رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

المنظمة العربية لحقوق الإنسان تجيب على أخطر 7 اسئلة حول محاكمة إسرائيل على جرائمها

النبأ

نظمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان، فى تقرير لها، حلقات من الأسئلة والأجوبة حول انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتكييف القانوني للجرائم المرتكبة، ونستعرض خلال السطور التالية الحلقة الأولى.

أشارت المنظمة العربية، فى تقرير لها، أن الهدف من التقرير إيصال إيضاح الموقف  القانوني بين يدي الإعلاميين والقانونيين وبين يدي الشعوب العربية حتى نتعرف بشكل قانوني على الجرائم التي ترتكب في حق فلسطين وقد أعدت الورقة بشكل مبسط ومفهوم. 

الحقيقة تقتضي القول إن  هذا الجهد لإنسان وباحث عربي متميز  مؤمن بتحرير فلسطين كوطن محتل من عنصريين قتلة وقد تركها لأقوم بنشرها للمعرفة العامة دون إشارة له.

1. ما هي جريمة الإبادة الجماعية
وينص القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة 6 حول الإبادة جماعية كالتالي: لأغراض هذا النظام الأساسي، تعني "الإبادة الجماعية" أيا من الأفعال التالية المرتكبة بقصد التدمير الكلي، أو الجزئي لجماعة قومية، أو إثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه:
(أ) قتل أعضاء الجماعة؛
(ب) إلحاق ضرر بدني أو عقلي جسيم بأعضاء الجماعة.
(ج) إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يقصد بها تدميرها المادي
كليا أو جزئيا.
(د) فرض تدابير ترمي إلى منع الولادات داخل الجماعة؛ 
(ه) نقل أطفال الجماعة قسرا إلى جماعة أخرى.

2. هل يمكن مقاضاة إسرائيل على  ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية؟
 

وقعت فلسطين وإسرائيل، والولايات المتحدة على اتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وهي أول معاهدة لحقوق الإنسان تعتمدها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان.

 الجمعية العامة للأمم المتحدة وتعتبر لبنة بناء الإنسان الدولي نظام الحقوق. تضع اتفاقية الإبادة الجماعية واجبا على جميع الموقعين البالغ عددهم 153 دولة لمنع والمعاقبة على الإبادة الجماعية. لا تجرم الاتفاقية ارتكاب الإبادة الجماعية فحسب، بل تجرم أيضا التحريض ومحاولات ارتكاب وكذلك التواطؤ في الإبادة الجماعية.

في 3 مارس 2021، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عن فتح التحقيق في الوضع في دولة فلسطين. 

جاء ذلك في أعقاب قرار الدائرة التمهيدية الأولى في 5 فبراير 2021 بأن المحكمة يمكنها ممارسة اختصاصها الجنائي في هذه الحالة، وبأغلبية الأصوات، ويمتد النطاق الإقليمي لهذه الولاية القضائية إلى غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية. 

وكانت حكومة فلسطين قد أودعت إعلانا بموجب المادة 12 (3) من نظام روما الأساسي في 1 كانون الثاني/يناير 2015، لطلب قبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية للجرائم المزعومة المرتكبة "في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، منذ 13 حزيران/يونيو 2014 ". 

وكانت فلسطين انضمت في 2 كانون الثاني/يناير 2015، إلى نظام روما الأساسي بإيداع وثيقة انضمامها لدى الأمين العام للأمم المتحدة. 

ودخل نظام روما الأساسي حيز التنفيذ بالنسبة لفلسطين في 1 نيسان/أبريل 2015. ثم في 22 أيار/مايو 2018، وعملا بالمادتين 13 (أ) و14 من نظام روما الأساسي، أحالت فلسطين إلى المدعية العامة الحالة منذ 13 حزيران/يونيو 2014، دون تاريخ انتهائها.

