رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

كواليس صراع «الطيب» و«الأزهري» على تجديد الخطاب الديني.. وإرضاء السيسي

السيسي والطيب والأزهري
السيسي والطيب والأزهري - أرشيفية

كشفت مصادر داخل مشيخة الأزهر الشريف أن سبب دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال مؤتمر الشباب الأخير لتشكيل لجنة جديدة لتجديد الخطاب الديني يرجع في الأساس إلى أن الرئيس غير راض عن الدور الذي يؤديه الأزهر في ملف تجديد الخطاب الديني كما وعد به شيخ الأزهر خلال لقاء وفد الأزهر بالرئيس، بعد تقلد السيسي لمنصبه بفترة وجيزة.


وأوضحت المصادر أن هناك حالة من البطء الشديد نحو التقدم في هذا الملف، وأن وعود المؤسسات الدينية في تنفيذ المخططات التى أعلنت عنها لتطوير الخطاب الديني مجرد حبر على ورق ولم ترتق إلى مرحلة التنفيذ الكاملة، مؤكدة أن الرئيس اطلع على تقارير أمنية تفيد بوجود صراع بين المؤسسات الدينية حول الأحق بتطوير الخطاب الديني مما كان سببا مباشرا في عدم التقدم في هذا الملف.


وذكرت المصادر أن هناك معلومات تفيد بأن مؤسسة الرئاسة تريد سحب ملف تجديد الخطاب من الأزهر، بحيث يكون تحت مسئولية الرئاسة، ولهذا فهناك اتجاه بأن يكون الدكتور أسامة الأزهري مستشار الرئيس للشؤن الدينية، الأمين العام للجنة لتجديد الخطاب الديني، وستتولى اللجنة إدارة هذا الملف كاملا، ووضع التصورات اللازمة لتجديد الخطاب الديني، وهو الأمر الذي يؤكد سحب هذا الملف من الأزهر تماما، وينذر بحدوث أزمات مستقبلية بين الدولة وشيخ الأزهر، واللجنة الجديدة. 


وأشارت المصادر إلى أنه سيتم قريبًا إطلاق قناة الأزهر الدينية بجميع لغات العالم وجار البحث عن تمويل لها عن طريق مخاطبة بعض رجال الأعمال على رأسهم أحمد أبو هشيمة، والقناة الجديدة لن يقتصر محتواها على اللغة العربية فحسب وإنما سيشمل البث باللغات الحية المتعددة ومن أبرزها الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية والأوروبية وعدد من اللغات الأفريقية.


بداية الصراع
وفي أول رد فعل على طلب الرئيس تجديد الخطاب الديني في خطابة الشهير سارعت دار الإفتاء بالإعلان عن تبنيها الدعوة التى أطلقها الرئيس بتجديد الخطاب الديني، وذلك بإصدار توجيهاتها للعاملين في جميع قطاعات دار الإفتاء، بالسعى لتقديم الخدمات الشرعية والفتاوى بصورة عصرية تناسب الواقع، والتوسع في أعمال مرصد التكفير، وكذلك استخدام الفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي والاستفادة من التقنيات الحديثة في إطلاق أول قناة لدار الإفتاء على موقع "يوتيوب" على الهواء مباشر.


ارتباك الأزهر
تسببت مبادرة الإفتاء فى إحداث ارتباك داخل الأزهر والأوقاف، وأعلن شيخ الأزهر حالة الطوارئ لاستكمال عناصر الثورة الدينية، التى بدأها بإصلاح مناهج التعليم، وإصلاح الخطاب الدعوي، فيما يتعلق بجميع المقررات الشرعية والعربية، والتى تضمنت معالجات للقضايا المعاصرة كالإرهاب والإلحاد، وتصحيح المفاهيم المغلوطة التى تستخدمها الجماعات الإرهابية كذريعة لتبرير أفعالها الإجرامية، وربط هذه المناهج بالعصر الحاضر، ومشكلاته وقضاياه لتكون بين أيدي الطلاب بداية العام الدراسى المقبل 2015-2016. وفي إطار صراع إرضاء الرئيس لم يفوت الأزهر مناسبة دون مباركة تحركات الرئيس وإدانة الإخوان والجماعات التكفيرية، ومؤخرا أعلن الازهر عن مؤتمر عالمى خلال الأيام القادمة ردًا على مؤتمر دار الإفتاء من أجل تجديد الخطاب الديني الداخلى والخارجي.


