رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

هشام زكي يكتب: التاريخ السياسي ومنْ يصيغه ؟!

هشام زكي
هشام زكي

أثارت تصريحات الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتب المعلومات للرئيس الأسبق حسني مبارك، عبر برنامج الصندوق الأسود، الذي بثته قناة القبس الكويتية كثيرا من الجدل واللغط حول تاريخ مصر.

ونحن لا نناقش هنا ما أدلى به الدكتور مصطفى، فتصريحاته هي نتاج ممارساته وتجاربه التي اكتسبها على مر السنين وكونت قناعاته ورؤيته للأمور، إنما نناقش ما هو أهم من تلك التصريحات إلا وهو التاريخ ومنْ يصيغه، التاريخ ومنْ يكتبه في ظلّ التصريحات التي اصبحت تنهال علينا من كل حدب وصوب.

 فمنذ فترة ليست بالطويلة خرج علينا من يشكك في وطنية اشرف مروان، وبثت قناة الـBBC فليما تليفزيونيا عنه، في محاولة لإدانته، وصاحب تلك التصريحات غياب الشفافية وغياب الدولة التي لا تهتم بهذه الأشياء ولا تهتم بالتاريخ ولا بمنْ يكتبه، وكأن ما يتم تداوله لايحدث في مصر، متغافلة إن التاريخ ليس حكي وسرد، ولا حكم ومواعظ بلا فائدة !!! بل هو وفق قول المؤرخ اليوناني بوليبيوس التاريخ مُفيد جدًا في تعليم الفلسفة من خلال ذكر الأمثلة، والعبر التي يعرضها.

أما ابن خلدون فصرح بما يُشبه رأي بوليبيوس، فقال إنّ التاريخ يوقفنا على ظروف الأمم السابقة، وأخلاقهم، وسِير الأنبياء، والملوك، وطبيعة سياستهم كي يتم الاقتداء بهم، والابتعاد عن أخطائهم التي ارتكبوها".

إن معرفة التاريخ ياسادة والتعمق في فهمه وإدراكه يؤدّي إلى الكيفية التي تنهض بها الأمم والحضارات المختلفة، وإلى إدراك العوامل التي تسرّع من أفول هذه الحضارات، وربما يكون من أهم أسباب الأفول الحضاري الابتعاد عن الأفكار المؤسسة لحضارة ما.

وهنا يطرح السؤال نفسه لماذا يظل تاريخنا حبيس الخزائن والإدراج الحديدة؟ ولماذا الغموض والتورية؟ وهل معرفة التاريخ المصري وأحداثه تتوقف عند فئه بعينها من الحكام والساسة، دون غيرهم من فئات المجتمع المتعطش لمعرفة الحقيقة حتى لو كانت مؤلمة، ليستطيع تقيم المواقف من خلال الوثائق، وحتى لا يظل مغيبا تأها بين التصريحات الصحيحة احيانا، والملفقة أحيانا اخرى، الأمر الذي يؤدي إلى تشويه الفكر وعدم الوقوف على رؤية صحيحة للأمور، مما يترتب عليه حالة من التخبط لدى المؤرخين الذين لا يملكون ما يستندون إليه من مستندات أو وثائق، وبالتالى يخضع ما يكتبه المؤرخون إلى هوى النفس، وإلى التوجهات السياسية لكل مؤرخ. 

ومرة اخرى يطرح السؤال نفسه لماذا لا نتبع خطى الدول المتحضرة في الإفراج عن بعض الوثائق المهمة التي مر عليها فترة من الزمن درأ للتصريحات التي تخرج بين الحين والآخر؟ ولماذا لا يتعرف الشعب على التاريخ السياسي لبلده الا من خلال الأفلام السينمائية والمسلسلات وبعض الساسة الذين يسعون إلى تشوية رموز  لهم مكانتهم في نفوس المصريين وغيرهم من الشعوب المجاورة؟!.