رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حسن نافعة: السيسي حاليًا رئيس «تسيير أعمال».. ولا يحق له اتخاذ قرارات سيادية (حوار)

محرر «النبأ» مع الدكتور
محرر «النبأ» مع الدكتور حسن نافعة

قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن عبد الفتاح السيسي، في الوقت الحالي مجرد «مُرشح للرئاسة»، ولا يحق له اتخاذ قرارات سيادية حتى إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية.

وأضاف «نافعة» أنه ليس من مصلحة النظام وأد أى حركة معارضة قائمة، لافتًا إلى أن حديث السيسي عن التفويض، للمرة الثانية، محاولة منه لإخافة «معارضيه»، وإلى نص الحوار.

كيف ترى تحركات الحركة المدنية.. وهل ستوحد صفوف المعارضة؟
الحركة المدنية الديمقراطية شأنها شأن حركات كثيرة ظهرت من قبل فهى تنشط خلال الأزمات، وبالتالى ظهور هذه «الحركة» وضمها لألوان الطيف السياسي، سواء أحزاب سياسية، أو شخصيات مستقلة يعنى أن هناك أزمة ما فى النظام، وأن هناك محاولة لتجميع قوى سياسية مختلفة لمواجهة هذه الأزمة، والبحث عن حلول لها، أو اتخاذ مواقف سياسية احتجاجية ضد أوضاع معينة.

وأظن أن الانتخابات الرئاسية، هي الحدث الذي استدعى القوى المدنية للاحتجاج، لأن هناك شعورًا عامًا أن الانتخابات لن تفرز أى شخص يعبر عن الإرادة الشعبية تعبيرًا حقيقيًا، خاصة أن المرشحين الذين كان من الممكن أن يكونوا منافسين حقيقين تم استبعاد بعضهم، والبعض الآخر انسحب عندما وجد أن شروط المنافسة الصحيحة ليست متوفرة وأن العملية الانتخابية لن تكون شفافة أو نزيهة ما أوجد أزمة حقيقية، استدعى ذلك تحرك قوى المعارضة.

هل ستجذب الحركة بقية أحزاب المعارضة أو الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة؟
أعتقد أن هذا الاستقطاب هو طموح «الحركة»، لكن هل ستنجح فى ذلك أم لا؟، فهذا غير واضح حتى الآن، لأن هذه المسألة تتوقف على شروط كثيرة ليست متوفرة فى الوقت الراهن، ومع تزايد حدة الأزمة قد تنجح فى تشكيل ائتلاف عريض، يشبه جبهة الإنقاذ، التى تشكلت وقت حكم الإخوان.

هل هي أقرب لجبهة الإنقاذ أم للحركة الوطنية للتغيير التي تشكلت في فترة حكم مبارك؟
كل مرحلة من المراحل تفرز شكلًا من أشكال التجمعات، فليس من الضرورة أن تكون «الحركة» هى نسخة مكررة للجمعية الوطنية للتغيير، لأن لكل مرحلة وكل أزمة لها خصوصية معينة، وبناءً عليه تفرز الشكل الاحتجاجي الذي يواجه تلك الأزمة، والهدف في المرحلة الحالية هو تجميع كل القوى السياسية التى تؤمن بالديمقراطية، والتى ليس لها علاقة بجماعة الإخوان ولا تؤيد النظام الحاكم، ومن الممكن فيما بعد أن تدخل هذه «الحركة» فى حوار مع التيار الإسلامي، أو مع من يؤمن منهم بالديمقراطية، لخلق أكبر جبهة ممكن لمواجهة التحديات التى يفرضها النظام السياسي الحالي.

هل هناك تحركات من النظام لوأد أصوات المعارضة؟
أظن أنه ليس من مصلحة النظام وأد أى حركة معارضة قائمة، لأنه من المفترض أن المعارضة جزء من النظام، ومن المفترض أيضًا أن أى حاكم يعي أن المعارضة القوية هى جزء من نظام قوي، وكلما وجهت ضربات للمعارضة وضعفت، هذا يعنى أن النظام خائف وأنه يخشى هذه المعارضة، والمشكلة الحقيقية أن النظام ليس بيديه أدوات سوى التخويف والبطش، وتسليط المواطنين الشرفاء على معارضيه، كما حدث مع المستشار هشام جنينة على سبيل المثال، أو الزج بهم بالسجون كما حدث مع الفريق سامي عنان.

