رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

السفير جمال بيومى: الحكومة تريد التخلص من العمالة الزائدة.. ولكن «خايفة» من الإضرابات (حوار)

محرر «النبأ» في حوارهما
محرر «النبأ» في حوارهما مع السفير جمال بيومي


قال السفير جمال بيومى، الأمين العام للمستثمرين العرب، ومساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الحكومة تسببت في جعل شركات قطاع الأعمال العام «مخزنًا» للبطالة، متابعًا: «الحكومة تريد التخلص من العمال الزائدة ولكن خايفة من الإضرابات، وثورة العمال، ما جعل هذا الأمر أصبح مأساة اجتماعية وسياسية نتيجة الخسائر المستمرة لهذه الكيانات».


وأضاف «بيومي» في حواره لـ«النبأ»، أن جميع الاستثمارات في مصر آمنة ولكن المزاج العام للاستثمار في العالم العربي «مقلوب»، موضحًا أن المستثمر يبحث عن السهولة والمشروعات الخدمية، مثل بناء عمارات أو إنشاء بنوك والدخول في السياحة وإنشاء فنادق، إذ إن 80% من الاستثمارات العربية تسير في هذا الاتجاه، وإلى نص الحوار:


في البداية.. كيف ترى المناخ العام للاستثمار في مصر؟

الاستثمار من الناحية القانونية «واقف على رجله»، بعد إصدار قانون الاستثمار ومتابعة المستثمرين من قبل الوزارة والهيئة، بالإضافة إلى اللائحة العامة للاستثمار، ولجنة فض المنازعات، ولكن إذا نظرنا إلى المناخ العام للاستثمار فهو طارد للمستثمرين من رجال الأعمال، فبعض الإعلاميين يضطهدون رجال الأعمال.


هل يعني ذلك أن تتهم الإعلام بالوقوف وراء تراجع الاستثمار؟

نعم.. الإعلام يظهر الصورة السيئة دائمًا للمستثمر، فمعظم الأعمال الفنية تظهر رجال الأعمال بعدم الشرف، وتظهرهم كتجار حشيش أو مهربين، وهذا مخيف بالنسبة للمستثمر، ويقولون إنهم لم يقوموا بواجبهم المنوط به للدولة وهو التبرع بـ100 مليار دولار لصندوق «تحيا مصر» بدلًا من التبرع بـ7 مليارات دولار، ويحرضون الدولة لمصادرة أموالهم كما حدث في عهد جمال عبد الناصر، وهو ما يجعل المستثمر يهرب من مصر لأنه مهدد بالتأميم، ومصادرة أمواله، تلك كانت تجربة «حمقاء».


لماذا؟

لأنه لن تجدي نفعًا في السابق ولا في الوقت الحالي لأن بعض رجال الأعمال الكبار هرّبوا أموالهم في الخارج وأنشئوا مصانعهم في أمريكا والهند والصين، وعند المصادرة فلن تجد الدولة غير «أربع حطان»، فمازلت الدولة والشعب تعادي رجال الأعمال، فهل يوجد مستثمر يعمل بمناخ كارهه؟


كيف ترى ملامح معاداة الدولة للمستثمرين؟

لأن الدولة تضع ثلاث أزمات أمام المستثمر، أولًا، قانون الاستثمار، فحتى الآن لم يعط للوزراء والمتخصصين طرح الأراضي بحرية، للمستثمر، وهو ما يعطي خيارات بديلة للمستثمر في التفكير في قبرص والمغرب والبرازيل وإسبانيا الذين يعطون الأراضي بالمجان أو بحق انتفاع يصل إلى 50 سنة، وعندما تفكر الدولة بنفس الشكل خرج الرأي العام واصفًا ذلك «بأكل مال الشعب والملايين»، لذلك الدولة وضعت مزادات للأراضي بدلًا من حق الانتفاع في الدول الأخرى ما يجعل أمامها كثيرا من المنافسين، «لازم يرسوا على بر» وهذا عيب الوضع الراهن.


ثانيًا، فض المنازعات، فوزيرة الاستثمار سحر نصر تتباهي بفض منازعات 39، في المقابل يوجد أكثر من 900 منازعة، والمستثمر لا يريد اللجوء للقضاء لطول إجراءاته، بالإضافة إلى أنه لا يوجد قضاء متخصص في الشئون الاقتصادية، ما تسبب في وجود أحكام قضائية خالفت العرف الاقتصادي، لذلك على الدولة امتلاك أجهزة تحسم المشكلات بين المستثمر وشركائه.


ثالثًا، البيروقراطية في الدول النامية وتأخر المصالح، التي لم تحل بشكل كامل، وهو ما نطلق عليه الفساد أيضًا، لأن الفساد ليس معناه فقط أخذ رشوة ولكل أيضًا «تعطيل مصالح الناس».


ولكن قيل إن قانون الاستثمار الجديد يقضي على البيروقراطية؟

نعم.. عن طريق الشباك الواحد، ولكن بنقل الإجراءات التي ينفذها المستثمر إلى موظف الحكومة ومع كثرة طلبات المستثمرين، ووجود بعض الجهات تطالب برؤية المستثمر، فهو لم يحل الأزمة بشكل حاسم، فالتطبيق العملي ما زال أمامه «أشواط وأشواط».


ما رأيك في قانون الإفلاس؟

إضافة جيدة، فالإفلاس القانوني يعني تراكم ديون لا يقدر المستثمر أو صاحب الشركة على سدادها؛ لأن كل ما يملكه أقل من تلك المديونيات، وبعد ذلك يتم تقديم المستندات للقاضي الاقتصادي، لإعلان الإفلاس لتبرئة الذمة وأخذ كل ما يملكه وتوزيعه على الدائنين بنفس نسبة المديونيات التي على المستثمر أو الشركة.


أما بالنسبة للإفلاس بالتدليس، يعني اللعب في المستندات لخلق حالة تثبت الإفلاس، لإيجاد وسيلة للسداد، وإذا ثبت هذا تكون عقوبته السجن والحرمان من التجارة لمدة 6 سنين.


ولكن هناك انتقادات حول القانون مثل فتحه بابا للفساد نتيجة عدم وجود خبرة اقتصادية للقضاة بأزمات الشركات المتعثرة.. ما رأيك؟

القضاة ليسوا مختصين بالمحاسبة، ولكن سيتم تعيين خبراء في هذا الشأن للفصل بالقضايا، بالإضافة إلى أن إنشاء محاكم اقتصادية لتدريب القضاة على التعامل مع القضايا الاقتصادية.


ما عدد الشركات المتعثرة في مصر؟

ما يقرب من 3 آلاف مصنع وشركة، ومعظم تلك المصانع والشركات تعتمد على السوق المحلية الذي يعاني من الركود خلال الفترة الأخيرة بعد ارتفاع سعر الدولار، بالإضافة إلى إضرابات العمال ما بعد ثورة 25 يناير 2011 لزيادة الأجور، والتي يجب أن تتناسب مع نسبة الإنتاج المحلي.


إذًا كيف يمكن حل مشكلات تلك الشركات؟

الحل في زيادة الإنتاج، وإيجاد فرص عمل، على سبيل المثال مبنى الإذاعة والتليفزيون به 43 ألف موظف منهم 40 ألفا لا يعملون وهو الأمر الذي يسبب خسائر فادحة لشركات الحكومة؛ لذلك يجب على الدولة بناء مصانع وفتح قنوات أخرى لتوسيع الدائرة، بالإضافة إلى أن فكرة الحد الأقصى للأجور خطأ، فالدولة خسرت كفاءات بسبب ذلك، وهناك مشروعات فسدت بسبب «حد الأجور» واللجوء إلى «زبالة» السوق.


هل تدعم تجميد زيادة الأجور لفترة معينة؟

نعم.. وألمانيا قامت بتلك التجربة، في ظل حريتها، ولكن مصر خلال الفترة الحالية في أزمة وميزانياتها بها عجز، ولا يوجد إيراد وهو ما أدى إلى تفاقم الأزمة.


كيف ترى سياسة الدولة الاقتصادية؟

جيد جدًا وخاصة قرار التعويم، ولكن الخطأ أنه تأخر 3 سنوات لأسباب سياسية، وهذا القرار ليس له علاقة بصندوق النقد؛ لأن الصندوق يروي فقط تفاصيل ما حدث في اقتصاديات الدول بعد قرار التعويم، وبسبب تأخر القرار ارتفع سعر الدولار إلى 18 جنيهًا ولكن في حالة تطبيقه منذ 3 سنوات كان سيصل إلى 10 جنيهات فقط.


ما أكبر الدول المستثمرة في مصر؟

المملكة العربية السعودية تعد الأولى بين دول الوطن العربي، بقيمة 6.2 مليار دولار، وتأتي بريطانيا وإيطاليا في المرتبة الثانية بسبب استخراج البترول، أما الشريك التجاري الأول بالنسبة لمصر هو الاتحاد الأوروبي 28 دولة والذي يصل إلى 27 مليار دولار، أما الشريك التجاري الثاني الدول العربية، والشريك الثالث الدول الإفريقية، وأمريكا تراجعت إلى الوراء خلال السنوات القليلة الماضية.


