< كيف يؤثر قلة على النوم على العقل والدماغ؟
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

كيف يؤثر قلة على النوم على العقل والدماغ؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

يمكن أن يُسبب النوم المتأخر مجموعة من الآثار المباشرة في اليوم التالي، حيث يُمكن لليلة واحدة من قلة النوم أن تُغير كيمياء الدماغ بشكل جذري، مُؤثرةً على أكثر بكثير من مجرد وظائفنا الإدراكية المباشرة.

ويُعد النوم ركيزة أساسية للصحة البدنية والعقلية، ومن المعروف أن قلة الراحة تُعيق قدراتنا الإدراكية اليومية بشكل كبير.

وأثناء النوم، يمر دماغنا بمراحل مختلفة من النوم تُسمى حركة العين غير السريعة (NREM) وحركة العين السريعة (REM) في دورة تستغرق حوالي 90-110 دقائق لدى البالغين، حيث تنقسم حركة العين غير السريعة إلى مراحل أخف وأخرى أعمق.

ويُبرز هذا التوازن المُعقّد لماذا يُمكن أن يكون للحرمان البسيط من النوم، حتى لو كان بسيطًا، تداعيات جسيمة، ذات آثار مُتعددة على أدمغتنا، وفيما يلي ستة آثار رئيسية يُمكن أن تُسببها قلة النوم على أدمغتنا.

ضعف الذاكرة

يلعب النوم دورًا حيويًا في ترسيخ الذكريات، وهي عملية نقل المعلومات من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى.

وأثناء النوم العميق، وخاصةً في مرحلتي الموجة البطيئة وحركة العين السريعة، يُعيد الدماغ تشغيل تجارب اليوم ويُنظمها، مُعززًا الروابط المهمة بين الخلايا العصبية، وعندما يُقطع النوم، تُعطل هذه العملية، مما يُصعّب الاحتفاظ بالمعلومات الجديدة وتذكّر التفاصيل لاحقًا.

ومع مرور الوقت، يُمكن أن يُضعف الحرمان المزمن من النوم كلًا من دقة التعلم والذاكرة، مما يُقلل من كفاءة الدماغ في تخزين واسترجاع المعرفة.

صعوبات في الانتباه والتركيز

يُقلل قلة النوم من نشاط القشرة الجبهية، وهي الجزء الدماغي المسؤول عن التركيز والتفكير واتخاذ القرارات. هذا يُصعّب البقاء مُتيقظًا، والحفاظ على الانتباه، وتصفية المُشتتات، كما يُبطئ التعب من سرعة رد فعل الدماغ، مما يُؤدي إلى الشعور بمزيد من الجهد الذهني.

حتى ليلة واحدة من قلة النوم يُمكن أن تُؤثر على مستويات التركيز بشكل مُشابه للتسمم الخفيف، بينما يُؤدي الحرمان المُستمر إلى قلة الانتباه وارتكاب أخطاء في المهام اليومية، من القيادة إلى الأداء في مكان العمل.

التأثير على تنظيم المشاعر

يرتبط نوم حركة العين السريعة بالمعالجة العاطفية، والأحلام الواضحة أو غير السارة هي استجابة طبيعية للمواقف المُجهدة - وهي طريقة دماغنا في مُحاولة مُعالجة المحتوى العاطفي لحياتنا اليومية؛ لذلك، يُعد النوم ضروريًا لتحقيق التوازن العاطفي.

وعندما لا نحصل على قسط كافٍ من الراحة، تُصبح اللوزة الدماغية (المركز العاطفي في الدماغ) مفرطة النشاط، بينما يضعف التواصل مع القشرة الجبهية الأمامية، وهذا يعني أننا أكثر عرضة للانفعالات ونواجه صعوبة في إدارة التوتر أو الإحباط.

بشكل أساسي، يفقد الدماغ قدرته على تنظيم المشاعر بفعالية، مما يجعلنا أكثر انفعالًا وقلقًا، أو عرضة للمبالغة في ردود أفعالنا تجاه التحديات الصغيرة. يُعيد النوم الكافي هذا التوازن العصبي، ويساعدنا على البقاء هادئين ومرنين في مواجهة ضغوط الحياة اليومية.

سوء الحالة المزاجية

وقد تُؤدي قلة الراحة إلى انخفاض مستويات السيروتونين والدوبامين، وهما ناقلان عصبيان يُساعدان على استقرار الحالة المزاجية والدافعية، بينما تزيد من هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، حيث يُمكن أن يؤدي هذا الخلل الكيميائي إلى الانفعال وانخفاض الحالة المزاجية، ومع مرور الوقت، يزيد من خطر الإصابة بالقلق والاكتئاب.

التأثير على معالجة المعلومات

أثناء النوم، يُنظم الدماغ المعلومات الجديدة ويُدمجها، ويربطها بالمعرفة الموجودة، وبدون قسط كافٍ من الراحة، تكون هذه العملية غير مكتملة، مما يُضعف الروابط العصبية ويُقلل كفاءة التفكير، والنتيجة هي بطء في الفهم، وضعف في التذكر، وانخفاض في القدرة على استيعاب أو تطبيق المعلومات الجديدة.

يؤثر الحرمان من النوم أيضًا على سرعة اتصال الدماغ بين الخلايا، مما يعني أن حتى المهام البسيطة قد تُشعرك بالخمول أو الحيرة الذهنية في اليوم التالي.

التأثير على مهارات اتخاذ القرار وحل المشكلات

عندما لا تحصل قشرة الفص الجبهي، التي تُنظم التفكير والحكم على قسط كافٍ من الراحة، فإنها تُكافح لتقييم المخاطر، أو التفكير في العواقب، أو التخطيط بفعالية، وفي الوقت نفسه، تُصبح المراكز العاطفية في الدماغ أكثر تفاعلية، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات متهورة أو غير مدروسة جيدًا.