الداخلية تكشف الحقيقة وراء فيديوهات مواقع التواصل في 6 محافظات
في إطار المتابعة اليومية لما يُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي من مقاطع فيديو تُثير الجدل، وحرصًا من وزارة الداخلية على سرعة التفاعل مع ما يتم تداوله والتحقق من صحته، كشفت الوزارة خلال الساعات الماضية تفاصيل وملابسات ست وقائع في محافظات مختلفة، تراوحت بين مشاجرات ونصب واحتيال وادعاءات كاذبة واعتداءات على رجال الشرطة، لتؤكد مجددًا نهجها في الرد الفوري والشفاف على ما يُثار في الفضاء الإلكتروني.
القاهرة.. معركة “الدور” بين السائقين
بدأت الواقعة في قلب العاصمة، حين تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر مشاجرة عنيفة بين عدد من سائقي سيارات الأجرة، وسط حالة من الفوضى والصياح، ما أثار قلق المواطنين وتساؤلات حول غياب الرقابة في المواقف.
وزارة الداخلية سارعت بإصدار بيان رسمي أوضحت فيه أن الأجهزة الأمنية لم تتلق أي بلاغات بشأن الواقعة وقت انتشار الفيديو، لكن الفحص الميداني بيّن أنها مشاجرة حقيقية نشبت بين أربعة سائقين — يقيمون في محافظتي القاهرة والجيزة — بسبب خلاف على أولوية تحميل الركاب في أحد المواقف بدائرة قسم شرطة الأزبكية.
وخلال المشاجرة، تبادل السائقون الاعتداء بالضرب مستخدمين أسلحة بيضاء وعصيًّا خشبية، ما أدى إلى إصابة ثلاثة منهم بجروح متفرقة. وتمكنت القوات من ضبط جميع أطراف الواقعة وبحوزتهم الأدوات المستخدمة، وبمواجهتهم اعترفوا بارتكابهم الجريمة بسبب “الدور في التحميل”.
الداخلية أكدت اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، في وقت أعادت فيه الواقعة تسليط الضوء على الفوضى التي تشهدها بعض مواقف الميكروباص بالعاصمة والحاجة إلى إعادة تنظيمها وتشديد الرقابة عليها.
الفيوم.. “مريض نفسي” وراء تكسير سيارة بالحجارة
وفي محافظة الفيوم، تداول رواد مواقع التواصل مقطع فيديو يظهر فيه شخص يلقي حجارة على سيارة متوقفة، مما تسبب في تلفيات بها.
بالفحص والمتابعة الأمنية، تبيّن أن مركز شرطة سنورس تلقى بلاغًا من مواطن يفيد بقيام شخص بالتعدي عليه وعلى نجله بالسب والضرب، وإلقاء الحجارة على سيارته.
وكشفت التحريات أن الجاني من ذات الدائرة ويعاني من مرض نفسي، وله واقعة سابقة عام 2024 حين أضرم النيران في منزله دون أن تتقدم أسرته ببلاغ وقتها نظرًا لظروفه الصحية.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية، تم إيداع المتهم أحد مراكز العلاج النفسي بالفيوم لتلقي الرعاية المناسبة تحت إشراف الجهات المختصة.
الحادثة كشفت عن جانب إنساني في تعامل الأمن مع الحالات المرضية التي قد تثير الذعر المجتمعي دون قصد جنائي حقيقي.
الإسكندرية.. سقوط “دجال الإنترنت”
وفي عروس البحر المتوسط، تمكنت الإدارة العامة لحماية الآداب من الإيقاع بشخص مارس أعمال النصب والدجل عبر الإنترنت، مدعيًا قدرته على العلاج الروحاني وفك السحر.
المتهم كان يستخدم حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لنشاطه، مستغلًا معاناة البعض لتحقيق أرباح مالية غير مشروعة.
وبعد تقنين الإجراءات، ألقي القبض عليه في دائرة قسم شرطة العطارين وبحوزته أدوات يُشتبه في استخدامها في أعمال الشعوذة وهاتفين محمولين يحتويان على مواد تؤكد نشاطه.
اعترف المتهم تفصيليًا بممارسة أعمال الدجل والترويج لها لتحقيق مكاسب مادية، مؤكدًا أنه كان يستغل “الفضول الشعبي” وارتفاع معدلات البحث عن “العلاج بالقرآن” لجذب متابعين وزيادة نسب المشاهدة.
القضية تأتي في ظل تزايد التحذيرات من انتشار ظاهرة الدجالين الإلكترونيين الذين يخلطون بين الدين والشعوذة، ما يستدعي تدخلًا رقابيًا وإعلاميًا لحماية المواطنين من الابتزاز.
القاهرة مجددًا.. مأساة الأم المطرودة
وفي مشهد إنساني هزّ قلوب المصريين، ظهر مقطع فيديو لسيدة مسنة تفترش أحد الأرصفة بالقاهرة، وتدّعي أن نجلها اعتدى عليها وطردها من منزلها.
وزارة الداخلية لم تتأخر في التفاعل مع الفيديو، فباشرت الإدارة المختصة بقطاع الشرطة المتخصصة فحصه وتحديد هوية السيدة.