وقالت إسرائيل في رسالة إلى المحكمة في العام 2021 إنها لن تتعاون مع التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب محتملة في الأراضي المحتلة وان المحكمة الجنائية الدولية "تتصرف دون سلطة" في إجراء التحقيق. وإذا منعت إسرائيل محققي المحكمة الجنائية الدولية من التواجد على الأرض، فيمكن أخذ شهادات الشهود في بلدان أخرى أو في لاهاي بهولندا بدلًا من ذلك.

ويبقى أن نرى ما إذا كانت المحكمة الجنائية الدولية ستوسع نطاق الطلب السابق لإضافة الأحداث الأخيرة في غزة بطلب من السلطة الفلسطينية ومن المتوقع قبول اختصاص المحكمة بناء على الطلب السابق وعدم تحويله مجددا إلى الدائرة التمهيدية الأولى لإصدار حكم لتوضيح النطاق الإقليمي لاختصاص المحكمة في هذه الحالة.

3. هل يمكن محاكمة الولايات المتحدة الاميركية لدورهم في تعزيز الإبادة الجماعية والتواطؤ على الجريمة؟
 

نعم- إن الولايات المتحدة ملزمة، منذ أن علمت بالخطر الجسيم للإبادة الجماعية في الشعب الفلسطيني، لممارسة نفوذه على إسرائيل لمنع الجريمة. الولايات المتحدة هي ليس فقط الفشل في الوفاء بالتزامها بمنع ارتكاب الإبادة الجماعية، ولكن هناك حجة معقولة وذات مصداقية يمكن تقديمها بأن إجراءات الولايات المتحدة لتعزيز إسرائيل العملية العسكرية والإغلاق والحملة ضد السكان الفلسطينيين في غزة، ترتقي إلى مستوى التواطؤ في الإبادة الجماعية. وتتحمل إسرائيل الولايات المتحدة، والمسئولين العسكريين ورؤساء الدولة المسؤولية لدورهم في تعزيز الإبادة الجماعية.

4. هل سكان غزة جزء قومي أو ديني ـو عرقي أو ديني؟
 

تعرف اتفاقية الإبادة الجماعية الإبادة الجماعية بأنها ارتكاب أفعالا محددة "بقصد تدمير، كليا أو جزئيا، جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، وتشكل "المجموعة" المحمية من الجريمة أساس التحليل ويجب اثبات استهداف المجموعة تحديدا لانتمائها إلى قومية أو اثنية أو عرق أو دين محدد.
 

- ويمكن تمثيل "الجزء" المستهدف بالتدمير بمجموعة فرعية، على سبيل المثال، في منطقة جغرافية محددة. ويمكن الاستدلال بقرارات محاكم دولية باعتبار هذا المعبار كاف لغرض التعريف.   اذن يمكن للفلسطينيين الذين يعيشون في غزة، كجزء من السكان الفلسطينيين، يشكلون المجموعة المستهدفة لأغراض التعريف المقصود في اتفاقية الإبادة الجماعية. اذن فالجواب نعم.

5. هل لإسرائيل نية التدمير؟
 

ان النية المحددة لتدمير مجموعة مشروطة في الاتفاقية هي غير متوافق مع حجة الدفاع عن النفس الذي تروج لها إسرائيل. 

كما إن الدفاع عن النفس ملزم بمبادئ القانون الدولي الانساني، فضلا عن قاعدة التناسب، حيث لا يمكن أن يشمل إجراء انتقامي أو عقابي. لذا لا يمكن السماح لدولة أو للفرد بتبرير الإبادة الجماعية باسم الدفاع عن النفس.

كما أن التصريحات تؤكد على عزم إسرائيل إجراء أفعال انتقامية وعقابية شاملة وهجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد السكان المدنيين، مع العلم بالهجوم.  مثلا تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت: "لقد أمرت بفرض حصار كامل على قطاع غزة. لن يكون هناك كهرباء ولا طعام ولا وقود، كل شيء مغلق. نحن نحارب الحيوانات البشرية ونتصرف وفقا لذلك".

