< تزوير على الإنترنت.. إحالة 3 متهمين للجنايات بتهمة بيع سيارة بمستندات مزورة
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

تزوير على الإنترنت.. إحالة 3 متهمين للجنايات بتهمة بيع سيارة بمستندات مزورة

إحالة 3 متهمين للجنايات
إحالة 3 متهمين للجنايات بتهمة بيع سيارة بمستندات مزورة

في قضية جديدة تكشف مدى تطور أساليب التزوير والنصب عبر الإنترنت، أحال المستشار محمد القاضي، المحامي العام لنيابات جنوب القاهرة، ثلاثة عاطلين إلى محكمة الجنايات، لاتهامهم بتكوين شبكة تخصصت في بيع سيارات بمستندات مزورة واستعمال محررات رسمية مزيفة لإيهام الضحايا بملكية سيارات لا تخصهم.

بداية الخيط.. إعلان مريب على فيسبوك

بدأت تفاصيل الواقعة عندما وردت معلومات للرائد طارق صلاح، الضابط بوحدة مباحث المرور بالإدارة العامة لمباحث القاهرة، تفيد بقيام أحد الأشخاص بالترويج لبيع سيارة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بسعر يقل كثيرًا عن قيمتها السوقية.

وبفحص الإعلان تبين أن البيانات المنشورة غير منطقية، وأن السعر المعروض لا يتناسب مع نوع السيارة ومواصفاتها، وهو ما أثار الشكوك حول مصدرها وحقيقة ملكية المعلن لها.

وأشارت التحريات إلى أن المتهم الأول استخدم محررات مزورة منسوبة لإدارات المرور الرسمية لإثبات ملكيته للسيارة تمهيدًا لبيعها عبر الإنترنت، مستغلًا ثقة المشترين في الأوراق التي تحمل أختامًا وشعارات رسمية مزيفة.

الشاهد يكشف تفاصيل الخدعة

أكد علي شعبان عبد الفتاح، في أقواله أمام النيابة، أنه شاهد إعلان بيع السيارة على موقع فيسبوك وتواصل مع رقم المعلن، فتجاوب معه المتهم مدعيًا أنه المالك الحقيقي للسيارة، مستندًا إلى محررات تفيد الملكية.

وأضاف أنه اتفق مع المتهم على موعد لمعاينة السيارة وإتمام عملية البيع، لكنه لاحظ أثناء اللقاء أن بيانات رقم الشاسيه والموتور لا تتطابق مع ما ورد في العقود المقدمة.

وبعد مراجعة أحد أصدقائه في المرور، اكتشف أن السيارة مسروقة وأن المستندات مزورة، فأبلغ الأجهزة الأمنية التي بدأت في تتبع مصدر الإعلان حتى تمكنت من تحديد هوية المتهمين وضبطهم.

تحريات المباحث تكشف التشكيل العصابي

كشفت التحريات أن المتهمين الثلاثة كوّنوا تشكيلًا تخصص في تزوير المحررات الرسمية الخاصة بعقود بيع السيارات وتراخيصها.

تولى أحدهم جمع بيانات السيارات المسروقة أو المنتهية تراخيصها، بينما تولى الثاني عملية التزوير باستخدام أجهزة طباعة وأختام مقلدة، أما الثالث فكان يتولى نشر الإعلانات والتعامل مع الضحايا عبر الإنترنت.

وبعد تقنين الإجراءات، داهمت قوة من المباحث شقة المتهم الأول في منطقة حلوان، وعثرت بداخلها على جهاز كمبيوتر وطابعة ملونة وأختام وشهادات بيانات مرور مزيفة وعقود معدة للبيع، بالإضافة إلى مبالغ مالية متحصلة من عمليات النصب.

الأدلة تؤكد التزوير

بمواجهة المتهمين، اعترف أحدهم بارتكاب الواقعة وأقر بتقاضيه مبالغ مالية مقابل بيع السيارة محل الضبط، فيما أنكر الآخران في البداية صلتهما بالقضية.
لكن تفريغ هواتفهم المحمولة كشف محادثات بينهم وبين ضحايا آخرين تثبت تورطهم في بيع سيارات مزيفة بنفس الأسلوب.

وأكد تقرير مصلحة الأدلة الجنائية أن العقود والأختام المضبوطة مزورة بالكامل، وأن التوقيعات المنسوبة لموظفي المرور غير مطابقة للأصل.

قرار الإحالة إلى محكمة الجنايات

وانتهت النيابة العامة إلى أن المتهمين اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية واستعمالها مع علمهم بتزويرها بغرض الاحتيال على المواطنين والاستيلاء على أموالهم.

وأصدر المستشار محمد القاضي قراره بإحالتهم إلى محكمة الجنايات بتهم التزوير واستعمال المحررات المزورة والنصب والاحتيال.

تحذير من وزارة الداخلية

أكدت مصادر أمنية أن الواقعة تعكس نمطًا جديدًا من الجرائم التي تستغل مواقع التواصل الاجتماعي كمنصة للنصب المنظم، موضحة أن المتهمين استخدموا أساليب تقنية متطورة في إعداد المستندات المزيفة بما يصعب على المواطن العادي اكتشافه.

وشددت المصادر على ضرورة توخي الحذر من الإعلانات المنتشرة على الإنترنت وعدم إتمام أي عملية شراء سيارات إلا بعد التأكد من صحة الأوراق من خلال وحدات المرور المختصة.

وأضافت أن أجهزة وزارة الداخلية تكثف جهودها لرصد الصفحات المشبوهة التي تستغل المواطنين عبر الإنترنت وضبط القائمين عليها، مؤكدة أن الجرائم الإلكترونية باتت تتطلب وعيًا أكبر من الجمهور حتى لا يقع فريسة لمثل هذه الأساليب التي تعتمد على الإغراء بالأسعار المنخفضة والثقة الزائفة في المستندات الرسمية المزورة.

درس مستفاد.. وعي المواطن هو خط الدفاع الأول

تبقى هذه القضية مثالًا واضحًا على أن الجريمة باتت تتطور بتطور التكنولوجيا، وأن الوعي هو السلاح الأقوى لحماية المواطنين من الوقوع في فخاخ النصب الإلكتروني.

ففي عالم الإنترنت قد تبدو الصفقة المغرية فرصة ذهبية، لكنها في كثير من الأحيان تكون مصيدة محكمة تقود من شاشة الهاتف إلى قاعة المحكمة.