رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«تقليص» مساحات الأرز «يذبح» الغلابة.. ويُعيد «مافيا» الاستيراد

الأرز
الأرز


يبدو أننا لن نرى الحلقة الأخيرة من مسلسل القرارات غير المدروسة التي تتخذها الحكومة، ويصاب بسهامها المواطنون البسطاء، خاصة بعد قرار خفض المساحات الزراعية للمحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، أبرزها «الأرز» وقصب السكر والموز.


ويرى الخبراء، أن تخفيض المساحات المنزرعة من تلك المحاصيل مثل «الأرز» سيتسبب في ارتفاع السعر بالسوق المحلية، وسيفجر أزمة على البطاقات التموينية، ما سيؤدي إلى إعادة نشاط «مافيا الاستيراد» مرة أخرى.


وخلال الأيام القليلة الماضية، وصل سعر الأرز بالسوق المحلية إلى 14 جنيهًا للكيلو في بعض المحافظات، مع توقعات بارتفاع سعر الكيلو إلى 20 جنيهًا قريبا وخاصة مع دخول شهر رمضان المبارك، وزيادة استهلاك الفرد.


وفي هذا السياق، وصف مجدي أبو العلا، نقيب فلاحين الجيزة، قرار وزارتي الزراعة والري بتقليص مساحة المحاصيل المستهلكة للمياه مثل الأرز وقصب السكر والموز بـ«القرار غير المدروس».


وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أنه تم تقليص المساحة الزراعية في الأرز إلى النصف تقريبًا، لافتًا إلى أنه كان يتم زراعة مليون و250 ألف فدان وبعد القرار وصل إلى 750 ألف فدان فقط.


وأشار «أبو العلا»، إلى أن القرار سيتسبب في تكالب التجار على شراء المحصول لبيعه بالسوق الحرة بسعر مرتفع، ومن ثم لن تجد وزارة التموين، «أرز» لبطاقات الدعم.


وأوضح أن ذلك سيدفع وزارة التموين إلى الاستيراد من الخارج، بجودة أقل من المحصول المصري، قائلًا: «الأرز المصري عالي الجودة بينما الأرز المستورد بلاستيك، ولن يقبل عليه المواطنون».


وأكد نقيب الفلاحين، أنهم ملزمون بتطبيق القرار ولكن بشروط أولها: توفير كميات الأرز المطلوب للبطاقات التموينية، والسوق المحلية وعدم اللجوء للاستيراد، والآخر هو شراء الإنتاج بديل الأرز في الصيف من الفلاحين مثل القطن والذرة والخضراوات.


وتابع: «ولكن الحكومة لا تشتري هذه المحاصيل من المزارعين وهو ما سيتسبب في أزمة للفلاحين وفي هامش ربحهم السنوي، لذلك نطالب بتفعيل بورصة القطن وحلقات تجميعه، بالإضافة إلى أننا سنوفر الذرة للماشية والدواجن بدلًا استيرادها من الخارج».


ولفت إلى أن مصر كان لديها اكتفاء ذاتي من الأرز وفائض للتصدير، متابعًا: «الأمر ذاته سيحدث عند تقليل مساحة زراعة قصب السكر الذي لدينا اكتفاء ذاتي منه، وسنلجأ للاستيراد وسيحدث عجز على بطاقات التموين».


وواصل: «القرار في صالح المستوردين ورجال الأعمال، والمتضرر الأساسي المواطن البسيط بعد عدم وجود السلع في السوق وارتفاع الأسعار، ولكن في المقابل تترك الحكومة حمامات السباحة وأراضي الجولف».


من ناحيته، قال محمد رأفت رزيقة، عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية، ورئيس شعبة الحلويات، إن قصب السكر يستهلك كميات كبيرة من المياه، ولكن البديل لزراعته سكر البنجر، ويمتلك نفس جودته في صناعة الحلويات.


وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»: «تقليص مساحة قصب السكر لن تتسبب في أزمة للمصانع الغذائية، ولاسيما أن جميع الكميات المنزرعة يتم توزيعها للبطاقات التموينية، والمجمعات الاستهلاكية لكن المصانع تستهلك من سكر البنجر».


