ماذا يريد بوتين من الرئيس الصيني؟
رحب الزعيم الصيني، شي جين بينغ بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين صباح اليوم الخميس في بكين، في أول زيارة خارجية يقوم بها الأخير بعد توليه منصبه رسميا رئيسا لروسيا.
وتأتي زيارة الدولة التي يقوم بها بوتين لمدة يومين، وهي الثانية له مع شي، الذي عاد لتوه من جولة أوروبية، بعد حوالي سبعة أشهر، في إطار مواصلة تنفيذ "شراكة التنسيق الاستراتيجبي الشامل بين البلدين" وسط ظروف دولية معقدة، وعقوبات ورسوم جمركية غربية، تستهدف موسكو وبكين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون خلال مؤتمر صحفي في بكين قبل زيارة بوتين "سيتبادل الرئيس شي والرئيس بوتين وجهات النظر حول العلاقات الثنائية والتعاون في مختلف المجالات والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك".
وقال بوتين في تصريحات إعلامية لوكالة "شينخوا" الصينية قبل توجهه إلى بكين إن "تنسيق السياسات الخارجية بين البلدين يدفع نحو إقامة نظام عالمي عادل متعدد الأقطاب، الأمر الذي يدعم النجاح المستقبلي لشراكة التنسيق الإستراتيجي الشامل بين روسيا والصين في العصر الجديد".
ماذا يريد بوتين؟
قال بوتين إن "المستوى العالي غير المسبوق للشراكة الاستراتيجية بين بلدينا هو الذي جعلني أختار الصين لتكون أول دولة أزورها بعد تولي منصبي رسميا رئيسا لروسيا الاتحادية".
وتأتي زيارة بوتين لبكين في الوقت الحالي وسط تطورات لا يمكن تجاهلها.
وبعد أكثر من عامين من الحرب في أوكرانيا، فتح بوتين جبهة هجومية جديدة في الايام الماضية قرب خاركيف ثاني اكبر مدن اوكرانيا. ويتطلع الرئيس الروسي إلى شيئين، هما تعزيز موقفه سواء في ساحة المعركة، والجبهة الدبلوماسية مع الصين، قبل تلقى أوكرانيا مساعدات موعودة بمعدات وأسلحة من الولايات المتحدة، تعول عليها كييف والغرب لتغيير تجاه المعركة.
ومنذ اندلاع الصراع في ٢٠٢٢، برزت بكين كشريك كبير ووثيق لروسيا على طول الخط، رفضت ادانة روسيا وواصلت التجارة معها رغم العقوبات، واعتمد الكريملين بشكل متنامي على الصين في التجارة والدعم السياسي، بينما يسعي إلى تقوية "الشراكة بلا حدود" مع بكين في مختلف المجالات.
ويقول مراقبون إن بوتين يريد من الصين مطلبين، "استمرار دعم بكين لروسيا في الحرب في أوكرانيا، والوصول إلى الأسواق المالية الصينية ومزيد من استخدام العملة الصينية في التجارة مع روسيا".
وقد تم بالفعل رؤية تقدم في هذين الأمرين وسيحاول بوتين تأمين المزيد في وقت تتحدث فيه الولايات المتحدة عن مزاعم حول تصدير الصين لتقنيات مزدوجة الاستخدام )مدنية وعسكرية( لروسيا.
وقالت الصين إنها تراقب عن كثب صادرات السلع ذات الاستخدام المزدوج، ونفت أن تكون تجارتها مع روسيا خارج نطاق التبادل الثنائي الطبيعي.
مزيد من التطور وبعيدا عن الحرب، تطورت العلاقات التجارية والاقتصادية بسرعة بين البلدين في مواجهة التحديات والأزمات الخارجية.
ومن المتوقع أن يضع الجانبان خلال القمة هدفا تجاريا آخر بعد تجاوز هدف ٢٠٠ مليار في التجارة الثنائية. كما من المتوقع أن يسعى بوتين إلى تأمين المزيد من الاتفاقات التجارية والاقتصادية مع بكين، بما في ذلك خط للغاز يمر عبر منغوليا إلى الصين.
لكن من غير الواضح ما إذا كانت بكين ستوافق على ذلك لما ينطوي عليه من عقوبات محتملة. وتسير بكين على خط مشدود، ففي الوقت الذي تسعى إلى دعم شريكتها، تريد أيضا الحفاظ على علاقتنا التجارية بالغرب.
وفرضت واشنطن على الصين مؤخرا زيادة عنيفة في التعريفات على سلع معينة بينها السيارات الكهربائية، في إجراء أثار حفيظة بكين. ووسط عقوبات غربية كثيفة، قدمت بكين شريان حياة لروسيا واشترت كميات هائلة من النفط والروسي، لتحل روسيا محل السعودية كأكبر مصدر للصين.
وزودت بكين أيضا موسكو بتقنيات ساعدتها على تجاوز العزلة الاقتصادية وتعزيز آلتها العسكرية.
ويعتبر الرئيس شي روسيا شريكا مهما. وقد توسعت التجارة بين الجانبين بشكل كبير. وكشف بوتين أن حجم التجارة الثنائية بين روسيا والصين يبلغ الآن نحو 219 مليار دولار.
وأضاف أن الصين ظلت الشريكة التجارية الرئيسة لروسيا على مدار 13 عاما، فيما صعدت روسيا إلى المركز الرابع في ترتيب النظراء التجاريين للصين عام 2023.
والتقى بوتين وشي أكثر 40 مرة ويتمتع الزعيمان بعلاقة شخصية جيدة جدا، لدرجة تبادل التهاني بأعياد الميلاد، وإشارة كل منهما للآخر بـ "الصديق العزيز" و"القديم".
كما يتمتع الزعيمان بآراء متماثلة تجاه الولايات المتحدة والدول النامية والتجمعات متعددة الأطراف.
وعزز الزعيمان بالفعل تجمعات للدول النامية مثل بريكس ومنظمة شانغهاي للتعاون في الفترة الأخيرة كثقل مناهض للغرب.
ومن المؤكد أنهما سيحاولان من خلال قمتهما إظهار قوتهما وتضامنهما القوي أمام الدول الأخرى كبديل للولايات المتحدة في النظام العالمي.
وقال بوتين "العلاقات الصينية الروسية وصلت إلى أعلى مستوى حتى في مواجهة الأوضاع الدولية المعقدة".
وسيوفر الاجتماع فرصة للزعيمين لمناقشة كيفية تعزيز طموحهما المشترك وسط رد فعل دولي متصاعد ضد واشنطن بسبب دعمها للحرب الإسرائيلية في غزة.
وكثف شي دعواته لأوروبا والدول الأخرى في زيارته الأخيرة إلى فرنسا وصربيا والمجر للساعدة على تجنب "حرب باردة جديدة، مشيرا إلى جهودا أمريكية لاحتواء الصين.