تفاصيل ضبط شبكة تزوير الشهادات والأختام بالقاهرة واستغلال الحسابات الوهمية للعملاء

كشفت تحريات أجهزة الأمن بالقاهرة عن شبكة متخصصة في تزوير المحررات الرسمية وتقليد الأختام الحكومية، تشمل شهادات التخرج، المستخرجات الرسمية، وبطاقات العضوية النقابية، الشبكة التي يقودها المتهم الأول اعتمدت على أسلوب عصابي متكامل، يجمع بين التزوير المادي، واستخدام الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتحصيل المالي عبر المحافظ الإلكترونية، مستهدفة المواطنين الراغبين في الحصول على مستندات مزورة تثبت درجات علمية أو انتسابًا نقابيًا أو سجلًا مهنيًا على خلاف الحقيقة.
بداية اكتشاف الشبكة
بدأت الواقعة بعد ورود معلومات مؤكدة إلى إدارة البحث الجنائي بقطاع الأحوال المدنية بالقاهرة، وأكدت التحريات التي أجراها المقدم هشام وجيه سعيد وجود تشكيل عصابي يختص بتزوير المحررات الرسمية وترويجها للعملاء.
وأظهرت التحريات أن المتهمين الثاني والثالثة كانوا في طريقهما لتسليم مستندات مزورة لعملائهم، حيث ضبط بحوزتهم شهادات مزورة منسوبة لكلية التمريض بجامعة القاهرة، المعهد الفني للتمريض، المعهد العالي للسياحة والفنادق بالإسكندرية، إضافة إلى مستخرجات رسمية من سجل فنيي التمريض وبطاقات عضوية مزورة للنقابة العامة للتمريض.
تقليد الأختام وتزوير المستندات
كشف تقرير مصلحة الطب الشرعي – قسم أبحاث التزوير أن جميع الأختام الممهورة على المستندات المضبوطة مزورة بالكامل ولم تُؤخذ من القوالب الصحيحة المعتمدة، وأوضح التقرير أن القوالب البلاستيكية المضبوطة بحوزة المتهم الأول كانت منقوشة لبصمات أختام شعار الجمهورية على غرار الأختام الرسمية، بعضها منسوب زورًا لمديرية أمن الأقصر ووزارة الداخلية، وبعضها للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، فيما جاء قالب ثالث غير مكتمل وغير منسوب لأي جهة.
كما تبين أن بطاقات العضوية الثلاثة المضبوطة لم تحتوي على أي عناصر تأمينية تشبه نظائرها الصحيحة، وكانت جميع طباعاتها وجهًا وظهرًا مجرد تجمعات نقطية ملونة، ما يؤكد أنها مزورة باستخدام الطباعة الحاسوبية ولم تصدر عن النقابة.
استغلال التكنولوجيا الرقمية
لم يقتصر نشاط المتهمين على التزوير الورقي فحسب، بل شمل استغلال الهواتف المحمولة والحسابات الوهمية على فيسبوك، فقد تبين بمطالعة النيابة لهواتف المتهمين أنها تحتوي على محادثات تكشف اتفاقهم على تزوير مستندات رسمية مقابل مبالغ مالية، وإنشاء حسابات وهمية لجذب العملاء واستلام الأموال عبر محافظ إلكترونية.
المتهم الرابع والخامس توليا إدارة الحسابات الوهمية، بينما كان الثاني والثالثة مسؤولين عن توصيل المستندات المزورة للعملاء، أما المتهم الأول فكان مسؤولًا عن تزوير المستندات وتقليد الأختام، مع العلم الكامل بأن المستندات مزورة.
اعترافات المتهمين
أقرّ جميع المتهمين أمام النيابة العامة بارتكاب الواقعة على النحو المبين، المتهم الأول يقوم بتزوير المستندات وتقليد الأختام، والمتهمان الرابع والخامس يقومان بإدارة الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، والمتهمان الثاني والثالثة يقومان بتوصيل المستندات المزورة للعملاء، كما أقروا أن المبالغ المالية المضبوطة والهواتف المحمولة كانت جزءًا من نشاطهم الإجرامي.
تأكيدات رسمية
أكّدت تحريات المقدم محمد حسام الدين محمد صحة ارتكاب المتهمين للواقعة، فيما ثبت بالاستعلام من الجهات الرسمية أن الشهادات المضبوطة لم تصدر عن الجامعات أو المعاهد، والإمضاءات والأختام الممهورة بها لا تخص موظفيها، والبطاقات النقابية لم تصدر عن النقابة العامة للتمريض، والأسماء المثبتة بها غير مقيدة في سجلاتها، والمستخرجات الرسمية لم تصدر عن وزارة الصحة، والأسماء الواردة بها غير مقيدة بسجل أخصائي التمريض.
سجل جنائي سابق
سجلات النيابة تشير إلى قضية سابقة ضد المتهم الأول والمتهمة الرابعة عن تزوير محررات رسمية، صدر فيها حكم من محكمة جنايات أول درجة بسجن كل منهما لمدة عشر سنوات، ما يعكس نمطية ارتكابهم لمثل هذه الجرائم.
تعكس الواقعة خطورة استغلال التكنولوجيا الحديثة والشبكات الاجتماعية في تنفيذ جرائم التزوير، وارتباطها بتشكيلات عصابية متخصصة قادرة على محاكاة المستندات الرسمية بطريقة قد تخدع أي شخص عادي.
وتؤكد التحقيقات أن نشاط المتهمين لم يقتصر على التزوير فقط، بل امتد إلى التحصيل المالي غير المشروع وإدارة شبكة متكاملة من الحسابات الوهمية، ما يجعلها واحدة من أبرز حالات الاحتيال الرقمي والورقي في القاهرة خلال السنوات الأخيرة.