رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سيناريوهات اندلاع «حرب الغاز» بين مصر وتركيا

السيسي وأردوغان -
السيسي وأردوغان - أرشيفية


في تطور قد يشعل الصراع بين مصر وتركيا، قال وزير الخارجية التركي «جاويش أوغلو»، إن بلاده تخطط للبدء في أعمال تنقيب عن النفط والغاز شرقي المتوسط في المستقبل القريب، مشددًا على أن التنقيب عن هذه المصادر وإجراء دراسات عليها يعد حقا سياديا لتركيا، كما أكد على عدم قانونية اتفاقية الحدود البحرية المبرمة بين مصر والشطر اليوناني من قبرص.


هذه التصريحات استفزت الحكومة المصرية، حيث قامت وزارة الخارجية المصرية متمثلة في المتحدث الرسمي باسمها المستشار أحمد أبو زيد بالرد عليها، مؤكدا أن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص، لا يمكن لأي طرف أن ينازع في قانونيتها، حيث إنها تتسق وقواعد القانون الدولي وتم إيداعها كاتفاقية دولية في الأمم المتحدة، محذرا من أي محاولة للمساس أو الانتقاص من حقوق مصر السيادية في تلك المنطقة، مشددا على رفض القاهرة لهذا الأمر والتصدي له.


وصعدت تركيا الأمر، حيث قامت قطع بحرية تركية باعتراض طريق سفينة تابعة لشركة «إيني» الإيطالية لاستكشاف النفط كانت في طريقها للتنقيب عن الغاز المكتشف أخيرًا في المياه القبرصية.


وقال ناطق باسم الشركة الإيطالية إن السفينة ستبقى في مكانها إلى أن يطرأ تطور على الوضع.


كما قال رئيس الأركان التركي خلوصي أكار، بأن بلاده عازمة على حماية حقوقها ومصالحها طبقًا للقانون والمعاهدات الدولية في جميع البحار التركية.


ونشرت صحيفة «العربي الجديد»، تقريرا قالت فيه إن تركيا تتجه لاتخاذ خطوات قانونية دولية لإبطال الاتفاقية، بدعوى انتهاكها للجرف القاري والمياه الإقليمية التركية عند خطي طول محددين، لمناسبة بدء قبرص أنشطة بحثية للتنقيب عن الغاز الطبيعي في المنطقة الاقتصادية الخاصة بها وفق الاتفاقية، والتي تعتبرها تركيا جزءًا من المياه الإقليمية المتنازع عليها، والمناطق المتداخلة بينها وبين اليونان.


ونقلت الصحيفة عن مصدر دبلوماسي مصري قوله إن خطوة التصعيد التركية تهدف، على ما يبدو، إلى تعطيل الجهود المصرية-اليونانية المشتركة لإبرام اتفاقية ترسيم الحدود البحرية وتحديد المناطق الاقتصادية بينهما، لأنه من المتوقع إبرامها العام المقبل على أقصى تقدير، بسبب انتهاء بعض المشاكل الفنية التي واجهت اللجان المشتركة بين البلدين لتحديد نقاط التماس الرئيسية.


وأضاف المصدر أن تركيا تخشى أن تنجز اليونان ترسيم حدودها البحرية مع مصر، أسوة بقبرص، وتودع تلك الحدود في الأمم المتحدة كما حدث بين مصر وقبرص، فيؤدي هذا الأمر إلى تصعيب فرصة تركيا في تأمين سيادتها على بعض الجزر المتنازع عليها مع اليونان، خصوصًا وأن أنقرة كانت تراهن على استمرار تعثر ترسيم الحدود بين مصر واليونان إلى حين حسم المشاكل بين اليونان وتركيا.


والسؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن أن يتطور الخلاف بين مصر وتركيا إلى مواجهة عسكرية، لاسيما في ظل وجود خلافات عميقة على الكثير من ملفات المنطقة بينهما، وعلى رأس هذه الملفات، الملف السوري والعراقي والليبي والسوداني والقطري، بالإضافة إلى ملف الغاز في شرق المتوسط، وإذا ما حدثت هذه المواجهة كيف سيكون شكلها ولصالح أي طرف؟


يقول العميد صفوت الزيات، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن هناك مشكلة في ترسيم الحدود البحرية، مصر قامت بعقد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، ولكن هناك طرفا ثالثا له مصالح متماسة في هذه الحدود البحرية و"هي تركيا وقبرص التركية"، وبالتالي هذه الأمور ليس فيها مجال للمساومة، هناك قانون البحار الصادر من الأمم المتحدة، هذا القانون سوف يعطى لكل طرف حقه كاملا، وبالتالي الذي سيحكم بين الأطراف المتنازعة هو قانون البحار، والأمر في النهاية سوف يحسم بالقانون الدولي، ولن يستطيع أطرف من هذه الأطراف تعدي قانون البحار الدولي.


وأكد «الزيات»، أن هذه المشكلة سوف يتم حسمها بواسطة الأمم المتحدة وقانون البحار، مشيرا إلى أن تركيا عضو في حلف الناتو، وبالتالي إذا أرادت أن تنال دعم الحلف عسكريا فلابد وأن تقوم بتقديم ملف النزاع على الحدود البحرية بما يتماشى مع قانون البحار التابع للأمم المتحدة، مستبعدا أن يصل الأمر بين الطرفين إلى المواجهة العسكرية، لافتا إلى أن هذه المواجهة ليست في صالح الطرفين، لاسيما وأن هذا الأمر مختلف تماما عن الملفات الخلافية الأخرى بين الطرفين، وسواء فيما يتعلق بموضوع الإخوان أو الحرب على الإرهاب أو الصراع في سوريا أو العلاقة مع إيران أو أزمة قطر، كما أن الأوضاع السياسية والعسكرية والسياسية لمصر لا تسمح لها بالدخول في نزاع مسلح مع أي دولة، كما أن ظروف تركية السياسية والعسكرية وتورطها في الملف السوري ومشاكلها مع الأكراد في الداخل ومع بعض دول الخليج لا يسمح لها بالدخول في نزاع مسلح أيضا مع أي دولة، وبالتالي الطرفان لديهما قضايا ومشكلات مرهقة.


ولفت الخبير العسكري إلى أن استخدام القوة العسكرية من أي طرف ضد الآخر لابد وأن يكون متوافقا مع قانون البحار الصادر من الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن هناك نزاعا الآن بين لبنان وإسرائيل على الحدود البحرية، مستبعدا أن تدخل لبنان في نزاع مسلح مع إسرائيل، لكنها سوف تلجأ إلى محكمة العدل الدولية لحسم هذا النزاع.


وأشار «الزيات» إلى أن موضوع جزيرة سواكن انتهى بتأكيد وزير الخارجية السوداني على عدم وجود اتفاقية بين السودان وتركيا لإقامة قاعدة عسكرية في جزيرة سواكن، مستبعدا نشوب نزاع عسكري بين مصر وتركيا بسبب الخلاف على ملفات المنطقة، لاسيما وأن هناك مصالح اقتصادية كبرى بين البلدين، وتركيا عضو في حلف الناتو، وهو أكبر حلف عسكري في العالم، ومصر ليست عضوا في أي حلف عسكري، وبالتالي التفوق العسكري يصب في صالح الجانب التركي، إذا تطور الأمر إلى مواجهة عسكرية بين الطرفين.


ويقول اللواء عبد الرافع درويش الخبير العسكري والاستراتيجي، إن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وكل من قبرص واليونان قانونية وتم وضع كل الوثائق الخاصة بها في الأمم المتحدة، وبالتالي هذا الاتفاق قانوني ولا جدال فيه، مشيرا إلى أن اعتراض تركيا على موضوع ترسيم الحدود البحرية بين مصر وكل من قبرص واليونان يدخل في إطار سعي تركيا لإعادة الخلافة العثمانية من خلال حصار مصر والضغط عليها من جميع الاتجاهات، لافتا إلى أن القوات البحرية المصرية تصدت بقوة لمحاولات الجانب التركي الاقتراب من حقل ظهر، وقد وصلت لهم الرسالة، لأن القوات البحرية المصرية مصنفة رقم 7 عالميا، وبالتالي تركيا ستواصل هذا السلوك العدواني تجاه مصر طالما ظل محمد مرسي داخل السجن، وطالما ظل الحكم في تركيا تابعا للإخوان، ومن ثم هذا التوتر سوف يزداد مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في مصر.


