رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الكنيسة على صفيح ساخن بسبب أزمة الطلاق.. «ملف شامل»

تواضروس - أرشيفية
تواضروس - أرشيفية


أثار تنظيم حفل طلاق جماعي للمسيحيين الحاصلين على حقهم في الطلاق بشكل نهائي، والذي أقيم بإحدى قاعات الأفراح بالقاهرة، ضجة كبرى، وجدلا واسعا بين المسيحيين والكنيسة والمهتمين بقضية قانون الأحوال الشخصية.


الحفل يعد سابقة أولى من نوعها بين المسيحيين فى مصر والشرق الأوسط، كرسالة للمطالبة بحقوق عدد كبير من المسيحيين في حق الانفصال عن شريك حياة استحالت معه الحياة، والزواج مرة ثانية، بحسب وصف من حضروا الحفل.



ويكشف «النبأ» في هذا الملف كل التفاصيل المتعلقة بهذه القضية الخطيرة.



1- تقارير سرية تحذر من ثورة المسيحيين ضد تواضروس بسبب أزمة الطلاق



ويعتزم متضررو الأحوال الشخصية رفع قضية في المحاكم ضد وزير العدل، لمطالبته وإلزامه بإيجاد صيغة تنفيذية لأحكام الطلاق المدني التي يحصل عليها متضررو الأحوال من المسيحيين، والتي يوكل في النهاية أمرها إلى الكنيسة التي بيدها منح المسيحي الحاصل على حكم تصريح زواج ثان من عدمه.


ويقول المتضررون، إن رفع الدعوى القضائية، لن يتم إلا إذا تأخر صدور قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين في الدورة التشريعية القادمة لـ«مجلس النواب».


على الجانب الآخر، التزمت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الصمت ولم تعلن موقفها حتى الآن، من الحاصلين على حقهم في الطلاق بشكل نهائي بتنظيم حفل جماعي، وتجاهلت الأمر تماما، وأعلنت أنها مستمرة في «كورسات» المشورة للمقبلين على الخطوبة والزواج.


وكشف مصدر لـ«النبأ»، أن كثيرًا من الكهنة داخل الكنيسة يرفضون مثل هذه الاحتفالات، مضيفا أن الكنيسة لا تعترف بها وتعتبرها مخالفة للكتاب المقدس، قائلا: «كل واحد يقول اللي بيعمله».


وأضاف أن هناك غضبًا داخل الكنيسة؛ بسبب تصميم بعض الكهنة على الالتزام بنص أنه لا طلاق إلا لعلة الزنا، رغم مساعي البابا «تواضروس الثانى»، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، لحل المشكلة والتوسع فى أبواب الزنا، لافتا أن هذا أغضب البعض من البابا تواضروس، ودفعهم إلى ترويج أن القاعدة الأساسية فى الطلاق أنه يكون وفقا للكتاب المقدس.



وأشار المصدر إلى أن فرق الكشافة بالكنيسة وقيادات في الكاتدرائية بالإضافة إلى تقارير من جهات أمنية، طالبت الكنيسة بضرورة البحث عن حل شاف لأزمة الطلاق والزواج الثاني، لاسيما أن هناك حالة من الغضب الشديد تنتاب الأقباط المتضررين من تلك الأزمة ويقدر عددهم بنحو مليوني فرد، منهم 400 ألف شخص حاصلون على أحكام نهائية من القضاء بالطلاق، ولكن الكنيسة ترفض تنفيذها.


منظمو الحفل أوضحوا أن الهدف من هذا الحفل إرسال رسالة للكنيسة والدولة بضرورة الانتهاء من قانون الأحوال الشخصية، والكشف عن المعاناة الحقيقية التي يعيشها متضررو الأحوال الشخصية، وإحراج الكنيسة أمام الرأي العام.


بدوره قال المحامي أيمن عطية، منظم الحفل، رئيس رابطة فرصة ثانية لمتضررى الأحوال الشخصية، إن الحفل مجرد وسيلة للوصول لهدف من خلال إصدار قانون يكفل الحياة الآمنة والسليمة لتكوين أسرة مسيحية من خلال الوصول إلى ديباجة مُناسبة لقانون الأحوال الشخصية، وبمجرد صدور القانون لن يتم تنظيم أي فعاليات أخرى.


وأضاف «عطية» فى تصريحات خاصة لـ«النبأ»، أن الاحتفال ليس الهدف منه معاندة الكنيسة، قائلا: «إحنا مش بنطلع لسانا للكنيسة والحكومة»، موضحا أنه صورة من صور الاحتجاج لعدم قدرته على التظاهر أو تنظيم وقفات نظرا للظروف التي تمر بها الدولة.


وأعرب «عطية» عن سعادته بنجاح الحفل، مؤكدًا نجاحهم بشكل كبير فى توجيه رسالة المتضررين إلى المجتمع المصرى، مضيفا أن هناك تعاطفا من الرأى العام مع القضية العادلة للمتضررين من الأحوال الشخصية.


وأوضح «عطية»، أن  تنظيم حفل طلاق للمرة الأولى بهذا الشكل، جاء كدلالة للتعبير عن رأي المتضررين أمام الرأي العام، وأنه يوجد مشكلة للأحوال الشخصية للمسيحيين، وبأن معركة زواجهم كانت مأساة كبيرة، وعندما انتهت التجربة السيئة، قرروا الاحتفال.


وأضاف «عطية» أن 18 حالة من الـ20 الذين حصلوا على أحكام طلاق نهائية، حصلوا عليه من خلال تغيير ملة وطائفة، مشيرا إلى أن الحفل شهد حضور أحد رجال دين من الكنيسة الأرثوذكسية، وبعض من الشخصيات العامة المسيحية والمفكرين، لافتا إلى أن رجل الدين رفض الإعلان لوسائل الإعلام عن تواجده منعا لتعرضه للعقاب.


وتابع: «من شاركوا في هذا الحفل غلبوا مع الكنيسة، ولم يحصلوا على الطلاق، ويعيشون فى معاناة حقيقة»، مضيفا أنه تعرض إلى حملات هجوم ونقد لتنظيمه لهذه الفكرة، متسائلا من المسئول عن دفع هؤلاء إلى تغيير الملة؟ مشيرا إلى أن الكنيسة تخلت عن حل مشاكل هؤلاء ويقفون مكتوفي الأيدي أمام المشاكل.


وأكد «عطية» أن الهدف الثاني من الاحتفال، هو إعطاء الأمل لكل المتضررين والعالقين أمام أبواب المجالس الإكليريكية والمحاكم بأن غيرهم خاض التجربة ونجحوا بالفعل، مضيفا أن الدولة ليس بها حصر بعدد المتضررين من هذه الأزمة، وأنه وفقًا لما رصدته محاكم الأسرة في مصر تصل نسبة المشاكل بين الأزواج المسيحيين الراغبين في الطلاق إلى 400 ألف حالة موثقة.


وأشار إلى أنه وفقًا لتقديرات الخبراء في مجال الأحوال المدنية والشخصية فإن النسب قد تتعدى 2 مليون حالة، بخلاف ما تدعيه الكنيسة بأن المتضررين 6 آلاف حالة فقط، موضحا أن الثلاث طوائف لم تتفق على قانون موحد للأحوال الشخصية.


من جانبه، وصف المهندس هاني عزت، رئيس رابطة «منكوبي الأحوال الشخصية»، الدعوة لمثل هذا الاحتفال بمثابة الـ"شو إعلامي"، ولا يخدم القضية، إنما يدمرها، موضحا أن هؤلاء حصلوا على أحكام الطلاق، عن طريق تغيير الملة، وهم يملكون الأموال اللازمة لمثل هذا الإجراء.


وأكد "عزت" فى تصريح خاص لـ"النبأ"، أن الرابطة ترفض مثل هذه الحفلات، مشبهها بأنها مثل حفلات عبدة الشيطان، مشيرا إلى أن مروجيها هم مافيا تغيير الملة، ويمتلكون الأموال، لافتا إلى أن الفقراء ينتظرون لائحة الأحوال الشخصية الجديدة للكنيسة الارثوذكسية، التى قامت بإرسالها للبرلمان.


وحول صمت الكنيسة عن مثل هذه الدعوات، قال "عزت": "هذا أمر طبيعى لأن ما يحدث هو نوع من العبث والتشويه للكنيسة، مضيفا أن مثل هذه الاحتفالات قد تدمر جميع التوجهات والمجهودات التي تقوم بها الرابطة لحل أزمة الأحوال الشخصية.


وأشار رئيس رابطة «منكوبي الأحوال الشخصية»، إلى أن الهدف من الحفلة هو استقطاب المتضررين لرفع قضايا تغيير ملة بشهادات غير صحيحة قد تؤدي بهم للحبس مستقبلا لو علم الطرف الآخر وطالب بحقوقه قانونا.


