< الدكتور محمد حمزة يكتب: التشخيص السليم بداية طريق الإصلاح الحقيقي
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

الدكتور محمد حمزة يكتب: التشخيص السليم بداية طريق الإصلاح الحقيقي

الدكتور محمد حمزة
الدكتور محمد حمزة

 التشخيص السليم هو بداية العلاج الناجع لأي مرض مهما كانت خطورته،فما بالنا بالأمراض الكثيرة المتعددة والموروثة والمتأصلة خلال العقود الأخيرة في المجتمع.

في الإعلام والدراما والفن والتعليم والصحة والثقافة والفكر والدين والهوية والسياسة والاقتصاد والحياة اليومية والمرور والآسرة والرياضة،وما يتصل بكل أوبعض ذلك بما يعرف بالمال السياسي والمال الإعلامي والمال الرياضي والمال الفني وغسيل الأموال وغسيل الاثار بل ومن المستجدات مايعرف بالمال العلمي وغيرذلك.

وفي رمضان الماضي 2024م الرئيس حط ايده علي مشكلة الدراما المصرية وإنعكاساتها السلبية علي المجتمع المصري بعد أن أصبحت الدراما تجارة بعد أن كانت صناعة،وكذلك وضع يده علي مشكلة تزوير الانتخابات البرلمانية عام 2025م عقب المرحلة الاولي منها منذ أيام قلائل.

وبالنسبة لمشكلة الدراما طالب السيد رئيس الوزراء علي الفور بعد توجيهات السيد الرئيس بتشكيل لجنة لوضع رؤية مستقبلية بشأن الدراما والإعلام،ونتمني أن تؤتي اللجنة أكلها وما تبقاش زي لجنة المقابر التراثية بمحور صلاح سالم وكلنا عارفين وشفنا اللي حصل.

وبالنسبة للمشكلة الثانية وهي تزوير الانتخابات تم بالفعل إلغاء وابطال الانتخابات من 19دائرة من أصل70دائرة،وإذا كان هذا شئ محمود وخطوة حقيقية علي طريق الإصلاح ؟؟ إلا أنه لايمثل كافة مايصيب المجتمع من أمراض موروثة ومتأصلة زي ماقلنا في شتي المجالات فهل علاجها يتوقف فقط علي رؤية السيد الرئيس وتوجيهاته،وإذا كان ذلك كذلك فما هو دور المؤسسات المختلفة في عملية إصلاح ما يعتريها من ضعف وقصور وخلل وفساد بل ماهو دور كل فرد في ذاته.

فالمشكلة ياسيادة الرئيس ليست في الدراما التي لاتعبر عن الواقع الحقيقي للمجتمع المصري فقط،ولا في تزوير إرادة الناخبين في كل أو بعض الدوائر الانتخابية من خلال التأثير والمال السياسي فقط.

ولكن المشكلة بل فلنقل المشاكل والأمراض فهي كثيرة وتنتشر في كثير من المؤسسات والهيئات والقطاعات وهي تحتاج إلى مراجعة دقيقة وأليات ومعايير موضوعية صارمة وضوابط وقواعد حاكمة لايعتريها أي نقص أو قصور أو تهاون أوتخازل أو مواربة؟؟؟ فضلا عن متابعة دقيقة ورقابة شديدة، فإن مستقبل الوطن وإعادة بناؤه يعد صناعة وارادة ورؤية وفكر وتخطيط علي كافة الأصعدة والمستويات،حتي يمكن تحريك المياه الراكدة وإستنهاض المضمحل وتحديث التقليدي وبالتالي الوصول إلي نهضة حقيقية تمس البشر والحجر في ذات الوقت.

وحسبنا أن نشخص بعض الأمراض المتفشية والتي تحتاج إلي جراح ماهر يستأصلها من جذورها ويعيد للوطن سيرته

الاولي النقية ناصعة البياض والخالية من الامراض،وبالتالي يقود سفينة الوطن إلى بر الأمان والأمن والاستقرار والرخاء والازدهار.