تحركات الأوقاف
في المقابل لم تقف وزارة الأوقاف ساكنة أمام تحركات دار الإفتاء والأزهر، فقد أعلن الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أن دعوة الرئيس السيسي المتعلقة بثورة دينية فكرية لم تقف عند أحد من المؤسسات الدينية، وأعلن أن 2015 سيكون عام تجديد الخطاب الديني وإعمال الفكر والعقل وتبني ثقافة التفكير، ووجه الوزير بعقد الصالون الثقافي للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية حول آليات تجديد الخطاب الديني. 


صراع إلكترونى
الصراع المحتدم لم يكتف بحرب التصريحات ومحاولة السبق لنيل الرضا الرئاسي، وإنما امتد ليتجاوز الفضاء العادي إلى الفضاء الالكتروني، حيث قرر المركز الإعلامي لمشيخة الأزهر مؤخرا تدشين صفحات خاصة بالأزهر على "الفيس بوك" وتويتر" باللغة العربية والإنجليزية، بهدف الوصول إلى أكبر قطاع ممكن من المواطنين اعتمادا على وسائل الاتصال الحديثة، بجانب بث قناة الأزهر على "اليوتيوب" لتعريف المواطنين بدور الأزهر فى مواجهة التطرف والإرهاب حسبما تم ذكره، وهو ما فسره البعض بمحاولة اللحاق بركب الإعلام الجديد والتي سبقته فيها الأوقاف بخطوات، مع وجود المركز الإعلامي للأزهر قبل تولي مختار جمعة مسئولية الوزارة والذي كان مشرفا على المركز داخل مشيخة الأزهر.


من جانبه أكد الدكتور محمد عادل عضو ائتلاف الأزهر، أن أعضاء الائتلاف أرسلوا العديد من المذكرات لرئاسة مجلس الوزراء بشان صراع المؤسسات الدينة الثلاثة لإرضاء الرئيس فقط وبحثا عن منصب شيخ الأزهر، وأن المؤسسات الثلاثة لا يشغلها بتاتا تجديد الخطاب الديني، وفي سبيل ذلك هناك عناد ومحططات للإطاحة بكل طرف، ومن أجل تحقيق ذلك كانت النتيجة إهدار المال العام فقط، كما رصد الائتلاف إنفاق المؤسسات الثلاثة ما يقرب من 150 مليون جنيه من ميزانية الدولة المخصصة لمؤسسات الدينية الثلاثة،على تجديد الخطاب الدينية والموجة للإعلام فقط، والنتيجة صفر.


وكشف الدكتور عامر،عن انعدام التعاون بين الجهات الثلاثة، مدللا على ذلك بمطالبة وزير الأوقاف في 16 يونيو الماضي، دار الإفتاء، بإعداد تصور لقانون ينظم شئون الفتوى، وعرضه على هيئة كبار العلماء، الأمر الذى اعتبرته الإفتاء تعديًا على اختصاصها، حيث كان من المفترض قبل أن يعلن اقتراحه أن يناقش الأمر مع العلماء للاتفاق قبل الظهور أمام الإعلام على ألا  يتخذ الأمر منفردا.


ورد الدكتور إبراهيم نجم مستشار المفتي على ذلك بقوله: إن الدار ليست الجهة المعنية بإصدار قوانين لتنظيم عملية الإفتاء لأن هذه مهمة المجالس التشريعية، ولكن الدار تقوم بدورها فى بيان الأحكام الشرعية الصحيحة، والرد على الفتاوى الشاذة والتكفيرية والتحذير منه.


في حين قال وكيل الأزهر عباس شومان إنه لا توجد حاجة ملحة لتطبيق قوانين لتنظيم عملية الإفتاء من جانب الأزهر، وذلك لأن الأخير ليس سلطة عقابية أو رقابية، ولا يبحث عن القيام بهذا الدور، مشيدًا بدعوة السيسي لتشكيل لجنة منفصلة لتجديد الخطاب الديني، بحيث تشكل بعيدا عن مشيخة الأزهر وتكون في عضويتها شخصيات مستقلة من الأزهر وشباب الدعوة.