رئيس التحرير
خالد مهران

ذكاء توزيع أم إجبار للجمهور؟

لغز اقتصار موسم عيد الأضحى على فيلمين لـ تامر حسنى وكريم عبد العزيز

النبأ

«موسم باهت».. هذا ما ينطبق تماما مع ما يشهده موسم أفلام عيد الأضحى من قلة أعداد الأعمال المعروضة في سابقة جديدة لم تحدث من قبل.

واكتفى موسم أفلام عيد الأضحى على غير العادة بمناسبة ضئيلة بين فيلمين في مشهد يبدو أنه متفق عليه امتدادا لوسم عيد الفطر الماضي الذي لم يشهد سوى عرض 4 أعمال فقط غاب عنها نجوم الصف الأول.

وطرح المشهد بقوة عدة تساؤلات لدى النقاد الفنيين والجمهور، هل أصبح تقليص عدد الأفلام في موسم كبير مثل عيد الأضحى قرارا ناتجا عن ذكاء توزيع بهدف منح بعض الأعمال فرصة مشاهدة أوسع؟ أم أنه توجيه مقصود لإجبار الجمهور على مشاهدة فيلم أو اثنين بعينهم، دون إتاحة مساحة للاختيار أو التنافس الحقيقي؟

جاء الفيلم الأول لموسم عيد الأضحى «مشروع X» من تأليف وإخراج بيتر ميمي، وبطولة كريم عبد العزيز، إياد نصار، ياسمين صبري، أحمد غزي، عصام السقا.

تدور أحداث الفيلم حول عالم آثار يكتشف سرا قد يغير مستقبل الطاقة ليجد نفسه مطاردا من منظمة سرية تسعى لإسكاته فيدخل في مواجهة شرسة لحماية ابنته وكشف الحقيقة.

أما الفيلم الثاني فهو «ريستارت»، بطولة تامر حسني وهنا الزاهد، ومن تأليف أيمن بهجت قمر، وإخراج سارة وفيق، ويشارك فيه عدد من الفنانين من بينهم باسم سمرة، محمد ثروت، عصام السقا، السيد أسامة.

تدور القصة حول فني هواتف بسيط يقع في حب مؤثرة على السوشيال ميديا، ويبدأ رحلة مع عائلتهما بحثًا عن الشهرة عبر الإنترنت، ما يقود لسلسلة من المواقف الكوميدية الساخرة.

وأثيرت تساؤلات كثيرة حول غياب أفلام أخرى كانت مرشحة للعرض في الموسم مثل «الجواهرجي» لمحمد هنيدي ومنى زكي، و«أحمد وأحمد» لأحمد السقا وأحمد فهمي وغيرهم من الافلام، ما دفع البعض للربط بين هذا الغياب وبين رغبة بعض شركات التوزيع في منح أحد الافلام  مساحةعرض أوسع دون منافسة حقيقية.

حرق الأفلام

في هذا الصدد، يرى المخرج أمير رمسيس أن تقليص عدد الأفلام في موسم العيد ليس مشكلة بل يعد خطوة مدروسة.

وأضاف «رمسيس» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-: «الفيلمان المعروضان حاليا ضخمان وقادران على أن يحتلا قاعات العرض لكن لدينا أفلام كثيرة سواء في العلب أو في المراحل النهائية وكان ممكن تنزل».

وتابع: «لكن أعتقد أن التوزيع الجيد لفيلم متكلف زي مشروع X لازم يتفرد له مساحة علشان الناس تشوفه بما يتماشى مع الإيرادات المنتظرة، وأيضًا فيلم ريستارت لتامر حسني فيلم ضخم مش فيلم صغير وده نوع من الذكاء التوزيعي إنك ما ترميش الأفلام جنب بعضها، علشان كده كنا بنشتكي زمان من ظاهرة حرق الأفلام في العيد».

واستكمل: «لو نتذكر موسم العيد الماضي كان يوجد زخم وشهرين كاملين لم يكن فيهم غير فيلم واحد فقط في السينمات وهو إكس مراتي، وكنا بنشكو من خلو القاعات، في حين إن في أفلام نزلت قبل كده اتظلمت لأنها اتزنقت في العيد، فممكن يكون التخطيط هذا الأفضل لصيف ها العام وان هذه خطوة إيجابية».

واختتم: «نزول الفيلمين دول فقط أفضل لكي لا تظلم أفلام أخرى تنزل جنبهم لأن الماضي اتظلمت أفلام نزلت جنب أفلام إنتاجا أكبر، وطالما أن الصيف فاضي وعندنا شهرين فيهم إيرادات، وفيه جمهور بيدخل السينما فأعتقد إن ده الذكاء اللي حصل السنة دي».

فرصة للمشاهدة

وفي سياق متصل، علّق الناقد الفني الدكتور ياسر محب على اقتصار موسم عيد الأضحى السينمائي هذا العام على فيلمين فقط، قائلا إن خريطة العروض السينمائية في مصر لم تعد واضحة أو مستقرة منذ سنوات حيث تمر أوقات يزدحم فيها شباك التذاكر بعدد كبير من الأفلام وهو ما كان يثير شكاوى من المنتجين والموزعين.

وأضاف «محب» -في تصريحات خاصة لـ«النبا»- أن وجود فيلمين فقط من بطولة نجوم كبار هذا العام قد يكون في صالح السوق إذ يمنح فرصة أكبر للجمهور لمشاهدتهما دون تكدس في دور العرض، مؤكدا أن الجمهور قد يطالب بمزيد من الأفلام لكن هذا الأمر لم يعد شرطا حتى في السينما العالمية إذ لم تعد كل الأعمال تُطرح في المواسم التقليدية فقط بل باتت توزع على مدار العام.

وأوضح أن النجوم أصبحوا يوازنون بين مشاركاتهم في السينما وظهورهم في دراما رمضان وأعمال المنصات الرقمية ما يفرض نمطًا مختلفا في توزيع الأعمال.

وتابع: «لا أعتقد أن قلة عدد الأفلام ستؤثر سلبا على السينما المصرية بل العكس فيلمان لنجوم كبار كفيلان بجذب الجمهورلا سيما مع قرب انطلاق موسم الصيف الذي سيشهد عروضا مميزة».

واختتم قائلا: «لم تعد فكرة أن من لا يشارك في موسم العيد يكون خاسرا قائمة كما كانت من قبل العام السينمائي حافل والنجوم أصبحوا أكثر وعيا بالتوازن بين ظهورهم في مختلف المنصات بما يحقق لهم الاستمرارية دون استهلاك زائد».

أزمة صناعة

على الجانب الآخر، قال الناقد الفني الدكتور طارق سعد، إن قلة أفلام العيد تُعد استمرارا لمشكلة ارتفاع تكاليف الصناعة، مشيرا إلى أن العيد قديمًا كان مناسبة مهمة للخروج والفسحة وكانت الشوارع تغلق بسبب وجود افلام تصل أحيانًا لـ5 أو 6 أفلام تعرض في وقت واحد.

وأضاف «سعد» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-: «أما اليوم فقد أصبح الإنتاج مركزا في عدد قليل من الأعمال بسبب التكلفة المرتفعة، كما تقلص عدد الشركات المنتجة وأصبحت كل شركة تكتفي غالبا بفيلم واحد تضع فيه كامل تركيزها ليكون نجاحا جماهيريا ويغطي التكلفة ويحقق أرباحا».

وتابع: «في السابق كان الناس يخرجون يوميا لمشاهدة أفلام مختلفة أما الآن ومع الأوضاع الاقتصادية الحالية وارتفاع أسعار التذاكر والتكاليف أصبح الجمهور يبحث عن وجبة سينمائية صغيرة ومعقولة وهذا أيضا من الأسباب».

وأضاف أن التكاليف أثرت بشكل كبير على غزارة الإنتاج، مشيرا إلى أن المنتجين يشكرون على صمودهم في ظل هيمنة المنصات.

واستكمل: «المنصات الآن تقدم محتوى على مدار الساعة،والمشاهد فقد شغفه بالذهاب إلى السينما بل إن بعض المنصات تعرض الأفلام بشكل حصري ويجد الجمهور في ذلك خيارا أوفر».

وأكد أنه من الضروري حدوث تعاون بين المنصات والمخرجين لإنتاج أفلام مشتركة كما حدث في بداية ظهور قناة روتانا التي دعمت المنتجين ماديا مقابل الحصول على حقوق العرض وهو نموذج خدم الصناعة بشكل مباشر.

وأشار إلى أن توزيع الأفلام لم يعد كما كان فأصبح توزيع المنصات أكثر أهمية واحترافية، محذرا من الاعتماد على بيع بعض الأفلام غير الناجحة للمنصات فقط من أجل تعبئة المحتوىرغم أنها لم تحقق نجاحا جماهيريا.

وأوضح أن صناعة السينما يجب أن تعامل كاستثمار وصناعة هامة خاصة أن المنصات يجب أن تنفق على الأفلام كما تفعل مع المسلسلات لتخرج الأفلام بجودة مناسبة وتفعل ذلك إحدى المنصات العربية حاليا.

وتابع: «أما عن ما يتردد بشأن إفساح المجال لأعمال معينة وتأجيل أعمال أخرى لصالحها فرأى أن هذا أمر وارد في إطار التنسيق ولا مشكلة فيه ما دام يتم بالتراضي وللمصلحة العامة لأن الإيرادات تعد تورتة يتم تقاسمها وكل طرف يسعى لتفادي الخسارة».

وأضاف: «العناد ليس في صالح أحد وهناك متخصصون يشوفون على توزيع توقيتات العروض لضمان تحقيق إيرادات مثلًا فيلم تامر حسني كان من المفترض أن يعرض في عيد الفطر وتأجل وتم عرضه حاليا، وفيلم أحمد السقا كان يفترض طرحه في العيد حاليا ولم يصدر عنه إعلان حتى الآن وربما يطرح في أغسطس».

وأكد أن هذه الترتيبات تكون حسب رؤية المسؤولين عن التوزيع لتحقيق أكبر استفادة وإذا لم يحقق المنتج الأرباح فلن يستطيع الاستمرار في الإنتاج ولهذا يحرص الصناع على اختيار توقيتات مناسبة.