وأوضح «رزيقة»، أن الأزمة تكمن في تقليص مساحة الأرز، قائلًا: «إذا الإنتاج الذي أقرته الحكومة لن يغطي احتياجات السوق، وسنلجأ إلى الاستيراد بجودة أقل وبسعر مرتفع؛ نظرًا لوصول سعر الدولار في البنوك إلى 17.70 جنيه».


وتوقع ارتفاع أسعار الأرز بالأسواق خلال الفترة المقبلة وخاصة مع نقص المعروض وزيادة التكلفة الإنتاجية، مشيرًا إلى أن القرار سيدفع معظم «مضارب» الأرز إلى الاتجاه لصناعة أخرى، مثل الدقيق والذرة.


بدوره، قال رجب شحاتة، رئيس شعبة الأرز بغرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات المصرية، إن تقليص مساحة الأرز المنزرعة سيقلل المادة الخام الواردة ومن ثم سيؤدي إلى «عطلة» للمضارب ولاسيما أن وزارة الزراعة منعت استيراد الأرز الشعير.


وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن بعد هذا القرار سيتم اتجاه معظم المضارب إلى أعمال وصناعات أخرى وهناك مضارب بالفعل تم تحويها إلى محطات «غربلة» أو فرز وتعبئة.


وأشار «شحاتة»، إلى موقف مصر من المياه صعب جدًا، مشددًا على ضرورة وقوف كل القطاعات من الصناعة والتجارة بجانب الدولة حتى نمر من هذه المحنة.


بينما قال الدكتور جمال محمد صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي فى جامعة القاهرة، إن المساحة الفعلية لزراعة الأرز تصل إلى مليون ونصف المليون فدان والمساحة الجديد 750 ألف فدان، أي انخفضت النصف، وهو ما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج للنصف.


وأضاف في تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن انخفاض نسبة الإنتاج ستؤدي إلى الاستيراد من الخارج وخاصة أن مصر لديها اكتفاء من الأرز، ولكن مع نقص المساحة سنضطر إلى الاستيراد ما يقابلها.


وتابع: «وذلك بالإضافة إلى ارتفاع سعر الدولار الجمركي إلى 16 جنيهًا، بجانب استغلال التجار الأزمة للمضاربة بأسعار الأرز، مع عودة مافيا الاستيراد وهو ما سيؤدي إلى معاناة المستهلك في المقام الأول».


وأشار «صيام»، إلى أن الفلاحين سيتجهون إلى زراعة القطن والذرة كبديل ولكن لا يمتلكان سوقًا في مصر، وهو ما يؤدي إلى الأضرار بهامش ربح الفلاحين، قائلًا: «البديلان ليس جيدين بالنسبة للفلاحين وكان يجب على الحكومة دراسة موقفهم من الزراعة».


وواصل: «فدان الأرز يستهلك 6 آلاف متر مكعب بالغمر، وبعد زراعة الذرة التي تستهلك 4 آلاف متر مكعب أي تم توفير ألفين متر مكعب، بإجمالي مليار ونصف المليار متر مكعب مياه، ولكن في المقابل سيتم استيراد النصف، بالإضافة إلى توقف نصف مضارب الأرز».


وأوضح أنه يتم زراعة 300 ألف فدان من قصب السكر وهو له وضع مختلف، لافتًا إلى أن معظم مصانع إنتاج الأرز تابعة للحكومة، وتقليل المساحة يعني تعطل هذه المصانع.


ولفت أستاذ الاقتصادي الزراعي، إلى أن فدان قصب السكر يستهلك 12 من 15 مترا مكعبا من المياه، بإجمالي نصف مليار متر مكعب، متابعًا: «وهو ليس رقمًا بمقارنته بالأرز، وحاولت الدولة تقليل مساحته خلال السنوات الماضية، ولكن هناك ضغوط اقتصادية واجتماعية ولوبي من النواب الصعيد يقف أما هذا القرار».