رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حكاية الطائرة السعيدة

رحلة الطائرة السعيدة
رحلة الطائرة السعيدة


ترجع حكاية الطائرة سعيدة إلى تأسيس شركة «سعيدة للطيران» في عام 1948، بواسطة مجموعة من رجال الأعمال الإيطاليين الذين نجحوا في إدخال عدد من المصريين للمشاركة معهم في رأس المال.


شارك المصريون في «سعيدة للطيران» بنسبة 55% من رأس المال، واستحوذ الإيطاليون على 45%، ولم تكن مشاركتهم في صورة مبالغ نقدية؛ بل كانت طائرات إيطالية وآلات ومعدات للورش.


بدأت الشركة عملها بجهاز من الفنيين والمشرفين الإيطاليين بطريقة أَضَرَّت بأموال المصريين واقتصادهم، وأجبرت الحكومة في النهاية، على مساعدة الشركة، وإعانتها بأموال كثيرة، أسوة بما اتبع من إعانة شركة مصر للطيران وشركات مصرية أخرى تعمل في مجالات مختلفة.


كان المستر «كلنجر» الإيطالي الجنسية، رئيس الشركة، والمتصرف الأول في الأمور الإدارية كافة، يحمل تفويضًا كتابيًّا من رئيس مجلس إدارة الشركة يعطي له الحق في التصرف بأموالها بالصورة التي يرى فيها مصلحة أعمالها.


اختار «كلنجر» أعوانه من الإيطاليين وكذلك المشرفين الفنيين والوظائف الهامة الأخرى ذات الرواتب الكبيرة، أما المصريون فحصلوا على وظائف أقل وبمرتبات متدنية، وبدأت الشركة أعمالها بالترويج لبعض الطائرات الإيطالية، بالإضافة إلى أربع طائرات من مخلفات الجيش الأمريكي.


كانت جميع هذه الطائرات من طراز قديم نسبيًّا بالنسبة لتاريخ تأسيس الشركة، كما أنها كلفت تلك المؤسسة مبالغ طائلة في إصلاحها وفي الحصول على قطع الغيار اللازمة لها.


وكشفت مناقشات مجلس النواب، أن شركة «سعيدة للطيران» كانت مؤسسة عميلة للشركات الإيطالية التي تم الحصول منها على طائرات، مقابل دفع مبالغ كبيرة، في نفس الوقت لم يكن هناك داعٍ لعمليات التأجير؛ لعدم وجود احتياجات جديدة لطائرات أخرى، ما يعد إهدارًا للمال العام.


ومن سبل إهدار المال الخاص بالشركة دون فائدة مرجوة؛ أن مديرها المستر كلنجر الذي كان يمتلك ويدير في الوقت نفسه ورشة لإصلاح الطائرات تسمى "إيرو نا فاري" بمدينة فينسيا بإيطاليا، تعمد استغلال منصبه كرئيس لشركة طيران سعيدة، في تشغيل ورشته لإصلاح طائرات الشركة، مقابل الحصول على مبالغ كبيرة.



ودارت مناقشات ومجادلات حادة بمجلس النواب في عام 1951 ترفض منح الإعانة للشركة لأنها شركة مصرية اسمًا وإيطالية واقعًا وعملًا، وسياستها الإدارية تسبب إهدارًا للمال، كما أنها لم تعمل على توظيف نسبة مرضية من المصريين.


وكانت أحاديث النواب مصحوبة بأدلة وتقارير موثقة، ورغم ذلك، قرر المجلس في النهاية منح إعانة كبيرة للشركة قدرها 131،939 جنيهًا مصريًّا يشاركها فيها شركة مصر للطيران.