رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

163 مخالفة دستورية تعمدت الحكومة والرئاسة ارتكابها خلال عام ونصف

شريف إسماعيل - أرشيفية
شريف إسماعيل - أرشيفية


يبدو أن احترام مواد الدستور فرض على الشعب فقط؛ فعلى مدار العامين الماضيين، تعمدت الحكومة انتهاك الدستور، وآخر هذه الوقائع، هي موافقة النائب العام، المستشار نبيل صادق، على طلب المدعي العام الإيطالي بإرسال وفد من المحققين الإيطاليين لزيارة القاهرة لفحص تسجيلات الاتصالات الهاتفية في الأماكن التي تواجد فيها الباحث الإيطالي جوليو ريجيني قبل قتله.

موافقة النائب العام، جاءت متناقضة تمامًا مع تصريحات سابقة، ففي أبريل 2016، قال النائب العام المساعد مصطفى سليمان، إن خلافا نشب مع إيطاليا بشأن التحقيق في قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، بسبب رفض مصر تسليم سجلات الاتصالات الهاتفية في الأماكن التي وجد فيها، لكون ذلك مخالفا للدستور والقانون، إلا أن الحكومة واصلت الانتهاكات للدستور حيث تنص المادة 57 من الدستور على «للحياة الخاصة حرمة، وهى مصونة لا تمس، وللمراسلات البريدية، والبرقية، والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة، وفى الأحوال التي يبينها القانون".


«كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين في استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها، ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها، بشكل تعسفي، وينظم القانون ذلك» ويرى ياسر عبد العزيز، الخبير الإعلامي، أن القانون المصري يحظر تسجيل وبث المكالمات الخاصة، مشيرًا إلى أن الدولة ملزمة في حالة صحة التسريبات، بمعرفة المسجل والمسرب، ومحاسبته، فيما ينص قانون العقوبات على الحبس مدة لا تزيد على سنة ضد كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية في غير الأحوال المصرح بها قانونا أو بغير رضاء المجني عليه، ومنها(أ) استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أيا كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون، (ب) التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أيا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص.


وأوضح الدكتور فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون الدستورى بجامعة المنوفية، أن الحكومة والجهات الرسمية بالدولة لا تحترم مواد الدستور، فعلى سبيل المثال عدم عرض الاتفاقية الخاصة بسد النهضة وقرض صندوق النقد الدولى على البرلمان للبت فيها يخالف المواد 127، 43، 44 من الدستور، وأشار إلى أن الاتفاقيات تعامل معاملة القوانين، خاصة مع وجود نص دستوري يلزم الحكومة بعرض الاتفاقيات على البرلمان ليصدق عليها. مؤكدًا أن الأطراف الأخرى في الاتفاقيات تشترط موافقة البرلمان، ونفس الأمر تكرر في انتهاك الرئيس والحكومة في إبرام اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، والتنازل عن جزيرتى تيران وصنافير، كذلك اتفاق ترسيم الحدود بالبحر المتوسط بين مصر وقبرص، حيث إن الاتفاق جاء مخالفا للمادة 151 من دستور 2014.


وتنص هذه المادة على أن رئيس الجمهورية يمثل الدولة وعلاقتها الخارجية ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور.


وأوضح الفقيه الدستوري، أن مجلس النواب له النصيب الأكبر من انتهاكات الدستور، بداية من قرار المجلس منع البث المباشر للجلسات، وهو يخالف الدستور الذي نص في مادته الـ 120 على: "جلسات مجلس النواب علنية، ويجوز انعقاد المجلس فى جلسة سرية، بناءً على طلب رئيس الجمهورية، أو رئيس مجلس الوزراء، أو رئيس المجلس، أو عشرين من أعضائه على الأقل، ثم يقرر المجلس بأغلبية أعضائه ما إذا كانت المناقشة فى الموضوع المطروح أمامه تجرى فى جلسة علنية أو سرية".


ونوه "عبد النبي" إلى مخالفة دستورية أخرى متمثلة في انتهاء دورة البرلمان الأولى دون إقرار بعض القوانين التي ألزمها به الدستور، ومنها المادة 241 الخاصة بقانون العدالة الانتقالية. وتنص المادة على: “يلتزم مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقًا للمعايير الدولية.


كما قام المجلس بانتهاك الدستور بالمماطلة في مسألة تنفيذ أحكام النقض الخاصة بدائرة الدقى والعجوزة، حيث إن ذلك يتعارض مع نصوص المواد 107-108 من الدستور، كذلك قانون الانتخابات، هذا القانون الذي طال انتظار صدوره، ومازالت مسودته التي تعلن عنها الحكومة من وقت لآخر تحوي مخالفات دستورية كافية لإلغاء مجلس النواب في أي وقت، ولكننا لن نحكم على قانون لم يصدر بعد، بل سننتظر صدوره، وإن كان صدوره في حد ذاته في أي وقت معيبًا أيضًا، فقد نص الدستور في باب الأحكام الانتقالية في المادة 230 منه (يجري انتخاب رئيس الجمهورية أو مجلس النواب وفقاٍ لما ينظمه القانون، وفي جميع الأحوال تبدأ إجراءات الانتخابات التالية – المقصود بها انتخابات مجلس النواب – خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل بالدستور) وبالتالي سيحكم بعدم دستوريته في أي وقت يصدر فيه.