لماذا تراجعت الاستثمارات الأمريكية؟

ذلك جاء بعد إنشاء مصر سوقًا حرة مع العرب وأوروبا وإفريقيا، ولكن في المقابل أمريكا رفضت إنشاء هذا السوق، وبالتالي السلع الأمريكية عند دخولها لمصر تدفع جمارك ما يرفع أسعارها، في السوق المحلي بالإضافة إلى اختفائها.


ولكن علاقة السيسي وترامب في تحسن كبير؟

العلاقات السياسية شيء والاقتصادية شيء آخر، ولكن ترامب جاء لينفذ أجندة وهو رجل أعمال «أحمق»، وسياسي بدون خبرة، لذلك سياسة أمريكا ليست جيدة في عهده، ووزارتا الخارجية والدفاع تعارضان دائمًا قراراته.


هل العلاقات المصرية الاقتصادية مع التركية والقطرية تأثرت بالأحداث السياسية؟

لا العلاقات الاقتصادية مع تركيا جيدة، إذ بدأت تركيا خلال الفترة الحالية تؤسس مصانع في مصر وهو ما يعود علينا بالخير، ولكن علاقاتنا مع قطر كانت تعتمد على الغاز ومع اكتشاف حقل ظهر انتهى استيرادنا له.


كيف ترى نسبة الصادرات والاستثمارات المصرية؟

نعم.. الصادرات المصرية بدأت في الزيادة ولكن لم تصل بعد إلى النسبة التي كانت عليها سنة 2011، والتي وصلت نسبتها إلى 31 مليار دولار والآن وصلت إلى أكثر من 20 مليار دولار، والاستثمارات وصلت إلى 7 مليارات دولار وكنا 11 مليار دولار قبل ذلك، أما الاحتياطي النقدي تعدى ما كنا عليه في عام 2011 والذي تعدى 37 مليار دولار.


ما أكثر استثمار آمن في مصر؟

جميع الاستثمارات آمنة، ولكن المزاج العام للاستثمار في العالم العربي «مقلوب» فهو يبحث عن السهولة ويلجأ للخدمات، مثل بناء عمارات أو إنشاء بنوك والدخول في السياحة وإنشاء فنادق، و80% من الاستثمارات العربية تسير في هذا الاتجاه، ولكن منها 9% فقط استثمارات صناعية، و4% استثمارات زراعية.


ماذا عن الاستثمار في الذهب؟

نحن في مصر لا نمتلك مناجم للذهب، وكنا نمتلك منجم السكري الذي كان ينتج حتى الخمسينيات وبعد ذلك توقف، وأصبح إنتاج الذهب تكلفته عالية بالمقارنة بثمن الذهب في السوق، وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أوقية الذهب من 35 دولارًا إلى 1700 دولار، ما ينتج الآن قليل يغطي السوق المحلي، ليس له علاقة بإنتاج اقتصادي.



هل رفع سعر الفائدة أثر على الاستثمارات؟

رفع سعر الفائدة ساهم في ارتفاع الاحتياطي النقدي، وتشغيل البنوك، وهو الأمر الذي زاد التخوفات من تأثيره على الاستثمار، ولكن المستثمر يأتي بماله من الخارج ولا يحتاج الاقتراض من البنك بفائدة، ورفع سعر الفائدة يؤثر فقط على الاستثمارات والمشروعات التي ربحها لا يصل 20%، وعادة المشروعات المربحة يتجاوز مكسبها 30% مثل الفنادق.


كيف ترى الاستثمار في قطاع العقارات؟

هناك قطاعان ينموان في مصر بالرغم من الأزمات التي تمر بها البلاد وهما القطاع العقاري والتكنولوجي، وهما مستمران، ولم يحدث تشبع حتى الآن من سوق العقارات والدليل على ذلك الضغط في شراء الشقق بالقاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية والمدن الجديدة بشكل عام، ولكن جاءت فترة كان هناك تخوف من شراء عقار أو بيع عقار.


في رأيك.. ما أسباب خسارة شركات قطاع الأعمال؟

الحكومة تريد التخلص من العمالة الزائدة ولكن «خايفة» من الإضرابات، وثورة العمال، والأزمة أن الحكومة استخدمت شركاتها وسيلة لامتصاص البطالة، وبدأت بالتعيين المفرط بالحكومة والقطاع الأعمال العام، حتى أصبح القطاعان عبارة عن مخزن للبطالة، وأصبحت مأساة اجتماعية وسياسية ويجب حلها بأسرع وقت.