«شيوخ تل أبيب».. مخطط صهيونى جديد لتشويه مصر وتصفية القضية الفلسطينية

في ظل تصاعد التحديات الإقليمية والدولية التي تواجهها مصر، تبرز محاولات ممنهجة لتشويه صورة «القاهرة» وزعزعة استقرارها، عبر دعوات مشبوهة لتنظيم وقفات احتجاجية وتظاهرات أمام السفارة المصرية في «تل أبيب».
هذه الدعوات، التي تظهر فجأة وتروج لها جهات معينة، تطرح تساؤلات كبيرة حول أهدافها الحقيقية ومن يقفُ خلفها، خاصة في وقت تواصل فيه مصر دورها المحوري في دعم القضية الفلسطينية وترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، ورفضها تنفيذ مخططات تهجير الفلسطينيين لتصفية القضية برمتها.
وبحسب مصادر مطلعة تقف خلف تمويل وتنظيم تلك التظاهرة المشبوهة الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني والتي تعمل على تعزيز الهوية الإسلامية للفلسطينيين الموجودين داخل الأراضي الإسرائيلية ممثلة في «اتحاد أئمة المساجد» المعروف بمواقفه الدينية والسياسية المتشددة المتقاربة بشكل كبير مع أيديولوجية جماعة الإخوان المسلمين، لا سيما تضامنها في وقت سابق مع الرئيس الأسبق محمد مرسي.
وأكدت المصادر، أن الاتحاد المزمع يحرص على الاحتفاء سنويا بذكرى وفاة «مرسي».
من يقف خلف الدعوة
ويقود التظاهر ضد مصر في تل أبيب 3 من قيادات الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني «عرب 48» وهم كلا من نضال أبو شيخة، والمحامي خالد زبارقة، ومشهور فواز.
وما يثير الريبة والشك حول اتحاد أئمة المسلمين أنه لم يسبق له الدعوة لأي احتجاجات ضد بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال، والمتورط الأول في الحرب الغاشمة على قطاع غزة، والمتهم الرئيسي في تجويع الفلسطينيين.
يترأس الاتحاد نضال أبو شيخة، إمام مسجد الإمام الشافعي بقرية عارة الواقعة في مدينة حيفا، والذي سبق أسره في سجون الاحتلال خلال الفترة من 1993 وحتى 2002.
وسبق ظهور نضال أبو شيخة في فيديوهات داعمة لنظام الإخوان المسلمين وتنظيم فعاليات مناهضة لثورة 30 يونيو.

خالد زبارقة
ثاني الضالعين في تنظيم الاحتجاج أمام السفارة المصرية في «تل أبيب»، هو الناشط الحقوقي والمحامي المتخصص في قضايا الأسرى خالد زبارقة، الحاصل على الماجستير في القانون العام من جامعة تل أبيب.
يُعرف «زبارقة» بعدائه للنظام المصري وهجوم على الرئيس السيسي من حين لآخر، علاوة على قربه من قيادات سابقة في التنظيم الدولي للإخوان.

مشهور فواز
وانضم مشهور فواز، رئيس المجلس الإسلامي للإفتاء، الذي تأسس في الداخل الفلسطيني عام 2000، كهيئة مستقلة معنية بالإفتاء الشرعي، إلى الداعين للاحتجاج ضد مصر في «تل أبيب»، مطالبا الفلسطينيين المقيمين في الداخل المحتل للتواجد بشكل مكثف أمام السفارة المصرية بالأراضي المحتلة.
وبحسب المعلومات، يرتبط «فواز» بعلاقات وطيدة بقيادات الحركة الإسلامية الفلسطينية، علاوة على القبض عليه بمعرفة «الموساد» الإسرائيلي عام 2017 للتحقيق معه على خلفية دعوته لأداء صلاة الغائب على المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف داخل الأراضي المحتلة.
وقتها، برر مشهور فواز الدعوة لإقامة صلاة الغائب على مرشد الإخوان قائلا: «أخونا الشيخ محمد مهدي عاكف توفي في أرض غير أرضنا فيشرع في هذه الحالة صلاة الغائب، ولا يخفى على أحد ما له من دور وشأن دعوي وتربوي وسياسي في الأمة"، مضيفًا أن الصلاة عليه جاءت من منطلق ديني عقائدي».
كما سبق له حضور فعاليات إحياء الذكرى الثانية لوفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي التي أقيمت في يونيو 2021.