وأضاف الفقيه الدستوري، أن إهانة ثورة 25 يناير ووصفها بالمؤامرة من قبل البعض دون حساب ووصف من قاموا بها (بالخونة) و(المتآمرين)، هذا بالإضافة إلى الدعوات المستمرة لزج بكل من قام بها من شباب إلى بالسجون، ولكن على الجانب الآخر نجد أن الدستور نص في ديباجته والتي لها نفس قوة مواده – بنص المادة 227 منه – على أن (ثورة 25 يناير فريدة بين الثورات الكبرى في تاريخ الإنسانية، بكثافة المشاركة الشعبية التي قدرت بعشرات الملايين، وبدور بارز للشباب متطلع لمستقبل مشرق)، كذلك صدور قانون الضريبة العقارية، وقد نصت التعديلات في المادة 18 على أن (الوحدة العقارية التي يتخذها المكلف سكنًا خاصًا رئيسيًا له ولأسرته والتي يقل صافي قيمتها الإيجارية السنوية عن 24 ألف جنيه، على أن يخضع ما زاد على ذلك للضريبة).


وبالتالي أقر هذا القانون أن من يملك وحدة إيجارية يقيم بها يقدر إيجارها الشهري بحوالي ألفين جنيه مصري فهي تخضع للضريبة العقارية، وهنا خالف القانون مادة 78 من الدستور "تكفل الدولة للمواطنين الحق في المسكن الملائم، بما يحفظ الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية".

من الانتهاكات أيضا قانون حماية المنشآت العامة والمدنية، صدر هذا القانون في 27 أكتوبر 2014، والذي منح القوات المسلحة الحق في مشاركة جهاز الشرطة في تأمين المنشآت العامة والحيوية، وإحالة مرتكبي الجرائم ضدها إلى المحاكم العسكرية لمدة عامين من تاريخ صدوره. وقد خالف هذا القانون النص الدستوري رقم 204 (القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة، ولا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري إلا في الجرائم التي تمثل اعتداءً مباشرًا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها).


في السياق ذاته، أوضح الدكتور رجب عبد المنعم أستاذ القانون الدستورى بجامعة الأزهر، أن هناك دراسات دستورية كشفت أن الحكومة ارتكبت 163 مخالفة بالدستور، أي أكثر من ثلثي الدستور الحالى، وفقا للأرقام فإن مجلس النواب ارتكب ما يقرب من 16 مخالفة دستورية، يليه مجلس الوزراء 32 مخالفة دستورية، ثم مؤسسة الرئاسة 10 مخالفات، والباقي موزع على جميع الوزارات والهيئات القضائية  والحكومية والرقابية.


وقال الفقيه الدستورى، إن من بين الانتهاكات الدستورية يأتي قانون الخدمة المدنية، ونص فيه على اختصاص النيابة الإدارية بالتحقيق مع شاغلي وظائف الدولة العليا في المخالفات المالية فقط لا غير، ولكن بشرط وجود ضرر مالي محقق، وبالتالي أعطى هذا النص فرصة كبيرة لشاغلي الدرجات العليا إلى التهرب من مسئولياتهم وفتح لهم باب الفساد على مصراعيه، كما أنه يخالف نصا صريحا في الدستور مادة 197 التي تنص على أن (النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة، تتولى التحقيق في المخالفات المالية والإدارية). هكذا دون وجه حق يقصر القانون حق النيابة الإدارية في التحقيق مع كبار موظفي الدولة على المخالفات المالية فقط دون الإدارية.


كما صدر تعديل على هذا القانون يستثني فيه رئيس الجمهورية موظفي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء من الخضوع لاختبارات للالتحاق بالعمل في الجهات المذكورة، واستثناهم أيضًا من الخضوع لسن المعاش المحدد لموظفي الحكومة، وهنا يصطدم هذا التعديل بنص المادة 9 في الدستور: "تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز".


وأشار الدكتور عبد المنعم، إلى أن المادة 64 من الدستور أقرت (حرية الاعتقاد مطلقة)، ولكن ما زالت المحاكم المصرية تغمي عينيها عن هذا النص وتصدر أحكاما بالحبس على الملحدين، كان آخرها الحكم بحبس طالب أعلن إلحاده لمدة عام مع إيقاف التنفيذ وقبلها حكم بثلاث سنوات، جدير بالذكر أن القضاء المصري حكم خلال الأربع سنوات الماضية على ما يزيد عن 47 متهمًا في قضايا متعلقة بحرية الاعتقاد وازدراء الأديان. أما عن أبرز الانتهاكات الدستورية، فتمثلت في انتهاك مبدأ عدم جواز مصادرة الأموال إلا بحكم قضائي.


وصدر مؤخرًا قرار من لجنة حصر ومصادرة أموال جماعة الإخوان المسلمين في مصر والتي تتبع وزارة العدل بالتحفظ على أموال لاعب منتخب مصر والنادي الاهلي سابقًا محمد أبو تريكة، في مخالفة أخرى للدستور مادة 40 "المصادرة العامة للأموال محظورة، ولا تجوز المصادرة إلا بحكم قضائي"، تطلب النص حكما قضائيا وليس قرارا من لجنة مشكلة بقرار من وزير العدل، وحتى إن برر البعض أن اللجنة تستند في وجودها على حكم من محكمة الأمور المستعجلة الصادر في سبتمبر 2013 فهذا خاص بأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، ولا يوجد دليل قانوني أو اتهام صريح ومباشر للاعب السابق أنه عضو بجماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي لا يسري عليه الحكم المذكور، كذلك انتهاك مبدأ حرية الصحافة، وذلك بمصادر الصحف كما حدث من قبل بسبب مانشيتات بعض الجرائد الخاص ضد الرئيس، أما عن الدستور في مادة 71 "بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب".