رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حذف معلومات عن «أبو غزالة» ومحمد نجيب من مناهج «الثانوية»

أبو غزالة ومبارك
أبو غزالة ومبارك - أرشيفية

كشف تقرير رقابي صادر عن الجهاز المركزي للمحاسبات عن مساوئ العملية التعليمية في مصر خلال الفترة الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بالمناهج التعليمية، ونظام الامتحانات ونتائجها، بالإضافة إلى ظاهرة الدروس الخصوصية التي يسعى وزير التربية والتعليم الحالي، الهلالي الشربيني لمواجهتها من خلال المجموعات الدراسية.

التقرير الذي حصلت «النبأ» على نسخة منه، يؤكد أن حالة المناهج العلمية لمرحلة الثانوية العام «سيئة»، ومكدسة بمعلومات تعتمد على الحفظ فقط دون الاهتمام بالتطبيقات العملية، نتيجة لفقر إمكانيات المدارس، دون النظر إلى تعليم الطلاب كيفية البحث عن المعلومات وإعطائهم الأساسيات والقواعد المهمة في العلوم والرياضة، وفي الآداب والتاريخ.


وأضاف التقرير أن سوء مناهج الثانوية أدى إلى عزوف الطلاب عن الدراسات العلمية، وإقبالهم على الشعبة الأدبية، بما يؤثر على مستقبل البحث العلمي في مصر خلال السنوات المقبلة، وهذه كارثة؛ لأن البحث العلمي وتطبيقاته التكنولوجية يعد الركيزة الأساسية للتقدم والتنمية.


وأشار التقرير إلى أن المناهج التعليمية «مسيسة»، خاصة مناهج التاريخ والتربية الوطنية للثانوية العامة، التي غالبًا ما تخضع لأهداف سياسية معينة تتأثر بالنظام الحاكم ورؤيته، وهي قضية في منتهى الخطورة، حيث ترتب عليها حذف وتعديل للمناهج، وتقليل المعلومات الخاصة ببعض الشخصيات، مثل اللواء محمد نجيب، والمشير محمد عبد الحليم أبو غزالة، وغيرهم.


ولفت التقرير، إلى احتواء المناهج على بعض الأخطاء العلمية، ومن ذلك ما تبين بكتاب الفيزياء للثانوية العامة، حيث أبلغ مؤلف الكتاب وزارة التربية والتعليم، بوجود أخطاء علمية في الكتاب، لكن الوزارة لم تحرك ساكنًا.


ومن ناحية أخرى، كشف التقرير عن دور قيادات وزارة التربية والتعليم في انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية، حتى أصبحت ظاهرة عامة في المجتمع، تتسبب في العديد من الأعباء المالية.


ووصلت المبالغ المالية التي ينفقها الأهالي على الدروس الخصوصية 30 مليار جنيه سنويًا، وأكد التقرير أن تلك الظاهرة تتسبب في ظهور المفاسد السلوكية والأخلاقية، فضلا عن سوء مستوى الطلاب، وأن هذه الظاهرة وصلت لمرحلة التعليم الجامعي.


وأشار التقرير إلى أن هناك ارتباطًا بين الدروس الخصوصية، والنظام الحالي للامتحانات التي حولت المناهج التعليمية إلى مجموعة من الأسئلة والأجوبة، ما يؤدي إلى تضاؤل قيمة المدرسة، وتقليل قيمة العملية التعليمية.


ورغم خطورة الدروس الخصوصية، ومحاولة الدولة لمحاربتها، إلا أن الدكتور الهلالي الشربيني، يسعى لتطبيق سياسة جديدة للدروس الخصوصية داخل المدارس التعليمية نفسها، حيث اقترح فكرة تكوين مجموعات دروس خصوصية داخل المدارس بمقابل يصفه الوزير بأنه «رمزي»، في محاولة منه للسيطرة على ظاهرة الدروس الخصوصية خارج المدارس، وتوفير مصدر رزق إضافي للمدرس يساعده على أعباء الحياة المعيشية، وقد بدأت هذه الفكرة في التطبيق بالمدارس في بعض المحافظات.


