< نائب الوزير أمام اختبار صعب.. هل تنتهي أزمات مدارس ستيم؟
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

نائب الوزير أمام اختبار صعب.. هل تنتهي أزمات مدارس ستيم؟

النبأ

قال الدكتور محمد كمال، أستاذ القيم والأخلاق المساعد بجامعة القاهرة، إن ملف مدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا (STEM) أصبح من أكثر الملفات التعليمية إلحاحًا، لما يحمله من مشكلات متراكمة وهموم حقيقية يعيشها طلاب من خيرة عقول مصر، معتبرًا أن هذه الأوضاع تمثل «تركة ثقيلة» أمام قيادات التعليم، وفي مقدمتهم نائب وزير التربية والتعليم، لكنها في الوقت نفسه تفتح بابًا واسعًا للأمل في الإصلاح.
وأوضح أن مدارس ستيم انطلقت عام 2011 في إطار معونة أمريكية استمرت حتى عام 2019، قبل أن تتحمل وزارة التربية والتعليم مسؤولية تمويلها بالكامل، مشيرًا إلى أن الالتحاق بهذه المدارس يتم وفق شروط شديدة الصرامة، وأن عددها يبلغ 21 مدرسة فقط على مستوى الجمهورية، تعمل بنظام الإقامة الداخلية الكاملة.
وأضاف أن العبء الدراسي المفروض على طلاب ستيم يفوق أي نظام تعليمي آخر، حيث يؤدي الطالب في كل فصل دراسي نحو 12 امتحانًا ما بين اختبارات قصيرة، وميدتيرم، وامتحان نهاية الفصل، ومشروع دراسي، بينما يرتفع العدد في الصف الثالث الثانوي إلى 14 امتحانًا، يُضاف منها 12 للمجموع، وهو ما يضع الطلاب تحت ضغط امتحاني متواصل وصفه بأنه «استنزاف حقيقي لقدراتهم».
وأشار الدكتور محمد كمال إلى أن معاناة الطلاب لا تقتصر على الجانب الأكاديمي، بل تمتد إلى مشكلات خدمية وبنيوية مزمنة، أبرزها ضعف أو انقطاع خدمة الإنترنت داخل المدارس، رغم اعتماد الدراسة بشكل أساسي على البحث والتعلم الرقمي، ما اضطر أولياء الأمور إلى تحمل تكاليف إضافية بشراء باقات إنترنت مرتفعة لأبنائهم.
وتابع أن ملف التغذية يمثل إحدى أكثر القضايا إثارة للقلق، حيث وردت شكاوى عن وجبات غير مطابقة للمواصفات، وأحيانًا غير ناضجة أو ملوثة، مع الالتزام بمواعيد صرف صارمة لا تراعي ظروف الطلاب، ومنع استلام الوجبة بالنيابة عن زميل حتى في الحالات الطارئة.
ولفت إلى وجود أزمات واضحة في البنية التحتية ببعض المدارس، من بينها مدارس ستيم أكتوبر، التي تعاني من تهالك خطوط المياه واحتمالات تسرب أو اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي، إضافة إلى تكسير الأسوار بما يسمح بدخول الحيوانات الضالة، وانتشار القطط داخل غرف الإقامة والحمامات والمطاعم، بل ورصد حالات لظهور ثعابين داخل بعض المدارس.
وانتقد مستوى الرعاية الصحية، مؤكدًا أن الشكاوى تتراوح بين الإهمال وسوء التعامل مع الحالات المرضية، خاصة في ظل نظام الإقامة الداخلية، محذرًا من خطورة إجبار طالب مريض على البقاء داخل المدرسة بحجة «العزل»، لما قد يترتب عليه من انتقال العدوى لبقية الطلاب.
كما أشار إلى تهالك الأثاث المدرسي، من سراير ودُوَلَايب مكسورة وضعف الإضاءة، إلى جانب العجز في أعداد معلمي المواد الدراسية المتخصصة، ما يؤثر بشكل مباشر على جودة العملية التعليمية.
وتوقف عند منع نقل الطلاب إلى مدارس ستيم القريبة من محافظاتهم، دون دراسة بدائل أو وضع ضوابط مرنة، معتبرًا أن إجبار الطلاب على السفر لساعات طويلة أسبوعيًا يمثل عبئًا نفسيًا وبدنيًا عليهم وعلى أسرهم.
ووصف الدكتور محمد كمال ما يُعرف بـ«النسبة المرنة» للقبول بالجامعات بأنها «أزمة كبرى للتفوق»، موضحًا أنه رغم زيادة أعداد طلاب ستيم سنويًا، فإن فرصهم في الالتحاق بكليات القمة تتراجع. واستشهد بتراجع القبول بكليات الطب من 282 طالبًا بنسبة 25% عام 2023 إلى 142 طالبًا بنسبة 14%، وبكليات الهندسة من 297 طالبًا بنسبة 42% إلى 188 طالبًا بنسبة 29%، مؤكدًا أن المنطق يقتضي زيادة هذه النسب لا تقليصها.
وأضاف أن الطلاب وأولياء الأمور، بدلًا من أن يجدوا استماعًا جادًا لمشكلاتهم، واجهوا في بعض الأحيان تسويفًا أو إهمالًا، بل وصل الأمر في حالات محدودة إلى تهديد الطلاب وإجبارهم على التوقيع على إقرارات بعدم وجود شكاوى، مشددًا على أن المشكلات تختلف من مدرسة لأخرى، لكنها لا تغيب عن أي مدرسة من مدارس ستيم.
وفي ختام حديثه، ثمّن الدكتور محمد كمال قرار وزير التربية والتعليم بإنشاء وحدة جديدة باسم «مدارس المتفوقين والموهوبين»، تضم مدارس المتفوقين ومدارس ستيم، تحت إشراف الدكتور أيمن بهاء، نائب وزير التعليم وأحد خريجي مدارس المتفوقين، مؤكدًا أن معرفته بتجربة الطلاب من الداخل، وخبراته الإدارية والأكاديمية المتعددة، تعزز الآمال في حلول جذرية وسريعة تعيد لهذه المدارس مكانتها الطبيعية، وتنقلها إلى المستوى الذي يليق بخيرة طلاب مصر في أقرب وقت.