وماذا عن التخويف باستخدام الأساليب الأمنية؟
في اعتقادي أن الأساليب الأمنية تزيد من انتشار المعارضة، لأنها بذلك تحظى بزخم، ومن الممكن أن تحصل على تأييد شعبي أكثر مما كانت تنشده لو لم يظهر النظام أنيابه وشراسته وكراهيته للحريات وحقوق الإنسان، لأنه من المفترض أن الدستور كفل حق التظاهر والتجمعات وحق تشكيل الأحزاب السياسية، وحتى الإضراب، وبالتالي كل أشكال المعارضة كفلها الدستور، لكن للأسف تحت بند تنظيم هذه الحقوق يصدر النظام القوانين لمنعها واستئصالها، ما ينم أن هذا النظام ليس لديه وعى سياسي، وقد قالها الرئيس أنه ليس سياسيًا، وتلك المقولة كارثية وما كان ينبغي عليه قولها، لأنه منذ اللحظة الذي خلع فيها بذلته العسكرية وقرر الترشح لكرسي الرئيس، كان يجب أن يعى هذا المنصب هو أعلى منصب سياسي فى البلاد، وبالتالي من يشغله يجب أن تتوافر به الشروط التى تمكنه من إدارة الدولة، والمجتمع المدني بعيد تمامًا عن العسكرية، التى تقوم على الأوامر والضبط والربط والسمع والطاعة، بعكس المجتمع المدني الذي يتشكل من مزيج متضارب من المصالح، فمصالح العمال غير مصالح الفلاحين، وعلى من يجلس على كرسي الحكم أن يدرك هذا الفرق.

وإذًا مطلوب من رئيس الدولة أن يتمكن من إدارة كل هذه التناقضات، والدفع بها فى صالح المجتمع، لأن النظام القوي لا يخشى وجود معارضة قوية لأنها تطرح بدائل وبرامج سياسية قد يستعين بها من يجلس على كرسي الحكم، وأيضًا من الممكن أن يصحح أخطاءه ويكشف عن الفساد من خلالها، كل هذا بشرط أن يكون مستعدا للتداول السلمي للسلطة، لأن هذا هو المعنى الحقيقي للديمقراطية ومنصوص عليه بالدستور.

ولكن الرئيس ألمح أنه على استعداد لترك منصبه إذا أراد الشعب ذلك
للأسف تصرفات النظام الحالي توحي أنه ليس مستعدًا ولا جاهزًا لتداول سلمي للسلطة، ولذلك أحد أسباب حدة الاحتقان السياسي فى المرحلة الراهنة، ما قام به الرئيس وأجهزته الأمنية خاصة فى الأسابيع الماضية، التى أدت إلى منع كل من لهم حيثية الترشح للرئاسة من النزول إلي حلبة الصراع الرئاسي، ما أعطى انطباعًا أن الرئيس جاء ليبقى طوال سنوات عمره حاكمًا لمصر، ولذلك يخشى البعض أن تشهد الولاية الثانية تعديلًا دستوريًا يسمح لبقاء الرئيس مددًا طويلة مثلما كان قبل ثورة 25 يناير.

