رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بسام الشماع لـ«النبأ»: إسرائيل أزالت البوابات الإلكترونية من المسجد الأقصى وزرعت كاميرات حديثة جدًا

بسام الشماع في حوار
بسام الشماع في حوار للنبأ

الصهاينة يعيشون في رعب.. والعرب لا يدركون قوتهم الحقيقية





ذهبت إلى فلسطين مرتين.. والتطبيع الحقيقى هو عدم زيارتها





أزالت قوات الاحتلال الصهيوني البوابات الإلكترونية من المسجد الأقصى، بعد أسبوعين من الحصار و«المناوشات» والاعتداء الوحشي على الفلسطينيين، والذي قابله الشعب المقدسي، رجال ونساء وشيوخ، بشجاعة ومرابطة باسلة كانت حديث العالم بأكمله.


لم تنته القضية عند هذا الحد، فهي مجرد بداية لنهاية الاحتلال الصهيوني، و«ترنحه» كما يرى عالم المصريات، بسام الشماع، والذي خصنا بحوار يكشف فيه تفاصيل وهن الكيان الصهيوني، واقتراب رحيله، فقط إذا تحلينا بالإرادة الحقيقية لحدوث ذلك، وإلى تفاصيل الحوار:




حدثنا عن مشكلة البوابات الإلكترونية وكيف ظهرت؟


للقدس القديمة التي نصل من خلالها للمسجد الأقصى أكثر من باب قديم، ومن خلال القراءات وتجربتي الشخصية في زياراتي لفلسطين، يوجد بوابات حديد عادية يقف عليها جنود صهاينة، يطلعون في بعض الأحيان على هوية المارة، لا أتذكر نهائيًا أنني مررت على بوابة إلكترونية من تلك التي تصدر صفيرًا عند المرور منها "الميتال ديتيكتور Metal Detector"، وأمام مرابطة أهالي فلسطين وبسالتهم في رفض تلك البوابات، خضعت إسرائيل لرغبتهم وتمت إزالتها.




وكيف وجدت رد فعل المقدسيين؟


بالطبع عبر الفلسطينيون كعادتهم عن شجاعة ومرابطة لا مثيل لها، لكني كنت مع فكرة دخولهم المسجد وعدم الصلاة خارجه فقط، حتى لو فتشوا مقابل دخول الأقصى، لأننا لا نضمن ما فعله الصهاينة في الأيام التي أغلق فيها المسجد، هل زرعوا شيئًا، أو وضعوا ألغامًا، هل فعلوا شيئًا في قبة الصخرة أو المسجد القبلي  أو المصلى المرواني، هل هدموا شيئًا، هناك حروب مع الأبواب حسنًا، لكن لا نترك مسجدنا، إلا إذا كانوا قد منعوا رغمًا عنهم من دخول المسجد فهذا أمر آخر يضاف إلى رصيد عار الصهاينة.


 


هل انتهت المشكلة بإزالة البوابات؟


بالطبع لا، كل أبواب المسجد الأقصى مفاتيحها في يد الأردن إلا بوابة المغاربة يتحكم فيها الصهاينة، وبجانب بوابة المغاربة قابلت فلسطينيين يقرءون ويعلمون القرآن الكريم، وهؤلاء هم المرابطون، أثناء وجودي في فلسطين، كنا نصلي الجمعة، ثم حدثت مناوشات بين الفلسطينيين والصهاينة، فوجدت جنديًا صهيونيًا يصور الفلسطينيين وهم يضربوهم بالطوب، وعندما أردت تصويرهم وهم يضربوننا بالغاز والقنابل المسيلة للدموع، أمرني أحد الشباب الفلسطينيين بإنزال الكاميرا كي لا يحطمها الصهاينة، ومن تلك التجربة خرجت بأمرين هامين، الأول أن الفلسطينيين لا يخافون من الموت، بل وقت الضرب الذي كنا نجري فيه جميعًا، وقفت سيدة تحمل طفلها في قلب الضرب بكل شجاعة، وكذلك وجود المرابطين على بوابة المغاربة، فكل ما يحدث إثبات أننا موجودون في المسجد الأقصى ولن نتركه.

