رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

اشتعال «فتنة» تمديد فترة حكم السيسي برعاية «الأجهزة السيادية»

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


صباح يوم 8 فبراير 2018، تجتمع اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، وتعلن في بيان رسمي أنه إعمالا لنص المادة 140 من الدستور المصري، والتي تنص علي: "يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة، وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يومًا على الأقل، ويجب أن تعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوما على الأقل"، وحيث إن تسلم السيد رئيس الجمهورية الحالي عبد الفتاح السيسي منصبه كان يوم 8 يونيو 2014، فيعتبر يوم 8 فبراير 2018 هو الموعد الدستوري لبدء إجراءات انتخابات رئيس الجمهورية.

وتعلن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في هذا اليوم أنها في حالة انعقاد دائم لحين إعلان نتيجة الانتخابات، ويُفتح باب تقديم الأوراق للمرشحين، في الأول من شهر مارس ولمدة 30 يوما، ويجري الاقتراع على الانتخابات الرئاسية في الأول من شهر مايو 2018.


ورغم أن هذا الموعد الذي سيكون إيذانا ببدء الصراع على عرش رئاسة مصر، لايزال أمامه عام كامل، إلا أن حربا مبكرة قد اشتعلت؛ استعدادا لهذا اليوم.


ففي الجانب المؤيد للرئيس السيسي، لم يتخيل البعض أن فترة حكمه مرت بهذه السرعة، وأنه سيدخل في منافسة ربما لا تكون لصالحه بعد أقل من عام، لذلك سارعوا لإيجاد حل سريع، وكان ذلك عن طريق البرلماني إسماعيل نصر الدين، عن ائتلاف دعم مصر، المدعوم من الأجهزة السيادية، والذي دعا لجمع توقيعات من أعضاء البرلمان لتعديل الدستور، فى ضوء المادة 226، التى تجيز لخمس أعضاء مجلس النواب التقدم بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور.


وأشار «نصر الدين»، في تصريحات صحفية، إلى أن الدستور الحالي ينص على أن مدة ولاية رئيس الجمهورية (4) سنوات، وهي مدة لا تمكنه من تطبيق البرامج الطموحة، ولذا فإن مقترحه ينص على زيادة مدة ولاية رئيس الجمهورية لتصل إلى (6) سنوات.


ولم تكن هذه هي المحاولة الأولى للتمديد لرئيس الجمهورية، وإطالة مدته الرئاسة؛ فقد سبقها حملة واسعة في أغسطس من العام الماضي، لجمع توقيعات 40 مليون مصري لمد فترة الولاية الرئاسية للرئيس عبدالفتاح السيسي، ورغم الزخم الذي حققته ولكن لم تغير في الأمر شيء.


ومطالب تعديل الدستور أو تغييره لخدمة الرئيس ليست الأولى في تاريخ مصر، بل سبقها العديد من المحاولات منذ دستور 1971 وحتى الآن، لكن المشترك في هذه المطالب أنها جاءت لتكريس نظام الحاكم، والحيلولة دون خروجه من القصر الرئاسي.


ففي يوليو عام 1979 تقدم أكثر من ثلث أعضاء مجلس الشعب بثلاثة طلبات متضمنةً مقترحات لتعديل الدستور استنادًا لنص المادة 189، بإيعاز من السادات، لجعل فترات الرئاسة غير محددة، وعُرضت هذه التعديلات الدستورية على الشعب المصري للاستفتاء عليها في يوم 22 مايو 1980، وتمت الموافقة عليها بأغلبية بلغت 98.86%، ولم يستفد السادات منها سوى بضعة أشهر قبل أن يتم اغتياله، ولكن ظل فكر التمسك بالحكم باقيا في ذهن كل من أتى بعده، وخاصة السيسي الذي يعتبره مثله الأعلى.



ورغم أن دعوات تمديد مدة الرئاسة تبدو ذات شجون، وتلقى قبولا لدى الرئيس، إلا أن مدة ولاية الرئيس تعد من المواد المحصنة في الدستور، وإهدارها يجعل النظام يخسر كثيرا في الداخل فضلا عن تخلي الخارج عنه، ما جعل النظام يسعى لخطة بديلة، لخوض انتخابات 2018 عن طريق إضعاف معارضيه وتقوية صفه، فسعى لضرب القيادات المتبقية في جماعة الإخوان، وتفتيت حزب المصريين الأحرار، الذي كان يمثل كتلة معارضة قوية، برئاسة نجيب ساويرس، وشغل النشطاء والمعارضين الشباب بتقديمهم لمحاكمات في قضايا مختلفة، مع جمع ظهير شعبي خلف السيسي، بتوفير زيادات في المرتبات مع بداية العام المقبل، وتسليم وحدات الإسكان للشباب، والاهتمام بالشباب خاصة وعقد مؤتمرات لاستيعابهم وجعلهم في صف الرئيس في الصراع المقبل الذي يبدو أنه لن يكون سهلا.