وأخضعت اسرائيل الفلسطينيين بانتظام، لا سيما في غزة، لأشكال متعددة من العقاب الجماعي، الذي يرقى لجرائم دولية بما في ذلك الحملات العسكرية المستمرة على غزة، والتي أسفرت عن عمليات قتل جماعي للمدنيين الفلسطينيين بما في ذلك الأطفال على مدار 17 عاما من الإغلاق، وقبل الهجوم العسكري الحالي، شنت إسرائيل ما لا يقل عن خمس هجمات عسكرية جماعية على السكان المدنيين الفلسطينيين مخلفة ألاف الضحايا.

مثال: تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة يحث على المساءلة عن جرائم الحرب  الذي وجد أن إسرائيل فرضت حصارا يصل إلى حد العقاب الجماعي ونفذت سياسة منهجية للعزل التدريجي والحرمان من قطاع غزة. وان خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في 2009، التي أطلق عليها اسم "عملية الرصاص المصبوب"، قتل أكثر من 1،400 شخص، بينهم نساء وأكثر من 340 طفلا، ودمرت المنازل والمصانع والآبار والمدارس والمستشفيات ومراكز الشرطة وغيرها من المباني العامة. وخلص التقرير إلى أن العملية العسكرية الإسرائيلية كانت موجهة ضد سكان غزة ككل، تعزيزا لسياسة شاملة ومستمرة تهدف إلى معاقبة سكان غزة، وفي سياسة متعمدة للقوة غير المتناسبة تستهدف السكان المدنيين. ويذكر التقرير أن الأعمال الإسرائيلية التي تحرم الفلسطينيين في قطاع غزة من سبل عيشهم وعملهم وسكنهم ومياههم، والتي تحرمهم من حرية التنقل وحقهم في الخروج والدخول إلى منازلهم والعمل والسكن والمياه، التي تحرمهم من حرية التنقل وحقهم في مغادرة بلدهم ودخوله، والتي تحد من حقوقهم في الوصول إلى محكمة قانونية وسبل انتصاف فعالة، ويمكن أن تؤدي بمحكمة مختصة إلى استنتاج أن جريمة الاضطهاد، وهي جريمة ضد الإنسانية، قد ارتكبت.
كما اشارت لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق بشأن نزاع غزة عام 2014 في العام 2015 ان الأعمال القتالية في عام شهدت 2014 زيادة هائلة في قوة النيران المستخدمة في غزة، حيث شنت إسرائيل أكثر من 6،000 غارة جوية أطلقت حوالي 50،000 قذيفة دبابة ومدفعية. وفي العملية التي استغرقت 51 يوما، قتل 1،462 مدنيا فلسطينيا، ثلثهم من الأطفال.
كما اشارت اللجنة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني وغيره من السكان العرب في الأراضي المحتلة في العام 2022 إن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الفلسطيني، بما في ذلك الحق في تقرير المصير، هي نتيجة للسياسات والممارسات التمييزية والمنهجية الاسرائيلية التي تؤثر سلبا على كل جانب من جوانب الحياة الفلسطينية. وأبلغت اللجنة الخاصة بأن العمر المتوقع للفلسطينيين يقل بثماني سنوات عن العمر المتوقع للإسرائيليين. وفي قطاع غزة، أدت 15 عاما من الحصار البري والبحري والجوي والإغلاق إلى محاصرة 2.1 مليون فلسطيني في ما تصفه غزة ومنظمات المجتمع المدني الدولية بأنه "سجن في الهواء الطلق". وتخضع دخول البضائع وتصديرها لرقابة صارمة وتقييد من جانب إسرائيل. ولا يستطيع سكان غزة الذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة خارج قطاع غزة القيام بذلك دون تصاريح خروج من إسرائيل. وأحيطت اللجنة الخاصة علما بعدة حالات مأساوية لرضع وأطفال فلسطينيين يموتون لأسباب يمكن علاجها أثناء انتظار تصاريح الخروج للحصول على العلاج المتخصص المنقذ للحياة في القدس الشرقية. إن الحالة الأليمة في قطاع غزة هي كارثة إنسانية من صنع الإنسان، تبقيها وتديمها سياسات وممارسات متعمدة تهدف إلى السيطرة على السكان المحاصرين.