حملة للمساس بمصر
وفي هذا الصدد، قال سفيان أبو زايدة، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، والقيادي بحركة فتح الفلسطينية، إنه من الأمور المستغربة والمستهجنة في السياسة أن يتم الدعوة للتظاهر أمام السفارة المصرية في «تل أبيب».
وأضاف: «كان الأجدر التظاهر أمام السفارة الأمريكية أو الذهاب إلى القدس للتظاهر أمام مجلس الوزراء الإسرائيلي الذي يتخذ قرارات شن الحرب على قطاع غزة».
ووصف «أبو زايد» تلك الدعوات بأنها حملة ممنهجة ضد مصر في محاولة لـ«تقليب» الشعوب على النظام المصري، معقبا: «الهدف المعلن نصرة غزة، ولكن الهدف الحقيقي المساس بالوضع الداخلي للدولة المصرية وزعزعة استقرارها».

أجندة صهيونية
وفي السياق ذاته، يرى الدكتور محمود الهباش، مستشار الرئيس الفلسطيني أبو مازن، أن ما يحدث من دعوات للتظاهر أمام السفارة المصرية في «تل أبيب» تنفيذ حرفي لأجندات الكيان الصهيوني المحتل لضرب العلاقات المصرية الفلسطينية وإحباط جهود الرئيس السيسي في دعم القضية الفلسطينية.
وأضاف أن مصر تقف بكل قوة أمام مخططات إسرائيل لتنفيذ التهجير وإنهاء القضية الفلسطينية للأبد، متابعا: «مصر لم تغلق يوما معبر رفح وبالفعل المعبر مفتوح من الجانب المصري ولكنه مغلق من الجانب الآخر بعدما قامت قوات الاحتلال بتدميره».
وأكد «الهباش»، أن من يقف تجاه تلك الدعوات لا شك في أنه قام بالتنسيق الكامل مع شرطة الاحتلال من أجل تنظيم تلك المظاهرة، معقبا: «لا يمكن الحصول على تصريح بتنظيم تظاهرات في تل أبيب سوى بالتنسيق والحصول على موافقة مسبقة من شرطة الاحتلال، وهذا تصرف عجيب ومستهجن».

إرباك المشهد المصري
بينما يرى الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن ما يحدث من دعوات للاحتجاج أمام السفارة المصرية في «تل أبيب» خطة ممنهجة لتشويه الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية مع تحقيق كل إنجاز يتعلق بملف المفاوضات لوقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية.
وأضاف «فهمي» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»- إن تلك المخططات المدفوعة والممولة من الخارج تهدف لإرباك المشهد السياسي المصري وتشويه النظام المصري خارجيا.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن تلك الدعوات لا يمكن قراءتها بعيدا عن الضغوط القوية التي تمارسها مصر والأشقاء العرب على الجانب الإسرائيلي لإدخال المساعدات.
وتابع: «خلال 48 ساعة نجحت مصر في إدخال المساعدات بعد الضغط على حكومة نتنياهو التي رضخت من أجل حرصها على عدم المساس بالعلاقات مع مصر».
وأكد «فهمي» أن مصر هي من تقود عملية إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة العالمية والدولية، مشددا على أن مصر لن تتأثر أبدا بتلك الدعوات والنظام قادر على امتصاص تلك الاستفزازات ومواصلة عملها في دعم القضية الفلسطينية والأشقاء داخل قطاع غزة.

شيوخ «تل أبيب»
وفي السياق ذاته، يرى الدكتور محمد عبود، أستاذ اللغة العبرية بجامعة عين شمس، أن جماعة الإخوان المسلمين وراء ما يحدث من دعوات ضد مصر داخل «تل أبيب».
وأكد «عبود» أن الحركة الإسلامية وجماعة الإخوان في الداخل الإسرائيلي يعملون بشكل واضح بالتنسيق مع الموساد وجهاز الشاباك.
واستنكر أستاذ اللغة العبرية والمتخصص في الشؤون الإسرائيلية، دعوة «شيوخ تل أبيب» بالتظاهر أمام السفارة المصرية بدلا من التظاهر أمام الكنيست أو مقر «الكابينت» الذين يمارسون جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني.
وأوضح أن تلك الأفعال الغرض منها تشويه سمعة مصر دوليا وتبرئة ساحة بنيامين نتنياهو وحكومة الاحتلال المتطرفة من الجرائم التي ترتكبها من قتل وإبادة وتجويع لسكان قطاع غزة.