< أم من حلوان تناشد الرئيس: “أنقذ أولادي من الموت البطيء”
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

ثلاث إصابات بورم عصبي نادر.. وأم تبيع شقتها وتواجه الحبس بعد رحلة عذاب مع المرض والدَّين

أم من حلوان تناشد الرئيس: “أنقذ أولادي من الموت البطيء”

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسى

في قلب حي حلوان الشعبي، تعيش سيدة مصرية قصة تفوق حدود الصبر الإنساني. بين جدران شقة مستأجرة متواضعة، تتصارع مع ثلاثة أمراض وراثية قاتلة أصابت أبناءها الواحد تلو الآخر، ومع ديون متراكمة تهددها بالحبس والطرد من منزلها.
بصوت متعب من السهر والبكاء، وبقلب أمٍّ أنهكه الخوف، توجهت بنداء استغاثة مباشر إلى رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، طالبة إنقاذ أولادها من الموت البطيء.

رحلة الألم بدأت منذ 13 عامًا

تقول الأم بصوت مختنق: "ربنا منّ عليّا بأربع أولاد، واحد منهم دلوقتي عند ربنا.. كان عنده جين نادر اسمه سيستك فايبروزس أو تليّف البنكرياس الحوصلي. ملوش علاج، وفضل عايش أربع سنين بس، وبعدها توفّاه الله."

لم يكن رحيل الطفل الأول سوى بداية رحلة قاسية. فبعد سنوات قليلة، بدأت تظهر أعراض غريبة على شقيقه الأكبر، الذي كان يعاني من إعاقة حركية بسيطة لكنه يعيش حياة شبه طبيعية، إلى أن بدأ ينزف من أنفه بشكل متكرر لمدة شهرين.

الأم لم تتأخر، أجرت له كل الفحوصات الممكنة: أشعة مقطعية، رنين مغناطيسي على المخ والصدر والرقبة، وكانت الصدمة حين أخبرها الأطباء بوجود كيس على المخ مرتبط بمرض وراثي نادر يُعرف باسم الورم العصبي الليفي (Neurofibromatosis)، وهو مرض يؤدي إلى تكوّن أورام في الجهاز العصبي وقد يتطور إلى مراحل خطيرة.

المرض يطارد الإخوة الثلاثة

لم تتوقف المأساة عند هذا الحد. فالابن الأوسط، البالغ من العمر 12 عامًا، بدأ يعاني من تأخر في النمو وبعض الأعراض العصبية، لتكتشف الأسرة أنه مصاب بنفس المتلازمة الوراثية التي أصابت شقيقيه.

أما الصغير، البالغ من العمر خمس سنوات ونصف، فهو الآن في حالة حرجة.
تروي الأم: "من ثلاث شهور بدأ يرجع دم.. وده مش أول مرة. ودّيناه المستشفى، عملوا له منظار وأخذوا عينات من المعدة، ولقينا عنده ورم متشعب في المعدة. قالولي محتاج تحاليل دقيقة تتعمل بره مصر عشان نعرف مدى انتشار المرض."

الأطباء أكدوا أن التحاليل الجينية المطلوبة لا تُجرى داخل مصر، بل في أوروبا أو أمريكا، وتكلفة التحليل الواحد تبلغ نحو 250 ألف جنيه مصري، وهو مبلغ يفوق قدرة أي أسرة متوسطة.

أم باعت شقتها وأنفقت كل ما تملك

تقول الأم، وهي تحاول أن تخفي دموعها:  "بعت شقتي علشان أسد ديوني وأكمل علاج أولادي، كنت فاكرة هقدر أستمر، لكن المرض ما بيرحمش، الديون رجعت، والإيجار اتراكم، والمحضر معمول ضدي، الشهر الجاي ممكن أتحبس، وساعتها أولادي هيموتوا وأنا جوه السجن."

 

رحلة العلاج الطويلة بين المستشفيات الحكومية والخاصة استنزفتها تمامًا، تنقلت بين وزارة الصحة والتأمين الصحي ورئاسة الوزراء، وقدمت استغاثات متكررة، لكنها لم تجد أي استجابة.

"مش بطلب صدقة، أنا بطلب علاج لأولادي اللي بيتألموا كل يوم التحاليل دي مش بتتعمل في مصر، وأنا ما عنديش وسيلة أعملها، اللي بيحصل فيهم فوق طاقة بشر."

حياة مهددة كل يوم

أعراض المرض في الأطفال الثلاثة تتنوع بين نزيف دموي متكرر، بقع تحت الجلد، تورمات عصبية، وانفجارات في الشعيرات الدموية داخل الجسم.
تقول الأم بقلق واضح: "ممكن أنام وأصحى ألاقي واحد فيهم بيرجع دم، أو فيه نزيف من العين أو الرقبة أو البطن، الله أعلم اللي جاي إيه."

الحالة الوراثية المعروفة باسم “الورم العصبي الليفي” تُعد من الأمراض النادرة جدًا، وتحتاج إلى متابعة دقيقة من مراكز متخصصة، غير المتوفرة بسهولة في مصر.

الأطباء يشددون على أن التشخيص الجيني المبكر هو السبيل الوحيد لتحديد مدى انتشار المرض وفرص العلاج أو التدخل الجراحي.

نداء إلى رئيس الجمهورية

في نهاية حديثها، توجهت الأم بنداء مؤثر إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي: "أنا بناشدك كأب، مش كرئيس. ولادي دول ولادك. التحاليل مش بتتعمل هنا، وأنا خلاص ماعادش في إيديا حيلة. لو سمحت يا سيادة الرئيس، أنقذ أولادي قبل ما أموت أنا وهم بالبطء كده."

تؤكد الأم أنها تؤمن بأن الدولة لن تترك أبناءها، خاصة في حالات إنسانية كهذه، مطالبة برعاية عاجلة من رئاسة الجمهورية أو وزارة الصحة لتوفير التحاليل الجينية والعلاج داخل أو خارج مصر.

الورم العصبي الليفي.. مرض غامض ونادر

يُعرف الورم العصبي الليفي بأنه اضطراب وراثي في نمو خلايا الجهاز العصبي يؤدي إلى ظهور أورام حميدة أو خبيثة على الأعصاب، وقد يصاحبه اضطرابات في الجلد والعين والعظام.

المرض نادر، ويظهر غالبًا في الطفولة، وتنتقل الجينات المسببة له من أحد الوالدين بنسبة 50%.
في بعض الحالات، قد يتحول الورم إلى سرطان عصبي خبيث، وهو ما يجعل الكشف المبكر ضروريًا لتحديد خطة العلاج.

صرخة إنسانية قبل فوات الأوان

قصة هذه الأم ليست مجرد حالة طبية، بل صرخة من قلب أم مصرية تواجه وحدها مرضًا وراثيًا يهدد حياة أولادها الثلاثة.

ما بين عجز المؤسسات وقسوة الواقع، تقف هذه السيدة على حافة الانهيار، تتعلق بخيط الأمل في تدخل عاجل من القيادة السياسية أو الجهات المختصة لإنقاذ أطفالها من الموت البطيء.

فهل تتحرك الحكومة لإنقاذ أبناء حلوان من الورم القاتل؟
وهل تصل هذه الاستغاثة إلى من بيده القرار؟