وأضاف «درويش»، أن ما تقوم به تركيا يرقى إلى إعلان الحرب طبقا لقوانين الأمم المتحدة، التي تعتبر التحرش بمثابة إعلان حرب، مستبعدا نشوب مواجهة عسكرية بين الطرفين في الوقت الحالى، مشيرا إلى أن ما تقوم به تركيا الآن تجاه مصر عبارة عن مساومات على قضية الإخوان.


ويرى اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكري والاستراتيجي، أن ما تقوم به تركيا تجاه مصر هو بسبب انزعاجها من اكتشافات الغاز التي قامت بها قبرص، وهي تحاول أن يكون لها من هذه الاكتشافات نصيب، وأن تذكر العالم بأن هناك سيادة لتركيا على شمال قبرص.


ولم يستبعد «مسلم» نشوب نزاع مسلح بين الطرفين، لاسيما وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتصرف على أنه عضو في حلف الناتو، وبالتالي هو يستقوى بالحلف في أي مواجهة عسكرية مع مصر، مشيرا إلى أن هذه المواجهة ستكون بعد قيام تركيا بالاعتداء على المنشآت البترولية وخاصة حقل ظهر، وهذا سوف يدفع مصر إلى الدفاع عن ممتلكاتها، وبالتالي يتطور الأمر إلى اشتباك عسكري لا أحد يعرف نهايته، لافتا إلى أن القوى الكبرى مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكي سوف تكتفي باستنكار العمل التركي، دون اتخاذ أي إجراءات ضد أنقرة، وبالتالي مطلوب من مصر أن تعتمد على نفسها وقوتها الذاتية في هذه المواجهة، مستبعدا أي دعم عربي لمصر في ظل الظروف التي يعيشها العالم العربي الآن.


من جانبه يقول اللواء حسام سويلم الخبير العسكري والاستراتيجي، إن تصرفات نظام أردوغان الإخواني العدائية ضد مصر سببها ثورة 30 يونيو، مشيرا إلى أن تركيا تسعى بكل قوة إلى خلق مشاكل سياسية واقتصادية وعسكرية لمصر منذ الإطاحة بحكم جماعة الإخوان من مصر، مؤكدا أن تركيا لا تريد الخير لمصر، لافتا إلى أن مصر قامت بوضع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بينها وبين قبرص في الأمم المتحدة، وبالتالي مصر لا تعترف بأي شيء تقوم به تركيا، وأن القاهرة سوف تقوم بالدفاع عن حقوقها بكل قوة، مشيرا إلى قيام أردوغان بتوريط الجيش التركي في عفرين في سوريا، وفتح جبهات للصراع مع الأكراد والروس والأمريكان والسوريين وحتى مع الأتراك في الداخل، وهذا قمة الغباء.


وأكد «سويلم»، أن مصر لا تعطي أي أهمية للتصريحات العدائية من حكومة أردوغان، ولكن مصر سترد بقوة في حال الاقتراب من حقوق الغاز أو من مصالح مصر في البحر المتوسط، مشيرا إلى أن مصر تمتلك قوة عسكرية بحرية قادرة على مواجهة أي تهديد يصدر من أي جهة، وبالتالي إذا أراد أردوغان فتح جبهة ثالثة مع مصر فليفعل وليتحمل عواقب مغامراته.


وأكد أن مصر سوف تقوم بضرب القوات التركية في حال قدومها على أي اعتداء على المصالح المصرية، مشيرا إلى أن مصر سوف تستخدم القوات البحرية والجوية في أي مواجهة عسكرية محتملة مع الجانب التركي، وأن مصر تمتلك عددًا من الأساطيل البحرية سواء في البحر الأحمر أو البحر المتوسط، ولديها قوات خاصة جوية وبحرية، وتمتلك مقاتلات وقاذفات على البحر الأحمر والبحر الأبيض قادرة على التعامل مع أي ظروف، لافتا إلى أن الرئيس التركي «أجبن» من أن يدخل في أي مواجهة عسكرية مع مصر، وما يقوم به هو عبارة عن تهديد، منوها إلى أن ما تقوم به مصر في سيناء هو رسالة للجميع بأن مصر تحارب الإرهاب بكل قوة، وأنها قادرة على حماية حدودها البحرية من أي تهديد محتمل وبكل قوة.