ومنها الوجوه المكررة في الإعلام سواء من الإعلاميين أو من الضيوف الدائمين في كافة القنوات والبرامج الحوارية السياسية والاقتصادية والدينية والثقافية والفنية والرياضية وبرامج التسلية والترفيه؟ فضلا عن التوك شو، وعايزين حد يتابع أسلوب الحوار الرخيص والألفاظ النابية والردح غير المعقول في بعض هذه البرامج،وكذلك الكلام غير العلمي بالمرة في بعض البرامج الاخري ـ والبرامج التي تستضيف من يزلزلون الثوابت ويشككون. في الرموز والأصول ؟؟؟؟وكمان حد يتابع مايقال من قبل بعض الإعلاميين عقب تعليقهم علي الأحداث الجارية في الكثير من المجالات وهو ما بحق أن نطلق عليه الشئ ونقيضه تماما مثل شعراء الأمس والذين كانوا يمدحون ويزمون نفس الشخص في نفس الوقت لإعتبارات معروفة ومفهومةومن ذلك البحتري في مدح المتوكل وفي ذم المتوكل وكذلك المتنبي وكافور الإخشيد وغيرهم كثير،وأمثالهم وأشباههم موجودين بيننا حتي الان، والأغرب والمدهش في ذات الوقت أنهم لايرتدون سيف الحياء والخجل وهم يعلمون مايقال عنهم بين غالبية المشاهدين،

فلماذا إذن الإصرار علي استمرار هؤلاء وأولئك في القنوات والبرامج المختلفة بعد أن أصبحوا كلهم معروفين للجميع الصغير قبل الكبير والمتعلم وغير المتعلم والأمي وغير الأمي؟

وقد سبق لسيادة الرئيس في مناسبات كثيرة أن طالب ووجه بضرورة تطوير الرسالة الاعلامية وهو ماتحدثنا عنه في مقال سابق،وإذا كان هذا هو حال الإعلام الرسمي والخاص فما بالنا بإعلام الميديا ووسائل التواصل الاجتماعي من الفيسبوك واليوتيوب والريلز والقنوات الخاصة والبودكاست ومن يعرفون بإسم البلوجر رجالا ونساءا علي السواء فما يبث اخطر علي المجتمع وقيمه وهويته مما يبث في الإعلام الرسمي والخاص فأين الرقابة وأين المتابعة.

وتكمن الخطورة في الميديا ووسائل التواصل الاجتماعي بكل أنواعها المشار اليها في أنها تتناول كل شئ وبأي وسيلة كانت شرعية وغير شرعية أو قيمية وغير قيمية بالصوت والصورة والدعاية والإعلان بل وبالذكاء الاصطناعيAi فكل من هب ودب أصبح أبو العريف.

وإذا تركنا الإعلام جانبا لوجدنا أن هناك العديد من الأمراض والمشاكل يجب أن تجتث من مجتمعنا ومنها علي سبيل المثال وليس الحصر ما يتعلق بالعديد من القيادات التي لا أثر لها في المنصب الذي تشغله سوي حصولها علي لقب هذا المنصب لوضعه في الcvبعد أن يترك هذا المنصب،فأين الرقابة والمتابعة بل وأين تقارير الأداء؟، وماهي المعايير التي أهلت مثل هؤلاء لاعتلاء سدة هذا المنصب أصلا، ومصر ليست بحاجة إلى موظفين بل بحاجة إلى أصحاب رؤية ورأي وقيادة وإدارة وابداع.

وكذلك هناك من يحصلون علي العديد من جوائز الدولة وليس لهم إنتاج معروف ومميز أو دور وإضافة لهم في تخصصهم يستحقون علي اساسها الحصول علي هذهالجوائز؟؟ فعلي أي أساس ووفق أي معيار حصدوا تلك الجوائز،  فإذا كانت الدراما تنعكس سلبا علي غالبية أفراد المجتمع المصري كما تفضلتم وصرحتم وواجهتم سيادة الرئيس، فإن مثل هذا الجوائز التي تعطي لمن لايستحق ولمن لا بصمة له في مجال عمله وتخصصه بل وفي المجال العام فإنها تنعكس سلبا أيضا علي أفراد المجتمع الجامعي وغيرهم من أفراد المجتمعات التي ينتمون اليها ولها صلة أو ارتباط بمثل هذا الجوائز.