وقال مينا أسعد كامل،  إن الحفل  ما هو إلا مجرد «فراغ وقت، وشو إعلامي»، موضحا أن حديثهم عن الهدف من الانتهاء من قانون الأحوال الشخصية كلام ليس له أساس من الصحة.


وأضاف «أسعد» في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن الكنيسة الأرثوذكسية انتهت من وضع لائحة توافق تعاليم الإنجيل، قائلا: «الكرة الآن في ملعب الجهات المعنية».


وأوضح «أسعد» أن قانون الأحوال الشخصية الجديد أكد «أنه لا طلاق إلا للزنا» وسمح فقط بفسخ المدني للهجر دون إعادة زيجته، مشيرا إلى أن ما قام به القانون تسهيل إجراءات التقاضي بما يتوافق مع القوانين الأخرى.


وأكد المتحدث باسم رابطة «حماة الإيمان»، أن الهدف من القانون حل مشكلة الإجراءات المتبعة، لافتا إلى أن الكنيسة لن تتنازل عن عقيدتها وإيمانها لأي سبب وتحت أي ضغط والآراء الخاصة للبعض فيما يخص عقيدة الكنيسة لا تؤثر ولا تقدم ولا تؤخر.


وأشار إلى أن الطائفة الكاثوليكية لها فصل كامل بالقانون، كما أن الطائفة الإنجيلية تقدمت بمشروع فيما يخصها، موضحا أن الإنجيلية اعترضت على السماح بالطلاق المدني للهجر.



2- أشرف أنيس: هناك كهنة يدعمون فكرة حفل «الطلاق الجماعى للمسيحيين».. ولكنهم لا يعلنون ذلك خوفًا من «الشلح»


قال أشرف أنيس، مؤسس حركة «الحق في الحياة»، المطالبة بالطلاق والزواج الثاني للمسيحيين، إن الهدف من إقامة حفل «الطلاق الجماعى»، هو تسليط الضوء على أن قانون الأحوال الشخصية يوجد به الكثير من المشكلات، وكذلك كشف المعاناة الحقيقية التي يعيشها أصحاب هذه المشكلات؛ نتيجة عدم صدور القانون حتى الآن.


وأضاف «أنيس» أن أغلبية الذين حصلوا على حكم الطلاق وشاركوا فى هذا الحفل، غيروا الملة، ولكنهم ليسوا أثرياء، ومعظمهم باع الغالى والنفيس حتى يحصل على شهادة تغيير الملة، والتى تصل تكلفتها فى هذا الوقت إلى 4 آلاف دولار، وإلى نص الحوار.


ما الهدف من وراء إقامة حفل طلاق جماعي للمسيحيين؟

الهدف هو التعريف بأن قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين يوجد به كثير من المشاكل، وكشف المعاناة الحقيقية التي يعيشها أصحاب هذه المشكلات؛ نتيجة عدم صدور القانون حتى الآن، فالقانون غير عادل وغير منصف لمعظم المسيحيين، ومن الأهداف الأخرى للحفل حث الدولة على أن تسرع في إصدار قانون موحد بما يتوافق مع الدستور الذي يحفظ الحقوق والواجبات، فمنذ عام 2011 حتى الآن طالبنا بالقوانين، وانتظرنا مرات كثيرة أن تبت مؤسسة الرئاسة ومجلس النواب في هذا القانون، ولكن لم يحدث أى تقدم فى حل مشاكل المصلوبين أمام المحاكم للحصول على الطلاق، والوضع الآن كما هو، والكنيسة توجه اتهامات إلى الدولة بأنها المقصرة فى عدم الانتهاء من القانون الذي لا يوجد اتفاق عليه من قبل جميع الكنائس، لذلك يسعى الكل إلى إلقاء الكرة في  ملعب الآخر، لإلصاق تهمة التقصير به، وكل هذه الممارسات تؤثر بالسلب على خروج القانون للنور، كما أنها تضيع حقوق أصحاب المشاكل، وتزيد معاناتهم اليومية.