وتبين أن الجهات المعنية كانت قد أودعتها إحدى دور الرعاية بالجيزة حرصًا على رعايتها وتوفير احتياجاتها، وبعد الاستماع إلى أقوالها، أكدت أن نجلها طردها بالفعل، فجلست في الشارع بلا مأوى.
تم استدعاء الابن، الذي اعترف بوجود خلافات متكررة مع والدته، لكنه أنكر الاعتداء عليها مؤكدًا أنها غادرت المنزل بإرادتها، مشيرًا إلى أنه يعاني من اضطرابات عصبية.
وزارة الداخلية أكدت استمرار متابعة حالة السيدة داخل دار الرعاية بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي لضمان توفير حياة كريمة لها.
الواقعة سلطت الضوء على قضايا العنف الأسري ضد كبار السن، وضرورة تفعيل التشريعات التي تضمن حمايتهم من الإهمال أو الطرد.
الدقهلية.. ادعاء كاذب لتبرئة ابن محكوم بالمؤبد
وفي محافظة الدقهلية، انتشر مقطع فيديو لسيدة تزعم أن قوة أمنية اقتحمت منزلها واعتقلت نجلها دون وجه حق.
مصدر أمني نفى صحة هذه المزاعم مؤكدًا أن السيدة نشرت الفيديو لعرقلة الإجراءات القانونية ضد ابنها، الذي تبين أنه محكوم عليه بالسجن عشر سنوات في جناية شروع في قتل.
التحريات كشفت أن القوة الأمنية ضبطت المتهم يوم 21 الجاري وبحوزته كجم من مخدر الهيدرو، وكمية من الهيروين، إضافة إلى فرد خرطوش.
عُرض المتهم على النيابة التي أمرت بحبسه على ذمة التحقيقات، بينما تواجه والدته اتهامًا بـ“نشر أخبار كاذبة” على مواقع التواصل.
الواقعة تُبرز كيف أصبح بعض الأهالي يلجأون إلى التشهير الإعلامي لمحاولة التأثير على الرأي العام والتشكيك في الإجراءات القانونية، وهو ما يتطلب وعيًا مجتمعيًا بخطورة تداول المعلومات غير الموثقة.
المنيا.. اعتداء على رجل شرطة في الشارع
أما في محافظة المنيا، فقد كشفت وزارة الداخلية ملابسات مقطع فيديو أظهر شخصًا يعتدي بالسب والدفع على أحد رجال الشرطة أثناء تأدية عمله.
بالتحريات، تبيّن أن المتهم مالك مخبز غير مرخص وله سجل جنائي، نشبت بينه وبين سائق مشادة كلامية على خلفية خلافات تجارية، وأثناء مرور أحد أفراد الشرطة تدخل لفض النزاع، فقام المتهم بدفعه اعتراضًا على تدخله.
تم تحديد هوية المتهم وضبطه، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة، واتُخذت الإجراءات القانونية بحقه.
هذه الحادثة أثارت تعاطفًا واسعًا مع رجل الشرطة، وأكدت وزارة الداخلية أنها لن تتهاون مع أي تعدٍّ على أفرادها أثناء أداء مهامهم، مع تأكيدها في الوقت نفسه على ضبط النفس والالتزام بالقانون في التعامل مع مثل هذه المواقف.
رسالة الوزارة: لا تهاون مع الشائعات
تُظهر الوقائع الست منهجًا ثابتًا لدى وزارة الداخلية في الرد السريع والشفاف على ما يُنشر عبر المنصات الإلكترونية، بهدف منع الشائعات قبل انتشارها وحماية الرأي العام من التضليل.
فمن القاهرة إلى الفيوم، ومن الإسكندرية إلى الدقهلية والمنيا، تتعامل الأجهزة الأمنية مع كل مقطع متداول باعتباره بلاغًا عامًا، يُفحص بدقة، ويُكشف حقيقته للرأي العام في بيانات رسمية مدعومة بالتحريات والإجراءات القانونية.
ويرى مراقبون أن هذا النهج يعزز الثقة بين المواطن والشرطة، ويؤكد تحول الإعلام الأمني إلى أداة فاعلة في مواجهة الفوضى المعلوماتية التي خلقتها مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الوقت ذاته، تدعو الوزارة المواطنين إلى توخي الحذر قبل النشر أو المشاركة في تداول الفيديوهات التي تمس الأمن العام أو سمعة الأفراد، والتأكد من صحتها عبر المصادر الرسمية، مشددة على أن القانون يعاقب على نشر الأخبار الكاذبة التي تضر بالمجتمع أو تؤثر في سير العدالة.
هكذا تحولت مقاطع الفيديو العشوائية على السوشيال ميديا إلى محركات لعمل أمني ميداني، وساحات اختبار لمدى دقة المعلومات المنتشرة.
وبين مشاجرات، ودجل، وادعاءات، ومآسٍ إنسانية، يظل الثابت أن التحقق والشفافية هما خط الدفاع الأول في مواجهة الشائعات، وأن الأمن الإلكتروني لم يعد مجرد رصد، بل بات شريكًا فاعلًا في حفظ الاستقرار المجتمعي.