ووفقا لتقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لعام 2023 فان قطاع غزة هو واحد من أكثر القطاعات كثافة المناطق المأهولة بالسكان في العالم ب 5،900 نسمة/كيلومتر مربع، مع 41 في المائة من السكان في غزة الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما، مقارنة مع 36 في المائة تحت سن 15 في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
6. لا بل جريمة إبادة جماعية مستمرة
واشار باحثون بارزون في الإبادة الجماعية، ان الأنظمة الاستعمارية الاستيطانية - مثل إسرائيل – تتبع من خلال سياساتها وتخطيطها التوسعي، تسهيل مهمة الإبادة الجماعية، وغالبا ما يقومون ب "لحظات الإبادة الجماعية" ردا على مقاومة مستعمر أو الشعب المحتل. على مدى السنوات ال 75 الماضية، اتبعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سياسات مدروسة ومحسوبة وحملات صريحة ضد الفلسطينيين من الطرد القسري والترحيل والتهجير والقتل، والسجن التعسفي والتعذيب والحرمان من الحقوق الأساسية. وفي الضفة الغربية، التي هي تحت الاحتلال العسكري الحربي منذ عام 1967، تتبع اسرائيل سياسة الضم عبر عمليات مطردة وتدريجية لإبعاد الفلسطينيين قسرا وتركيزهم في جيوب، مع نقل سكانها المدنيين الإسرائيليين مكانهم.
7. ماذا عن الأفعال وكيف تقـبيم أركان الجريمة؟
القتل: ان عمليات القتل الجماعي الذي تجربه إسرائيل هي إحدى الوسائل التي ترتكب بها الإبادة الجماعية، ولكن هذه ليست الطريقة الوحيدة التي يرتكبها التي يتم "تدميرها" أو إبادة مجموعة (كليا أو جزئيا). ولكن لأغراض الإبادة الجماعية، القتل  هو المسبب في الوفاة بفعل أو بالإغفال عن الفعل، بقصد القتل أو التسبب في ضرر جسدي خطير من المحتمل أن يؤدي إلى الموت. ولا يوجد حد عدد أدنى للأشخاص الذين يقتلوا لإثبات أن الإبادة الجماعية قد ارتكبت.
الحرمان المتعمد من الموارد: حسب الوضع الذي يتكشف في غزة، فإن إلحاق الضرر عمدا بظروف الحياة لإحداث تدمير مادي كلي أو جزئي هو عمل من أعمال الإبادة الجماعية. وتعرف أركان الجرائم الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، المستمدة من القانون الدولي العرفي، مصطلح "ظروف الحياة" على أنه يشمل على سبيل المثال لا الحصر "الحرمان المتعمد من الموارد لا غنى عنه للبقاء على قيد الحياة، مثل الغذاء أو الخدمات الطبية، أو الطرد المنهجي من المنازل".
خرق لقواعد القانون الدولي الإنساني والتي تشكل اركان أو عناصر جريمة الإبادة الجماعية: مثلا كتهديد السكان المدنيين بالجوع ومنع الإغاثة كليا وفرض حصار عسكري وبحري ينتج عنه تجويع السكان المدنيين والحرمان من الحصول على الدواء والماء والكهرباء والانترنيت (الذي أدى إلى تعطيل وسائل التواصل مع وزارة الصخة للإغاثة) بقصد إهلاك جزء من السكان في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم. وحظر مرور مواد الإغاثة الإنسانية للمدنيين المحتاجين إليها وتسهّل مرورها بسرعة وبدون عرقلة. واعطاء أمر والتهديد بعدم إبقاء أحد على قيد الحياة، وإدارة الأعمال العدائية على هذا الأساس. عدم احترام مبدأ التناسب وغياب أي تقييم ما إذا كان يُتوقع من الهجوم أن يُسبب خسائر في أرواح المدنيين أو إصابات بينهم والإفراط في تجاوز ما يُنتظر أن يُسفر عنه من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.