جنازته ودفنه؟؟ والرسول نفسه توفي قبل ذلك أي عام632م، علما أنه لم يكن. لهذا المقوقس الذي أرسله هرقل علاقه بالرسول صلي الله عليه وسلم؟؟؟ فالرسول ارسل رسالته لمقوقس آخر سابق في أواخر عام 627م أو اوائل عام628م عقب صلح الحديبية عام 6هجري / 627م أي أثناء الاحتلال

الفارسي لمصر وقبل خروجهم منها وعودتها للبيزنطيين،وكمان فتح مصر هناك قرن مفقود لم تدون فيه أو تكتب فيه الحكاية؟؟ والتي كتبت بعد قرن ونيف؟؟؟ مع ان هناك ادلة تاريخيّة وأثرية تؤكد عكس هذا الهراء واللا علمية

ياجماعة الخير

هناك كتابات وآراء وفرضيات وطروحات ونظريات ما أنزل الله بها من سلطان؟؟؟ من شأنها زلزلة الثوابت الدينية والتاريخية،والتشكيك في الرموز؟؟ وطمس الهويات

وإحلال هويات جديدة، من أجل كتابة تاريخ جديد وصناعة تاريخ بديل لايمت للعلم بصلة ولا يستقيم مع المنهج العلمي السليم في التاريخ والآثار

ولذلك

أناشد السيد الرئيس بضرورة التدخل السريع والتفضل بالتوجيه للحكومة ووزارة الداخلية والأجهزة الرقابية وووزارتي الثقافة والتعليم العالي وكذلك الهيئة الوطنية للإعلام باتخاذ اللازم من إجراءات عاجلة وفورية للقضاء علي هذه الظاهرة وإستصدار تشريع ملزم بعدم العبث بالدين والتاريخ وألا يتحدث فيه كل من هب ودب أو كل من قرأ كتابا أو عشرة كتب يعتبر نفسه من اصحاب الفكر الحر والتنوير بل ومؤرخا لايشق له غبافضلا عن بث برامج قوية متخصصة من خلال رؤية واضحة ومنظور وطني وقومي للرد علي كل هذه الاراء وتلك الطروحات والفرضيات للغربيين والشرقيين علي السواء

ياسيادة الرئيس

إن إعادة بناء الإنسان المصري في ظل الجمهورية الجديدةالتي وضعتم اساسها وأرسيتم دعائمها لن تستقيم وتؤتي أكلها وتثمر في ظل وجود حروب الجيل الرابع والخامس واتجاهات صناعة التاريخ البديل وهويات جديدةتحل محل الهويات الحالية

وبالتالي علي الحكومة ومؤسساتها المعنية المختلفة أن تناقش الموضوع وفق رؤي واستراتيجيات جديدة قابلة للتنفيذ عبر وزارة الثقافة والتعليم العالي وما يرتبط بهما من مؤسسات وعلي

رأسها الجامعات ومجالسها العليا ؟ولجان المجلس الأعلي للثقافة ؟وكذلك الهيئة الوطنية للإعلام بأذرعها المختلفة؟ فضلا عن مكتبة الإسكندرية والجمعيات والاتحادات العلمية المعنية بالآثار والتاريخ والجغرافيا

وفي هذه الحالة يجب الاستعانة فقط بالكفاءات الوطنية من أهل الخبرة والتخصص والعلم

وبعد

فهذا قليل من كثير

وغيض من فيض

وبالتالي

لا للعبث بالدين

ولا للعبث بالتاريخ

ولا لطمس الهوية وإحلال غيرها

ولا لأصحاب الوجوه المكررة من غير المتخصصين ممن يتسيدون المشهد الإعلامي

نعم للعلم الصحيح

نعم للمنهج العلمي السليم

نعم للفكر الحر السليم

نعم لحرية التعبير النقية السليمة

نعم للعقل المستنير السليم

نعم للثقافة لأنها معيار الخصوصية وإثبات الذات

نعم للبرامج الثقافية القوية المستنيرة

نعم لثوابت الأمة

نعم لهويتنا الأصيلة الراسخة

نعم للحقيقة العلمية والتاريخية بلا

طلاء ولا تزييف ولا تضليل ولا توجيه؟؟؟؟؟؟ والحق أحق أن يتبع

بقلم:

الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا