رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

5 تجارب تكشف سر تحكم صندوق البنك الدولى فى الاقتصاد المصرى

صندوق النقد الدولي
صندوق النقد الدولي - أرشيفية


لجأت الحكومة إلى دراسة بعض التجارب الغربية الناجحة، التي استطاعت الخروج من أزمتها الاقتصادية، وتحقيق فائض كبير فى النمو الاقتصادي. ومنذ ثورة 30 يونيو، حرصت الحكومات المتعاقبة على الإعلان عن سعيها لدراسة العديد من التجارب الاقتصادية في مجالات التعليم والصناعة، ورغم تكلفة تشكيل اللجان لدراسة تلك التجارب، والتي مازالت تتم حتى الآن، فإن الواقع يؤكد أن ذلك مجرد «مضيعة» للوقت، ولن يعود بأي فائدة، خاصة أن صندوق النقد الدولى حدد ورسم ملامح التجربة الاقتصادية التي ستسير عليها البلاد خلال السنوات المقبلة.


ومؤخرًا طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة بضرورة دراسة التجربة البرتغالية وتطبيق بعض ملامحها في المجال الاقتصادي، باعتبار ذلك وسيلة حية للخروج من النفق المظلم للاقتصاد المصري، وسبق واستعانت مصر بالبرتغال، خاصة فى تجربتها الصناعية الناجحة مذ أكثر من 20 سنة.


وخلال التقرير التالي، نستعرض أهم التجارب الأجنبية التي أعلنت الحكومة الاستفادة منها دون جدوى حتى الآن.


التجربة البرتغالية

نظرًا لتشابه الظروف بين مصر والبرتغال، فقد قررت مصر الاستعانة بالتجربة البرتغالية، وعقدت الدورة الأولى للجنة "المصرية- البرتغالية" المشتركة، خلال الشهر الحالى بحضور وفد برتغالى لمصر يترأسه وزير الخارجية البرتغالي.


وتعتمد الاستفادة المصرية من خبرات البرتغال فى مجال الإصلاح الإدارى والاقتصادى وتطوير القطاع العام وترشيد الإنفاق الحكومي، وترشيد الأجور والعمالة فى القطاع الحكومى، كله خلال أربع سنوات.


ومن الأفكار التي تبحث مصر بها الاستفادة من التجربة البرتغالية، تعزيز مشاركة المواطنين فى اختيار المشروعات التى تنفذها الحكومة، من خلال السماح للمواطنين من مختلف المحافظات بالمشاركة فى اختيار تلك المشروعات، وفقًا لاحتياجات كل محافظة، كذلك تشكيل لجان فنية تتعاون مع مصر لتطوير الأجهزة الإدارية.


التجربة البرازيلية

وأعلنت مصر عقب «ثورة 30 يونيو» الاستفادة من التجربة البرازيلية في النهوض الاقتصادي، وتراجع معدلات الفقر والبطالة، وبالفعل كلف رئيس الحكومة السابق المهندس إبراهيم محلب، لجنة وزارية من وزراء المجموعة الاقتصادية والاجتماعية بدراسة تلك التجربة، وبالفعل أعدت اللجنة تقريرها وذكرت فيه أنه يمكن الاستفادة من التجربة البرازيلية في جانب النمو ومواجهة الفقر، في اتباع سياسة البرازيل في التقشف، لخفض عجز الموازنة وارتفاع التصنيف الائتماني للبلاد، وبدأت الدولة في الإعلان عن خطة التقشف بالوزارات، وقيل وقتها إن الخطة سوف توفر على ميزانية الدولة ما يقرب من 2 مليار دولار سنويا، كما طالبت اللجنة في تقريرها بالاستفادة من التجربة البرازيلية في التوسع في الزراعة واستخراج النفط والمعادن.


وللتوسع في الصناعة شقان؛ الأول: هو الصناعات البسيطة القائمة على المواد الخام، مثل: تعدين المعادن، والصناعات الغذائية والجلدية والنسيج. والثاني: الصناعات التقنية المتقدمة، كذلك التوسع المباشر في تقديم الإعانات الاجتماعية لحل أزمة الفقر. ولكن على أرض الواقع لم تقم الحكومة بتفعيل أى بند مما جاء في التجربة البرازيلية، ففي مجال التوسع الزراعي فشل مشروع المليون ونصف المليون فدان حتى الآن، كما لم يتم تفعيل سياسة «التقشف» بل ظهر مؤخرًا موكب إحدى القيادات الأمنية يقودة 72 سيارة، وفي مجال الصناعة مازال هناك 800 مصنع مغلق، ومتعثر، وتراجع كبير في دعم الصناعات الصغيرة.


التجربة اليابانية في التعليم

في إطار رؤية الدولة لتطوير التعليم، لجأت الدولة إلى دراسة أكثر من تجربة من بينها المكسيكية، والأرجنتينية، ثم الماليزية، إلى أن تم الاستقرار على تطبيق التجربة اليابانية، عقب زيارة الرئيس السيسي لدولة اليابان وطالب الحكومة بذلك، وبعد بدء التعليم تطبيق التجربة في 10 مدارس كبداية وتم اختيار الطلاب وتدريب المعلمين، وقبل بدء فتح الدراسي بالمدارس اليابانية، تأجل المشروع لأجل غير مسمى، لم يتم الكشف بعد عن الأسباب الحقيقية، قيل بعضها إن التوقف جاء لعدم رضا الجانب الياباني والوكالة المسئولة عن تطبيق التجربة في مصر، خاصة مع وجود عشوائية في التطبيق، وفي اختيار الطلاب وتدريب المعلمين، وأنها غير مسئولة عن النتائج.