وفي المقابل، دشّن المعارضون للسيسي حملة لتقديم مرشح مدني توافقي، وكان أول من دعا لها هو الدكتور عصام حجي العالم في وكالة الفضاء "ناسا" الذي أطلق مبادرة الفريق الرئاسي 2018.


وعادت الدعوة بقوة خلال الأيام الماضية مع دعوات التمديد للرئيس حيث تلقفها عدد كبير من النشطاء المعارضين الذين دشنوا هاشتاجات لدعم مرشح أمام السيسي في انتخابات 2018، كان أبرزها هاشتاج # انتخابات_2018_آخر_سنة_سيسي، وهاشتاج #أنا_هاشارك_في_انتخابات_2018، فضلا عن دعوات الأحزاب المدنية للتوافق على مرشح في انتخابات الرئاسية المقبلة.


ورغم أن تلك الدعوات والمبادرات لم تعلن بعد عن مرشحها لخوض الانتخابات، إلا أن المستشار هشام جنينة يبدو الأقرب، خاصة بعد معركته في تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات عن حجم الفساد في أجهزة الدولة، ويأتي الحقوقي خالد علي على القائمة أيضا.


في حين اتخذت جماعة الإخوان، موقف «المتفرج»، ورغم إعلانها المقاطعة رسميا إلا أنه في حال وجود فرصة قوية للتخلص من السيسي سيكون لها دور في دعم منافسه حتى وإن لم تعلن ذلك رسميًا.


وعن هذا الصراع المرتقب، وهل سنصل إليه أم ستفلح المخططات لتأجيله وتمديد فترة الرئيس؟ يقول خالد داود، رئيس حزب الدستور، إن دعوات بعض البرلمانيين لتمديد فترة الرئاسة، ومن قبلها حملات جمع توقيعات شعبية لتمديد ولاية الرئيس، هي دعوات من قبيل النفاق الذي يمارسه البعض للسلطة؛ لأن الدستور نص على عدم جواز تعديل مواد الرئاسة، وإذا حدث ذلك سيكون إيذانا بإلغاء الدستور الحالي، وهو ما سيحرج النظام بقوة، ويضره بشكل كبير، مشيرا إلى أن تلك الدعوات موسمية وتظهر على فترات وستزداد مع اقتراب الانتخابات الرئاسية.


وأضاف "داود" أن الشعب المصري لن يسمح لعقارب الساعة أن تعود للوراء، ولن يسمح بعد ثورتين بعودة عصر الاستفتاءات على الرئيس، مشيرا إلى أن الانتخابات القادمة ستكون هامة وحاسمة لمستقبل مصر.


وأكد رئيس حزب الدستور أن حزبه والقوى المدنية سيكون لها مرشح مدني، ينافس في الانتخابات المقبلة، ويعيد مصر للمسار الصحيح، بعد الأزمات التي عانت منها مصر في عهد السيسي بدءًا من الأزمات المعيشية والاقتصادية، وصولا إلى الفشل في مواجهة الإرهاب.


من جانبه، قال الناشط ياسر التركي، منسق حملة جمع 40 مليون توقيع لمد فترة حكم الرئيس السيسي، إن الحملة كان هدفها إعطاء فرصة أكبر للرئيس لتنفيذ برامجه وأفكاره في بداية عصره، مشيرا إلى أن الرئيس التزم بالدستور وحافظ على بقاء مدة الرئاسة كما هي، إعلاءً لمصلحة البلاد، وحتى لا يحدث نوع من البلبلة.


وأكد «التركي» أن الدعوات لمد فترة الرئاسة في الفترة المقبلة لن تكون مفيدة، مشيرا إلى أن الرئيس السيسي قادر على خوض الانتخابات المقبلة وحسمها، وهو ما سيعطيه 4 سنوات مقبلة تمكنه من تنفيذ المشروعات التي بدأها، مؤكدا أن الحملة ستقف خلف الرئيس وتحشد لتأييده في الانتخابات الرئاسية المقبلة.