رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بالمستندات.. كواليس إهدار 30 مليار جنيه فى تحويل متحف بورسعيد القومى لأبراج سكنية استثمارية

تحويل متحف بورسعيد
تحويل متحف بورسعيد القومي لأبراج سكنية استثمارية

بالرغم من الوعود الحكومية لأهالي بورسعيد بإنشاء متحف بورسعيد القومي، إلا أن تلك الوعود تبخرت وأصبحت في خبر كان بين ليلة وضحاها، فور الإعلان عن إقامة مشروع سكني على أرض المتحف الذي تم هدمه بغرض تجديد إنشائه مرة أخرى، مما أضاع على الدولة مليارات الجنيهات في هذا الشأن بلغت ما أمكن حصره منها 30.170 مليار جنيه، فضلًا عن التضحية بمحتف أثري وحضاري كان يضم 9 آلاف قطعة أثرية وكان من أكثر المتاحف التي تدر دخلًا للدولة المصرية.

تكشفت تفاصيل ما تعرض له مشروع متحف بورسعيد القومي، بعدما تقدم النائب أحمد فرغلي عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، بمذكرة رسمية إلى رئيس مجلس النواب الدكتور حنفي جبالي، يطالب فيه بضرورة مساءلة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، حول مخالفة رئيس هيئة قناة السويس للدستور المصري بإعلان الهيئة إقامة مشروع سكني استثماري بأرض المتحف القومي ببورسعيد بالشراكة مع أحد الشركات العقارية الكبرى.

وقالت المذكرة، إن رئيس هيئة قناة السويس أعلن إقامة مشروع سكني استثماري بأرض المتحف القومي ببورسعيد بالشراكة مع إحدى الشركات العقارية مما يعد مخالفة صريحة للدستور المصري، حيث يعتبر هذا المشروع أحد مشاريع الصندوق الاستثماري لقناة السويس والذي تقدمت به الحكومة للمجلس بتعديل أحكام القانون رقم 30 لسنة 1957 الخاص بهيئة قناة السويس، إلا أن المجلس لم يوافق بشكل نهائي على هذا القانون والتعديل به، ورغم ذلك خالف رئيس هيئة قناة السويس الدستور المصري بتوقيع عقد شراكة بصفته رئيس الصندوق الاستثماري بالمشاركة مع أحد الشركات العقارية دون أن يقر المجلس هذا القانون.

وأضافت المذكرة، أن هيئة قناة السويس قامت، مؤخرًا، بالإعلان عن بناء مشروع سكني بالشراكة مع أحد المستثمرين على أرض متحف بورسعيد القومي، وإلغاء مشروع إعادة بناء المتحف، مما أثار استياء وغضب أهالي بورسعيد، وخاصة في رؤية استثمارية غير قانونية وخاطئة لإهدار أغلى وأهم بقعة استراتيجية وسياحية بمصر والعالم، بمدخل قناة السويس الشمالي، والتي تمثل محورا للتنمية المستدامة للمدينة سياحيًا وثقافيًا وتاريخيًا واقتصاديًا.

وأوضحت المذكرة، أن في عام 1963 صدر قرار رئيس الجمهورية الراحل جمال عبد الناصر رقم 125 لسنة 1963، بشأن تعديل حدود مرفق قناة السويس، والتي شملت ضم منطقة أرض المتحف ببورسعيد والمطلة على مدخل المجرى الملاحي لقناة السويس لمحافظة بورسعيد، وأعقبه صدور قرار المجلس الشعبي المحلي للمحافظة بتخصيص الأرض لوزارة الآثار بغرض محدد وهو إقامة متحف قومي، وبالفعل تم بناء المتحف وافتتاحه ليضم قرابة الـ9 آلاف قطعة أثرية من كل العصور موزعة على 3 قاعات.