وتوسعت الحكومة في الاستفادة من التجربة اليابانية في مجال إصلاح التعليم، فقامت سفارة اليابان بالتعاون في تفعيل وتنشيط المجالين الثقافي والتعليم الفني والمهني، وبالفعل تم التعاون بين البلدين على نطاق واسع من مرحلة رياض الأطفال حتى التعليم ما بعد الجامعة.


وحرصت اليابان على تنظيم العديد من الندوات فى مختلف محافظات مدارس مصرية، وكان تركيزهم فى المرتبة الأولى على التعليم الأساسي، كما قررت اليابان زيادة أعداد المنح الدراسية للطلاب والباحثين المصريين، وتقرر أيضا دراسة اللغة اليابانية بجامعة القاهرة.


التجربة الفنلندية

وفي شهر ديسمبر 2017، قال الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، إنه جار الاستفادة من التجربة الفنلندية في مجال التعليم والبحوث والتكنولوجيا.


وصرح عبد الغفار أنه من الممكن أن نشهد قريبًا انطلاق عام مصري فنلندي للعلوم والتكنولوجيا يتم خلاله تنظيم أنشطة تعليمية وبحثية مشتركة، خاصة فى ظل المكانة الدولية المرموقة لفنلندا في مجال التعليم والبحث العلمي، وتعتمد التجربة الفنلندية التي ستطبقها مصر على زيادة القدرة الاستيعابية للمؤسسات التعليمية، من خلال إقامة مؤسسات جديدة للتعليم العالي "حكومية وأهلية وخاصة"، وإنشاء برامج أكاديمية جديدة متميزة تخدم سوق العمل، فضلا عن التوسعِ في برامج التعليم عن بعد، والتعليم المدمج، والتعليم المستمر والتعليم الفني.


كما تهتم الوزارة بتطويرِ منظومة التعليم التكنولوجي من خلال زيادة الكليات التكنولوجية التي تخدم احتياجات المجتمع المحلي الذي تنتمي إليه.


التجربة الروسية

عقب ثورة 30 يونيو، ومع التقارب الكبير بين مصر وروسيا طالب الرئيس السيسي بالاستفادة من التجربة الروسية وكيفية تحقيق تحول اقتصادي كبير خلال السنوات الماضية، وحدد طرق الاستفادة في الصناعات التعدينية والاستخراجية، حيث يعتمد الاقتصاد الروسي بشكل كبير على الموارد الطبيعية والتعدين، ولذلك من الممكن أن تستفيد مصر من هذه الخبرات بالأخص فى عملية تنمية سيناء وفى وسط الصعيد، كذلك الاستفادة من التجربة الروسية في استخدام الفحم فى توليد الطاقة، نفس الأمر في الاستفادة من استخدام الطاقة النووية، وهو ما حدث بالفعل في اتفاق تنفيذ محطة الضبعة.


من جانبه، أكد الدكتور إبراهيم صالح، أستاذ الاقتصاد بالمعهد القومي للتخطيط، أن الدولة لم تعتمد منذ «ثورة 30 يونيو» على مشروع اقتصادي محدد تسير على تنفيذه؛ بل اتبعت سياسة التخبط، لذلك فشلت جميع التجارب التي أعلنت عن دراستها والاستفادة منها حتى الجاد، منها مثلا التجربة اليابانية، مؤكدًا أن مصر التزمت بموجب اتفاقها مع صندوق النقد الدولي، مؤخرً الحصول على قرض 12 مليار دولار خلال أربع سنوات، بتنفيذ تجربة الصندوق التي فرضها عليها، خلال السنوات المقبلة وهي القيام بإجراءات مالية تقشفية، فضلًا عن تحرير سعر الصرف، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة وخفض دعم المواد البترولية إضافة إلى رفع معدلات الفائدة بـ 3% مرة واحدة.

وأضاف، أن تجارب الدول الناجحة مثل البرازيل والبرتغال، اعتمدت في الأساس على سياسة رفض الاقتراض من صندوق النقد الذي يعوق بشدة خطة إصلاح الدول، كما قامت بتقليل القروض الخارجية، والاعتماد على التنمية البشرية والصناعات متناهية الصغر بجانب التوسع في الزراعة، وتقليل الإنفاق الحكومي وخاصة في المشروعات الكبرى التي يمكن تأجيلها، وهذا بالطبع لم يحدث في مصر.


وأشار إلى أن التجارب الاقتصادية الناجحة لن تطبق في مصر في ظل تحكم صندوق النقد الدولي في العملية الاقتصادية للبلاد بدليل اطلاعه سنويا على ميزانية الدولة للعام المالي الجديد، وطرق إنفاقها والموارد، ولكن يمكن لكل وزارة على حدة تطبيق تجارب ناجحة في وزارتهم مثل التعليم والزراعة، وغير ذلك بعيدًا عن الأمورة المتعلقة بالاقتصاد، ولكن هذا يتطلب وجود رؤية واضحة لكل وزير في منصبه.