وذكر التقرير، أن طرق الامتحانات المتبعة بالمؤسسات التعليمية «تقليدية» لا تساهم في تنمية قدرات الطلاب ومهاراتهم في كيفية اكتساب المعرفة من مصادرها المختلفة؛ لأنها تقوم على قياس واختيار قدرة الطلاب على عرض المعلومات الموجودة بالكتب والمناهج المقررة.


وأكد التقرير، أن نظام الامتحانات الحالي يتناغم مع أسلوب التلقين؛ وأن المناهج التعليمية «قديمة»، وطبعت في كتب رديئة، وأسلوب عرض تلك المناهج ينفر الطالب ولا يجذبه، والمدرس مجرد «مبرمج» يقوم بدور الملقن والمختزل للمناهج في صورة ملخصات وملازم أو كتب خارجية مساعدة أو أسئلة وأجوبة، والمعامل والمكتبات «هزيلة» الإعداد والتجهيزات.


وأشار التقرير إلى تضخم الدرجات، بمعنى الحصول على مجاميع 100% وهي ظاهرة غير مسبوقة في جميع الأنظمة التعليمية في العالم، وهي ظاهرة تعطي دلالة على سهولة المواد الدراسية وسهولة الامتحانات، ما يؤثر سلبًا على مستوى الطلاب ومستوى إعدادهم وتأهيلهم لما بعد الجامعة، ما ينعكس في النهاية سلبيًا على مستوى الجامعات ومكانتها العلمية.


وأوضح التقرير أن الإعلام كان له تأثير كبير على الامتحانات، حيث إنه كان يغذي فكرة ضرورة أن تكون الأسئلة سهلة لا تتطلب جهدًا وتفكيرًا، كما أنه كان يركز على محاولات الانتحار والإغماءات وتمزيق أوراق الإجابة؛ بسبب صعوبة بعض الأسئلة، مطالبًا بضرورة التحقيق مع اللجنة الفنية التي وضعت أسئلة بعض الامتحانات، ما استدعى في النهاية، إعادة توزيع الدرجات.


وانتقد التقرير نظام «درجات الرأفة» التي هي جزء من نظام تصحيح الامتحانات في المدارس والجامعات، حيث تضاف درجات لا يستحقها الطالب لمساعدته في الانتقال للمرحلة التالية، مشيرًا إلى أن هذا النظام يتعارض مع مصلحة المجتمع التي تتطلب أن يكون خريجو الجامعات على أفضل درجة من العلم والتدريب والإعداد.


ولفت التقرير إلى أن نظام الامتحانات الحالي يشجع على «الغش»، الذي يكون له  أشكال مختلفة، بعضها تقليدي، وبعضها يعتمد على وسائل أخرى مثل شراء الامتحانات، حيث يقوم البعض بتسريبها أو سرقتها وبيعها للطلاب وهو ما حول وقت الامتحانات إلى موسم للكسب، أو النصب على الطلاب.


ففي امتحان السنة النهائية لطلاب «طب الزقازيق»، تم رصد عدة تجاوزات منها: تعمد توجيه ممتحنين معينين لمساعدة طلاب محددين على سبيل المجاملة، وتعمد تغيير اللجان التي تحددت سلفًا للإشراف على طلاب بعينهم، إجراء الامتحان لطلاب قبل الموعد المحدد لهم لكي يقفوا أمام ممتحنين معينين لنفس السبب، تسرب الأوراق الخاصة بإجابة الطلاب من الكنترول، وبعد إبلاغ النيابة، تم إرجاع الأوراق إلى مكانها الأصلي، وكان ضمنها ورقة ابنة رئيس الجامعة، والتي كانت بعد النتيجة من العشرة الأوائل.


وأضاف التقرير أن «ظاهرة الغش» لا تقتصر على التعليم الأساسي والجامعي، ولكنها تمتد ليشمل غياب الأمانة الأكاديمية في الدراسات العليا والأبحاث العلمية في الجامعات ومراكز البحوث، وفي تقييم الأبحاث المقدمة للترقية، أو النشر في المجلات العلمية.