رئيس التحرير
خالد مهران

السيناريوهات الاقتصادية والسياسية أمام مصر بعد اشتعال الحرب بين إسرائيل وإيران

مصير مصر بعد اشتعال
مصير مصر بعد اشتعال الحرب بين إسرائيل وإيران

أصبح مشهد اشتعال الحرب بين إيران وإسرائيل، حديث الساعة، داخل الأوساط السياسية والاقتصادية، والتي وصل صدها إلى مصر.

وفي تصريحات لرئيس مجلس الوزارء، الدكتور مصطفى مدبولي، حول الحرب الإسرائيلية الإيرانية، قال إن «معظم القراءات تشير إلى أن الصراع الدائر حاليًا من المتوقع أن يستمر لفترة أطول، وليس من المتوقع أن ينتهي خلال بضعة أيام، وهذا ستكون له تداعيات خطيرة على المنطقة بأسرها».

تأثيرات اقتصادية

في أول أيام الحرب، ارتفع سعر الدولار ليصل إلى 51 جنيها، مقابل 49.50 جنيها ما قبل التصعيد الإسرائيلي الإيراني، بينما فقز سعر جرام الذهب عيار 21، وهو الأكثر تداولًا في السوق المصرية، بنحو 250 جنيهًا بنسبة 5.3%، بدعم التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، مما عزز الطلب العالمي على الذهب كملاذ آمن.

كما سجَّل المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية، تراجعًا في بدايات تعاملات، يوم الأحد الماضي، بنسبة 7.5 في المائة، في «أكبر» خسائر منذ عام 2020.

أما بالنسبة للغاز، فقررت الشركات الموردة للغاز الإسرائيلي لمصر، بإغلاق حقل ليفياثان، وهو ما سيؤثر على احتياجات الدولة من الغاز خلال فترة الصيف.

وبدأت مصر، خلال الأيام الماضية، في ضخ الغاز الطبيعي إلى الأردن بواقع 100 مليون قدم مكعب يوميًا، لتشغيل محطات الكهرباء.

وقررت وزارة البترول، تفعيل خطة الطوارئ المجهزة الخاصة بأولويات الإمداد بالغاز الطبيعي، وأوقفت إمدادات الغاز لبعض الأنشطة، مع رفع استهلاك محطات الكهرباء للمازوت إلى أقصى كمية متاحة والتنسيق لتشغيل بعض المحطات بالسولار، وذلك في إجراء احترازي حفاظًا على استقرار شبكة الغاز الطبيعي وعدم اللجوء لتخفيف أحمال شبكة الكهرباء، ترقبا لإعادة ضخ الغاز الطبيعي من الشرق مرة أخرى.

ولم تقف التأثيرات الاقتصادية على مصر، لدى الغاز والبورصة والذهب والدولار، حيث وصل إلى إيرادات قناة السويس، بعد تهديدات إيران بإمكانية إغلاق «مضيق هرمز».

تأثيرات سياسية

وحول التأثيرات السياسية، أكدت الدكتورة دينا هلالي، عضو مجلس الشيوخ، أن الهجوم الإسرائيلي على إيران يضع منطقة الشرق الأوسط على حافة انفجار إقليمي خطير، موضحة أن الصراع القائم يهديد استقرار الدول، ويعمق الانقسامات ويزيد من حالة عدم الاستقرار، ما يعقد جهود السلام ويعرقل التوصل إلى حلول سياسية تنهي الصراعات المستمرة.

وأضافت «هلالي»، أن ما يحدث يمثل انعكاسًا لحجم الاحتقان في المنطقة، في ظل غياب الحلول السياسية واشتداد الصراعات، مشيرة إلى أن مصر تتحرك بحكمة ومسؤولية في هذا المشهد المضطرب، مستندة إلى سياسة متزنة تهدف أولًا لحماية أمنها القومي وشعبها من امتداد هذه المخاطر، وثانيًا لتعزيز جهود التهدئة واحتواء النزاعات.

وشددت عضو مجلس الشيوخ، على أن مصر ستظل صمام أمان للمنطقة، وركيزة أساسية في منع انزلاقها إلى حرب شاملة، مؤكدة أن الحلول السياسية والحوار هما السبيل الوحيد لتجنيب الشعوب مزيدًا من المعاناة.