الأمر الثاني هو أن الإسرائيليين «مهوسون» بالتصوير، للظهور في هيئة المعتدى عليهم، ورغم أنهم أزالوا البوابات الإلكترونية، إلا أنهم وضعوا كاميرات عالية الجودة وبتكاليف باهظة، وهي أيضًا مرفوضة لأكثر من سبب، فهناك نساء تدخل المسجد ولا يجوز مراقبة المصلين، علاوة على الطريقة التي قد يستخدم بها الصهاينة تلك الكاميرات، فالمشكلات لن تنتهى إلا برحيل الصهاينة عن فلسطين.





وكيف رأيت الأداء الإعلامي تجاه الأزمة الأخيرة؟


بدأنا نسمع تقارير أجنبية تشرح القضية وتحلل الموضوع، وتحمل في طياتها تعاطفًا مع الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه أعتقد أن الصهاينة مهمومون بفكرة أن المسجد الأقصى مسلم تبعًا لليونسكو، فأن تقول أغلبية الدول في اليونسكو أن المسجد الأقصى إسلامي، هذه ضربة قاصمة للصهاينة، فهذا يعني أنه لا يوجد حائط مبكى ولا هيكل سليمان ولا أي إثبات لوجود سابق لبني إسرائيل في هذا المكان.




وما تقييمك لرد فعل الإعلام العربي؟


الإعلام مختلف قليلا، وشعرت أن هناك تحليلًا واهتمامًا بالقضية، لكن على الصفة الكبيرة كنت أتمنى قطع مباشر للعلاقات وطرد السفير، فلا يجوز وضع أيدينا في يد كيان بهذه الدموية، لا توجد دولتان، هي عصابة بلا جذر تقعد على واحد من أقدس البقع في التاريخ، كما أن فلسطين هي الدولة الوحيدة المحتلة على وجه الأرض، فهذه مهانة كبيرة، أما السوشيال ميديا، أعتقد أنها أدت دورها بشكل كبير، فجمهورية الإنترنت المصرية هي البديل عن إعلام الدولة، في الصور وطرح القضية والكتابة والنشر، فما لم تتمكن وسائل الإعلام من قوله بسبب السياسة والدبلوماسية، قاله الإنترنت الذي لا حكم للسياسات عليه.




أين بقية الفلسطينيين مما حدث في القدس أين بيت لحم والخليل وفتح وحماس وغيرهم؟


طرحت الكثير من الأسئلة مؤخرًا حول موقف بقية الفلسطينيين مما يحدث في القدس، ولماذا لم يدافعوا عنها، وقد أجابني أحد المسئولين في فلسطين عن ذلك قائلًا إن الصهاينة لديهم قدرة هائلة على عزل القدس عن فلسطين، فيستحيل أن يذهب أحد بطوبة من بيت لحم للقدس، القدس معزولة، وقد رأيت بنفسي الجدار العنصري بمنظره الأسمنتي المحبط، وهناك مدن تشعري بالاحتلال فيها أكثر من القدس، مثل الخليل المكتظة بأعلام الكيان الصهيوني.




كيف ترى التوجه العالمي نحو القضية الفلسطينية؟


موضوع تصويت "اليونسكو" لصالح فلسطين مرتين في سنة واحدة أعطاني أمل، هذا إنجاز غير مسبوق في رأيي، كان من المفترض أن يستغله العرب، فجامعة الدول العربية بدلًا من دورها المحدود، كانت جعلت من القدس عاصمة أدبية للثقافة العربية، يجب أن يعرف الجميع تاريخ فلسطين، فالصهاينة محتلون، ونقاء العنصر اليهودي كذبة كبيرة، والدليل على ذلك وجود يهود الفلاشة السمر في إثيوبيا، ويهود الأشكناز في أوروبا، وأنواع أخرى في اليابان والصين، فأين نقاء العنصر في ذلك، أما المحتلون لفلسطين، فهم قبيلة اسمها "الخزر"، والخازاريون قبيلة قتالية من آسيا، الأجانب هم من كتبوا في ذلك، وهناك كتاب بعنوان "اختراع الشعب اليهودي"، فهم بالفعل يخترعون شعب، هؤلاء الناس كتب عليهم الشتات، لذلك تجد كثيرًا من اليهود ضد دولة إسرائيل، لأن التوراة تأمرهم بالشتات، وتجمعهم في مكان واحد كفر بالتوراة.