ويضاف إلي هذا وذاك مايتعلق بتشكيل العديد من مجالس الادارة ومجالس الأمناء ومقرري ورؤساء وعضوية المراكز والمجالس والجمعيات والهيئات،وكذلك لأبد من مراجعة مايتعلق بالبحث العلمي علي مستوي الماجستير والدكتوراة وعلي مستوي الترقية لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية في كافة التخصصات وما علاقتها بسوق العمل من جهة ومناهج البحث العالمية الحديثة من جهة اخري،فإن هناك من التخصصات ما يتجاوز عددأعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة أعداد الطلبةأنفسهم في ذات القسم والكلية، بل وهناك أعداد غفيرة من الأساتذة في بعض التخصصات ولكن المحصلة ايه؟ وهل إنعكس ذلك علي تطوير مناهج البحث العلمي والمقررات الدراسية، أم أن الوصول للاستاذية شئ، والتطوير والتحديث شئ أخر.

تماما مثل الذي كل هدفه هو الوصول إلى منصب قيادي ما ويخطط لذلك الهدف بكل الطرق والوسائل والأساليب، وبالفعل يصل لهذا المنصب ؟؟ ولكن هل إنعكس ذلك علي المكان رؤية وتطويرا وتحديثا ونقلة نوعية أم لا.

ياسيادة الرئيس

لقد ورثت سيادتكم عبئا ثقيلا وميراثا ليس هينا في كافة الملفات خلال العقد الثاني ومنتصف العقد الثالث للألفية الثالثة ووضعتم اللبنات الاولي للجمهورية الجديدة وأرسيتم دعائمها بمنتهي القوة والجرأة والشجاعة ولكن الأمر جد خطير فإنه يحتاج إلى أولي العزم من الرجال والنساء في كافة المجالات الذين يستطيعون معك وبنفس القوة والكفاءة العبور بالسفينة إلى بر الأمان لإستكمال معالم وملامح الجمهورية الجديدة في كافة المجالات السياسية والتنفيذية والتشريعية والدينية والاقتصادية والإعلامية والقضائية والعلمية والتعليمية والصحية والاجتماعية والثقافية.

ولذلك فالأمر يحتاج إلى تضافر كل الجهود مع القيادة السياسية من الأفراد والجماعات علي السواء فإنه علي الرغم من أن عملية النهوض وردم فجوة التخلف والنكوص والتراخي هي عملية جماعية أو مجتمعية إلا أنها تبدأ من عند الفرد في إطار الدائرة التي يشغلها ويتوسع فيها وتتراكم مجهودات الأفراد لتشكل في النهاية مجري كبيرا تنخرط فيه الأمة جميعا.

وبعد

فهذا بعض ما عن لنا في ضوء متابعات السيد الرئيس وتوجيهاته السديدة بخصوص بعض الملفات التي تهم المجتمع المصري كله أردت أن أضعها علي بساط البحث والمناقشة،لعل وعسي أن تصادف من يلتقطها ويعرضها علي القيادة السياسية والجهات المسؤولة لتكون بداية لمراجعتها وتقييمها وإستجلاء مكنونها ووضعها علي خريطة التطوير والتحديث وإزالة مواطن الخلل والنقص في بعض جوانبها أو في القوانين واللوائح المتعلقة أو المرتبطة بها

من اجل إستكمال منظومة الجمهورية الجديدة التي تستعيد مصر بها ومن خلالها هويتها ونهضتها ورونقها وحداثتها ويحقق بها ومن خلالها الشعب المصري كله في جيله الحاضر إستقراره النفسي والمادي والمجتمعي ورخاؤه ورغده وإزدهاره وتألقه المعهود وعزته وكرامته وقوته وكبرياؤه وأمنه وأمانه في حله وترحاله وفي يومه وغده  وأن تطمئن بها ومن خلالها الأجيال المستقبلية علي حياتها ومستقبلها.

والله سبحانه وتعالي لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم،وتشخيص الداء هو أول خطوة للعلاج الناجع،والإصلاح.

حفظ الله مصر ارضًا وشعبا وجيشا وقيادة وحكومة رشيدة وتاريخا وحضارة وآثارا وتراثا وثقافة في حاضرها وفي مستقبلها إلى أن يرث الله الارض ومن عليها وهو خير الوارثين.

اللهم امين يارب العالمين.

التشخيص أولا

والعلاج والتصحيح والتغيير ثانيا

 

بقلم:

الدكتور محمد حمزة أستاذ الحضارة الإسلامية وعميد آثار القاهرة سابقا