ولكن الكنيسة أعلنت أن هناك اتفاقًا بين جميع الطوائف على القانون.. ما تعليقك؟

أولا المادة الثالثة من الدستور نصت على أن يحتكم المسلمون والمسيحيون إلى شرائعهم الدينية، والدستور لم يصنف المسيحيين كـ«طوائف»، كما نص على عدم التمييز بين الأشخاص بسبب العرق أو اللون أو الدين، فالدولة طلبت من الكنائس الاتحاد على قانون موحد للأحوال الشخصية وخصوصا فى بنود الطلاق، ولكن كل طائفة لها تفسيراتها الخاصة فى موضوع طلاق رعاياها، فهناك الأرثوذكس وافقوا على وضع مادة الهجر على 3  أو 5 سنوات لإتمام الطلاق، رغم أن هذا الحل غير دستوري، كما أن هذه المادة كانت موجودة من قبل في لائحة 38 وتم حذفها. أما الطائفة الكاثوليكية أكدت «أنه لا طلاق إلا لعلة الزنا»، والإنجيليون أيضا أعلنوا عدم تغييرهم للبنود وأصروا أيضا على «أنه لا طلاق إلا لعلة الزنا»، فما يتم بين الكنائس لا يصح أن يطلق عليه قانون، ولكن هذا يسمى بلائحة، وهذه اللائحة موجودة فى المحاكم، فإذا أردنا أن يكون هناك قانون لابد أن يكون هناك بنود محددة له، وهذا حدث فى عهد جمال عبد الناصر عندما أراد أن يسحب دفاتر التوثيق الخاصة بالزواج والطلاق من الكنيسة.


وما السبب فى عدم اتفاق الكنائس على قانون الأحوال الشخصية؟

الكنائس لن تتفق نهائيا على القانون؛ لأن كل كنيسة لديها تعاليمها الموروثة من الآباء الخاصة بهم، ولن يخالفوا تلك التعاليم، وسيظل أصحاب المشاكل «معلقين»، والكنائس ستفعل ما تريده داخل أسوارها، والمشكلة أن المسئول عن قانون الأحوال الشخصية في الحكومة لا يريد أن يخرج ويوضح الأسباب الحقيقية لتأخر إصدار القانون، ويعلنها صراحة أن المشكلة عند الكنائس!، كما أنه لابد أن تعطي الحكومة فرصة زمنية محددة لإجبار الكنائس على الانتهاء من هذا القانون، وإلا سوف يشرع هذا القانون عن طريق نواب مجلس النواب؛ لأنه الجهة الوحيدة التشريعية فى مصر.


وكيف تنظر إلى حصول البعض على الطلاق والتصريح بالزواج من قبل الكنيسة دون الدخول فى صدام؟

هناك محاباة لبعض الأشخاص من قبل الكهنة.


هناك اتهامات طالت منظمي الحفل بأنهم يبحثون عن الـ«شو الإعلامي».. ما تعليقك؟

اتهامات باطلة وليس لها أساس من الصحة، ومن الطبيعي أن تنالنا مثل هذه الاتهامات للتغطية على الهدف الحقيقي، وهو حل مشاكل أصحاب الأحوال الشخصية، كما أن هدفنا توصيل المعاناة الحقيقية للعالقين في المحاكم والمصلوبين على أبواب الكنائس منذ عام 2008، وكل أسرة لها مشكلة أحوال شخصية تتعاطف معنا، وتؤيد جميع قراراتنا ومطالبنا.


هل هذا الاحتفال شهد حضور بعض رجال الدين؟

لا.. لا يجوز أبدا أن يحضر كاهن لهذا الحفل وإلا سيكون معارضا لسياسة الكنيسة، ما سيعرضه إلى توقيع عقوبات عليه قد تصل إلى شلحه، ولكن هناك بعض الكهنة أعلنوا تقبلهم للفكرة لحل مشكلة الأحوال الشخصية ولكن هذه الأصوات لن تظهر خارج الغرف المغلقة خوفا من العقاب الكنسي، والكنيسة أصدرت قرارًا بعدم السماح لأي رتبة كنسية التحدث للإعلام، إلا المتحدث باسمها فقط، ومن يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة.


وماذا عن الاتهامات الخاصة بـ«تغيير الملة»؟

أغلبية الذين حصلوا على حكم الطلاق وشاركوا فى هذا الحفل، بالفعل غيروا الملة، ولكن ليسوا أثرياء، ومعظمهم باع الغالى والنفيس حتى يحصل على شهادة تغيير الملة، والتى تصل تكلفتها فى هذا الوقت إلى 4 آلاف دولار، فهؤلاء ليس لهم بديل آخر للحصول على الطلاق سوى هذا الأمر، ولكن هناك بعض الفقراء ومن ضاقت بهم الحياة يشهرون إسلامهم للحصول على الطلاق، وبعد ذلك يعودون مرة أخرى إلى المسيحية، وهذا سبب من أسباب الفتن الطائفية، وهناك قضية شهيرة اسمها العائدون والتي كان معظمهم من أصحاب الأحوال الشخصية، فالكنيسة قفلت باب الرحمة على هؤلاء مما دفعهم إلى اتخاذ هذه الطرق للحصول على حريتهم.