كيف يمكننا توظيف ذلك في خدمة القضية الفلسطينية؟


يجب أن نستغل أي حادث، مثل "البوابات الإلكترونية"، في تثقيف شعوبنا عن ماهية هذه العصابة، ونفضح محتلي فلسطين، فلهم تاريخ مكتوب ومعروف خطوة بخطوة، أغلب قيادات الكيان الصهيوني علمانيون وليسوا متدينين، تيودور هرتزل صاحب فكرة إقامة دولة إسرائيل نفسه كان علمانيًا، إذًا القصة ليس لها علاقة بالتوراة أو بالدين، كما أن التلمود يأمر بألا تقود امرأة، ماذا بشأن تسيبي ليفني وجولدمائير، ولديهم قاضية في التوراة اسمها دبورة، كما أنهم ممنوعون من العمل يوم السبت بأمر الدين، ورغم ذلك رأيت بعيني سيارة للجيش الصهيوني تسير في شوارع الخليل يوم سبت، هل هو بالدين أم بالمزاج.

كما يوجد مفكرون غير مسلمين يعضضون فكرة أن فلسطين محتلة، منهم المفكر الفرنسي الشهير روجيه جارودي الذي فضح الكيان الصهيوني، إلى حد أنهم أخذوه للمحاكم، ودافع عن قناعاته لآخر حياته، وهناك رجل في أوروبا نزل بالشال الفلسطيني عندما ضربت غزة، كيف لا نستفيد بهؤلاء في الدفاع عن قضيتنا.




هل الأجواء في الوطن العربي مؤهلة لفتح القضية الفلسطينية؟


التحجج بأن بلادنا العربية تمر بمشاكل، هو فكر انبطاحي، في 1967 كنا مدمرين بالكامل، ورغم ذلك أدرنا حرب الاستنزاف ببراعة، بعد أيام معدودة من النكسة حققنا انتصارات كبيرة، منها موقعة العش، وموقعة إيلات، موقعة الحفار، وهجمات الفرق المصرية في الجيش، والتي وثقتها دار الكتب عن حرب الاستنزاف، كان جيشنا وطيرانه قد دمر بالكامل في الحرب، والرئيس يعلن رغبته في الرحيل، ورغم ذلك دخلنا وضربنا الصهاينة وحققنا انتصارات أهلتنا للعبور، فلا كلام عن الظروف.

كما أن الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين في غاية الضعف والرعب، تخيل نفسك 24 ساعة مهدد بالموت، كيف سيكون شعورك في الحياة، خاصة أنهم لا يؤمنون بالحياة بعد الموت، والجنة والفردوس، أي أن جميع متاعهم مرتبط بهذه الحياة، ثم يأتي أحد المارة وينهي تلك الحياة بسكينة، كما حدث في انتفاضة السكاكين، فهذا الشعور الدائم بالتهديد مرعب، والدليل على ذلك عدم عودة يهود أوروبا وأمريكا للكيان الصهيوني، والاكتفاء بمدهم بالأموال والسلاح، أليس هذا هو مكانهم وهيكل سليمان وأملهم، لماذا لا يرجعون إلى تل أبيب ويفخرون بالعودة لوطنهم كما يدعون.

هل من الطبيعي أن تكون وسط كل هذا العدد من المسلمين، أكثر من 400 مليون عربي، ولديك بلد مثل إيران بترسانة نووية، وماليزيا وأندونسيا، بلد بقوة مصر، وأموال السعودية والإمارات، ومساحات سوريا والسودان وليبيا، وإصرار العراقيين، ولا تشعر بالخوف، أنا مع سياسة فرض الأمر الواقع، إذا تمكننا من ترك الخلافات وتكوين جيش ومهاجمة هذا الكيان، يمكننا أن نبدأ بالتفاوض ونحن داخل فلسطين.



هل تعتقد أن تحرير فلسطين يمكن أن يتم بتلك البساطة رغم عدم جاهزيتنا؟


بل وأبسط من ذلك، منذ متى كنا جاهزين، يمكننا القول أننا غير مستعدين من أيام المصري القديم، توحيد القطرين كان "خناقة" بين الشمال والجنوب، قتل فيها من قتل، وطارت رؤوس، وانتهت بحدث عظيم، الهكسوس حكمونا أكثر من 100 سنة ثم رحلوا، والمغول ظلوا 40 يومًا يقتلون المسلمين في بغداد، وكتب أن الدماء كانت تنزل من المزاريب –المزراب هو ماسورة تخرج المياه الزائدة من البلكونات- متى كنا جاهزين، الصلبيون قتلوا 70 ألف من الناس منهم حملة الدين عندما دخلوا القدس، وقيل إن الدماء وصلت للركب، وقيل إنها وصلت إلى صدور الخيول، ظلت أوروبا بأكملها في القدس سنوات طويلة، ثم أتى صلاح الدين وحرر القدس ودخلها ليلة 27 يوم ذكرى الإسراء والمعراج، ففكرة رحيل الصهاينة واردة جدًا في التاريخ، فإذا كنا نعيش عند دخول الصليبيين وقتلهم 70 ألف مسلم، كنا سنردد بالتأكيد أننا لن ننتصر عليهم أبدًا، فالتاريخ مليء بالأمثلة التي تتخيل فيها إنك ضعيف جدًا وتكتشف أنك قوي جدًا، نحن فقط لا ندرك حجم قوتنا، ألم ننتصر في حرب أكتوبر أمام أعتى قوتين في العالم أمريكا وإسرائيل آنذاك، فالصهاينة ما زالوا مرعوبين، لذلك أغضب جدًا عندما أرى وزير خارجيتنا يضع يده في يد نتنياهو، لأنهم بذلك يأمنون جيشًا من أقوى الجيوش القادرة على الدخول وإنهاء الأمر، فلسطين قريبة جدًا منا، فأنا لا أحلم.




ماذا تنتظر من القيادة السياسية؟


يجب أن يكون هناك إرادة سياسية في عدة أمور، الأول والذي أنادي به دائمًا إلغاء اتفاقية العار كامب ديفيد، وانفلات مصر منها تمامًا وإعمار سيناء بالمشروعات والشباب، والثاني إصدار قرارات غير مغلفة بالدبلوماسية، فالشجب وتمني ضبط النفس ليست مواقف حقيقية، فلتكن القرارات السياسية متناسبة مع قوتنا، ونحن نمتلك هذه القوة، أعلم أننا في ظروف صعبة، ولكن متى لم نكن في ظروف صعبة، وأخيرًا إذا كنا نتفاخر بامتلاكنا واحدًا من أقوى جيوش العالم، يجب أن نطالب بالقدس كاملة عاصمة لفلسطين، وهذا الأمر ليس صعب المنال.




كيف رأيت فلسطين في زياراتك المتعددة لها؟


فلسطين بلد جميل جدا، بها سواحل وشواطئ بديعة، فواكه وخضروات وخيرات كاللؤلؤ والذهب، أماكن مقدسة فائقة الجمال، المسجد الإبراهيمي والمصلى المرواني وقبة الصخر والمسجد الأقصى، أعتقد أن الصهاينة لا يصدقون أنفسهم من كثرة الخير الذي يسيطرون عليه.




لماذا تناشد الشباب في جميع محاضراتك بزيارة القدس رغم أن الكثير يعتبرونه تطبيعًا؟


رسالة إلى الشعب المصري والمسلم في كل مكان في العالم، التطبيع هو ألا تذهب إلى القدس إذا استطعت وليس العكس، في الماضي كنت أظن أن الذهاب إلى فلسطين تطبيع مع الصهاينة، وعندما زرتها اكتشفت العكس، عدم ذهابنا يعني نسيان القضية، فعندما زرت فلسطين عدت محملًا بالمعلومات عنها، وسببني الله لتذكير الناس بالقدس، فإذا استطعتوا اذهبوا إلى المسجد الأقصى وصلوا فيه، في زيارته حلاوة وشعور جميل، القدس تناديكم، والفلسطينيون يعشقون مصر والمصريين، لا تصدقوا ما يقال عن الكراهية، لمست هذه المحبة على أرض الواقع، فهذا الشعب يحبنا جدًا.