وأشارت المذكرة، إلى أن قطاع المشروعات بوزارة الثقافة خصص مبلغ 75 مليون جنيه لتطوير وصيانة المتحف، وبعد الانتهاء من إعداد الدراسة الهندسية اكتشفت الشركة المنفذة عدم جدوى الترميم فكان القرار بالإزالة حتى سطح الأرض وإعادة بناء المتحف مرة أخرى مع تخصيص 95 مليون جنيه، وبالفعل تم هدم متحف بورسعيد لإعادة بنائه وفق التصميم المقترح، ولكن سرعان ما توقف المشروع وتحول المكان إلى أرض جرداء.

وأكدت المذكرة أنه في عام 2021، أعلن وزير الآثار السابق، عزم الحكومة على إقامة مشروع فندقي عالمي ملحق به متحف بمواصفات ومعايير عالمية، حتى فوجئ أهالي بورسعيد بإعلان الهيئة للمشروع السكني المنوه عنه بعالية، مما جعلهم يعلنون رفضهم العبث بمقدرات المدينة وثوابت التنمية فيها؛ من أجل النظرة الاستثمارية الضيقة والخاصة للبعض، مؤكدين أن أرض المتحف للمتحف ولمشروعات فندقية تحقق تنمية مستدامة للمجتمع والبسطاء بالمحافظة وللأجيال القادمة فهي ملك للشعب. 

وفي ذات السياق، فجر المحامي علي أيوب، قنبلة من العيار الثقيل في الدعوى المقامة منه أمام مجلس الدولة مطالبًا فيها بضرورة وقف قرار تخصيص أرض متحف بورسعيد القومي لشركة تطوير عقاري وعودتها إلى وزارة السياحة والآثار، وتشكيل لجنة متكاملة من وزارة السياحة والآثار تضم أثريين من أمناء المتاحف، وأخصائيين ترميم وقانونيين لتحديد مصير 9 آلاف قطعة كانت بالمتحف القومي ببورسعيد؛ للوقوف على مواقع حفظها حاليًا من خلال دفاتر التسجيل وحالتها الفنية وتقديم تقرير بذلك.

وقالت الدعوى: إن «متحف بورسعيد القومي يعد أحد متاحف مدينة بورسعيد، ويقع عند التقاء مياه قناة السويس بالبحر الأبيض المتوسط ويعتبر أول متحف من نوعه في تاريخ مصر، يضم نحو 9000 قطعة أثرية من كل العصور، بدءًا من العصر الفرعوني، مرورًا بالعصر اليوناني والروماني وبالعصر القبطي والإسلامي وانتهاء بالعصر الحديث، ويقع المتحف في شارع فلسطين السلطان "حسين سابقًا" أمام ممشى ديليسبس الشهير ببورسعيد».

واختصم المحامي علي أيوب، في دعواه، كلا من وزير الآثار والسياحة، ووزير الثقافة، ومحافظ بورسعيد بصفاتهم، قائلًا: «هناك احتمالية لفقدان بعض القطع الأثرية بالمتحف أو تهريبها للخارج، كما أن هناك احتمالًا لتأثرها فنيًا نتيجة سوء الحفظ»، مطالبًا بإعادة إنشاء المتحف على أرضه ببورسعيد باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الهوية المصرية الذي يتضمن التعريف بالحضارة المصرية عبر العصور، كما يمثل جزءًا من ذاكرة بورسعيد الوطنية في الدفاع عن المدينة الباسلة.

وبحسب خبراء الآثار، فإن إقامة أبراج شاهقة على أرض متحف بورسعيد القومي التي تطل على المجرى الملاحي لقناة السويس أمر يتعارض مع اعتبارات تأمين المجرى من الأعمال الإرهابية، فضلًا عن أنه ينافي النواحي الجمالية والثقافية والأثرية في واجهة المدخل الشمالي لقناة السويس، إلى جانب إهدار قيمة أرض المتحف التي تقدر قيمتها السوقية بنحو 30 مليار جنيه، هذا بخلاف إهدار المبالغ المخصصة للترميم والإنشاء والتي وصلت لنحو 170 مليون جنيه، للتجاوز الخسائر المادية شاملة قيمة الأرض نحو 30.170 مليار جنيه، وذلك لصالح شركة مكسيم التي أظهرت لافتة الإعلانات على أرض المتحف تعاقدها مع كل من محافظة بورسعيد وهيئة قناة السويس.

مستند 1