رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الدكتور محمد حمزة يكتب: كيف تحتفل المحافظة بعيد القاهرة القومي

النبأ

القاهرة الباهرة أسسها جوهر الصقلبي في 17شعبان 358هجرية /6يوليو969م بأمر الخليفة الفاطمي المعز لدين لله؛ ولله در القائل
لله قاهرة المعز فهي بلد
تخصص بالمسرة والهنا
اوما تر ي في كل قطر منية
بلي فهي مجتمع الاماني والمني
وقد إمتدت القاهرة ونمت وتوسعت شرقا وغربا وشمالا وجنوبا ومن ثم إحتضنت التراث المصري بمختلف مراحله وتنوعاته من المواقع  والاثارالمصرية  القديمة في حلوان المعادي والمطرية والعباسية والجبل الأحمر؛ ومن المواقع  والآثار المصرية في العصر ين  اليوناني والروماني؛ ومن المواقع والآثار المصرية المسيحية قبل العصر الاسلامي خلاله؛ ومن ألمواقع والآثار المصرية الإسلامية قبل العصر الفاطمي خلاله  بعد العصر الفاطمي أي في العصور الإثيوبية  والمماليكية والعثمانية  وعصر اسرة محمد علي اي من عاَم 641_645_646م إلى عام 1953َم بل حتي الآن؛ وبالتالي لدينا قاهرتان؛ القاهرة التاريخية والقاهرة الخديوية  وأحياء تجمع بين الأصالة والمعاصرة  منها حلوان والمعادي جنوبا  وجاردن سيتي والزمالك غربا والظاهر وغمرة العباسيةَ والقبة و مصر الجديدة ومدينة نصر شمالا وشرقا  وحاليا القاهرة الجديدة والمدن الجديدة واخيرا
العاصمة الآدارية الجديدة.
ورغم ذلك كان للقاهرة قرافة واحدة نشأت مع نشأة الفسطاط وإمتدت وتطورت وتوسعت في سفح المقطم شمالا وشرقا حتى ميدان العباسية الحالي ولم يفصل بينها ويقطع   وحدتها  سوي القلعة في العصر الايوبي فأصبح لدينا قرافة شمالها بمسمياتها المختلفة حتى العباسية وقرافة جنوبية بمسمياتهاالمختلفة أيضا حتى البساتين جنوب القاهرة حاليا وكذلك كان للطرق الحديثة اثرها في فصل القرافة عن بعضها وقطع الاتصال بينها وهدم  بعضها الاخر للاسف ومنها طريق صلاح سالم منذ الخمسينات وطريق الاوتوستراد منذ الستينات؛ وهو ما يحدث حتى الآن بسبب المشر وعات القومية وخلق محاور مرورية جديدة من أجل السيولة المرورية؛   ولكن السيدالرئيس قد إنتصر للمواقع الأثرية والتر اثية فوجه في7يوليو2021م بضرورة تدقيق الدراسات والبيانات   من  اجل الحفاظ على الأصالة والمعاصرة ؛ وكذلك وجه في12يونية2023م بتشكيل لجنة برئاسة رئيس الوزراء لتقييم الموقف بشأن نقل المقابر بالقرافة وتحديد كيفية التعامل مع حالات الضرورة التي أفضت إلى مخطط التطوير؛ ولكن اللجنة  لم يعلن تشكيلها بعد أو ربما تكون لجنة سرية مهما يكن من امر فإن قرار هذه اللجنة  يجب أن يتسق مع توجيهات السيد الرئيس  ومع  الدستور(المواد47_51وهي المواد المتعلقة بالمقومات الثقافية)  والقوانين ذات الصلة وهي117لسنة1983م وتعديلاته و القانون144لسنة2006م والقانون119لسنة2008م ومع المواثيق الدولية ذات الشأن وذات الصلة بالتراث المادي واللامادي  وبالتالي يتم الحفاظ  على تراث القرافة  مع صيانته وترميمه وتطويره  وتنمية القرافة التحقق المردود  السياحى المرجو منها لا سيما في ظل المشروعات القومية المتعلقة السياحة الثقافية في محيطها بالقرب منها؛ اما إذا ماحدث العكس وتم تنفيذ سياسة