فيما يري الخبراء، أن التأثيرات الاقتصادية على مصر أشد وأقوى من السياسية، متوقعين أن تصل بشكل مباشر على السوق، وارتفاعات في أسعار جميع السلع؛ نتيجة الزيادة المتتالية في الدولار، بالإضافة إلى انخفاض السياحة وتراجع الاستثمار.

الأسواق الناشئة تعاني من الهشاشة

وفي هذا السياق، قال هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي، إن تداعيات الضربات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وإيران خلال اليومين الماضيين تفرض نفسها على المشهد الاقتصادي، رغم البُعد الجغرافي عن ساحة الاشتباك المباشر، لافتًا إلى أنها تحدث موجات ارتداد سريعة في أسواق ناشئة كالسوق المصرية، التي ما زالت تعاني هشاشة في بعض المؤشرات الأساسية.

وأضاف «أبو الفتوح»، أن التأثير في البداية ظهر في سوق الصرف، حيث الجنيه المصري شهد تراجعًا طفيف، ولكن استمرار التوتر يدفع بعض المستثمرين الأجانب إلى التحوّط، مما يزيد الطلب على الدولار محليًا، ومع ارتفاع أسعار النفط، تبدو فاتورة الاستيراد معرضة للزيادة، وهو ما قد يشكل ضغطًا على ميزان المدفوعات في الأجل القصير.

وتابع: «وأيضًا قطاع السياحة، رغم أن مصر بعيدة عن مسرح العمليات، إلا أن تجربة الأعوام الماضية تُظهر أن السياح، خصوصًا من أوروبا وآسيا، غالبًا ما يتعاملون مع المنطقة ككتلة جغرافية واحدة، لذلك، أظن أن استمرار التصعيد قد يؤثر على وتيرة الحجوزات، خاصة في موسم الصيف».

وواصل: «على صعيد قناة السويس، فلا مؤشرات حاليًا على تراجع في أعداد السفن، لكن أي اضطراب في أمن الملاحة الإقليمية أو ارتفاع كبير في تكلفة التأمين قد يدفع بعض الخطوط الملاحية لإعادة النظر مؤقتًا في مساراتها، لذلك، أرى أن التأثير هنا يعتمد بشكل كبير على مدة التوتر وحدّته».

وأشار الخبير المصرفي، إلى أنه فيما يخص واردات الطاقة، أي ارتفاع إضافي في أسعار النفط العالمية سيزيد من أعباء الموازنة المصرية، وقد يستدعي الأمر إعادة تقييم بعض بنود الدعم أو تسعير المنتجات البترولية، وهو ما ستكون له آثار اجتماعية واقتصادية لا يمكن تجاهلها.

وختم، أن هذه التطورات، تبدو في ظاهرها قصيرة الأجل، ولكنها قد تتحول إلى عوامل ضغط ممتدة إذا طال أمد التصعيد أو دخلت أطراف جديدة على خط المواجهة، مؤكدًا أهمية تحرك الحكومة المصرية بسرعة، ليس فقط لتخفيف المخاطر، بل لاستثمار الفرص.

بداية موجة تضخمية

ومن جانبه، قال الدكتور عادل عامر، مدير عام مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، إن استمرار الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران ستؤثر على أسعار النفط بشكل مباشر.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن تهديدات إيران بإغلاف مضيق هرمز والذي يمر من خلاله 30% من الغاز والوقود العالمي، سيتسبب في ارتفاع أسعار الوقود عالميًا، لافتًا إلى أن ذلك سيؤثر أيضًا على حركة التجارة العالمية وإيرادات قناة السويس.

وأشار «عامر»، إلى أن الحرب تعني بداية لموجة تضخمية جديد، وخاصة مع ارتفاع الدولار والذهب الفترة الماضية كرد فعل طبيعي للأحداث الجيوسياسية.

وتابع: «الأثار السلبية لهذه الموجة ستظهر بشكل قوي على سلاسل الإمداد والسلع في حالة استمرار الحرب لمدة تزيد أكثر من 6 أشهر، وهي فترة انتهاء الاحتياطي الاستيراتيجي للبلاد».

توقع مدير عام مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية، انخفاض أسعار الذهب والدولار، في حالة انتهاء الحرب.

حول المشهد السياسي، أكد أن مصر دورها واضح في المنطقة واستقرارها، وهي تلتزم الحيادية في الحرب، ولا تهدف إلى الدخول في صراعات خارجية للحفاظ على أمن البلاد، مشدد على أنه لن يكون هناك تأثيرات سياسية على مصر خلال الحرب.