رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل مهمة مجموعة الـ«50» لاحتواء أزمة «رفع الأسعار»

سلع -أرشيفية
سلع -أرشيفية


دائمًا ما تلجأ الحكومة إلى المؤسسات الدينية لإصدار الفتاوى؛ لحث المواطنين على محاربة «جشع التجار»، و«السوق السوداء»، وقبول قرارات رفع أسعار المواد البترولية وفواتير الكهرباء التي كانت سببًا في زيادة حالة الغضب الشديد داخل الشارع.


وفي هذا السياق، ووفقا للمعلومات المتوفرة، فإن أجهزة عليا بالدولة، طالبت المؤسسات الدينية الثلاثة، الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، بالعمل سويًا لتنظيم حملة مكبرة لتهدئة المواطنين، بتقبل القرارات الاقتصادية «الصعبة» مثل رفع أسعار تذاكر المترو.


وتضيف المعلومات، أن الأيام الماضية، شهدت اجتماعًا بين قيادات بالمؤسسات الثلاث، وبعض الجهات العليا بالدولة، وتم الاتفاق على ضرورة إصدار بيانات وفتاوى تشجع المواطن على تقبل القرارات الاقتصادية والسياسية التي تصدرها الحكومة ومؤسسة الرئاسة، والرد على الآراء المعارضة لتلك القرارات.


وتم تكليف المؤسسات الدينية بمهام خاصة تتعلق بتهدئة الشارع خلال الفترة المقبلة، نظرا لدور الدين القوي في نفوس المواطنين، وبناء عليه تم وضع خطط داخل كل مؤسسة دينية سواء كانت الأزهر أو دار الإفتاء أو وزارة الأوقاف لتنفيذ التعليمات الصادر لهم في هذا الشأن.


وتعتمد خطة الأزهر ودار الإفتاء على تكليف قائمة الـ«50» الموكل لهم الفتوى والظهور في وسائل الإعلام التركيز في برامجهم على إعطاء الأمثلة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم مرورًا بالصحابة على تحمل أزمة ضيق المعيشة، وكيفية التغلب على الفقر والبطالة ونشر الفساد داخل المجتمع.


كما تم تكليف بعض الإعلاميين باستضافة عدد من علماء الأزهر للحديث حول تلك الملفات في برامجهم.


أما بالنسبة لـ«وزارة الأوقاف»، فإن التكليفات الصادرة لهم عبارة عن تخصيص جزء من خطب الجمعة للحديث عن ضرورة الصبر وتحمل غلاء الأسعار والعمل على الترشيد وتقليل النفقات، كما طالبت الوزارة من أئمة المساجد تركيز موضوعات الدروس الدينية بالمساجد للحديث في تلك القضايا، والتأكيد على رفض دخول الإخوان المحرضين ضد الدولة عن طريق استغلال الغضب الشعبي من رفع الأسعار.


وكانت دار الإفتاء أصدرت فتاوى تتعلق بغلاء المعيشة، منها فتوى، جاء فيها، أن «الاستيلاء على السلع المدعومة بطرق غير مشروعة، وبدون استحقاق حرام شرعًا».


وقال الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، إنني أنصح التجار بالتعاون في سبيل التقدم لهذا البلد، وأن يرحموا إخوانهم المشترين، فإن الاستغلال محرم فى الشريعة الإسلامية، والشريعة حرمت الاحتكار، ونبهت على ضرورة التسامح والتعاون فيما بين الناس، والشريعة علمتنا "رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع وسمحًا إذا اشترى".


وتابع مفتي الجمهورية، أن من ييسر للناس ييسر الله عليه، والدولة تقوم بدور كبير فى سبيل الرقابة، ولابد من معاونة المراقبين والمفتشين، للقضاء على الاستغلال والاحتكار، والله يحب المتسامحين الميسرين.


كما، أصدرت دار الإفتاء، فتاوى أخرى لمحاربة «السوق السوداء» للدولار، حيث أفتت الدار، بأن الاحتكار والممارسات المؤدية لارتفاع الدولار "حرام شرعًا"، وأنه يعد نوعًا من "أكل أموال الناس بالباطل".


في السياق ذاته خرج الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، خلال الفترة الماضية بعدة تصريحات يطالب المواطنين بالصبر على قرارات ارتفاع الأسعار، على اعتبار ذلك يصب في صالح البلاد، مشيرا إلى أن جماعة الإخوان وراء نشر الشائعات وفي البلاد.


كما أعادت اللجنة الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية، نشر بحث يحرم دعوات التحريض ضد الحكام، حيث جاء بالبحث الجديد، تحت عنوان: «واجب الشعب عند ظلم الحاكم»، وطرح سؤال هام وهو: هل إذا ظلم الحاكم الشعب وكلفهم مالا يطيقونه من ضرائب أو رفع أسعار يتمرد ويخرج عليه ويطلب بعزله أو يسكت على الظلم؟


وكانت الإجابة: «جاء في فتح الباري لابن حجر قال، إن الذي عليه العلماء أنه إن قدر على خلعه بغير فتنة وجب، وإلا فالواجب الصبر، وعن الخوارزمي، قال إنه لا يجوز الخروج عن الحاكم حتى لو كان ظالمًا، بل يجب على الرعية طاعته».


وذكر البحث أن الأمر بالصبر على الحاكم، وردت فيه عدة نصوص، منها قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ».


وسؤال آخر في البحث جاء فيه: هل الأمر بالصبر يعني الرضا بالظلم ويعنى أن يكون موقف الرعية موقفا سلبيا من المنكر الذي تراه؟ وكانت الإجابة: لا، إن الدين وجهنا إلى الصبر من أجل وحدة الكلمة، وعدم إثارة الفتنة، ولكن يجب اتخاذ موقف إيجابي حيال هذا الظلم، وذلك يكون بالنصح والتوجيه بالحكمة والموعظة الحسنة.


من جانبه، يرى الدكتور محمود جاد، أستاذ الفقه في جامعة الأزهر، أن الفتاوى الدينية لن تقضي على الفساد داخل المجتمع المصري، والجهاز الإداري بالدولة، فرغم صدور مئات الفتاوى، إلا أنه لم يلاحظ وجود أي تغيير، ومن هنا فهناك مسئولية حقيقية تقع على الحكومة عن طريق تطبيق القانون والرقابة المشددة على التجار المخالفين وعلى السوق السوداء التي انتشرت على مدار العامين الماضيين.


واعتبر «جاد»، أن الفتاوى الصادرة من الإفتاء وباقي المؤسسات الدينية، رغم كونها تتفق مع الشرع، إلا أنها تعد نوعًا من تسكين للشعب، وحيلة تلجأ إليها الحكومة تكشف الفشل الكبير الذي وصلت إليه، وتجنب البحث عن حلول جديدة للأزمات المستعصية التي تمر بها البلاد حاليًا.


في حين يرى الدكتور سليم عبد العزيز، عضو لجنة الفتوى بالأزهر، أن المؤسسات الدينية لها دور هام جدا في تقويم انحراف المجتمع ومعالجة الظواهر الاجتماعية الشاذة، والشريعة الإسلامية تحتوى على جميع حلول الأزمات التي تواجه الإنسان، ومن هنا فإن الفتاوى الصادرة من ضمن مهام المؤسسات الدينية، وفقًا للدستور، والحكام في عهد الدولة الإسلامية كانوا يحرصون على اللجوء لعلماء الدين للقضاء على أزمات المجتمع.