الأمر الواقع وفرضها؛ رغم كل  النداءات والمناشدات والتصريحات  على عكس توجيهات السيد الرئيس فإن ذلك يعد  مخالفة  صريحة للدستور والقوانين  والمو اثيق الدولية  المشار إليها  و لتوجيهات السيد الرئيس وفكره ورؤيته العميقة   لتجربة مصر التاريخية وتراثها وحضارتها وثقافتها وقوتها الناعمة واحاطته ونظرته الكلية الشاملة لما يجري في العالم عامة ومايحاك ضد مصر وتاريخها خاصة وهذا هو السر الكامن وراء توجيهات سيادته بضرورة الجمع بين الأصالة والمعاصرة اوبين الماضي الجميل والعصرنة أو بمعنى اخر أن نكون في مستوى مصرنا بالنسبة للذات(اي ماضينا وتراثنا وقوتنا الناعمة) وفي مستوى عصرنا بالنسبة لغيرنا والاخر(اي العصرنة والتحديث والتطوير المستمر والتنمية المستدامة والادارة الحديثة)  وبالتالي من لم يستطع ان يدرك فلسفة هذا الفكر وتلك الرؤية ويحيط بكل ابعادها وزواياها ونقلها على أرض الواقع فلا مكان له  ضمن قيادات الجمهورية  الجديدة التي أرسى دعائمها ووضع أساسها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي  والتي يعد التراث مقوما أساسيا من مقوماتها وهو ما تدل عليه وتشير إليه توجيهات السيد الرئيس المنكر رة ومن ثم عليه إن يرحل بمحض اختياره بدلا من ان تتم اقالته سواء على مستوي المحافظة أو الوزارة بل والحكومة.
وعلى ضوء ذلك أين هو مخطط التطوير  في محور صلاح سالم؛؛؛ واين الدراسات التي  وجه إليها السيد الرئيس في ظل ارتباط تنفيذ هذا المشروع بمنطقة تاريخية  وأثرية وتر  اثية؛؛ واين الحلول والبدائل المطروحة عندما يقف  وجود التراث حائلا قويا أمام امكانية التنفيذ؛؛؛ إلا إذا كان التراث لا جدوى منه وبالتالي يجب التضحية به فالحي ابقى من الميت؛؛ واعتقد إنه لا توجد حكوَمة   رشيدة  في  العالم يمكن أن تضحي بتراثها وتهدمه   أو حتى  تقوم بتشويهه فما بالنا بحكومة مصر التي كانت وما تزال تفتخر بتاريخ وحضارة وأثار وتراث  وطننها الحبيب  ألمو غل في القدم والعراق بل وتعمل جاهزة على عمل وتنفيذ مشروعات تنموية سياحية تعيد الوجه الحضاري المشرق لها وهو ما حدث  ومايزال يحدث في مواقع كثيرة ضمن  سلسلة المشروعات القومية العملاقة  التي افتتح بعضها والباقي يفتتح قريبا إن شاء الله؛ ولذلك كان يجب على
المحافظة والوزارة والجهات المعنية وكل من له صلة بالمشرو وع    بالحكومة ان يدرك جيدا المغزي من توجيهات السيد الرئيس  فينفذها عن طيب خاطر لأنها صادرة عن   فكر عميق ورؤية صائبة للتجربة التاريخية المصرية وموقع التراث في هذه التجربةمن جهة واحاطة ثاقبة بما يجري في العالم وما يحاك ضد مصر كما سبق القول. فيا ايها المسؤولون والجهات التنفيذية  القاهرة  بقرافتها وجبانتها الرئيسة جسد واحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الأعضاء بالسهر والحمى ؛ واليوم فإن القرافة تتداعي وتئن وتشتكي نظير مايجري على أرضها من أعمال هدم وتشويه لمعالمها الأثرية والتراثية وقطع لاوصالها وطمس لهويتها البصرية والبيئية ونسيجها العمراني والمعماري وعدم َ وجود حرم  مناسب لها فماذا انتم فاعلون؛؛ ولماذا كان التشخيص خطأ ؛؛ وهل تم على أرض الواقع؛ ؛ ام تم عبر المكاتب من خلال خرائط التصوير  الجوي اوGoogle Earth ا ونظم المعلومات الجغرافية ام ماذا؛؛ وأعتقد أنه لو كان تم  على أرض الواقع ماكان لبحدث ماهو حادث ويجري  الان ومستقبلا لإنه كان يكتشف  أمام أعينهم هذا الكنز التراثي النادر الذي قل ان نجد له مثيلا في اي مكان اخر؛ ومن ثم كان سيتم التفكير في الحال في إيجاد حلول وبدائل لهذه الطرق وتلك الكباري أو الحدائق زي ماقال رئيس الوزراء في المؤتمر الصحفي.   ولو تم  تنفيذ توجيهات السيد الرئيس منذ7يوليو2021م ماكان حدث  مايجري الان وهو الامر الذي ادي إلى تفاقم الازمة فما كان من السيد الرئيس الا وان تدخل  للمرة الثانية في12يونية2023م ووجه بتشكيل لجنة  من الخبراء و المتخصصين برئاسة رئيس الوزراء لتقييم الموقف بشأن نقل المقابر بالقرافة وتحديد كيفية التعامل مع حالات الضرورة التي أفضت إلى مخطط التطوير؛ فاين تلك اللجنة؛؛؛ وهل هي سرية؛ ؛ ام ستعلم؛؛ ام ماذا؛ وذلك على نحو ماذكرنا سابقا.
