< هل تكون الأخيرة؟.. سيناريوهات وقيمة زيادة البنزين الجديدة فى شهر أكتوبر
النبأ
رئيس التحرير
خالد مهران

هل تكون الأخيرة؟.. سيناريوهات وقيمة زيادة البنزين الجديدة فى شهر أكتوبر

الدكتور مصطفى مدبولي
الدكتور مصطفى مدبولي

مع اقتراب شهر أكتوبر، يعود ملف أسعار البنزين إلى صدارة النقاشات الاقتصادية والاجتماعية، في وقت يعيش فيه المواطن المصري تحت وطأة موجة غلاء متصاعدة، ووسط ضغوط مالية تواجهها الحكومة في سعيها نحو تحقيق إصلاح اقتصادي متكامل. 

ورغم أن آلية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية تجعل من مراجعة الأسعار أمرًا دوريًا، إلا أن كل زيادة جديدة، ولو محدودة، تثير تساؤلات واسعة: ما حجم الزيادة المتوقعة؟ من يتحمل كلفتها؟ وهل تقترب الدولة فعليًا من إلغاء الدعم بالكامل؟ أم ما زالت في مرحلة التحول التدريجي؟.

الأرقام والقرارات قد تُتخذ على الورق، لكن تأثيرها الحقيقي يظهر في تفاصيل حياة الناس اليومية: في تعريفة المواصلات، وفي فاتورة السوبر ماركت، وفي ميزانية الأسرة التي بالكاد توازن بين الاحتياجات الأساسية والدخل الثابت.

في المقابل، تواجه الدولة تحديًا حقيقيًا في الحفاظ على استقرار مالي وسط التزامات محلية ودولية، وفي ظل تقلبات سعر الصرف وارتفاع أسعار النفط عالميًا.

من جانبه، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة ماضية في تنفيذ مسار الإصلاح الاقتصادي خلال العامين المقبلين بما يحقق مزيدًا من الاستقرار ويعزز معدلات النمو المستهدفة، مع الأخذ في الاعتبار التطورات الإقليمية التي قد تنعكس على الاقتصاد المصري.

وشدد «مدبولي»، أن ملف ضبط الأسواق يتم وفق منظومة متكاملة للرقابة تشمل أجهزة الدولة كافة، داعيًا المواطنين إلى دعم الجهود الحكومية عبر الإبلاغ عن أي ممارسات احتكارية، نظرًا لصعوبة الرقابة الكاملة على مئات الآلاف من منافذ البيع، خاصة في القرى.

كما أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة تلتزم بخطوات واضحة ضمن خطة الإصلاح الاقتصادي فيما يتعلق بتسعير الوقود، مشيرًا إلى أن الزيادة المقررة لن تُطبق قبل مرور 6 أشهر، والمتوقع أن تكون في أكتوبر المقبل.

وأوضح «مدبولي»، أنه إذا استمرت معدلات الأسعار العالمية على وضعها الحالي، فمن الوارد أن تكون هذه الزيادة هي الأخيرة فيما يخص الزيادات الحقيقية لأسعار الوقود، مؤكدًا في الوقت نفسه استمرار دعم سعر السولار بعد تطبيق اليادة.

يأتي ذلك في إطار جهود الحكومة لتحقيق التوازن بين استدامة الدعم وتخفيف الأعباء على المواطنين، مع الحفاظ على انتظام آليات السوق واستقرار الأسعار.

وفي هذا التقرير، نستعرض الأبعاد الاقتصادية المتوقعة لزيادة أسعار البنزين، ونحلل تأثيراتها المحتملة على معيشة المواطن، ونتساءل: هل تملك الدولة أدوات كافية لحماية الفئات الأكثر تضررًا؟ وهل إصلاح الدعم وحده يكفي لإنعاش الاقتصاد؟

زيادة أسعار البنزين

أوضح الدكتور الحسين حسان، الخبير الاقتصادي، أن أي زيادة متوقعة في أسعار البنزين خلال أكتوبر ستأتي في إطار قانوني منظم عبر آلية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، التي أُقرت في 2019.

وتابع: «ووفقًا لهذه الآلية، لا يجوز زيادة الأسعار بأكثر من 10% في كل مراجعة فصلية، ما لم يصدر قرار استثنائي من مجلس الوزراء نتيجة ظروف اقتصادية استثنائية».

وأضاف: «الزيادة المتوقعة في أكتوبر، حتى لو حدثت، لا تعني إلغاء الدعم بالكامل، بل على العكس، ما زال قانون الموازنة العامة للدولة 2025/2026 يحتوي على بند لدعم المواد البترولية، خاصة السولار، ولكن بشكل تدريجي ومتراجع».

وأشار إلى أن الحكومة تستند في توجهاتها إلى اتفاقات دولية أبرزها مع صندوق النقد الدولي، لكنها في الوقت نفسه ملزمة دستوريًا باتخاذ إجراءات حماية اجتماعية لحماية المواطنين من آثار قرارات كهذه.

وأضاف أن أولى القطاعات التي ستتأثر مباشرة بأي زيادة في أسعار البنزين هي النقل والمواصلات، باعتبارها خدمة أساسية تعتمد على الوقود، ومن ثم تنتقل آثار الزيادة إلى أسعار السلع والخدمات الأخرى.

وتابع: «قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018 يفرض على الحكومة رقابة صارمة لضمان عدم استغلال المواطنين، ويُلزمها بمنع أي زيادات غير مبررة في الأسعار».

وأوضح أن جهاز تنظيم النقل البري الداخلي والدولي سيكون له دور مهم في ضبط التعريفة، إلى جانب أجهزة حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، التي يجب أن تتحرك لمنع انفلات الأسعار في الأسواق.

وفي ضوء هذه التحديات، أشار «حسان» إلى أن الدستور المصري في مادته الثامنة ينص على ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية. وبناء على ذلك، يُتوقع أن تتخذ الحكومة عدة إجراءات لحماية الفئات المتأثرة سلبًا بأي زيادة محتملة في أسعار الوقود، ومنها: توسيع برامج الدعم النقدي المشروطة مثل «تكافل وكرامة»، والإبقاء على دعم السولار جزئيًا لتقليل تأثير الزيادة على وسائل النقل الجماعي ونقل البضائع، وتثبيت أسعار بعض الخدمات مثل النقل العام، وتشديد الرقابة التموينية لمنع الممارسات الاحتكارية ورفع الأسعار بشكل عشوائي.

تقليص الدعم

في المقابل، يرى الدكتور أحمد سليم، الخبير الاقتصادي، أن تقليص الدعم وحده لن يحقق الإصلاح الاقتصادي المرجو، ما لم يكن جزءًا من رؤية شاملة تتضمن تغييرات هيكلية في منظومة الاقتصاد ككل.

وأضاف: «الحكومة بحاجة إلى تعديل السياسات الضريبية لتوسيع القاعدة الضريبية بعدالة، دون أن يُرهق ذلك محدودي الدخل، مع تفعيل حقيقي لقانون الاستثمار لجذب رؤوس أموال محلية وأجنبية».

وتابع أن إعادة هيكلة الدعم يجب أن تُقابل بتحسين ملموس في الخدمات العامة، من تعليم وصحة ونقل، وإلا سيظل المواطن يتحمل التكلفة دون أن يرى مقابلًا حقيقيًا.

وأشار إلى أهمية إعادة توجيه الإنفاق العام نحو القطاعات الحيوية، وتفعيل الرقابة البرلمانية لضمان شفافية الإنفاق الحكومي، خصوصًا في ظل السياسات المالية الحالية.