كم يبلغ عدد أصحاب مشاكل الأحوال الشخصية؟

هناك إحصائية فى عام 2011، أعلنت أن الحالات الموجودة بالمحاكم وصلت إلى 300 ألف حالة من طالبي الطلاق، ولكن بعد مرور كل هذه السنوات أعتقد أن العدد تضاعف بكثرة.


وما السبب فى عدم توحد الحركات المطالبة بالطلاق للدفاع عن القضية؟

في عام 2011، بعد اندلاع ثورة يناير، بدأت بعض الحركات فى الظهور، وطالبت بقانون موحد للأحوال الشخصية للمسيحيين، ونظموا وقفات أمام وزارة العدل، وطالبت بعض الحركات بالإصلاح داخل الكنيسة، بينما سخّر الأساقفة حركات أخرى؛ للتجسس على بعض الحركات الحقيقة المطالبة بالقانون حتى لا تنفرط اللعبة من تحت أيديهم، كما أن هناك حركات ظهرت نتيجة خلافها مع الأساقفة فسعت إلى الضغط عليها، وكان هدف هذه الحركات ليس حل مشكلة الأحوال الشخصية، ولكن الوصول إلى أهدافهم الخاصة، وهذا حدث أيضا مع بعض الحركات السياسية القبطية، فأي فكر ينادى بالتحرك للانتهاء من القانون من خارج أسوار الكنيسة، لابد أن يهاجم من قبل مؤيدي الكنيسة التي لا تحكم قبضتها على المسيحيين إلا من خلال قانون الأحوال الشخصية.

3- ضغوط على الكنيسة لحسم مصير قانون الأحوال الشخصية


أعاد تنظيم حفل طلاق جماعي للمسيحيين الحاصلين على حقهم في الطلاق بشكل نهائي، الحديث من جديد عن مصير قانون الأحوال الشخصية للمطالبين بـ«الزواج الثاني».


وطفت هذه الأزمة بقوة بعد أن تظاهر العديد من المطالبين بالزواج الثاني أمام وزارة العدل، وأمام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، والتى شهدت اشتباكات بين أمن الكنيسة والمتظاهرين، أطلق خلالها أمن الكنيسة كلاب الحراسة لفض المظاهرة، ما أسفر عن إصابات طفيفة بين المتظاهرين، وذلك بعد أن كانت تلك الخلافات مقصورة على أروقة «المجلس الإكليريكي العام»، المختص بشئون الأحوال الشخصية للمسيحيين، الذي يرأسه الأنبا بولا، أسقف طنطا وتوابعها.


المراقبون للشأن المسيحي يرون أن منظمي الحفل، يمارسون ضغوطا حقيقية أمام الكنائس الثلاث؛ للانتهاء من قانون الأحوال الشخصية.


فيما يرى آخرون أن معاندة الكنيسة ستعيد قانون الأحوال الشخصية إلى المربع صفر من جديد، وستزيد من تفاقم الأزمة.


المستشار جميل حليم، الممثل القانوني للطائفة الكاثوليكية فى اجتماعات مشروع قانون الأحوال الشخصية، يقول إن الطوائف الثلاث أوقفت اجتماعاتها الخاصة بمناقشة مشروع القانون بسبب الإجازات، وما حدث من أحداث إرهابية استهدفت المسيحيين الفترات الماضية، لافتًا إلى أنهم سيقومون باستئناف اجتماعاتهم فى النصف الثاني من شهر أغسطس.


وأضاف «حليم» أن الاجتماعات السابقة بين الطوائف الثلاث خرجت باتفاق كامل فيما يخص قوانين الأحكام العامة التي لا تشكل محور خلاف من البداية بين الطوائف، مثل الخطبة والميراث وغيرها، بينما برز الخلاف في قضيتي الطلاق والانفصال الجسدي، مؤكدا أن كل طائفة ترجح وجود بند موحد للأحكام العامة التي لا تشكل محور خلاف تخضع له جميع الطوائف، بينما يتم وضع باب للأحكام الخاصة بكل طائفة كأحكام الطلاق والانفصال الجسماني.


وأشار «حليم» إلى أن مسودة القانون لن يتم تسليمها إلى مجلس الوزراء، إلا بعد أن تتفق الطوائف الثلاث على مسودة موحدة تستطيع إرسالها إلى المجلس، مؤكدا  أن توقيت الانتهاء من القانون يتوقف على مدى ما سيتم الاتفاق عليه بعد استئناف دراسة مشروع القانون الشهر المقبل قائلا: «توقيت الانتهاء من القانون غير معروف حاليًا».


بدوره كشف المستشار منصف سليمان، الممثل القانوني للطائفة الأرثوذكسية فى مناقشة مشروع قانون الأحوال الشخصية، أن الأحداث الإرهابية، وسفر البابا للخارج أكثر من مرة، وسفر الأنبا بولا، هو السبب الحقيقي وراء توقف اجتماعات الطوائف الثلاث للنظر في هذه القضية.


وأضاف «سليمان»، أن هذه العوامل أدت بشكل كبير إلى تأخر مناقشة مشروع القانون، والخروج بصيغته النهائية، موضحا أن الطوائف الثلاث ستستكمل اجتماعها من جديد بعد عودة الأنبا بولا للانتهاء من مسودة القانون.


وأكد «سليمان» أن الاجتماعات السابقة التي نظمتها الطوائف حملت قدرًا كبيرًا من التوافق فى مختلف القضايا، مشيرا إلى أن نسبة الاتفاق بين الطوائف وصلت إلى 90%، لافتا إلى أن هذه النسبة تؤكد مدى التوافق، وستسهم فى القدرة على الانتهاء بالمسودة فى أسرع وقت.


وأشار الممثل القانوني للطائفة الأرثوذكسية، إلى أن ممثلي الطوائف يميلون إلى أن تكون هناك اختصاصات لكل طائفة فى القضايا محور الخلاف مثل الطلاق والانفصال الجسماني، تخضع فيها الأحكام إلى شريعة كل طائفة، مؤكدا أنه لا يوجد وقت محدد للإعلان عن انتهاء من القانون.


وأكد «سليمان»، أن تنظيم حفل طلاق جماعي للمسيحيين الحاصلين على الطلاق ما هو إلا «شو إعلامى».


وأشار «سليمان» إلى أن مثل هذه الأشياء لا تعد ضغوطًا على الكنائس، لافتا إلى أن الكنائس اتفقت على القانون بنسبة كبيرة ولم يبق إلا أمور بسيطة سيتم التفاهم فيها.


وتابع: «الطائفة الكاثوليكية لا تعترف بالطلاق مطلقًا بينما تضع الطائفة الإنجيلية سببين للطلاق هما الزنا وتغيير الدين، فى حين أن الطائفة الأرثوذكسية تضع ثلاثة أسباب للطلاق منها سببا الإنجيلية وأضافت عليهما سببا آخر وهو الهجر، مبينًا أن قانون كل طائفة لا يناسب الطائفة الأخرى، لذلك فإن الكنائس لن تتفق فى هاتين القضيتين على مواد قوانين واحدة».


بدوره، قال إسحق فرنسيس، مؤسس حركة «الصرخة للأحوال الشخصية»، إن عدم الانتهاء من قانون الأحوال الشخصية، والتوصل إلى اتفاق بين الطوائف المسيحية، سينذر بكارثة كبرى، موضحا أن المطالبين بقانون الأحوال الشخصية سينقلبون على الكنيسة في حالة عدم انتهاء القانون.


وأضاف «فرنسيس»، أنه يمتلك الكثير من الوثائق والمستندات التى ستقلب الطاولة على الجميع داخل المجلس الأكليريكي فى حالة عدم الانتهاء من القانون، لافتا إلى أنه سيعطيهم فرصة إلى شهر يناير القادم، وسيكشف عن الصندوق الأسود للمجلس.


وأكد أن أصحاب المشاكل والمتضررين من عدم وجود القانون يضعون أنفسهم حاليا فى التهلكة، موضحا أن الكثيرين يلجئون إلى الحصول على شهادات مزورة لتغيير الملة، مشيرا إلى أنه فى حالة اكتشاف هذا الأمر سيضعون أنفسهم خلف القضبان بعد أن كانوا يبحثون عن النجاة.


وألمح «فرانسيس» إلى أنه يمتلك مستندات تثبت التزوير في بعض التقارير الطبية التي تثبت أن الفتاة ما زالت بكرًا، في حين أنها وقعت في الكثير من الرذيلة على حد وصفه، واصفًا هذه الأمور بـ«الكارثة».