مفتي الجمهورية: الإفتاء تخوض معركة صناعة الوعي لأكثر من قرن وربع
قال مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم الدكتور نظير عياد، إن دار الإفتاء بدأت في مصر منذ زمن وارتبطت بالأزهر، إلا أنها لم ترضَ بأن يقتصر عملها على بيتن الحكم فقط؛ فحرصت على تبني منهجًا يتميز بالجرأة في الحق والوسطية، ورفع الوعي وهو ما لا يتوفر إلا في العمل المؤسسي.
مفتي الجمهورية: الإفتاء تخوض معركة صناعة الوعي لأكثر من قرن وربع بالفتوى المستنيرة
وبحسب «عياد» خلال كلمته في ندوة «دار الإفتاء المصرية.. وصناعة الوعي»، إن دار الإفتاء خلال أكثر من القرن والنصف خاضت غمار معركة الوعي من خلال فتوة مستنيرة وفكر سديد يراعي الواقع ويحافظ على الحدود والثوابت.
وأكد مفتي الجمهورية، في الندوة التي أدارها الإذاعي وليد الحسيني، إلى أن دور دار الإفتاء المصرية في صناعة الوعي يتطلب الوقوف أمام تاريخ طويل لقضايا سياسية واجتماعية وحياتية؛ مؤكدًا أنها عبر تاريخها الطويل ما انفكت عن القضايا الوطنية التي بعضها يتعلق بالشأن العام وبعضها يتعلق بالشأن الخاص باحثة عن الطريق الواضح والمنهج المناسب لإنزال حكم الله سبحانه وتعالى دون إفراط أو تفريط.
كما بيَّن الدكتور نظير عياد، أن دار الإفتاء تراعي المصلحة العامة في تناول القضايا، مبينًا أن الوعي أحيانًا لا يكون وعيًا عنذما نجد الشخص يبحث عن المعرفة في اتجاه محدود وشكل محدود متجاوزًا المعطيات والمقاصد والمآلات ثم الأعراف والعادات، وهو ما يؤكد أن صناعة الوعي عبارة عن منظومة تعمل عليها المؤسسات وتتكامل معها الإرادة الشخصية.
فيما أكدت هالة رمضان رئيس المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، أننا في عالم من التحديات والمخاطر التي لا حصر لها، موضحة أن المركز يعني برصد المشكلات والمخاطر والتعرف على أبعادها ثم محاولة الوصول للحلول مع المتخصصين.
وأضافت: "في كل لحظة نرصد خطرًا جديدًا يتعلق بعضها بالفجوة العمرية بين كل شاب والآخر، ووجود اللغات العديدة، بالإضافة للغات الرقمية وإتقانها من قبل النشء في ظل الأمية الرقمية لدى بعض الكبار، فهناك فئات مثيرة في المجتمع وكل فئة لديها مشاكلها ورؤاها".
رئيس القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية: إذاعة القرآن تمثل 80% من مصادر المعرفة الدينية في المجتمع
واعتبرت أن رجل الدين يقف في مقدمة الصف في مواجهة المشكلة المجتمعية، لافتة إلى أن آخر إحصائية أعدها المركز بخصوص الدين في حياة المصريين كانت على من عينة من الفئات العمرية من 18 عام وحتى 70 عاما، في 10 محافظات تمثل الوجه البحري والقبلي والمحافظات الحدودية.
وبينت أن البحث توصل إلى أن العلاقات الأسرية في المجتمع المصري لا تزال قوية، لكن هناك مشكلة تحتاج الدعم من المؤسسات الدينية، وكذلك فيما يتعلق بالقيم أشارت الإحصائيات للحاجة لدعم قيم التسامح.
وفيما يتعلق بمصادر المعرفة الدينية تبين أن 80% منها تمثلت في إذاعة القرآن الكريم، وهو ما يحتاج صب المزيد من الدعم في هذا المصدر، يليه في المرتبة الثانية خطبة الجمعة في المسجد ووعظ الأحد في الكنيسة، ثم الأزهر والإفتاء والأوقاف على الترتيب.
واسترسلت: "كما أوضحت الدراسة أن رجل الدين بحاجة للتماس في المشاكل الاجتماعية خصوصا في مشاكل الشباب ثم المشاكل الاسرية ثم الزوجية ثم الإدمان، وتنظيم العلاقات في العمل".
وأشارت إلى أن معظم معتنقي الأفكار اللادينية من الشباب تبين أنهم من أسر مفككة وكانت لديهم بعض الأفكار لم يجدوا عليها اجوبة عند رجل الدين حولهم وواجهوا التنفير منه.
أما الدكتور عماد هلال أستاذ التاريخ الحديث ورئيس قسم التاريخ الحديث بجامعة قناة السويس، بين أن منصب الإفتاء في مصر عريق وتصدر فيه عدد من الصحابة مثل عبدالله بن عمرو بن العاص وعتبة بن عامر، لاقتًا إلى تصدي أكثر من 1000 مفتي بعملية الفتوى، نظرا لأن الناس دائمًا مشغولة بالسؤال.
وبدوره أعرب الدكتور عمرو الورداني أمين الفتوى وعضو اللجنة الاستشارية العليا لمفتي الجمهورية عن تقديره لما يقدمه الدكتور نظير عياد من حراك فكري مستمر يحافظ على التواصل المستمر بين دار الإفتاء والمجتمع.
وسأل خلال كلمته: "هل نحن مطمئنون على أبنائنا؟"، معتبرًا أن هذا هو سؤال الوعي، موضحًا أن الوعي هو المعرفة المهيأة للعيش بها الإنسان، وأنه ساحة تدار من خلال العديد من المعارك، من خلال اختزان الوعي، واحتلال الوعي، ثم اختلاله.
وضرب الورداني مثال على اعتزال الوعي بحصره في الخطابة والكلمات، لافتًا إلى أن هناك 6 حقائق عن الوعي؛ أولها أنه يرتبط بإدراك الإنسان لدوره ويقوم بعمل مؤثر في الحياة، والحقيقة الثانية أنه صناعة ثقيلة فلا بد أن يستمر وتتكاتف الجهود لصناعته.
كما شدد على أن الوعي أداة حضارية وليس ثقافية، كما أن فيه جزء ثابت وآخر متغير، معتبرًا أنه الاحتياطي الحقيقي للإنسان في المجتمعات، وبعضه يتعلق بوعي التحصين.
وشدد على أن الوعي هو البصيرة المجتمعية ولا بد أن يهتم به رجال وعلماء الدين عملا بقوله تعالى: "بل الإنسان على نفسه بصيرة"، وأنه إحدى القوى الناعمة في المجتمع، محذرا من قصر صناعة الوعي على مؤسسات الدولة.
وحذر من فكرة تسييل الوعي ومحاولة نزع الثقة بين المؤسسات القائمة على صناعة الوعي وبين المواطن، لافتا إلى أن دورها يتخطى مسألة الإجابة على الزواج والطلاق والأهلة، مشددًا على أنها إحدى وسائل القوة الناعمة للدولة المصرية.
وبين أن دار الإفتاء احتكت بكل ما يتعلق بالمجتمع فعندما رصدت تزايد الفتاوى المتعلقة بالطلاق أنشأت مركز الإرشاد الزواجي بدار الإفتاء، وكذلك أنشأت وحدة فض المنازعات، وعملت على تدريب الصحفيين والإعلاميين وكل من يتعلق بالتأثير على الرأي العام.