واقول للمحافظة والوزارة والجهات المسؤولة عن التنفيذ بل والحكومة   إذا كان ماتقومون به من  مشروعات قومية مهمة بتوجيهات وتكليفات السيد الرئيس  كما هو ثابت ومعروف سوف يذكرها التاريخ فإن التاريخ نفسه  لن ينسى من كان وراء هدم التراث وتشويهه وعدم المحافظة عليه وصيانته وترميمه وتطويره وتنمية بيئته ومحيطه ولنا في التاريخ عبرة وعظة فهل نسي التاريخ حرق تراث مكتبة الإسكندرية عام 48ق م رغم إنجازات القيصر المتسبب في ذلك؛؛ وهل  نسي التاريخ مافعله صلاح الدين ( رغم إنجازاته وشهرته) في مكتبة الفاطمي ين بعد أن قضى على دولتهم567هجرية/1171م؛؛ وهل نسي  التاريخ مافعلة المغول أو التتار على يد هولاكو في مكتبة بغداد العظيمة656هجرية/1258م؛؛ وهل نسي التاريخ حريق  مكتبة ابن رشد علي يد خليفة ألموحدين رغم انجازاته وشهرته؛ وهل نسي ما فعله الأمير جهاركس الخليلي في عهد السلطان الظاهر  برقوق في تربة الخلفاء الفاطميين المعروفة بتربة الزعفران وإقامة خان محلها وهو الخان الشهير   المعروف لخان الخليلي حتى الآن  وحسبنا قراءة ماقيل عنه وحدث له في المقريزي وابن تغري بردي وابن إياس وعلى باشا مبارك وغيرهم؛ ولم ينسى التاريخ القديم والوسيط  والحديث تحويل المعابدالمصرية القديمة إلى اديرة وكنائس؛  و تحويل  الكنائس إلى مساجد  ثم تحويل المساجد إلى كنائس؛؛ كذلك لم ينسى التاريخ من قام بعمليات انتحال وتزوير فنسب أبنية سابقة على عهده إلى نفسه وكتب اسمه عليها بدلا من اسم صاحبها  ولكن كشفه التاريخ  ولدينا أمثلة كثيرة من كافة العصور القديمة الوسيطة والحديثة في مصر والعالم؛.وهل نسي التاريخ القريب حريق المجمع العلمي المصري عقب إحداث ثورة25يناير2011م.
وعلى ذلك فإن كل مايمت للتراث المادي واللامادي كالابنية والمنقولات والمكتبات والكتب وغيرها بصلة سيظل عالقا بالتاريخ ولن يمحي رغم تعاقب العصور وكر الدهور لأنها من الجرائَم الثقافية التي لا تسقط بالتقدم.
وختامها نتمنى أن يتم تشخيص حالة القرافة  تشخيصا علميا وقانونيا  من قبل لجنة الخبراء والمتخصصين التي وجه   إلى تشكيلها السيد الرئيس حتى  يمكن إيجاد الحلول المناسبة والبدائل الملائمة لمخطط التطوير أهميته مع الحفاظ على القرافة وتراثها حتى لاتتداعي وتئن وتشتكي اكثر من ذلك؛ وكفى ما حدث لها حتى الان   ومن  ثم  فهي تستغيث  بكل المصريين وتقول لهم واقرافتاه؛ والمصريون يناشد ون السيدالرئيس الذي لم يقصر في شئ  ونقول لسيادته لبى نداء القرافة  وارئيساه؛؛؛ 
فالخليفة المعتصم بالله عندما إستغاثت به امرأة عربية بقولها وامعتصماه لبى ندائها على الفور  واخذ لها حقها كما هو مبسوط في المصادر التاريخية المختلفة فما بالنا بأبناء

واحفاد العشرات من أصحاب الاحواش والمقابر ذات الطراز المعماري المتميز والطابع الفني النادر في تراكيبها وشو اهدها وأبوابها واسقفها التي يجب أن يحافظ عليها وتبقى في موضعها ويتم تر ميمها وصيانتها وتحديد حرم لها وتسجيلها في عداد الآثار.
حفظ الله مصر أرضا وشعبا وهويةوقيادة وجيشا وشرطة وقوة ناعمة  وحكومة رشيدة وعلماء وتاريخا وأثارا وحضارة وثقافة وتراثا إلى أن يشاء الله وحتى يرث الأرض ومن عليها اللهم أمين يارب العالمين.

بقلم:

الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا