رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بالصور.. الدراجة التشاركية ابتكار صيني يحل مشاكل القاهرة

الرئيس السيسي - أرشيفية
الرئيس السيسي - أرشيفية


في مستهل فترة رئاسته قبل ثلاثة أعوام تقريبا، استقل الرئيس عبد الفتاح السيسي دراجة هوائية متقدما بعض الشباب لتشجيع المواطنين على ركوب الدراجات الهوائية، في ذلك الوقت كان ثلاثة شبان في الصين ينغمسون في التفكير في كيفية إعادة الصين إلى ساابق عهدها كمملكة للدراجات بعد أن هيمنت السيارات ومشاكلها على الشوارع.

وكان الوضع في حرم جامعة بكين في بداية الفصل الدراسي ينذر بشئ جديد في نظام النقل المبتكر حيث ظهرت دراجات هوائية صفراء اللون تحمل اسما من ثلاثة حروف بالانجليزية "ofo"  يملأ كل ركن في مقر الجامعة الشاسع الكائن بشمال غرب بكين، متاحة لجميع الطلاب.

ولكن سرعان ما انتقل المد الأصفر إلى خارج مقر الجامعة إلى شوارع العاصمة ومدن صينية أخرى في ظاهرة لفتت أنظار الصينين إلى الدراجة المنسية وحارات الدراجات المهجورة بعد أن حول تشانغ سيدينغ وداي وي وشيويه دونغ، الخريجون الثلاثة من الجامعة وأصحاب مبادرة الدراجة "اوفو"، فكرتهم المثالية "ركوب الدراجات في أي وقت وفي أي مكان" إلى واقع ملموس.

كان يجمع الثلاثة هواية ركوب الدراجات في الهواء الطلق وقد حصل اول تعارف بينهم في نشاط نظمته جمعية الدراجات يكو، وهو مجتمع لعشاق ركوب الدراجات في الحرم الجامعي.

ومنذ ذلك الحين، تشكلت صداقتهم وتعمقت تدريجيا من خلال العديد من أنشطة ركوب الدراجات، حتى ساعد داي وي صديقيه في ترجمة الفكرة بحكم موهبته في ريادة الأعمال.

يقول تشانغ سيدينغ: "لقد كان من دواعي سرورنا أن نكرس ما نستمتع به حقا بدلا من البحث عن وظيفة عادية. كنت أتوقع أن تكون حياتي المستقبلية هي نفسها كما هو الحال مع العديد من زملائي الذين يعملون في المتاحف أو المؤسسات الثقافية. ولكن هذه الفكرة ألهمتني حقا. سوف أكون أسفا كثيرا إذا فاتني هذه الفرصة مرة واحدة في العمر".

وطرقت الدراجة التشاركية اوفو الشوارع في مدن الصين قبل عدة أشهر رفقة دراجات أخرى تشاركية مثل موبايك وبلوجوجو وغيرها على خلفية عقود من النمو الاقتصادي والازدهار ادت الى هيمنة السيارات.

ومع تطبيقات جديدة تساعد الناس على إيجاد الدراجات الهوائية واستخدامها بسهولة نجحت بكين ومدن رئيسية اخرى في مواجهة مشكلات مزمنة تعاني منها مدن مصرية كالقاهرة مثل الازدحام المروري والتلوث.

واقع الحال في شوارع مدن بكين وشانغهاي وشنتشن وغيرها يبدو كقوس قزح بالدراجات التشاركية الملونة بالاصفر والاحمر والأخضر والأزرق والبرتقالي واللبني.

ويبدو ذلك ملهما، فهواة سباقات الدراجات دائما ما ينطلقون من نقطة قوس قزح اعلى الدائري الثاني غربا وشرقا في العاصمة بكين. 

وفي بكين يوجد نحو مليون دراجة تشاركية انعشت حارات الدراجات المهملة وتتنافس نحو 30 شركة في عموم الصين على تقديم الخدمة.

وتقوم الفكرة على تطبيق يمكن تنزيله على تليفون ذكي ونظام تعقب المواقع "جي بي اس" لمساعدة المستخدمين على إيجاد الدراجات واستخدامها.

ويمكن أن تلعب مثل هذه الأفكار المبتكرة في تغيير قواعد اللعبة في القاهرة وغيرها من المدن المصرية وتحدث ثورة في الحياة المدنية خاصة أنها يمكن أن تشجع اثناء ازدحام المرور وخاصة في أوقات الذروة المواطنين على التخلي عن سياراتهم الخاصة ووسائل النقل العام الأخرى حتى لو كانت المسافة تصل إلى عدة كيلومترات أو ساعة أو أكثر بالسيارة.

تشنغ لي المقيم في حي سيتشينغ ببكين واحد من هؤلاء يقول: "بدأت استخدم خدمة الدراجات التشاركية قبل ٧ أشهر وأصبحت الآن استخدم السيارات والمترو بشكل اقل وتقلصت فاتورتى المخصصة للنقل والمواصلات".

وكان تشنغ يستقل المترو إلى مقر عمله نحو ٤ محطات كوسيلة سريعة ويضطر إلى السير نصف هذه المسافة حتى بدأ يستخدم الدراجة، قائلا "أخذ الآن الدراجة واذهب.. هذه وسيلة مريحة وغير مكلفة وتقلل التوتر".

وتعتمد التقنية على توفير الدراجات في الشوارع ليتشاركها الجميع من خلال مسح كود الاستجابة السريعة كيو ار لفتحها او الحصول على الرقم السري لفتح القفل وتركها في اي مكان ليأخذها شخص أخر، وليس هناك أسهل من استخدامها، فمن السهل جدا أن تجد دراجة في أي مكان، يظهر ذلك على التطبيق الخاص بالشركة على تليفونك المحمول الذكي وفي معظم الحالات تكون الدراجات مجهزة بأنظمة تحديد المواقع جي بي إس على نحو يكفل للمستخدم سهولة عثوره على الدراجة.

وفي بكين مثلا يصل سعر النصف ساعة إلى يوان واحد، ومن مزايا هذه الخدمة أنها لا تتقيد بمحطات ثابتة.

ومع اشتداد حدة المنافسة بين الشركات على تقديم الخدمة نظرا لشعبيتها، زاد اغراق الشوارع بالدراجات لتكون مرئية وأحيانا تغلق الدراجات من كثرتها أرصفة المشاة الجانبية وتعيق حركة المارة.

وأصبحت هذه مشكلة تؤرق المواطنين والحكومات المحلية ولا سيما انه من غير المسموح ان يتم ترك الدراجات على الأرصفة أو طرق السيارات في المدن المزدحمة.

تقول وانغ لوه من حي داشينغ جنوب بكين " الدراجات حقا مريحة جدا فمنذ عيد الربيع تنمو بشكل سريع. من الجيد أن تجد دراجة في أى وقت أو مكان، ولا يمكن أن تقلق الآن في ظل برامج الدراجات التشاركية على ذهابك إلى العمل في الوقت المناسب او العودة إلى منزلك مبكرا، ويمكنك أن تركب الي اي مكان وتقطع اي مسافة في اقصر وقت بعض النظر عن الاختناق المروري".

وتابعت: "الدراجة التشاركية ليست مجرد راحة، انها رياضة في نفس الوقت وتوفر الوقت ووسيلة سهلة وسريعة لبلوغ اي مكان مع توسع المدن. هي نوع من وسائل النقل العام التى تعطي نفس احساس التنقل مثل النقل الفردي الخاص دون تكاليف أو أعباء".

والأهم أن تطبيق الدراجات التشاركية يمكن ان يزيد من مرونة النقل العام وهي مشكلة تعاني منها القاهرة بشدة. فمع توزيع الدراجات التشاركية في جميع أنحاء العاصمة، تتنوع خيارات النقل أمام الأفراد من دراجات وسيارات اجرة وقطارات ومترو انفاق وسيارات خاصة.

وتزداد جاذبية الدراجات في وجود التطبيقات الحالية التي تشير إلى حالة المرور في الشوارع وخاصة في أوقات الذروة والاماكن المزدحمة.

يقول تقرير لموبايك ومعهد تسينغهوا للتصميم والتخطيط الحضري الصيني ان رحلات السيارات في ٥٩ مدينة صينية تراجعت بنسبة ٣ في المئة منذ انطلاق خدمة الدراجات.

وقالت "بلوجوجو" وهي شركة أخري توفر الخدمة،  إن الاختناق المروري تراجع بنسبة ١٧ بالمئة في بكين.

في قضية التلوث، تخدم الدراجات التشاركية مساعي الحكومة في خفض نسبة الملوثات وبالتالي كلفة استهلاك الوقود الذي يكلف الخزينة المصرية الكثير ولاسيما من احتياطي العملة الصعبة، كشف التقرير السابق أن مستخدمي موبايك قطعوا بالدراجات نحو ٣ مليار كيلومتر ما أدي إلى خفض انبعاثات نحو ٢٠٠ ألف سيارة. 

وتبدو هناك إمكانية للاستفادة من الخبرات الصينية في هذا المجال في ظل سعي الشركات الصينية إلى التوسع في الخارج وتمديد الخدمة إلى مدن دولية. ورصدت موبايك ٦٠٠ مليون دولار للتوسع الخارجي ومن المقرر أن تصل الف دراجة إلى مانشستر في انجلترا نهاية الشهر.

وتهدف "موبايك" إلى التوسع في ١٠٠ مدينة في الصين وحول العالم بنهاية العام وقد وقعت أخيرا عقدا مع حكومة سيدني بأستراليا لاطلاق الخدمة.

وقبل ذلك، دخلت موبايك وقرينتها الصينية أوفو سنغافوة في يناير الماضي. واوفو تملك ١٥ مليون دراجة في ٤٣ مدينة صينية. وتتواجد في كامبريدج البريطانية وتخطط للتوسع في ١٠ مدن دولية بحلول نهاية العام.

يذكر ان معظم مستخدمي الدراجات هم من الشباب دون ٤٠ عاما الذين يستخدمون التليفونات الذكية في قضاء احتياجاتهم والشراء.

وتغلب الدفع عبر مسح كود الاستجابة السريعة على الدفع نقدا بين هذا الجيل الجديد.