وأصبح كل من يعارض الرئيس وكل من يفكر أن يحظى بشعبية تؤهله من خوض انتخابات الرئاسة شريرًا من الأشرار، ومحاربة الرئيس لهم تذكرنا بجورج بوش الابن، حينما تحدث عن الأشرار في العراق وإيران وكوريا الشمالية ووصفهم بمحور الشر، وما كان ينبغي على «السيسي» أن يصدر منه مثل تلك التصريحات، خاصة أنه قالها فى لحظة غضب وانفعال وتحد ونبرته كانت تنم عن غضب شديد، وأنا أرى أن هناك تحديًا حقيقيًا بالداخل، وهذا يعني أنه يدرك أن نظامه شديد الهشاشة.
كيف سيكون الوضع إذا وصل الأمر إلى هذه الدرجة من التحدي بين النظام ومعارضيه وهل تحركات المعارضة في ظل رئيس ليس بسياسي قد تفرز صدامًا معه؟
هذا سؤال فى غاية الأهمية، لأن التحركات فى الأسابيع الماضية، كانت تهدف إلي التغيير السلمي من خلال صناديق الاقتراع، وبالتالي تلك المعارضة كان لديها أمل أن يفتح الباب لكل من يرغب بالترشح، وأن تحصل كل القوى السياسية والمرشحين الراغبين في خوض الانتخابات الرئاسية على ضمانات نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها، ومن تتوفر به الشروط الترشح أن يتقدم ويكون الحكم للجنة العليا للانتخابات، لكن أن يتدخل الرئيس بنفسه ويقول سأمنع وسأفعل كذا وكذا فهذا ليس من اختصاصه.

الرئيس في هذه المرحلة هو مرشح للرئاسة، وأقرب لرئيس تسيير أعمال، وليس مخولًا له اتخاذ قرارات سيادية حتى إعلان النتيجة النهائية للانتخابات، ويجب على الرئيس، أن يكظم غيظه، ولا يظهر مشاعر الغضب للشعب، لأن الرئيس المحنك المخضرم هو من يستطيع التحكم فى انفعالاته، وأن ويبدي عكس ما بداخله ليُظهر أنه يستطيع أن يمسك دفة الحكم بما تفرضه الحنكة السياسية.

كيف تقارن بين السيسي ومبارك من حيث التعامل مع المعارضة؟
حسنى مبارك، رغم ما حدث معه إلا أنه كان أكثر نضجًا من الناحية السياسية، لأنه ظل فترة نائبًا لـ«السادات» ما أكسبه خبرة حينما أصبح رئيسًا، ولا نغفل أن مدير مكتبه كان أسامة الباز، وسواء نتفق أو نختلف مع «مبارك» إلا أنه لم يظهر غضبه من قبل، سوى المرة التى قال فيها: «خليهم يتسلوا»، وهذا كان إحساسًا مفرطًا بالثقة والاستهانة بالغير أكثر مما ينبغي، أما السيسي فكان خطابه في افتتاح حقل «ظُهر» أقرب لخطاب «السادات» في سبتمبر 1981.

«السادات» كان منفعلا للغاية بعدما وجد معارضة شديدة وكان غاضبا في تلك الفترة، لدرجة أنه فى أحد المؤتمرات الصحفية، هدد أحد الصحفيين بأنه كان يمكن أن يطلق عليه الرصاص، وبعد ذلك بعدة أيام أصدر تعليماته باعتقال أكثر من 1500 شخص، يمثلون رموز الحركة الوطنية، وكان نتيجة ذلك اصطفاف، ونحن لا نتمنى تكرار العنف فى مصر، لأن هذا لا يؤدي إلي حل المشاكل ولكنه يزيد تعقيدها، وأيضًا لا نريد أن تنزل الجماهير مرة أخرى للشارع، وأنا شخصًا لست مع ثورة جديدة، ولست مع العمل العنيف ولكن أنا مع تطبيق شعارات الثورة السلمية.

وماذا عن حديث السيسي للمرة الثانية عن التفويض؟
حديث السيسي عن التفويض مرة أخرى محاولة منه لإخافة معارضيه، وهذا لن يحدث ومن الممكن أن يحدث التفاف حول المعارضة، وتحظى بتأييد الشعب، لأن هناك من يكتوي بنار الأسعار.

فى اعتقادي، لن يطلب الرئيس من الشعب النزول مرة أخرى للميادين، لأنه يدرك أنه لن يميز من يؤيده ومن يعارضه، ومن الممكن أن يختلط الحابل بالنابل، وينقلب الأمر وتتحول المظاهرات التى يتوقع أنها مؤيدة له ومعبره لتفويضه لمحاربة الأشرار إلى مطالبة إياه بالرحيل، ولذلك أنا مقتنع أنه لن يفعلها، ويطلب التفويض.